[ولاية تيراسيا – الممرات الهوائية بين الأشجار المقلوبة – منتصف النهار]

كانت آن تقفز بخفة من ممرٍ هوائي إلى آخر، ذراعاها ممدودتان كأنها تطير، خلفها، كانت الأوراق تتطاير في الهواء.

آن (تصرخ بحماس وسط العاصفة): "ووهوو! من يحتاج لأجنحة إذا كان لديه ساقان ومزاجٌ مجنون؟!"

كانت ترتدي سترة خفيفة بأكمام مطوية، وسروالاً مرناً يسمح لها بالحركة السريعة.

آن (تضحك وهي تتدلّى من جذع مقلوب): "هل أنا في مهمة سرية؟ أم في أضخم لعبة باركور في التاريخ؟ من يهتم؟ أنا مستمتعة بكل ثانية!"

مرّت فوق وادٍ عميق تتخلله سحب بيضاء خفيفة، وتوقفت للحظة على حافة جذرٍ ضخم. نظرت إلى الأسفل، ثم إلى الأمام، وعيناها اللامعتان تشعّان بنظرة اكتشاف.

آن (تفكر بصوت مرتفع): "إذا كانت هذه الجذور تقودني إلى جبل كريستاليا… فهل يعني هذا أنني أقترب من السيف الثاني؟ قالت كوتو أن هناك سيف أسطوري يدعى بسيف آركتيكراون موجود هنا، ولكن هذا لا يهم، هذه مسألة آكيو وكين."

رفعت آن يديها إلى السماء كأنها تستقبل الرياح، ثم أغلقت عينيها للحظة…

آن (بهمس ساخر): "لو كنت هنا يا نيورو… كنت ستقول إنني مجنونة كالعادة، وستطلب مني أن أنزل قبل أن أكسر عنقي."

ضحكت ضحكة قصيرة، لكن عينها لم تكن تضحك. نظرت إلى الفراغ أسفلها، ثم تمتمت:

آن (بهمس متشقق): "لكنك لست هنا… أليس كذلك؟"

ثم شدّت قبضتها فجأة، ومسحت عينيها بسرعة.

آن (ترجع للضحك وتهمس): "كفى، هذا ليس وقت البكاء. إن سقطت الآن، فسأبكي في العالم الآخر."

قفزت مجدداً، جذعٌ بعد جذع، خطوة بعد خطوة، لكن خطواتها هذه المرة بدت أسرع… كأنها تهرب من فكرة تطاردها. في إحدى القفزات، أخطأت التوازن للحظة، واهتز جسدها بشدة.

آن (بصراخ): "آآآه— تبااا!"

تمسكت بجذر متدلٍ بأطراف أصابعها، تدلّى جسدها للحظة فوق الهاوية.

آن (تضحك بصوت مرتفع وهي تلهث): "هل رأيت ذلك يا نيورو؟ كدتُ أموت مجدداً، لكنني ما زلت هنا… ما زلت هنا أيها الأحمق!"

سحبت نفسها للأعلى وجلست على الجذر وهي تلهث، ثم نظرت للأفق الذي بدأت تظهر فيه سلاسل جبال كريستاليا الثلجية.

آن (بهمس): "ستيف اختفى… وكين-سان بالكاد نجى… وكل شيء أصبح أبرد…"

أغمضت عينيها للحظة ونظرت إلى السماء.

آن (بصوت منخفض لكن حازم): "لكنني وعدت، أليس كذلك؟"

وضعت يدها على موضع قلبها، حيث كانت تحس بشيء ينبض ليس بالحياة… بل بالإصرار.

آن: "قلت إنني سأكون أقوى نينجا في هذا العالم… لا لكي أتفاخر، بل لكي لا أفقد أحداً بعد الآن. لن أسمح لأي شخص أحببته أن يسقط مجدداً… لا أمامي، ولا خلفي، ولا حتى بعيداً عني. لن أبكي في الظلال… سأركض فوقها! سأقفز، أقاتل، أصرخ، وأضحك إن اضطررت… لكنني لن أتراجع. لن أكون مجرّد فتاة في الخلفية، ولا الضاحكة الغبية التي تخفي كل شيء."

[ولاية فاويلا – أكاديمية النينجا – منذ 7 سنوات]

كانت السماء ملبدة بالغيوم، وأرض التدريب مبتلّة بسبب المطر الذي هطل صباحاً. في ساحة الأكاديمية، كانت هناك طفلة في السابعة من عمرها ذات شعر بنفسجي قصير، كانت تتصبب عرقاً وهي تلوّح بنصل خشبي أمام دمية تدريبية مهترئة. كانت أنفاسها متسارعة لكنها لم تتوقف.

آن (وهي تضرب الدمية): "واحدة! اثنتان! ثلاث— آآخ!"

تعثّرت آن وسقطت على الأرض، فتناثر الطين على وجهها. لكنها لم تبكِ، بل أمسكت بالسيف الخشبي مجدداً ونهضت بسرعة.

؟؟؟ (بصوت مرح): "آآآه! آن-تشان! وجهكِ صار لوحة فنية!"

رفعت آن نظرها، فرأت فتاة أخرى بعمرها، كان إسمها هو رينا، وتمتلك شعرا أسوداً قصير مربوط بأربطة حمراء، وعينان تركوازيتان تلمعان بالحيوية.

رينا (وهي تمد يدها): "تعالي. سأجعلكِ تكملين التدريب… لكن دون أن تحولي نفسك إلى فطيرة طينية، حسناً؟"

آن (تمسك يدها): "فقط إن لم تضحكي عليّ مجدداً! تذكري بأنني سأصبح أقوى نينجا في هذا العالم بأكمله!"

كانتا الأقرب لبعضهما في الصف. دائماً تتحديان بعضهما، تضحكان، تسقطان، تنهضان معاً. وبعد عدة دقائق… كانت آن تسير بجانب رينا عبر الممر الضيق خلف ساحة التدريب

رينا: "دوماً تندفعين بلا توقف، آن-تشان. يوماً ما ستكسرين ضلعكِ إن لم تتوقفي عن مهاجمة الدمى وكأنها قتلت عائلتك."

آن (تضحك وهي تضع يديها خلف رأسها): "أنا لا أهاجمها فقط، أنا أتخيلها كخصمي في الاختبار النهائي! إن لم أضربها كأنني في حرب، فسأسقط في الاختبار الحقيقي!"

رينا (تبتسم): "أنتِ مجنونة… وأنا أحب هذا فيكِ."

لكن سرعان ما اختفى الضحك من وجه رينا عندما اقتربتا من طرف الحديقة. حيث كانت هناك مجموعة من أربعة أولاد يجلسون تحت شجرة كثيفة وهم يتبادلون الأحاديث بصوت مرتفع. كان قائدهم يدعى "شوهي"، وهو ولد طويل نسبياً مقارنة بأقرانه، يملك شعراً بنياً فوضوياً وملامح حادة، وعينين رماديتين داكنتين.

شوهي (وهو يرمي حجراً نحو ضفدع صغير): "لو كانت هذه الأكاديمية للمحترفين فعلاً… لطردوا الضعفاء أمثال تلك الفتاة قصيرة الشعر."

أحد الفتيان (ساخراً): "من؟ آن المجنونة؟ تلك التي تسقط كل يوم على وجهها؟"

ضحك الأولاد بصوت عالٍ، لكن عندما لمحوا آن ورينا تقتربان، وقف شوهي وتقدّم بخطوتين نحو الممر مانعاً طريقهما.

شوهي (بنبرة ساخرة وهو ينظر إليها من أعلى): "آه… أنظري من جاء! عصفورة تصرخ وكأنها تنبح، هل تظنين أن صراخك يعوّض عن قصر قامتك يا آن؟"

رينا (تمسك يد آن): "تجاهليهم."

حدقت آن في شوهي بعينين مشتعلتين، ثم عضّت على شفتها السفلى وهمست لرينا:

آن (بغضب مكبوت): "سئمت من هؤلاء الحمقى."

شوهي (يضحك وهو يدور حولها ببطء): "سئمتِ؟ يا للرهبة! هل ستستخدمين قبضتك العظيمة الآن؟ هل ستنقضين عليّ بحركات النينجا الأسطورية التي رأيناها… الحركات التي تسقطكِ على وجهكِ؟"

أحد الأولاد (يضحك وهو يقلّد صوت آن): "هااااه! آآآآآه! هجوم الفراشة الصغيرة!"

رينا (بغضب وهي تصرخ): "كفى، شوهي! دعنا نمر!"

شوهي (ينظر إليها باحتقار): "ابقي مع صديقتكِ المبللة بالطين، رينا. أو ربما… علميها كيف لا تكون عبئاً في كل تمرين."

كانت نبرة صوته الأخيرة كافية لتُشعل فتيل الغضب الكامل في آن. حدقت فيه للحظة، ثم تقدمت خطوة، ثم صرخت:

آن (بعصبية): "اخرس!!"

اندفعت آن بجسدها الصغير نحوه بسرعة مذهلة، استخدمت حركة كاراتيه كانت قد تدربت عليها كثيراً، حيث قفزت في الهواء ودارت لتوجه ضربة ساقها إلى رأسه من الجانب. لكن شوهي كان مقاتلاً أفضل وأقوى جسدياً. رفع ذراعه في اللحظة الأخيرة وصدّ الضربة دون أن يتحرك من مكانه.

شوهي (بابتسامة مائلة): "جميلة… ولكن ضعيفة."

ثم دفعها بقوة من كتفها. تطايرت آن نحو الخلف وسقطت على الأرض بقوة مجدداً في الطين.

شوهي (ينظر إليها من فوق): "هكذا تنتهي كل محاولاتك يا آن… طين، وصرخة."

ضحك الأولاد مرة أخرى، بينما وقفت رينا بسرعة وساعدت آن على النهوض. كانت آن ترتجف من الغضب والإهانة… لكنها لم تبكِ.

آن (بهمس خافت وهي تنظر للأرض): "سأجعلكم تندمون… يوماً ما."

وبعد عدة أيام، كان الطلاب مصطفين في ساحة التدريب الداخلية، وكان يقف أمامهم المعلم "هاناكو-سينسي"، وهو رجلٌ مسن ذو لحية قصيرة بيضاء وعينين صارمتين، مرتدياً زي الكاراتيه التقليدي.

هاناكو-سينسي (بصوت عالٍ وهو يرفع يده): "سنجري الآن تقييماً سريعاً للمستوى الفردي. كل تلميذ سيخوض مواجهة تدريبية أمام زميله."

ثم نظر حوله، قبل أن يرفع إصبعه ويشير:

هاناكو-سينسي: "شوهي… رينا. إلى الوسط."

سُمِعَت همهمة خافتة بين الطلاب.

أحد الأولاد (يهمس لرفيقه): "المسكينة رينا… نهايتها هنا."

طالب آخر: "لكنها ليست ضعيفة! رأيت كيف أسقطت هيرو الأسبوع الماضي!"

تقدّمت رينا إلى منتصف الدائرة بثقة هادئة، كتفاها مستقيمان، وعيناها تركّزان على شوهي. كانت أطول من آن، وبنية جسدها رياضية. أما شوهي؟ فقد دخل الحلبة وهو يتصنّع التثاؤب.

شوهي (بكسل مصطنع): "أوه… كنت آمل أن يكون الخصم ممتعاً. حسناً، فلننهِ هذا بسرعة."

وقفت آن بين زملائها وهي تراقب المشهد بعينين متوترتين.

آن (بهمس): "كوني حذرة يا رينا…"

رينا (تتخذ وضعية قتالية): "أنا لا أقاتل للفوز فقط، بل لأثبت أن أمثال شوهي لا يستحقون أن يقودوا شيئاً."

هاناكو-سينسي (رافعاً يده): "استعدوا… وانطلقوا!"

تحركت رينا أولاً بسرعة واحتراف. ووجهت سلسلة من الضربات السريعة نحو كتف شوهي وجانبه، ونجحت في إصابته بضربتين واضحتين.

أحد الطلاب: "واو! إنها أسرع منه!"

لكن شوهي لم يتراجع رغم الضربات، بل ابتسم.

شوهي (بصوت خافت وهو يتقدّم بخطوة): "ضرباتكِ خفيفة كالنسيم."

ثم انقض فجأة بلكمة سريعة ومفاجئة، فأصابت معدة رينا مباشرة، اللكمة جعلتها تتراجع خطوتين وهي تتنفس بصعوبة. أرادت أن تعدل توازنها بسرعة، لكن شوهي لم يمنحها فرصة. دار حولها، ثم أمسك بذراعها ودفعها أرضاً باستخدام حركة رمي نظيفة.

رينا (تسقط على الأرض وتشهق): "آخ!"

هاناكو-سينسي (بصوت حازم): "كفى! شوهي، توقف."

وقف شوهي وعيناه تنظران إلى رينا التي كانت تنهض ببطء. لم يكن فيها أي خضوع… لكنها تألمت.

شوهي (بابتسامة مائلة): "قلت لكِ… لا أحد يهزم القائد."

رينا (رفعت رأسها إليه وقالت بصوتٍ خافت): "القيادة لا تحتاج إلى عضلات… بل إلى قلب."

نظرت آن إلى صديقتها وفي داخلها نار مشتعلة… ليست فقط ضد شوهي، بل ضد عجزها.

آن (تفكر): "يوماً ما… ساصبح أقوى نينجا في هذه الأكاديمية!"

في يومٍ آخر، وتحديداً في وقت الغروب، وقفت آن في ساحة التدريب الخارجية لتتدرب على ضرب الدمى لوحدها. أنفاسها لاهثة، يداها مغبرّتان، والدمى أمامها محطمة الأطراف. لكن واحدة من الدمى كانت مميزة، على صدر هذه الدمية، علّقت آن ورقة صغيرة مرسوم عليها وجه كاريكاتيري ساخر: أنف طويل، فم مائل، وحاجبان مرفوعان باستهزاء… وقد كتبت تحته بخطها الطفولي: "شوهي المغرور!"

آن (تتراجع للخلف وهي تتنفس بعمق): "حسناً… شوهي. هذا التدريب إهداء خاص لك!"

ثم تقدّمت بخطوتين وركلت الدمية في بطنها بخشونة!

آن (بغضب): " هذه لأنكَ قلت إنني قصيرة!"

لكمتها بقوة على الجانب.

آن: "وهذه لأنكَ جعلت رينا تسقط!"

ثم قفزت ووجهت ضربة مزدوجة بقدميها!

آن (بصوتٍ أعلى): "وهذه لأنكَ تنظر إلى الجميع على أنهم نفايات! وأنا لست نفاية!"

كانت تضرب وتصرخ، وكأن كل صفعة على تلك الدمية تخرج معها كل إحساس بالعجز، كل شعور بالإهانة، وكل رغبة دفينة في إثبات الذات.

آن (بهمس وهي تضرب): "أنا لست ضعيفة… لست صغيرة… لست مجنونة!"

لكن آن لم تكن وحدها. حيث تردد صوت خطوات خفيفة على الحصى… ثم تبعتها صوت ضحكات ساخرة.

شوهي (من خلفها): "آه… والآن فهمت سبب اختفاء الورقة من دفترك، أيتها القصيرة."

تجمّدت آن في مكانها واستدارت ببطء… لتجد شوهي واقفاً على بعد أمتار، وإلى جانبه أصدقاءه الثلاثة. تقدم شوهي بخطواته واتجه نحو الدمية، ثم أزال الورقة من عليها وبدأ يحلل تفاصيلها.

شوهي (يرفع الورقة ويقرأ بصوت مرتفع): "شوهي المغرور؟! أهذا أنا؟ أنفي طويل؟! أنتِ حقاً تملكين خيالاً طفولياً… وجنوناً حقيقياً."

فتى آخر (بصوت ساخر): "هل تتدربين على دمية أم على تمثيل في مسرح الدمى؟"

نظرت إليهم آن بقبضتين مشدودتين، لكنها كانت ترتجف.

آن (بصوت مهتز): "هذا ليس من شأنكم."

شوهي (يقترب بخطوتين): "بل هو شأني تماماً. عندما تضعين وجهي على دمية وتسخرين مني، فأنتِ جعلتِه شأن الجميع."

ثم فجأة، مزّق الورقة أمام عينيها ونفخ قصاصاتها نحو وجهها.

شوهي: "تعرفين ماذا؟ لن ندعكِ تتمرّنين بسلام بعد الآن… فلنتدرّب نحن أيضاً… لكن عليكِ."

قبل أن تتمكن آن من الرد، اندفع شوهي بسرعة نحوها ودفعها بعنف لتسقط أرضاً على ظهرها. ضحك الأولاد خلفه، وتقدم أحدهم وركلها في جنبها. أمسك شوهي بطرف ذراعها وسحبها نحو الدمية، ثم دفعها عليها بقوة فارتطم وجهها بالخشب.

شوهي (بغضب): "هل تعلمين لماذا لا أحد يأخذكِ بجدية؟ لأنك مجرد مزحة. صغيرة… ضعيفة… مزعجة!"

فتى آخر: "تصرخين كأنكِ بطلة، لكنكِ في النهاية لا تختلفين عن هذه الدمى!"

ركض الثالث نحوها وصفعها على كتفها من الخلف، فاختل توازنها وسقطت مجدداً، وهذه المرة سقطت على الأرض الطينية. عيناها امتلأتا بالدموع، لكنّها لم تصرخ… بل غطّت وجهها بذراعيها، وكل ما صدر منها كان شهقة خافتة… حزينة… مخنوقة.

واصل الأولاد الأربعة الركل والدفع، بينما ظلّت آن تتلقى الضربات وكأن جسدها لم يعد يملك القوة ليقاوم.

شوهي (بصوت متهكم): "أين كل تلك الشجاعة الآن؟! أين صراخكِ؟! تكلمي يا آن! قولي شيئاً، أضحكينا!"

فتى آخر (يضحك وهو يركل ساقها): "ربما ماتت! أخيراً هدأت المجنونة!"

كانت آن تبكي بصمت، دموعها تختلط بالطين، وذراعاها تحاولان حماية رأسها. الألم كان لا يُحتمل، لكن الأشد منه… كان الشعور بالذل.

آن (تفكر في داخلها، بصوت داخلي متشقق): "لماذا… لا أستطيع التحرك…؟"

لكن قبل أن تكتمل أفكارها، اخترقت صرخة مألوفة الهواء فجأة.

رينا (من بعيد، بصوت مرتجف من الغضب): "توقفوا أيها الحثالة!!!"

التفت الجميع ورأوا رينا وهي تركض بأقصى ما يمكنها، عيناها تلمعان بدموع مكبوتة، لكن ملامحها كانت كالنار. وما إن وصلت حتى اندفعت مباشرة نحو شوهي، ودفعته بقوة جعلته يتراجع خطوتين.

رينا (وهي تصرخ): "لماذا تضربونها؟! أنتم جبناء! أنتم حيوانات!"

شوهي (يضحك بسخرية وهو يمسح الطين عن سترته): "آه، رينا البطلة جاءت لتخلّص العصفورة. ما المشكلة؟ نحن فقط نُعلمها درساً."

آن (تفكر، بصوت داخلي حزين): "رينا-تشان… لماذا؟ لماذا أتيتِ؟ كنتِ تستطيعين الابتعاد…"

شوهي (يتقدم بخطوة وهو يلوّح بيده لبقية الفتيان): "حسناً يا رينا… بما أنكِ تحبين تمثيل البطولة… دعينا نختبر كم يمكنكِ تحمّل الألم."

ثم التفت إلى الآخرين.

شوهي: "هيا، هاجموها… دعونا نرَ إن كانت ستحمي العصفورة كما تدّعي."

ركض الأولاد الثلاثة نحو رينا دفعة واحدة دون رحمة. حاولت رينا أن تصدّهم، صدّت لكمة، وركلت أحدهم، لكنها كانت محاصرة. اقترب منها شوهي وصفعها على خدها.

شوهي (بابتسامة خبيثة): "أثبتي لنا يا بطلة. إن كنتِ تملكين الشجاعة… فعليكِ أن تتحملي أضعاف ما تحمّلته آن."

رينا (بصوت مبحوح وهي تقاوم): "أفضل أن أُسحق ألف مرة… على أن أترك صديقتي تتلقى هذا وحدها!"

أمسكها أحد الفتيان من ذراعها، ودفعها إلى الأرض بجوار آن، ثم انهالوا عليها بالركل دون شفقة. نظرت آن إلى رينا الملقاة بجانبها، وقد بدأ الطين يغطي شعرها وفمها ينزف. أرادت أن تصرخ، أن تنهض، أن تضربهم… لكنها لم تستطع.

آن (تبكي بصوت محطم): "كفى… كفى أرجوكم!"

لكن رغم الألم، التفتت إليها رينا ونظرت في عينيها مباشرة، وابتسمت ابتسامة باهتة… لكنها دافئة.

رينا (بهمس بالكاد يُسمع): "آن… لا تنسي… أنتِ أقوى مما تظنين."

بينما كانت الضربات تنهال على جسد رينا، كانت آن ترتجف بكل خلية في جسدها. حاولت أن تزحف ناحيتهم، أن تمسك يد رينا، أن تفعل أي شيء… لكن أحد الفتيان لاحظ ذلك.

الفتى (بقسوة وهو يركلها): "ابتعدي! ما زلتِ لا تتعلمين؟!"

صرخت آن بألم، ثم بكت وهي تضرب الأرض بقبضتها.

آن (تصرخ وهي تبكي): "دعووها! أرجوكم! توقفوووا!"

أمسك شوهي برينا من ياقة زيّها القتالي وسحبها إلى الأعلى بقوة، ثم أشار نحو أحد المسارات الترابية التي تؤدي إلى منحدر يطل على وادٍ ضيق.

شوهي (بصوت بارد): "تعلمين ماذا؟ الأبطال مكانهم في الأعلى… ليروا العالم من فوق."

رينا (وهي تسعل دماً، تهمس): "لا… تلمسوها… لا تؤذوا آن…"

شوهي: "أنتِ من أراد لعب دور الملاك. تحمّلي النتيجة."

بدأ الأولاد يسحبون رينا نحو حافة المنحدر وسط محاولاتها البائسة للمقاومة، لكن جسدها لم يعد يطيعها.

آن (تزحف، تصرخ بصوت مبحوح): "لااااااا!!! لااااااا!!! ريــــــــنـــــا-تشااااااااان!!!"

وصلوا إلى الحافة. رفعت رينا رأسها ونظرت إلى آن لآخر مرة… ثم همست بشيء لم تسمعه، لكن عيناها قالتا كل شيء: "سامحيني."

شوهي (ببرود): "وداعاً، أيتها البطلة الكاذبة."

ثم دفعها. دوت صرخة قصيرة… ثم صوت اصطدام… ثم لا شيء. تجمّدت آن وشعرت بأن الزمن توقف.

آن (بهمس مخنوق): "رينا…تشان…؟"

ثم صرخت صرخة ملأت السماء:

آن (تصرخ من أعماقها): "رررررررريييييييييييييييييييناااااااااااااااااااااااااا-تشاااااااااااااااااااااااان!!!!!"

اقترب شوهي من آن ببطء وهو يمسح يديه وكأنّه انتهى للتو من عمل شاق، وفي عينيه نظرة ازدراء خالصة. توقفت الضحكات خلفه، وبقي صوت آن وحده يملأ الساحة… شهقاتها المتقطعة، بكاؤها العاجز، ارتجاف جسدها الصغير وهي منحنية على الأرض.

شوهي (بصوت ساخر وبارد): "هذا هو حال الفتيات دائماً… بكاء، صراخ، انتظار الشفقة. تظنون أنكم أقوياء… لكنكم تنكسرون أسرع من دمى الخشب."

انحنى قليلاً نحوها، ورفع ذقنها بإصبعين وهو يتأمل وجهها الملطّخ بالطين والدموع.

شوهي: "تظنين أنكِ ستصبحين نينجا عظيمة؟ أنتِ لا تصلحين حتى لتنظيف أرضية الأكاديمية."

آن (بصوت متحشرج، بالكاد تسمعه): "رينا…تشان…"

شوهي (يضحك بسخرية وهو يبتعد):;"آه، صديقتكِ الشجاعة؟ إن كانت محظوظة، فربما ماتت بسرعة. وإن لم تكن… فربما تتعفن هناك بالأسفل."

توقفت آن عن التنفس للحظة، وفتحت عينيها ببطء، وكأن شيئاً ما انكسر في داخلها…

شوهي (وهو يدير ظهره): "الفتيات لا يُخلقن للقتال. هذه هي الحقيقة. تقبّليها، أو عودي للعب بالدمى."

غادر هو وأصدقاؤه ببطء، مخلفين وراءهم أنين طفلةٍ محطّمة جالسة وسط الطين، كانت آن لا تعرف إن كانت رينا ما تزال حية… لكن شيئاً ما بداخلها بدأ يقسم: "لن أكون ضعيفة بعد اليوم."

يتبع…

2025/04/25 · 3 مشاهدة · 2424 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025