قبل 8 سنوات، وتحديداً في ولاية روبي التي كانت متحضرة وجميلة ومرتبة، كان يعيش فيها الناس براحة وأمان، كان يعيش كين هناك مع عائلته وكان يبلغ من العمر 8 سنوات، وكان يقف بجانبيه أخويه، أخوه الكبير اسمه دان وعمره 11 سنة، له شعر أحمر داكن بتسريحة شعر متطايرة، وعينان رماديتان كأخيه، أما أخته الصغرى فكان عمرها 6 سنوات ولكن مظهرها كان مختلفاً، فكان شعرها بنياً فاتحاً متوسط الطول وعيناها زرقاوتان، واسمها هو إيميلي، كانوا يقفون في غرفة الجلوس، ووقتها تحدث دان بحماس:
دان: "يا كين، ما رأيك أن نقوم بعمل نزال بيننا ونرى من سيفوز؟"
كين (وهو يقفز من الحماس): "موافق! هذه المرة سوف أفوز عليك، فأنا قوي!"
عندما انتهى كين من جملته قام دان بلكمه على بطنه بقوة ليسقط على الأرض، فابتسم ابتسامة الانتصار ووقف متكتفاً، أما كين فقد بدأ بالبكاء بسبب قوة الضربة، حينها تدخلت إيميلي وصرخت:
إيميلي: "توقفا! لا يجب على الأخ الأكبر أن يضرب أخاه الصغير! سوف أذهب لأخبر بابا!"
وقف كين وهو غاضب وما زالت الدموع تسيل من عيناه، "وصرخ: أنا أكرهك يا دان!"
دان (بسخرية): "يالك من طفل لا تعرف سوى البكاء ههههههههههه."
لم تمر سوى عدة ثواني وإذ بوالد كين يصل إليهم وبجانبه إيميلي، كان مظهره يشبه منظر دان بشعره الأحمر الداكن المتطاير وعيناه الرماديتان اللامعتان، وكانت تبدو على وجهه ملامح الغضب، كان إسمه هو "أكاكو".
أكاكو (بصوتٍ عالٍ): "هذا يكفي يا دان! كم مرة أخبرتك بأن لا تؤذي اخوتك الصغار؟ أنت الكبير ويجب أن تكون مسؤولاً عنهم! لا تنسى بأن أمكم حامل وستنجب توأماً قريباً، لذا يجب أن تتحلى بالمسؤلية أكثر يا بني! والآن اعتذر لأخيك."
دان (بخجل، متجنباً النظر إلى كين): "ءءء أنا آسف."
أكاكو: "أنظر إلى وجه أخيك، وصافحه!"
تقدم دان ببطأ نحو كين ومد له يده، فمسح كين دموعه وصافحه، بعد ثوانٍ دخلت عليهم والدة كين، التي كان مظهرها يشبه ابنتها إيميلي تماماً، وكان شعرها بنياً بتسريحة ذيل الحصان، ويبدو بطنها كبيراً فهي حامل بتوأم بالشهر السادس، واسمها هو "ماشا".
ماشا: "ما كل هذه الجلبة؟ هل كل شيء بخير؟"
أكاكو: "لقد تشاجر الأطفال وجعلتهم يتصالحون، كل شيء على ما يرام."
ركض كين إلى حضن والدته وعانقها بحنان، وكانت علامات البكاء ما زالت على وجهه، فعانقته بدورها.
كين: "أمي، أنا متحمس جداً لرؤية اخوتنا الجدد!"
ماشا: "وأنا أيضاً! لم يتبقَ سوى ثلاث أشهر على موعد الولادة، يجب أن تفكر بأسماء مناسبة لهم كبنت وولد!"
يبدو أن كين ودان قد نسيا المشاجرة التي حصلت بينهما، جلسا بجانب بعضهما في غرفة الجلوس، وبدأوا بمشاهدة التلفاز، فانضم لهم أكاكو وماشا وإيميلي، كان التلفاز يعرض نشرة أخبارية مهمة، فعم الهدوء بين أفراد العائلة وبدوا بالإنصات والتركيز في نشرة الأخبار.
المذيع: مرحباً بكم في نشرة اخبار مملكة روبي، أخشى بأن أخبارنا هذه لن تكون سهلة أبداً على الجميع.. لقد وصلتنا أخبار من الجهات الرسمية بأن جيش سيروس بدأ باقتحام جوانب العاصمة بدباباتهم، وشوهدت بعض الطائرات الحربية وهي تطير بجانب الحدود، هل نحن أمام حرب جديدة؟
بدأت القلق والتوتر يصبح واضحاً على وجه كين وأسرته.
كين: "هل يقصد بأننا في حرب الآن يا أبي؟!"
أكاكو (بانزعاج): "آمل بأن لا يحصل ذلك.."
دان: "ولكن لماذا؟! مالذي يريده جيش سيروس منا؟!"
ماشا: يريدون احتلال البلاد وضمها لمملكتهم وهي مملكة "كاجي".
إيميلي: اسم مملكة "كاجي" يشبه اسم عائلتنا "يوكاجي".
دان: "إيميلي، ألم يخبركِ أبي بعد بأنه جاء من مملكة "كاجي"؟ نحن لسنا من مملكة روبي أصلاً ولكننا نعيش هنا."
إيميلي (بدهشة): "ماذا؟!"
كين(بإنزعاج وغضب): "من هو الملك سيروس هذا ولماذا يريد احتلالنا؟ لن أسامحه أبداً! أنا متأكد بأن جيشنا سينتصر عليه!"
غادر أكاكو وماشا غرفة الجلوس واتجها إلى غرفة النوم، وكان أكاكو يبدو منزعجاً وحزيناً بشكل واضح.
أكاكو: "أنا لا أصدق ذلك... بعد كل الدمار الذي حصل لنا في سنة 2003 سيعود ذلك القذر مجدداً لاحتلالنا؟! وهو ليس فقط أي قذر... سيروس هو أخي الشقيق! وأنا ما زلت مُصنف بأنني الأمير الهارب!"
ماشا: "والمشكلة بأن قوته هائلة لا تصدق أبدا، بضربة واحدة يمكنه محو منطقة سكنية بأكملها!"
أكاكو: "ماشا، إن أطفالنا يعيشون بسعادة ويعتقدون بأنهم مجرد أطفال عاديون، إنهم لا يعلمون بأنهم ينحدرون من أصول ملكية! وأن عمهم هو الذي سيدمر كل شيء! إنه حقاً يجسد معنى الشر!"
بدأ ماشا بالبكاء وقالت: أكاكو.. نحن مستهدفين الآن لأننا أسرتك! يريد سيروس التخلص منا جميعاً! ولكن ماذا إن عاش بعضنا ومات بعضنا، كيف سنعيش؟! لا أستطيع التخيل بأن أفقدك او أفقد أحد أطفالنا يا أكاكو!
ارتمت ماشا في حضن أكاكو وهي تبكي بشدة، اما أكاكو فكان يبدو خائفاً وحزيناً جداً وعانقها بشدة.
أكاكو: "لا تقلقي يا عزيزتي، سيكون كل شيء على ما يرام."
بعد عدة أيام...
يتغير المشهد وينتقل إلى غرفة الألعاب حيث كان الأطفال الثلاثة هناك يلعبون، فدخلت عليهم والدتهم.
ماشا (بنبرة حزينة): اسمعوا يا صغاري، لقد اعلنوا اليوم بأن الطائرات الحربية قد دخلت إلى قلب العاصمة وستبدأ بقصف كل شيء، وكذلك الدبابات، لقد بدأت الحرب! يجب عليكم دائماً بأن تكونوا معاً في غرفة واحدة، سنموت معاً أو سنحيا معاً! ولن نخرج أبداً من المنزل إلى معاً!
كين: "ولكن ماذا عن أبي؟ ألن يذهب إلى العمل؟"
ماشا: "والدك حالته مختلفة عنا، فالعمل مهم ولا يجب أن يفوته."
بدأت إيميلي بالبكاء وقالت: "هل سنموت يا أمي؟!"
ماشا: "لن نموت ما دمنا سنتبع التعليمات وذهبنا إلى الملاجئ بسرعة.. لا تقلقي يا صغيرتي.."
في اليوم التالي...
كانت ماشا تجلس في غرفة الجلوس يجانب التلفاز، فدخل عليها كين.
كين: "أمي، أرجوكِ دعيني أذهب إلى منزل يوكو، أريد أن ألعب معها."
ماشا (بنبرة حادة): "لا يمكنني السماح لك بذلك، فيوجد الكثير من الصواريخ في الخارج، وربما يختطفك الجيش!"
كين: "ولكن يا أمي، سنجبر على الخروج عاجلاً أم آجلاً! المدارس ستبدأ بعد أسبوعين! ألن تسمحي لنا بالذهاب؟"
ماشا (باستياء): لا أعلم...
وفجأة بينما كان كين يتبادل أطراف الحديث مع والدته، بدأ يصدر صوت عالِ جداً وهو صوت صفارات الإنذار الحربية، كان الصوت مخيف جداً بالنسبة للجميع وخاصةً الأطفال، شعر كين بالفزع وارتمى في حضن والدته.
كين (بنبرة خوف): "أمي، ما هذا الصوت؟!"
ماشا: "إنه صوت صفارة الإنذار، الخطر قادم!"
وفي هذه اللحظة بدأت الطائرات الحربية بالقصف بجانب منزل كين، وكان صوت القصف والتحطيم عالٍ، فأجهش كين بالبكاء في حضن والدته من الخوف، وقد أغمض عينه لكي لا يرى الموقف، بينما نرى إيميلي في غرفتها وهي مستلقية تحت السرير، تبكي وتصرخ بشدة وتضع يديها على أذنيها. أما دان فكان في غرفته أيضاً وفوق السرير، كان خائف جداً ووضع يديه على أذنيه.
يتغير المشهد وينتقل إلى منزل آخر في غرفة المعيشة، حيث كانت تقف يوكو التي كانت في الثامنة من عمرها وكان شعرها الأسود قصيراً، كان يقف بجانبها شقيقها الذي بدأ أكبر منها بقليل، بشعره الأسود وعيناه البنيتان.
يوكو(بفزع): "أخي! مالذي يحدث؟!"
الأخ: "لا تقلقي يا يوكو، سنكون بخير.."
مجدداً يتغير المشهد ويعود إلى غرفة المعيشة في منزل كين حيث كان يتمسك بوالدته.
كين: "أمي، هناك ناس يموتون في هذه اللحظة! ربما سنموت بعدهم!"
بدأت ماشا بالبكاء وعانقت كين بقوة. وبعد يوم... دخل أكاكو إلى المنزل بعد أن انتهى من العمل، وتبدو على وجهه نظرات الحزن، كان الأطفال وماشا جالسين في غرفة المعيشة.
أكاكو: لقد توفي جارنا "كامو" وعائلته جميعهم بالأمس بعد قصف منزلهم..
ماشا (وهي مصدومة): ما.. مالذي تقوله؟!
كين: ولكن ماذا عن يوكو؟! هل يوكو بخير؟!
أكاكو: لم نسمع شيء عن عائلة يوكو، أعتقد بأنهم بخير.
كين: سأذهب لأطمئن عليها!
ركض كين بسرعة وخرج من المنزل وسط نظرات الصدمة على وجه أسرته.
نظرت ماشا إلى أكاكو وقالت: "لماذا لم تمنعه؟!
أكاكو: "دعيه يذهب، إنها صديقته ويجب أن يطمئن عليها، منزلها بجانبنا كما تعرفين. أنا أنا فسأذهب لشراء بعض الطعام والاحتياجات من المتجر لكي لا نضطر للخروج كثيراً."
عندما خرج كين كان مصدوماً من هول المنظر الذي رآه، كانت نصف المنازل التي في الحي مدمرة وكان الحطام في كل مكان، ولكنه اطمئن عندما رأى منزل يوكو ما زال في مكانه، فذهب إلى هناك، ووجد يوكو تلعب في فناء منزلها.
كين: "يوكو! أنتِ بخير؟!"
يوكو: "أجل أنا كذلك، سعيد لرؤيتك حياً يا كين!"
كين: "يوكو، عديني بأن لا تموتي، ليس لدي أصدقاء غيرك!"
يوكو (بحماس وبراءة): "أنا لن أموت أبداً! سوف نعيش ونكبر ونتزوج يا كين!"
ضحك كين واحمرت وجنتاه وقال: "هههههههه مالذي تقولينه يا يوكو هل تمزحين!"
قاطع حديثهما صوت جرس الإنذار الذي بدأ يزعجهم مجدداً، وقتها أمسكت يوكو بيد كين وبدأت بالركض معه.
يوكو: "هيا بنا يا كين! يجب علينا الذهاب إلى المدرسة، إنها المجلئ!"
كين: "ولكن ماذا عن عائلتي؟!"
يوكو: "سوف يأتون وراءنا، لا عليك!"
بدأ الطفلان بالركض بينما بدأت الطائرات تقصف من حوليهما، وعلامات الخوف والتوتر ظاهرة علي وجهيههما.
انتقل المشهد إلى منزل كين حيث صرخ أكاكو من الخوف: "كين! إن كين ليس في المنزل!!"
(يتبع...)