كان فيكو وآكيو وكين يتقدمون ببطء داخل أعماق كهف الشبح الأسود، والجدران الصخرية تضيق حولهم. في ذلك الهدوء الثقيل، بدأ كين يحكي قصته... حكاية ماضٍ لا يُنسى. وعندما أنهى حديثه، ظلّ الاثنان يحدّقان فيه، مصدومَين مما سمعاه.
فيكو (بنبرة حزينة): "كين-سينباي... لا أصدق أنك تحملت كل هذا. أنت قوي حقاً... لكن... هل التقيت بسيروس من قبل؟"
أشعل كين سيجارته، وسحب منها نفساً طويلاً، ثم قال وهو ينفث الدخان:
كين: "أجل. كان ذلك بعد الحرب بعدة أشهر، حين كنت أعيش مع العجوز لاود في جزيرة أوراكانو... حيث ظهر سيروس فجأة هناك."
(جزيرة اوراكانو – قبل 8 سنوات)
في أحد منتزهات جزيرة أوراكانو الهادئة، على مقربة من البحر، كان سيروس يتمشى بمفرده دون أي حراس. بدا في بداية الثلاثينات من عمره، بشعره الأحمر الكثيف الذي يتطاير مع الريح، وعينين رماديتين كعيني كين تماماً. على خده الأيسر، كانت هناك ندبة واضحة على شكل X. لم يخفِ سيروس غطرسته، بل سار متباهياً وهو يرتدي ملابس الملك، وكأن العالم بأسره ملكٌ له.
فجأة، بدأت أصوات الناس تتعالى:
"إنه سيروس!"
"الطاغية! القاتل!"
لكنه لم يعرهم اهتماماً. كان يسير بخطوات ثابتة ومتعالية. في تلك اللحظة، كان كين يسير بجانب الجد لاود في نفس المكان، وعندما سمع الضجة، توقف.
كين: "جدي... سمعتهم يقولون اسم سيروس!"
لاود (بقلق): "هذا... غريب."
وما هي إلا لحظات حتى شاهدا سيروس أمامهما مباشرة. بدأ الناس يرمونه بالحجارة ويحاولون الهجوم عليه، لكنه كان يتفاداهم بحركات هادئة وسخرية واضحة، ولم يظهر عليه أي توتر. وقف كين وسط الحشد مذهولاً، وبدأ يحدّق بذلك الوجه الذي كان يشبهه أكثر من والده حتى... لم يكن بحاجة إلى دليل. إنه هو... سيروس!
وبلا تردد، اندفع كين إلى وسط الدائرة، ووقف أمام سيروس. تحولت ملامحه من ذهول إلى غضب حارق.
كين (بصوت مرتجف من الحقد): "أيها الوغد... لقد دمرت حياتي! قتلت أمي، وأبي، ودان... وإيميلي! حتى إخوتي الذين لم يُولدوا بعد! لن أسامحك أبداً!"
أطلق كين كرة نارية من يده، لكنها لم تصل إليه. صدها سيروس بسهولة وكأنها نسمة هواء، وابتسم ابتسامة ساخرة.
صرخ لاود من بعيد: "كين! توقف فوراً!"
سيروس (وهو يتفحّصه باهتمام): "يا لها من مفاجأة... لم أتوقع أن أرى أحد أولاد أكاكو وجهاً لوجه."
بدأ الحشد يهمس:
"من هذا الطفل؟ كيف يملك فاكن النار؟"
"إنه يواجه سيروس!"
"هذا مستحيل!"
كين (بينما تشتعل عيناه بالغضب): "لا تذكر اسم أبي على لسانك النجس! سأقتلك هنا!"
سيروس (وهو يضحك ويقول بسخرية): "طفل في الثامنة من عمره يهدد أعظم رجل على وجه الأرض؟ هذه أطرف نكتة سمعتها اليوم. ألا تدرك بأنني قادر على سحقك في لحظة واحدة؟"
كين (يبكي من الغضب): "سوف... سوف أقتلك!!"
ورغم الدموع التي انسابت على خديه، لم يتراجع. انطلق نحو سيروس بجنون، لكن الأخير أمسكه من عنقه بسهولة ورفعه في الهواء. ظلَّ كين يتلوى في قبضته.
سيروس (ببرود): "لقد أعجبتني يا ابن أخي. لهذا لن أقتلك. أخبرني... ما هو اسمك؟"
كين (بصوت مرتجف، وهو يتظاهر بالشجاعة): "اسمي... يوكاجي كين. وأنا هو من سيقطع رأسك يوماً ما!"
لكمه سيروس على وجهه لكمة قوية أطاحت به أرضاً، ثم قال بسخرية:
سيروس: "سأنتظرك إذاً، يوكاجي كين. إن استطعت النجاة حتى تكبر... حاول مجدداً. لم يستطع أحد خدشي سوى رجل واحد فقط..."
رفع كين رأسه بصعوبة، ونظر إلى ندبة سيروس... حينها اندفع لاود وسط الحشد، وركض نحو كين.
لاود (بصوت ملهوف): "يا كين، علينا الذهاب فوراً!"
[ الوقت الحاضر - كهف الشبح الأسود ]
أنهى كين حديثه، وساد الصمت. لكن قبل أن يستوعب آكيو وفيكو ما سمعاه، سُمع صوت تحطم صخور في الممر أمامهم، ثم انكشفت فتحة جديدة مظلمة، وبدأت نقوش زرقاء خافتة تضيء الجدران... رموز قديمة غير مفهومة، تنذر بأن ما ينتظرهم في الأعماق... ليس مجرد ظلام.
فيكو (وهو يحدّق بدهشة): "ما هذا...؟ لم أرَ شيئاً كهذا في حياتي!"
تقدّم كين نحو أحد الجدران التي بدأت تتوهج بنقوش غريبة، وانحنى ليفحصها عن قرب.
كين (وهو يلمس النقش): "هذه الرموز... ليست عشوائية. تبدو وكأنها توجّهنا نحو شيء. ربما هناك لغز علينا حله."
وفي الطرف الآخر، لاحظ آكيو رمزاً دائرياً محفوراً وسط شبكة من الخطوط المتداخلة. اقترب منه ببطء، ثم مدّ يده ولمسه بحذر. وفور ملامسته، شعر بحرارة دافئة تنتشر في راحة كفه. وفجأة، انبعث نور قوي من الرمز، وتدفقت موجة من الضوء عبر الكهف بأكمله، كما لو أن جدرانه بدأت تنبض بالحياة.
آكيو (بهمس مذهول): "هل... هل هذا نوع من السحر القديم؟"
ومع اشتداد الضوء، تكوّنت في الهواء صورة هولوغرام لرجلٍ يرتدي زيّ محارب قديم، درعه مشقوق، ووجهه مشوّه جزئياً، لكن عيناه كانتا تلمعان بلون أزرق متوهّج، مليئتين بالسلطة والغموض. كان ذلك الكيان هو الشبح الأسود متخفياً!
الشبح الأسود: "من أنتم...؟ وكيف تجرؤون على دخول كهفي؟"
آكيو (بغضب): "أعد لنا آن! نحن لا نلعب هنا!"
الشبح الأسود (بضحكة مريرة): "هذا المكان ليس ملعباً للمراهقين الطائشين. أنتم تسيرون نحو حتفكم."
كين : "لقد مررت بكل أنواع الجحيم في حياتي... فقدت كل شيء. إن كنت تعتقد أن تهديداتك ستعيدني للخلف... فأنت لا تعرف شيئاً عني."
ساد الصمت لثوانٍ، ثم ارتفعت ضحكة الشبح مرة أخرى، لكنها كانت أقرب للاعتراف منه للسخرية.
الشبح (بصوت أعمق): "إذاً... استعدوا لاختبار الإرادة الحقيقية. الطريق إلى الأمام لا يُفتح بالقوة وحدها، بل بمن يثبت أن روحه لا تنكسر."
بدأت النقوش على الجدران تشتعل من جديد، وتوجهت بنور أزرق خافت، ثم انفتح فجأة ممر جديد في عمق الكهف... كان ضيقاً، لكن في نهايته نور خافت.
فيكو (وهو يبتلع ريقه): "يبدو أننا لا نملك خياراً... علينا التقدم."
آكيو (بعزم): "فلنرِ هذا الشبح من نكون."
تحرك الثلاثة ببطء نحو الممر المفتوح، خلفهم ظلال الماضي، وأمامهم اختبار جديد... قد لا يخرجون منه كما دخلوا.
يتبع...