مرّت ساعات طويلة منذ إبحار كين وآكيو من جزيرة أوراكانو. كان البحر هادئاً، والموج يتمايل بخفّة تحت ضوء الشمس، لكن الهدوء لم يمنع آكيو من الإصابة بدوار البحر. تمدد على مقعده في السفينة، وجهه شاحب، وعيناه نصف مغلقتان.

آكيو (بصوت ضعيف): "أعتقد... أنني أحتضر... قل لكايتو أنني أحب شايه، وقل لآدم... أنه شاعر غريب..."

كين (بهدوء وهو يدخن): "دوار البحر؟ أنت فقط غبي."

آكيو (بأنين): "غبي يحتضر..."

أغلق كين عينيه واكتفى بالصمت. ومع مرور الوقت، غفيا كلاهما قليلاً. وعندما استيقظا، كانت السفينة قد اقتربت من حافة ولاية فاويلا، وبدأت الأرض تظهر شيئاً فشيئاً على الأفق. غطت الأشجار الخضراء الكثيفة التلال، والضباب كان يلتف حول الجبال البعيدة.

آكيو (ينظر من سطح السفينة بحماس): "يااااه! هل هذه هي فاويلا؟! أنظر لهذا الجمال يا كين! إنها غابة حيّة!"

كين (ببرود وهو ينهض): "إنها فقط أرض مغطاة بالأشجار."

آكيو (مصدوم): "أنت بلا قلب. الطبيعة تضحك الآن!"

بدأ الركاب بالنزول، وكين وآكيو خرجا بين الجموع حتى وصلا إلى طريق ترابي محاط بالشجيرات. كان آكيو يمشي خلف كين وهو يكاد يرقص بين الأعشاب من الحماس.

آكيو (يضع يديه على وركيه): "أشعر بأنني وُلدت من جديد! الأشجار، الهواء، الحشرات التي تلسعني...! هذه هي الحياة!"

كين (بنبرة جافة): "جميل... الطبيعة ترحب بك بمصّ دمك."

آكيو (ينظر إلى ذراعه حيث لدغته بعوضة): "آخ! فعلاً! لماذا تفعل بي الطبيعة هذا؟!"

كين (وهو ينظر إلى السماء): "ربما الطبيعة لها ذوق سيء."

آكيو (يتجه نحوه بخفة): "أوه! هذا يعني أنك تقصدني؟"

كين (بهدوء قاتل): "أجل. وأتساءل إن كانت الطبيعة ستأخذك في أقرب مستنقع وتُعيد تدويرك."

آكيو (وهو يركض في الدرب بحماس زائد): "واااه! أنظر إلى تلك الفراشة! كين كين كين! إنها زرقاء!! زرقاء مثلي تماماً!"

كين (ببرود دون أن ينظر إليه): "الفراشة أجمل منك."

آكيو (يعود ويقفز بجانب كين): "هاه، لقد قلت إنني قبيح؟! لا بأس، فالجمال نسبي... لكن شخصيتي تسطع كالبرق!"

كين (بنبرة ساخرة): "إذاً، أتمنى أن يصعقك برقك قريباً."

آكيو (يضحك ويقترب أكثر): "ههه! أنت تملك حس دعابة مظلم... لهذا تعجبني! تعال هنا!"

ارتمى آكيو بذراعه حول كتف كين فجأة.

كين (بتعب واضح): "هل لمس الناس هواية عندك؟"

آكيو (بابتسامة بريئة): "فقط للأصدقاء المقربين!"

كين (يحاول إبعاده): "نحن لسنا كذلك."

آكيو (وهو لا يزال متشبثاً): "أوه، لا تكن قاسياً، قلبك مثل الرماد لكنه لا يزال ينبض! أستطيع سماعه، كين!"

كين (يسحب ذراعه ببطء، ثم ينظر إليه): "ذلك الصوت هو نبض الشفقة على مستقبلك القريب."

توقف كين عن المشي فجأة، ونظر إلى آكيو من طرف عينه.

كين (بنبرة جادة): "آكيو... أخفِ سيفك."

آكيو (يرمش): "هاه؟ لماذا؟ إنه جزء مني!"

كين: "هذا المكان لا يشبه جزيرة أوراكانو. الناس هنا لا يثقون بأي أحد يحمل سيفاً. خصوصاً الغرباء."

آكيو (وهو ينظر إلى حقيبته الضخمة): "أوه... فهمت، فهمت."

ركع آكيو بخفة وفتح الحقيبة، وألقى نظرة على سيفه ليتأكد أن المقبض لا يظهر، ثم أغلقها وابتسم بثقة. وبينما كانا يتابعان المشي بين الأشجار، ساد صمت قصير... إلى أن شقّه صوت صراخ يائس من بعيد، كان صراخ طفل.

؟؟؟ (يصرخ من عمق الغابة): "أرجوووكم! هل هناك أحد؟! أرجوووكم ساعدوني!!"

توقف كلاهما وتبادلا النظرات.

آكيو (بصوت مرتفع): "هل سمعت ذلك؟ هناك شخص يصرخ!"

كين (بعينين ضيقتين): "الصوت يأتي من هناك... يبدو صغيراً."

آكيو (يركض بحماس): "لنذهب! يبدو أنه يحتاج للمساعدة."

اندفع الإثنان بين الأشجار نحو مصدر الصوت، حتى وصلا إلى منطقة مفتوحة قرب صخرة ضخمة، وهناك كان يقف فتى صغير في الثانية عشرة تقريباً، شعره بنفسجي فوضوي، وعيناه بنفسجيتين، ووجهه مليء بالغبار والدموع.

الولد (بأنفاس متقطعة): "أرجوكم... أختي... دخلت الكهف قبل يومين ولم تعد..."

ركض آكيو مباشرة نحو الفتى وجثا أمامه، واضعاً يديه على كتفيه بخفة.

آكيو (بقلق): "مهلاً مهلاً، اهدأ... ما الذي حدث بالضبط؟ من أنت؟"

الولد (وهو يكتم شهقاته): "اسمي فيكو. أختي آن دخلت كهف الشبح الأسود قبل يومين ولم تعد... انتظرتها طويلاً بلا فائدة!"

تقدم كين ببطء ووقف بجانبهما، وعيناه الرماديتان تراقبان الصبي باهتمام.

كين (بصوت هادئ): "كهف الشبح الأسود؟ هل تمزح؟"

فيكو (يهز رأسه بسرعة): "لا... أنا جاد! الجميع يقول أنه مسكون... لكننا كنا نبحث عن كنز أسطوري يُقال إنه بالداخل... أو بالأحرى... مخطوطة النينجا المحظورة، أنا مَن أخبرتها عنها، ولكنها دخلت بدلاً مني. لم أجرؤ على اللحاق بها... والآن... لا أعرف ماذا أفعل!"

كين: "سمعتُ عن ذلك الكهف. تقول الشائعات أن من يدخل لا يخرج... البعض يختفي، والبعض يخرج مجنوناً، والبعض يُعثر عليه ميتاً بعد أيام."

فيكو (يصرخ بانفعال): "لكن آن قوية! إنها نينجا! سريعة وذكية... لا يمكن أن تموت بسهولة! لا يمكن!"

آكيو (بصوت عاطفي): "لا تقلق... سنعيدها. أنا و هذا المتبلد المزعج خلفي سنهزم أي شيء يقف في طريقنا."

كين (يرمقه بنظرة): "لا أذكر أنني وافقت."

آكيو (يبتسم): "لكنك ستفعل... أليس كذلك؟"

كين لم يُجب، لكنه نظر نحو فيكو مرة أخرى، ثم قال:

كين (ببرود مدروس): "نينجا في كهف ملعون... احتمالية بقائها حيّة ضئيل، لكن... إن كانت هناك فرصة حتى لو 1٪، فهي تستحق المحاولة."

فيكو (يركض ناحيته): "حقاً؟! هل ستساعدني؟!"

كين (ينظر إليه): "لا تتحمس كثيراً... نحن ذاهبون لنرى، لا لنموت."

آكيو (يصرخ بحماس): "هذا هو الكلام!! مغامرة حقيقية منذ البداية!"

كين (وهو ينظر إلى فيكو): "هل يمكنك إرشادنا للطريق؟"

فيكو (يمسح دموعه ويقف بثبات مفاجئ): "أجل. الكهف ليس بعيداً من هنا... ولكن يجب أن نكون حذرين. هناك شيء بداخله... ليس طبيعياً."

آكيو (بسخرية): "هل يبدو علينا أننا طبيعيين؟ هيا بنا!"

أومأ فيكو بخفة، وبدأ يقودهم نحو الطريق بين الأشجار الكثيفة. كان المشي صعباً نوعاً ما، فالرطوبة زادت، والأرض أصبحت أكثر انزلاقاً. وآكيو لم يتوقف عن الكلام كعادته.

آكيو (وهو يمشي ويشير لكل شيء يراه): "انظروا! تلك الشجرة ضخمة! وتلك الصخرة على شكل ضفدع! هل أنا الوحيد الذي يرى السحر في هذه الغابة؟!"

كين (يتنهد ببطء وهو يسير خلفه): "نعم... لأنك وحدك تعاني من تلف دماغي واضح."

آكيو (بمرح): "هاه! إذاً أنت تعترف بأنني مميز؟"

كين (يتمتم بانزعاج): "أنا فقط أتمنى لو أنني رفضت هذه الرحلة السخيفة... مغامرة تافهة مع مهرج لا يعرف حتى كيف يمشي بدون أن يتحدث إلى شجرة."

آكيو (يضحك): "سأعتبر هذا إطراء! شكراً كين!"

كين (بنظرة ميتة): "توقف عن التنفس لخمس دقائق فقط... أحتاج أن أستمع إلى صوت الغابة وهي تلعنني على مرافقتك."

فيكو (بهمس وهو ينظر للخلف): "هل أنتما دائماً هكذا؟"

آكيو (يفرد ذراعيه بفخر): "أرأيت؟ أفضل ثنائي في القارة!"

كين (يهمس لنفسه): "المغامرة معك هي أسوأ قرار اتخذته في حياتي..."

استمروا في السير، والهواء أصبح أثقل كلما اقتربوا من أعماق الغابة.

يتبع...

2025/05/04 · 12 مشاهدة · 989 كلمة
Sara Otaku
نادي الروايات - 2025