الجزء الأول : نحن نفترق علي الرغم من حبنا

1: أنا ذاهبة إلي عالم البشر لإغوائه





ضروري قبل القراءة :


سانشينج : ثلاث حيوات و الحيوات الثلاثة تعني في المخطوطات البوذية , الحياة السابقة و الحياة الحالية و الحياة القادمة.

وانجشوان : هو نهر النسيان الذي تمر عليه الأرواح في العالم السفلي و تشرب منه شراب النسيان لتنسي ذكريات حياتها السابقة ثم تدخل في دورة التناسخ.

لاحظ أنه :
قديماً التحية لمن هو أكبر شأناً أو ما شابه كانت عن طريق السجود أو الركوع لكن بعد نزول الاديان السماوية صار السجود و الركوع لله وحده.



_________________________________


الحياة الأولي ___ نحن نفترق علي الرغم من عشقنا


الفصل الأول : أنا ذاهبة إلي عالم البشر لإغوائه


____________



لوقت طويل غير معلوم ...


لقبني كل من يمر بنهر النسيان بحجر الحيوات الثلاث



و من حينها ...


إزدراني بعضهم..


و بعضهم جائني ممسكين أيد بعض يحفرون علي عاطفتهم من حيواتِ سابقة....


و قد وصل الأمر إلي بعض الناس يقفزن أمامي ليصرخوا علي ...



و مع ذلك ظللت حجر علي ضفاف نهر وانجشوان لا أحمل أي سعادة أو حزن...



لقد بقيت بجوار النهر آمنة طيلة ألف عام إلي أن جُسدت لي روح في أحد الأيام....(1)



علي كل الكائنات الحية أن تخضع إلي إبتلاء (2)من القدر لكني ظللت جالسة في سكينة إلي ما يزيد عن القرن حتي ...


جاءت محنة حبي..



من يقرأ لي طالعي الأن كان راهب شائب اللحية يمر بنهر وانجشوان. لقد تنبأ بإبتلائي القادم بمعرفة منه فأخذ يومأ رأسه.



لقد ظننته يدعي الهراء.


لقد كنت روح ولدت من صخرة السانشينج : روحي هي روح صخرة و قلبي هو قلب صخرة . لقد صيغ قلبي منذ زمن ببرودة الظلام السرمدي علي ضفاف الوانجشوان.


لا يمكن أن يكون هناك ألم طالما عُدم الحب , و حيث أن قلبي لم يخفق يوماً فتري حينها من أين يأتيني إبتلاء الحب هذا ؟!


أو هكذا ظننت.


لكن دائماً ما تخفي لك الأشياء مفاجآتها.


في صبيحة نهار غائم في العالم السفلي..

عدت من نزهتي المعتادة إلي مكاني علي ضفتي الوانجشوان الآزلي...


حينها نظرت إلي الأعلي , و في تلك الوهلة القدرية رأيت عناقيد النرجس المصطفة علي ضفاف الينابيع الصفراء تتوهج بشدة كما لو أن أشعة الشمس من عالم الأحياء قد اكتشفت طريقها نحو العالم السفلي ..


و بأنسيابية شديدة هبط رجل امامي..


فجأة استعدت كلمات امرأة بشرية مرت بجواري منذ وقت طويل جداً جداً جداً " ياله من عالم نبيل , يا له من مهذب , يا له من رقيق " (3)



بعد آلاف السنين ...

إرتجف قلبي رجفة خافتة...



ببطء أخذ في الإقتراب , بالطبع ليس لرؤيتي بل لأن خلفي يتواجد جسر نايهي الذي يجب العبور به لدخول العالم السفلي , لم يكن شائعاً مقابلة شخص مثله لذا اعتقدت أنه يجب أن يحدث بيننا لقاء جميل .



تقدمت نحو الأمام ثم نادتيه : "يا سيد " لقد فكرت أنه يجب علي نداءه كما تفعل السيدات البشريات حسنة التربية في الكتب , لكن الكتب لم تذكر إلا " النداء " لكنها لم تذكر كيفية النداء أو الخطوات الذي يجب إتباعها بالتفصيل..



لقد توقفت لوهلة مفكرةً ليرسي بي الحال أن افعل كما تفعل الأطياف ليانوانج ...(4)


بصوت قوي وقعت علي ركبتي و بصدمة قوية صدمت جبهتي نحو الارض ثلاثاً ثم سألته (5)


" ما هو اسم حضرة الجنية؟ "(6)



عندما رأت العفاريت القريبة منا هذا شهقت أنفاساً قوية باردة منذهلة...


و هناك وقف هو بلا تعابير تعلو وجهه عدا الدهشة في عينيه , في الوقت الحال فضل الصمت..



أي محاولة يجب أن تتوج بحسن النية فقد كانت مقولة حارسي الاختلال الابيض و الأسود المفضلة هي " حسن النية و النجاح سواء " و هكذا كانوا يتمكنون من إغواء الأرواح الفانية علي إتباعهم .(7)



بعدما لم أسمع منه غير الصمت ظننت أني لم أصدم رأسي بقوة كافية في الارض لهذا لم أظهر له حسن نية كافيل له ليحادثني لذلك زحفت علي ركبتاي و بدون أي تردد قمت بصدم رأسي ثلاث مراتِ بالأرض مجدداً .



يبدو انني صدمت رأسي بقوة في الارض لدرجة جعلتها تهتز بقوة ثلاث مرات مما جعل العفاريت القريبة تهلع و تتحرك في رعب جلي ..


رفعت رأسي بعدها ثم نظرت إليه بوجه لُطِخ بالدماء ثم سألته " ما هو اسم حضرة الجنية؟ "



لا أعرف لكن لربما وجهي الدموي قد أخافه حتي بات كلوح الخشب المتيبس...


لقد ظل صامتاً...


قمت بمسح وجهي عل يعجالة لتفاجئني بعدها يداي الرطبة للغاية , أنا لم أكن أعرف أني كنت أنزف إلي هذه الدرجة , فجأة أدركت سبب ذهوله ..


لقد فَزِعت , و أثناء محاولتي فرك نفسي أنتهي بي الحال ملطخة جسدي بآسره بالدماء ....


ثم..


نظرت إليه يائسة إلي حد ما ...


في عينيه الجميلتين أنعكست صورتي ثم اخذت عينيه تتقوس إلي إبتسامة ساطعة ...


و علي الرغم من جهلي لسر سروره إلا أن رؤيته سعيداً جعلتني أيضاً أقدم له ابتسامة ودودة مع صفين من الأسنان البضاء المتلألأة غير مدركة أن أفعالي لا تفعل إلا زيادة الطين بلة.


العفريت الذي كان بجواري , جيا , أمال ناحيتي متوتراً ثم حاول جعلي أقف لكنني لم أطاوعه ...


بعدما إلتقط أنفاسه المتسارعة همس في أذني قائلاً " سيدتي العزيزة سانشينج ! من تظنين أنكِ تخيفين بهذا الوجه ؟! أتعلمين من هو ؟! "



من ضمن المخلوقات الروحية في العالم السفلي لم يكن سحري عميقاً علي وجه التحديد لكنه كانوا يحترمونني بسبب الكبر و قد كان من النادر لهم أن يخاطبوني بهذه الطريقة ...


لقد قطبت و قلت تعلوني الحيرة " بالطبع لا أعرف من يكون , ألا تراني اسأله ؟! "



نظر إلي يي الصغير كما لو كان علي وشك أن يسعل دماً في أي لحظة ثم قال " سيدتي العزيزة ! إنه ...." لم يكد ينهي كلامه حتي قاطعه صوت رقيق ...


" أنا أدعي موشي "


لقد مد يده ناحيتي في حين أمسكتها أنا بلا تردد ليقوم بعدها بلف يده ممسكاً بمعصمي...


لقد كان معصمي هو نقطتي الحيوية ...


هو لم يكن يحتاج إلا إلي ضغط رقيق جداً لكي يرسلني إلي حتف شنيع ...


لقد بدا وجها جيا الصغير و يي الصغير في الشحوب زيادة عما كانا عليا في حين بدأ جيا في الإستمالة " مولاي , مولاي , لقد عاشت الأنسة سانشيج حياتها هنا بجوار نهر وانجشوان و العالم السفلي ليس إلا مكان وضيع : الأنسة الصغيرة لا تعرف القواعد , أترجاك أن تغفر لها "



" سانشينج ؟! يا له من اسم غريب لكنه مثير للإهتمام "


لا زلت أنظر إليه في حين لم اكن أشعر بأي خوف حيث لم تكن في عيناه أي نية لقتلي ...

لقد أخذ ينظر إلي لوهلة من أعلي إلي أسفل ...
و عوضاً عن أن يترك يدي قام بجذبي للوقوف منها ...


" إنه لأمر استثنائي لحجر من العالم السفلي أن يمتلك روحاً , أنتِ لم تعلمي من أكون إذاً لماذا أظهرتي كل هذا الإحترام ؟ "


فجأة فهمت ما الأمر , لم يكن الخطب هو أن حسن نية كان ضعيفاً بل زائد عن الحد...بصراحة أخبرته " لأنك وسيم جداً هذا هو السبب..."

في الوقت غير المناسب قامت مصطلحاتي بخذلاني ...

و في ذعري تمكنت من إعتصار كلمة من ذهني لا أعرف متي و لا كيف هي هناك



" لقد أردت إغواءك "

حينها رمقني جيا الصغير بنظرة تقول " أنت ضائعة "


قهقه الرجل ثم قال " يا لك من كائن صريح "

لقد كنت متحمسة ظانة أنه مديح لذا أخبرته في عجلة

" إذاً أيمكنني إغواؤك ؟! "


ليجيبني في تأن " لقد جئت من أجل إبتلائي لذا لن أظل في العالم السفلي "


الذي قصده هو "لا"...

خفضت رأسي نحو الأسفل في محبطة...


" أدائماً ما كنت تجلسين علي ضفاف نهر الوانجشوان ؟ " فجأة سألني

و أنا أومأت

أترغبين في الخروج لفترة و إلقاء نظرة علي العالم ؟ "


نظرت إلي الأعلي و بسرعة أومأت...


لقد ربت علي رأسي بينما تعلو وحهه إبتسامة خافتة ثم قال " بالاخذ في الأعتبار أني قد تلقيت العديد من التحيات التي أدمتكِ فيجب الا أجعل هذه التحيات تذهب سدي , و حيث أنكِ ترغبين أن تتركِ العالم السفلي إذاً سأعدك ثلاث حيوات من الحرية الحيوات الثلاث التي أمر فيها بمحنتي هي أيضاً الحيوات التي تحصلين فيها علي حريتك , بعدما أعود من محنتي سيكون عليك أن تعودي بمفردك إلي ضفاف نهر الوانجشوان ...هل كلامي مفهوم ؟ "


لم يكن هناك أخسره من هذا العرض ...

لقد أومأت له موافقة ...


ألقي بعدها بختم ذهبي علي معصمي قائلاً " كونكِ كائن روحي يلزمك أن تكوني أكثر حنكة , و لذلك اهتمي بحمايتك نقطتك الحيوية " ثم أردف " هؤلاء من هم أقوي منكِ لن يكون لطفاء معكِ مثلي "


العفريتان الصغيران _ جيا و يي _ قاما بعدها بمرافقته بعيداً بأوجه معتصرة ...

لقد لمست الختم الذهبي علي معصمي ...


" موشي " ... ثم ناديت عليه...


واقفاً أمام جسر نايهي ممسكاً بمياه النسيان في يديه ...

التفت نحوي...




" ايمكنني المجئ إلي عالم البشر لإغواءك ؟ "


لقد سألته بنبرة جادة جعلت الجدة مينج تنفجر في ضحك هيستيري بينما كانت تقدم حساء النسيان من يديها..(8)


لقد كانت شفتاه ترتفعان علي هيئة إبتسامة ثم قال " إذ أستطعتي إيجادي , فأهلاً بك " بعد قوله لكلمته الأخيرة قام بعدها بإبتلاع الحساء علي رشفة واحدة..


و بدون أن يلتفت إلي الخلف أخذ يتعمق في العالم السفلي ...

لقد ظللت أشاهده آبية أن أُبعد عنه ناظري حتي بعدما اختفي عن الأفق....

جاءني يي الصغير من جسر نايهي ملوحاً يده الشاحبة أمام وجهي ..

" آنسة سانشينج ؟ "


" هاه ؟! "



" آنسة سانشينج , هل من المعقول أنكِ كننتي له بعض المشاعر ؟ ! "



أخيراً ألتفت نحو يي ثم سألته في جدية " ما الذي يعنيه إكننان المشاعر له ؟ "

أمال يي برأسه ثم قال " إن الرجال و النساء المذكورين في الكتب التي تقرأينها دوماً يعتبرون معني ما يسمي بـ"إكننان المشاعر لبعضهم " "

أخذت بعصها أفكر للحظات علي إثر كلامه .. في ما أقرأه من الكتب دائماً ما يقابل الرجال المهذبون النساء , ثم تقومون النساء بإلقاء التحية اللائقة ثم يتحدثان مع بعضهما بكلمة أو اثنتين ثم يبدأان بعدها في القيام بالعديد من ال " أووه أووه آااه آااه " الذي لم يستطيعان منع نفسيهما منها .. أنا لم أفكر لحظة في القيام ب " أووه أووه آااه آااه " لموشي , غذاً هذا يعني أني لا أكن له المشاعر ..


بكل قوة هززت رأسي " لا أنا لا أكن له شئ "


لقد تنهد يي تنهيدة طويلة ثم أخذ يتمتم لنفسه " هذا صحيح , كيف لحجر أن يكن مشاعر لأحد ؟ " و حينها حدق في وجهي ثم قال " ما أقصده هو أن الأمور ستظل علي ما يرام طالما لا تكني له المشاعر ! في هذا العالم لا يوجد ما هو مؤلم كمثل كلمة " الحب " , هذا لا يعني أن السيدة سانشينج لا يجب أن تحب أحد لكن السيد موشي شخص لا يجب عليكِ الوقوع في حبه "


" و لماذا هذا ؟! هو أرق و أوسم رجل قد رأيته حتي الأن " ثم صمت لوهلة و قلت " و بالاضافة أن صوته من أعذب ما سمعت حتي الأن "

" بالتحديد , لأن السيد موشي شخص كامل , فهو اله الحرب من السماء , علي الرغم من أن لا يوجد مستحيل في هذا العالم لكن كل ما يشغل باله هو صالح العالم , غن كان قلبه مقيداً بالعالم فأي مكان سيوجد للحب ؟ "


سواء كان لموشي مكان للحب في قلبه أم لا هو أمر لا يهمني , لكن النصف الأول من حديث يي قد أجفلني " كيف له أن يتولي شئ كوحشية أن يكون اله حرب ؟ من الواضح أنه شخص رقيق "


لقد كان يي علي وشك أن يسعل دماً من فمه " رقيق ؟ لكنك لا تؤمنين بهذا ...ألست كذلك ؟ "


"عندما رأي الأيماءة قام يي بهذذ رأسه في ضعف ثم قال " عندما هاجمت عشيرة الشيطان السمان بجند بلغ 100,000 قاد حينها اللورد موشي جيش من 30,000 من الجنود السماوية ثم قام بإبادة الجنود بالكامل , و بعدها قاد جنوده نحو عاصمة العشيرة ثم قام بذبح كل من فيها : حينها فاضت الدماء أنهاراً , و طوال العقد الماضي لم يتفوه الشياطين ببنت شفة هذا لأن أي يطان يبلغ الثلاث سنوات أو أكبر قد ذُبح "


لدي انطباع حول هذه الحادثة , لقد بات العالم السفلي حينها مزدحماً للغاية , الصراخ كاد أن يمزق قصر يانوانج , جسر نايهي كاد أن يُدمر من كثرة ما مر عليه الأخرين , علي الرغم من أنه قيل أن هذه الشياطين قُتلت من قِبل موشي لكن الحرب هي مسألة موت و نجاة , وموشي كاله الحرب اضطر أن يلجأ إلي العنف لكي يمنع المتمردين , إن ولاءه لعشيرته , القسوة و الضراوة كان لا بد منها .



لقد ربت كتفي يي ...

" شكراً لأخبباري كل هذا , الان يجب علي الذهاب إلي الصخرة لأقوم ببعض الترتيبات "


لقد كان يي حائراً " يا آنسة إلي أين أنت ذاهبة ؟ "


لقد ابتسمت ..


" أنا ذاهبة إلي عالم البشر لإغوائه "



___________________________________________________________



1 : لكل ما في العالم روح او طاقة روحية و الفارق بين البشر و الجماد هو أن أرواح البشر أقوي و هنا عندما كانت طاقتها الروحية قوية كفاية تحورت إلي روح

2 : إبتلاء أو محنة : في المعتقدات الصينية أن لكل كائن حي أن يمر بأختبار في حياته

3 : لقد كانت تخاطبه كأنها رجل يخاطب امرأة

4: يانوانج : في الأساطير البوذية و شرق أسيا يدعي يانوانج " ياما _ملك الجحيم _ يانليو " هو اله يقوم بمحاسبة الموتي.

5: كما قلنا هي الان تسجد له لكنني لم أكتب السجود صراحة " نفسي متطاوعتنيش :)"

6: لا زالت تخاطبه كأنه امرأة تدعوه بالجنية أي المرأة الجميلة التي تخطف الألباب "lol"

7: هيباي وشانج : حارسي الأختلال الأبيض و الأسود : اتباع ياما , هم يقودون الأرواح خلال العالم السفلي و يرتديان الأبيض و الأسود ( الحارس الابيض يرتدي الأبيض و الأسود أسود ) تتم معاملتهم في المعابد الصينية كأنهم جالبو حظ




الحارس الأبيض

الحارس الأسود







هذه هي نهاية الفصل الاو ل من الرواية التي تبلغ 14 فصلاً

" الفصل لم يحرر"

2017/08/18 · 807 مشاهدة · 2235 كلمة
نادي الروايات - 2024