سانشينج , الخلود علي ضفاف نهر النسيان




الفصل الثاني : فلتدعني اسمعك تدعوني بعزيزتي .


_________________________________________________





بعدما انهيت مختلف الأشياء العالقة في العالم السفلي , قام حينها يانوانج بنفسه بوضع ثلاثة أختام علي مؤخر عنقي , كل ختم يمثل حياتي في عالم البشر . يوم تختفي هذه الأختام سيكون حينها واجب عليّ العودة إلي ضفاف نهر النسيان من جديد.

تحت الأعين الحاسدة من المخلوقات الروحية ارتديت ثوباً أبيضاً قطنياً و من ثم غادرت إلي عالم البشر .

لقد كان عالم البشر الذي تعلمت عنه من الكتب أكثر حيوية و أكثر إمتاعاً و أيضاً ....أشد خطراً.

في يومي الثالث علي سطح الكوكب و أثناء بحثي عن موشي مررت بمعبد اكتشفت فيما بعد أنه مكرس لأجل "بوذية كستيجاربا".لقد توجهت إلي الداخل لكي أصلي و بينما أنا علي ركبتاي و قبل أن انتهي من الأنحناء فإذ براهب نحيل يظهر لي و في يده شفرة حلاقة , لقد ابتسم لي و قال " اميتابها .أيها المنقذ ,أن تسعي لتطهير ذنوبك بالبحث عن الطريقة البوذية لهو فعل حسن للعالم."


هيه؟لم يتسني لي وقت كي اتأمل كلماته قبل أن يسرع بشفرته نحو شعري .

لقد كنت حجراً ــــ حجر النسيان ــــــ من رأسي إلي أخمص قدمي , و من أصعب ما يمكنني أنماءه هو الشعر .لقد حدقت في لألف سنة حتي أبدي تحسناً طفيفاً , و مع ذلك لهذا الحمار المسن الأصلع الجرأة ليحلقني !لقد زفرت و من ثم وجهت إليه ركلة لأرسله بعيداً و لكن من غير المتوقع أن هذا الراهب قد كان فناناً قتالياً فبسهولة تفادى ركلتي .

تلك الأبتسامة التي كانت متعلقة به قد اختفت " ما الذي تنوي فعله ؟"

فكان ردي جاهزاً "يا أصلع , أنه أنا من يجب عليها أن تسأل ."

و من ثم ضحك و قال "أيها الشيطان , لقد ظننتك قد جئت إلي هنا كي تطهر ذنوبك و لكن علي ما يبدو أنك جئت لتثير المشاكل ."

"شيطان ؟ كلا أنت مخطئ فأنا...."

"همف , لقد لاحظت عفنة الظلمة المتجذرة فيك من علي بعد ثلاثة أميال . فلا تحاول أن تنفي الأمر."

أخذت أشم يمنة و يسرة و لكن لم يسعني اشتمام أي رائحة عفن صادرة مني .إن الأسماك في نهر النسيان أشد عفناً مني !إن هذا الراهب لم يعطني فرصة ليستمع لتفسيري !و شفرته قد جائت نحوي مجدداً .حينها بدأت رغبتي في قتله تشتد,لكني تذكرت تحذيران يانوانج المتكررة ألا أؤذي أحداً فجأة .

لقد توقفت عن الهجوم و من ثم : أخذت أجري.

لقد استمر الراهب في مطاردتي حول الجبل إلي أن أنقطعت أننفاسي , كل ما أردته هو لكم ذلك الاصلع لإرسله إلي سباته الابدي.

فجأة داعبت أنفي رائحة ما .لم يسبق لي و إن اشتممت مثل هذا الأريج الخلاب في العالم السفلي .حينها تشتت انتباهي و بينما أنا أقترب ظهر في مرمي بصري حقل من الزهور .

يدعو البشر هذا الموسم "بالشتاء".و يدعون تلك المادة الباردة بـ"الثلج".و لكني لا اعرف اسم هذه الزهور . و بمرور بهذا الحقل من الزهور العطرة واجهتني باحة منزل في الطرف الاهخر من الحقل .

و بدافع من الفضول قمت بفتح الباب و توجهت إلي الداخل ,و بعدما خطوت قلالاً من الخطوات أخذ الختم الذهبي الذي تركه موشي في معصمي بالتوهج.حين اقتربت من المنزل الرئيسي فجأة سمعت صوت امرأة تقول "ششش يا صغيري , فوق الشجرة حين يهب النسيم , يهتز مهدك."

بهدوء واربت الباب قليلاً و من ثم اختلست النظر للداخل.لقد كانت هناك امرأة تجلس في السرير و هي تحتضن طفلاً . لكن مهلاً , هذه العيون , هذا الفم و هذه الشفاه , أليست تلك بنسخة مصغرة حمراء من موشي؟!*

(*ملحوطة :بمعني أنه لسه لحمة حمرا :) )

لم يعد يجب أن أبذل جهداً بعد الأن!

و لكنه لا يزال كرة من اللحم . لن يتمكن من تذكر حياته السابقة و لن يتمكن من تذكر الاخرين .كيف لي أن أغريه الأن ؟أم يجب عليّ أن أبقي بجانبه و أن أحميه إلي أن يكبر ؟بالتأكيد لن أسمح لرجل أو امرأة أخري بهذه المهمة كيلا تكون لهم اليد العليا بينما هو صغير .

و صرخة عالية من خلفي أجفلتني " يا للسماء , أني لك أن تهربي؟! "

و بسرعة تفاديته إلي اليسار و قمت بفتح الباب بقوة متوجهة إلي الداخل .لقد رأيت شفرته و هي تمر من أمام ناظري و حفنة من الشعر الأسود تسقط من علي جبهتي .

بفزع سقط علي الارض محدقة في تلك الحفنة السوداء من الشعر و هي تتساقط.

"اه!"

لقد بدت صرخة المرأة بعيدة جداً عن مسمعي و تحذيرات يانوانج أخذت تنحدر بعيداً كما تفعل السحب في السماء .

لقد قفزت واقفة و جمعت طاقتي الروحية في قبضتي , و بظلام ألف عام وجهت إليه ضربة كفيلة بتحطيم جمجمته لكني قد استعدت القليل من وعي بسبب صراخ الصغير .

لقد انحنى مسار قبضتي ومالت إلي جانب الراهب لأصطدم بجدار الكوخ جاعلته يهتز ثلاث مرات . علي ما يبدو أن ضربتي قد أفزعت الحمار المسن* .لقد استغرقه ثوانٍ إلي أن استعاد وعيه و من ثم نظر إلي كرة اللحم التي هي موشي و فجأة نظر إلي المرأة المفزوعة و قال " تلك الشامة الحمراء في جبهة ابنك لهي نذير شؤم و ستجذب إليه كل كريه .و ها هو يجلب الشر علي الرغم من كونه حديث الولادة . بالتأكيد سيكون لعنة علي كل من حوله ."

(*ملحوظة:نطق حمار في الصينية شبيه من نطق كلمة الراهب"


لقد فزعت المرأة من كلماته و أخذت تحتضن الصغير غير مدركة لما يجب أن تفعل .

لقد اشتطت غضباً "أيها الأصلع , فلتوقف ترهاتك." إن البشر كلهم يؤمنون في نبؤات هؤلاء الرهبان و المقدسين .فبكلماته سوف يحطم مستقل موشي.

"همف ! أيتها السماء , لقد هاجمتني بينما لم أكن منتبهاً و الأن استعدي لأعلمك درساً لن تنسيه ."

أخذ ضوء ذهبي اللون يغمر الشفرة و من ثم تحولت إلي عصا مطلية بالرموز البوذية و من م توجهت ناحيتي.لم يكن لهذا الراهب من القوة الروحية ما يُذكر .لكن تلك الطلاسم علي عصاته قد أعمت بصيرتي .ما نخشاه أكثر شئ في العالم السفلي هي طلاسم السماء الغربية البوذية .و بسبب القوة الغاشمة اضطررت للتراجع.

لم أعتقد أن المعركة بيني و بين الراهب ستدوم طويلاً . لقد كنت حجراً ـــــــو الصبر من أفضل صفاتي .لقد اعتقدت أنه عندما يترهقه معركتنا فسيرتاجع و يذهب , و حينها سأعود و أبقي بجانب موشي إلي أن يكبر ! لم أخال أن الراهب البشري سيكون أشد عناداً مما تصورته أن يكون عليه .قتل الشياطين هي مهمته الدنيوية , و لربما أنا أُعد أقوي "وحش" قد قابله حتي الأن .لقد آل به الأمر إلي أن يعتبر قتلي هو عمل حياته الأعظم.

لقد استمرت معركتنا لتسع سنوات بشرية .

تسع سنوات!

في النهاية لم يكن الأمر أنه قد مل من قتالي بل أن رفاقي القدامى , الأخوين الأبيض و الأسود قد جاءا ليأخذا روحه.....

لقد كنت مبتلة , مختبئة في النطاق الجبلي , حينما رأيتهم يرحلون بروح الحمار الأصلع احتضنت لسانيهما المتدليان و بكيت من الفرحة.و حرصت أن أؤكد عليهما أن يجعلا الجدة مينج تعطيه المزيد من حساءها كي يكون جبانااً في حياته التالية و يعيش حياة من البؤس .*

(*الجدة مينج _انظر الكتاب ص الفصل الأول لمزيد من التوضيح."من يعطي حساء النسيان للأرواح قبل الدخول إلي دورة التناسخ " )

(الاخوين :انظر الفصل الأول "المسؤولان عن إرسال الأرواح إلي العالم السفلي .")

("يانوانج :الفصل الأول -_- "حاكم العالم السفلي .")

بعدما انتهيت من الراهب أخذت أهتم بمظهري الذي لم اهتم به مُنذ تسع سنوات.و من بعدها عبرت مئات الاميال من الأشجار و الأنهار إلي أن وجدت الكوخ الذي فيه موشي .

بعد تسع سنوات من العيش في عالم البشر أكتشفت أخيراً اسم هذه الزهور .لقد كانت زهور البرقوق.

و مع ذلك لم تكن لدي فكرة أن تسع سنوات يمكن لها أن تحول مثل هذه الحديقة إلي تلك الحالة الذابلة .

ببطء اقتربت من باحة الكوخ و الختم علي معصمي يتوهج مجدداً .لم أتخطاها بعد إلي أن رأيت فتاً قذراً يحمل مكنسة أطول منه قوم بكنس الباحة المتسخة .لقد كان صوت الصرير مزعجاً.

لاحظ الفتي أن أحدهم قد اقترب لهذا ألتفت نحوي.

ما رأيته هو زوج من العيون الصافية و شامة حمراء بين حاجبيه .انقبض قلبي و ارتعشت قبضتاي و أخذت الحلوي التي جلبتها لموشي بالوقوع إلي الأرض.

"من أنت ؟" سار ناحيتي و سألني .

جلست القرفصاء لكي يتساواى طولي مع مستواه و أخذت أمسح القذارة بكمي من علي وجهه . في تلك العيون الصافية رأيت انعكاس وجهي بدقة .

"أدعي سانشينج و قد أتيت لأغريك ."

لقد أخذ يحدق فيني بدون أن ينبس ببنت شفه تاركن إياني أنظف وجهه .لاحظت حينها ملابسه البالية و الجروح علي يديه و رقبته ..يبدو أنني تذكرت أن والدته لم تبدو مهملة مُنذ تسع سنوات .كيف سمحت لموشي بأن يصير هكذا ؟

"أين هي أمك ؟" سألته.

"ماتت"

إجابته المفاجئة قد فاجأتني .ألم يكن الفانون بكائنات تعطي اهتماماً لمسألة الموت و الحياة ؟لربما...كان صغيراً لكي يفهم مسألة الحياة و الموت .هذا هو التفسير الوحيد الذي يمكنني التفكير فيه .

"بما أن والدتك قد توفت فكل شئ الان عائد إليك , لذا تذكر أنني قد اغويتك بنجاح."

لقد ظل صامتاً و هو يراقبني . اخذت احك رأسي : إن الحديث مع طفل لأمر صعب للغاية .بالاضافة إلي أن الطفل المذكور كان في حالة يرثي لها معنوياً و مادياً.لهذا قررت أن أستخدم لغة سهلة الفهم للتواصل معه .

"بمعني أخر , من الان و صاعداً أنا زوجتك , و طبقاً لقواعد الفانين فأنا حاملة طفلك . لكن هذا ليس مهماً , ما هو مهم أن لا أحد سيؤذيك أو يتنمر عليك بعد الأن بما أنني هنا ." حينها اضاءت عيناه بينما أنا أربت علي رأسه ."دعني أسمعك تدعوني بـ"عزيزتي "."

لقد صامتاً لبرهة ."سانشينج" لقد ردد اسمي .

"بل "عزيزتي"!"

"سانشينج."

"عزيزتي!"

"سانشينج."

"...حسناً" لقد استسلمت , " ادعوني سانشنيج إذاً ."

"سانشينج."

*(-_- \ -_- \ -_- \ -_-\ -_-)

"أجل ؟"

لن أنسي الطريقة التي كرر فيها اسمي مراراً و تكراراً في ذلك اليوم .أخذ يناديني إلي أن جاوبته . بعد ذلك عرفت أنه في وقت ما قد أخذ ينادي أمه مراراً و تكراراً و لكن وا حسرتاه !

في الأصل موشي هو اله الحربالذي يقطن السماء .علي الرغم من أنه كان في عالم الفانين من أجل محنته . إلا أنه يجب عليه أن ينمو كرجل مثقفو متمدين .و لهذا فكرت في إرساله إلي المدرسة .

ليس بعيداً عن المكان الذي كنا نعيش فيه كانت توجد مدينة صغيرة .و قد كان يوجد مدرسة واحدة في تلك القرية .و المعلمين في تلك كانوا علي علم بنبؤة الراهب عندما قال أن موشي سيكبر ليصير لعنة علي كل من حوله , و لهذا كانوا رافضين لقبوله في المدرسة .

لهذا أخبرت موشي أن يحمل جرة ها ذهب و أن يطوف حول المدرسة إلي أ، قبل به المعلمين أخيراً .

XD

في يومه الأول ساعدته في تهذيب شعره و ربطه .لقد نظر إلي من خلال الأنعكاس في المرأة البرونزية بعينين تفيضان قلقاً. أخبرته حينها بحنان "سوف تعيش هنا في عالم الفانين لبعض العقود , هي ليست بالمدة الطويلة : سأحرص علي أن يكون السلام رفيقك في حياتك, و لكني أمل أن تكون إنساناً سؤولاً و أن تحي حياةً مشرقة .الأدب واجب.انصت لمعلميك بينما أنت في المدرسة,علي الرغم من أنني لن أدعوهم بالرهبان إلاأنهم يزينون أنفسهم بالحسن أمام تلاميذهم . ارس جيداً ."

أومأ موشي.

عندما جاء في المساء كان مصاباً بجراح عديدة . علامة حمراء هنا و أخري زرقاء هناك."أتنمروا عليك ؟" سألته .

أومأ.

"أتصديت لهم ؟" (أي قاتلتهم _واجهتهم )

هز رأسه .

داويت جراحه ثم سألته " أين يعيش ذلك الذي ضايقك ؟"

لقد كان السمين وونج ابن مالك عقار في القرية .لقد كانت عائلتهم غنية لدرجة أن باجتهم كانت ضخمة .لقد كنت أنظر إليهم في حسد.و بعدما أشعلت النار في مخرن حطب عائلته جائت رياح جنوبية تهب علي النيران لتصنع منه حريقاً هائلاً .لقد كان نصف السماء مغطيً بالاحمر .

شاعرة أن المشهد رائع جداً . قدت موشي إلي بقعة جيدة و أشرت إلي النيران التي تشتعل من منزل وونج السمين و أخبرته "فلتضحك كما تشاء ."

نظر لي موشي بعمق و قال " سانشينج , لقد اخبرني المعلم أن ارد السوء بالحسنى ."

"موشي , عليك أن تتعلم أن تفرق في هذه الأمور .من الجلي أن معلمك كان يكذب عليك.ليس سيئاً أن تنصت إليه لكن لا تنفذ كل ما يقول ."

استمع موشي قليلاً إلي كلامي و من ثم أصدر صوت "ههههه" ببطء.

تمر الحياة في عالم البشر بسرعة و في غمضة عين كان موشي يقترب من عمر العشرين .

تحت تعليمي المتواصل حينها لا يمكن أن يتواجد مجال للدهشة حينما اخذ موشي ينمو ليصير سيداً نبيلاً أرق من الجاد *.لم يختلف مظهره سواء هيئته أو وجههة عن الوقت الذي كان عليه عندما قابلته .و بسبب جماله الألهي و فطنته صار موشي معروفاً في القرية . (* الجاد هو نوع من الأحجار الكريمة

و سمي بالعربية يشم أو يشب

)

و لكن هناك سبب وجيه لبقاء " الشهرة تقتل الناس , بينما يقتل النحيب الخنازير"* متردداً صداه لفترة طويلة .(*مثل صيني )

لقد كان يوماً مشمساً حينما كنت جالسة علي كرسيي أطالع رواية حديثة الاصدار , لقد كانت رواية رومانسية عن شخصين تغلبا علي كل العقبات التي واجهتهم و قد جاء الكتاب بوصف دقيق لـ مواقفأووه أااه أااه. لقد كنت في خضم ذروة القصة حينماجاء موشي من الخارج .ثم التقط العباءة و الثوب التي كنت قد ألقيتهم علي الأرض بلا اهتمام و وضعهم علي السرير ثم أعطاني كوباً من الماء و قال "ليس من الجيد الاستلقاء طوال اليوم هكذا , عليك أن تتعرضي للشمس أحياناً ,سانشينج."

تناولته منه الكوب و عيناي لم تفارقا الكتاب و قلت " إن الشمس بمثابة سم لي , فهي لا تفيدني بشئ ."

لكنه لم يبتلع كلماتي "لقد أثلجت هذا الصباح , و زهور البرقوق قد تفتحت فغزا جمالها ما حولنا .فلنتنزه لنلقي نظرة عليهم ."نظرت إليه فوجدت شعاعاً من التطلعات في عينيه لهذا وضعت الكتاب الذي وصل إلي جزء الـ أووه أااه أااه جانباً :" حسناً , سأرافقك في نزهة ."

لقد كان سعيداً , و في خضم سعادته ابتسم لي .

تشابكنا الأيدي و أخذنا نتنزه حول غابة الأزهار . لم يكن يكذب علي فقد كانت الازهار متفتحةً بجمال هذا اليوم .

"موشي , أتعلم أنني حب منظر هذه الزهور و أريجها في أيام الشتاء , لكن أتعرف السبب ؟"

ثم اخذ يفكر قليلاً و قال " لأن طباعك بيهة بهذه الزهور ."ثم توقفت في خطاي و نظرت إليه في صمت هازة رأسي .

لم يفهم الأمر جيداً . لكنه تركني اتأمل وجهه بينما تعلوه اتسامة فقال "ساننشينج , اتحبين التحديق في وجهي ؟"

"أجل " ثم اخذت أقيس المسافة بين رأسينا , لقد كان أطول قامةً مني بطول رأس شخص بالغ . املت رأسي مفكرة و قلت "موشي , دعني أسمعك تدعوني بـ"عزيزتي"."

فجأة احمرت أذناه .

"أنت تقترب بسرعة من سن بلوغك ." قلت ثم أردفت أعتقد أن حاملة هذا الطفل عليها أن ترتقي بعد مرور السنين . فقط اختر ميعاداً و تزوجني ."

حينها انتشر اللن الاحمر من أذنه إلي وجنتيه , لقد كانت تفاحة أدم ترتعش ."سانشينج , أنت دائماً , دائماً ..." لم يكد ينهي حديثه حتي سمعنا صوت أحدهم من الطرف الاخر من غابة الزهور.

مُنذ أن بات موشي شهيراً في القرية بات كل يأتينا كل يوم ضيفاً . لم اعترض يوماً علي الأمر لكن اليوم تمت مقاطعة حديث زواجنا لهذا اكفهر وجهي .لم أكن سعيدة حقاً.

أخذت أصوات الزائرين تعلو أكثر فأكثر إلي أن قال موشي "سانشينج , يبدو ان احدهم قد جاء ليزورنا , فلنعد."

ناولته جواباً و من ثم عدت إلي حجرتي في حين أخذت اكمل قراءة كتابي بينما كان موشي مشغولاً بالضيف في قاعة الضيافة .

قرابة الظهر قام بتوديع الضيوف و من ثم اء ليجلس بجواري بينماأنا مستلقية علي كرسيي, في بادئ الامر لم يقل شيئاً و لأن الصبر هو فضيلتي الحسني فلم يحتمل الامر إلي أن تحدث .

"سانشينج."

"هممم؟"

"لقد كان الحاكم الذي جاء ."

"أوه."

"لقد ...لقد أخبرني أن اذهب إلي العاصمة لأصبح موظفاً حكومياً ."* ( في الصين قديماً كان يُعد المظف الحكومي ذا منصب و مكانة في المجتمع ."

"أوه ."

لربما كان انعدام رد فعلي ما جعل موشي حائراً .أخذ بدقة يدرس ملامح وجهي و حين عقد عزمه قال " أريد الذهاب ."

بهدوء قلبت الصفحة الاخيرة لقصة الحب التي قابلت نهايتها السعيدة و من ثم نظرت إلي موشي الذي كان يتأملني و تنهدت قائلةً "علي الرجل أن يكون ذا طموح.هو المنصب الحكومي الذي تسعي إليه , لا لص ...علي الرغم أن الأثنان في الأساس لا فارق بينها .لكني سأعترف أن البلاط الملكي هو مكان مناسب لمطاردة أحلامك.لقد رجوت دوماً أن تصير ناجحاً في حياتك.و الأن و أنت مالك للمهارة و الفرصة التي فتحت لك أبوابها ,فيجب عليك أن تكون شجاعاً و أن تذهب . فلماذا تنظر لي ؟"

هز موشي رأسه "أنا لا أريد أن أصير حكومياًلأجل الطموح.."ثم أخذت وجنتاه تكتسيان حمرة " فكما قلت فقد بلغت العشرين من عمري , لقد ,لقد كنت دائماً أفكر في الحديث معك بخصوص زواجنا."

ممسكةً بالكوب في يدي ...لقد بت صنماً في مكاني .

لقد كانت ابتسامته واهنة "لكن سانشينج أنت دائماً ما تكوني سابقة لي بخطوة"ثم اردف "اريد أن احظي بعائلة معك .لكن كرجل لا يمكنني جعلك تهتمين بي طوال حياتي. اريد أن اُسعدك بموهبتي أنا ."

"سانشينج هلا انتظرتني سنتين ؟بعدما أصير ناجحاً ذا نفوذ سأعود لنتزوج."

لم يسعني قول "لا "

في ذلك الوقت تمنيت لو كنت فتاة عادية.تمنيت أن انتظره في المنزل إلي أن يأتي يوماً و يقول لي "سانشينج" و هو واقف عند الباب.

و لكنه يريدني أن أنتظره عامين ,في الاصل لقد كنت حجراً صبوراً للغاية , لكنني لم أتمكن من احتمال الأمر هذه المرة .و بعد ليلة من التقلبات .

"موشي"

بالطبع كنت أعرف أنه ليس هنا لكنني أردت أن أنادي اسمه , كأنه سيأتي لي إن فعلت هذا .

"موشي"

لقد ناديته ثلاثاً لكن لم يأتني رد عدا صوت الرياح في الخارج, لم اتمكن من النوم مرة أخري لهذا قمت من علي الفراش , أُعد كل شئ .


حينها تركت الكوخ مرتديةً ثوباً أبيضاً , و نحو العاصمة كنت اتجه لكي أجد زوجي.




Beloc Doukanish

2018/06/15 · 654 مشاهدة · 2864 كلمة
Doukanish
نادي الروايات - 2024