في قلب السماء، عائمةً فوق الغيوم، ارتفعت القلعة السوداء...
صمت ثقيل يخترق الرياح، يُسمع فيه خرير البرق من بعيد.
قاعة العروش الكبرى كانت تتلألأ بهالة زائفة من المجد، تعج بالضحكات المسمومة.
ها ها ها ها...
ضحكاتٌ مجوفةٌ تتردد بين جدرانٍ ملبدةٍ بطبقات الظلال.
أربعة زعماء جلسوا على عروشٍ مرصعة بأنياب التنانين الميتة، وأمامهم شاشة هولوجرافية كانت تعرض مشهد دمار مدينة S...
فزززز...
الصورة تومض، تظهر المدينة وقد تحولت إلى رماد.
توقف الضحك فجأة... صمت.
ثم انطلقت ضحكات خبيثة، منخفضة أولًا، ثم متصاعدة كأغنية جنائزية...
"أرنا الخريطة أيها المستشار!"
صرخ أحد الزعماء بصوتٍ عالٍ، تردد صداه كالرعد.
"حاضر!"
رد المستشار بسرعة، رفع كرة صغيرة في يده، ثم رماها نحو الأعلى...
بززززز!
ضوءٌ أزرقٌ ساطع انفجر من الكرة، وتشكل على شكل خريطة ثلاثية الأبعاد لعالم فاريون...
بدأ الزعماء يتذكرون...
"كان عالم فاريون مسالمًا إلى حدٍّ ما... ليس هناك أي قوة خارقة أو شيء إعجازي..."
لكن في أحد الأيام، ظهر شق صغير في السماء... لم ينتبه له أحد.
ظل يكبر... ويكبر... حتى أصبح حجمه مساويًا لحجم جبل عملاق.
الخوف بدأ يتسلل في كل الأرجاء، حتى أن سكان المناطق المجاورة لم يستطيعوا النوم.
"استُدعيت كل سلطات العالم، لكن بلا فائدة..."
"كل ما عرفوه، أن ترددات هذا الشق... طبيعية."
أُجلي السكان خوفًا على حياتهم، وانتقلوا لمناطق أخرى.
مرت الأيام... ثم الشهور... ثم السنوات...
حتى جاءت السنة العاشرة... وجاءت معها الكارثة.
بدأ الشق بالاهتزاز فجأة، وخرجت منه هالة حمراء ، جفّفت الحياة من محيطها.
ففففففففف!
كل شيء تحول إلى غبار... ثم خرجت يد مشوهة، توسّع الشق ببطء.
ومن داخله... خرج كائن عملاق يحمل على ظهره فأسًا منقوشًا بنقوش غريبة.
طوله متران، عضلاته كالصخور، شعره أحمر طويل، جلده بني قاتم، حول عنقه جماجم مشتعلة، وعلى صدره جلد دبٍ عملاق...
عيونه كانت متعطشة للدماء، وهالته... دموية قاتلة.
زئيرررررر!!!
صاح صيحةً زلزلت السماء، بوووووووم!!!
خرجت من الشق مليارات الوحوش...
"اقضوا عليهم، افتعلوا المجازر..."
البشرية أوشكت على الانقراض.
ثم ظهرت امرأة من شق في السماء... أطلقت على نفسها اسم "ملكة الضوء لوسي".
منحت البشر قوىً وأملًا... لكن فات الأوان.
احتلت الوحوش 40% من أرض العالم.
وتوزعت الأرض على ثلاث مناطق:
المنطقة الأولى (35%): الأحياء الفقيرة.
المنطقة الثانية (25%): مدن النبلاء واتحاد الأبطال.
المنطقة الثالثة (40%): أراضي الوحوش والخطر.
حكاياتٌ تقول أن الاتحاد أرسل نخبة من فئة S وSS+ لاستعادة الأرض.
معهم مرافقون إعلاميون مصنفون A وB لتوثيق الحملة.
لكن... كان كمينًا!
الوحوش كانوا أذكى... أمسكوا بالكاميرات، وذبحوا المصورين بوحشية.
من قادهم... كان اسمه باربروس، مصنف كارثي.
قال للعالم:
"أيها البشر، انظروا إلى نخبتكم... وهي مسحوقه تحت اقدامي "
بوووووووم!!
اهتزت القلعة فجأة... الجدران تزلزلت... الحطام تناثر!
من بين الدخان... خرج شخص.
يرتدي عباءة سوداء بخطوط بنفسجية تنبض وكأنها شرايين نجمٍ يحتضر، وعلى وجهه قناع أسود، خلفه عينان بنفسجيتان تلمعان من أعماق الظلام.
كورغامي...
تقدم بخطى واثقة. صوته خرج خافتًا... كالنصل يُسحب من غمده:
"ماذا لدينا هنا؟ أربعة عجزة يتوهمون أنهم ملوك..."
"كيف وجدت قلعتنا أيها الغر؟!"
صرخ أحدهم... ضغطه انفجر فجأة، فووووووش!
كورغامي ابتسم بخفة... همس لنفسه:
"كل الفضل لذلك الجندي من الظلام... راجنار."
لقد اخبرني اشياء عديده وانا ،في تلك الزنزانه الجحيميه"
اندفع أحد الزعماء، اخرج سيف يلمع بطاقة خضراء وانطلق نحو كورغامي،بسرعه عاليه .."
" تباعد المانا !"
زقزقزق!
استهدف عنق كورغامي مباشرة، لكنه تحرك...
فوووووم!
هدأ الزمن.
مال رأسه.
مرت تلك الطاقة، بجانب رقبته دون أن تلامسه.
نظر الى ذلك الزعيم بينما كان لفت طاقة سوداء حول يد كورغامي ،محاولاً ان يرد بهجوم مضاد ولكن
ثم... بووووم!!
زعيمٌ آخر أ تحرك نحوه واطلق "مدفع الانفجار!"
انفجرت القاعة، الزجاج تحطم، الحديد تطاير، والسقف انشق ليكشف عن القمر...
رفع الزعماء الأربعة ضغطهم، كرااااااااك!
الهواء تمزق، الزمن انبعج!
"أتقاتلنا وحدك؟"
"هذا ليس شجاعة، بل غباء..."
لكن من بين الدخان... ظهر كورغامي.
رفع رأسه، وصوته خرج باردًا:
"غباء اي غباء،هذا قتال حقيقي... لا وجود للعدالة في عالمٍ يتنفس الفوضى."
"اسمحوا لي أن أريكم... معنى القتال."
اختفى.
ظهر خلف أحدهم، ركلة!!
بووووووووم!!!
سقط الزعيم، يخترق طبقات القلعة نحو الأرض.
"آغغغ!!"
تأوه، بينما يرتطم بجدران بارضيات القلعه.، يُسحق شيئًا فشيئًا.
الثاني حاول لكمه... لكن قبضته كانت أبطأ من أن تنقذه.
صفعة!
بوووووم!!!
طار نحو جدار القلعه ،وكان ينزلق حتى سقط على الارض مغشياً عليه.."
ضغط كورغامي تصاعد، حتى أن الأرض نفسها اهتزت...
لم يبقَ سوى اثنان...
هاجما معًا!
لكن كورغامي اختفى... ظهر خارج القلعة الطائرة لكن بينما هو في
"سحقًا..."
"لم أتحكم بقوة ظلامي بعد... إنها تستنزفني."
ظهر زعيم خلفه. سحب سلاحه من الفراغ:
"أرني إن كنت تستطيع تفادي هذه."
لوّح بسلاحه...
لكن كورغامي ابتسم...
ظهر خلفه!
"لكمة الظلام."
بووووووم!!!
الضربة أرسلته كنيزكٍ أسود نحو القلعة...
كرااااااااااااااااااش!!!
انفجارٌ هائل... امتد لاميال حتى الأبطال شعروا به.
في السماء...
القلعة المعلقة، قطعة من الظلال العائمة، بدأت تميل بهدوء... كأنها تغفو.
كراااااااااااااااااش!!!
دعائم الطاقة تشتعل... محركات الجاذبية تفقد توازنها.
كورغامي يقف على حافة المنصة المحطمة، عباءته ترفرف مع الريح العاتية، بينما نظراته الباردة تتابع ما تبقى من الخراب.
"القلعة... لن تصمد بعد الآن."
تشققفففف!!
بدأت أعمدة القلعة تنهار، قطعةً تلو الأخرى.
تسقط...
مثل مذنب عملاق اخترق السماء .."
فووووووووووووووووووووووووووووم!!
اندفعت نحو الأسفل، وكان يوجد اصفلها غايه كثيفه ..٫"
في الغابة...
الهدوء يخيم...
النسيم يمر بين الأشجار كأنها تتنفس.
الطيور تحلق عالياً، لكن فجأة... صمت تام.
حيوانات الغابة تهرب بلا وعي، الأعشاب تنكمش، وحتى الضوء يبدو كأنه يتراجع خطوة للخلف.
ظلٌّ ضخم يُلقى على الغابة...
بووووووووووووووووووووم!!!!
اصطدمت القلعة بالأرض.
بوووووووووووووووووووووووووم!!!
زلزال...
ارتجّت الجبال، واهتزت الغابة، تساقطت الصخور من المرتفعات.
أشجارٌ عملاقة تحطّمت، انفجار ترابي ضخم تصاعد إلى السماء كبركان مقلوب.
سحابة رمادٍ عملاقة غطّت الأفق، غمرت كل شيء بالرؤية الرمادية.
بعد لحظات...
الهدوء يعود.
السماء ملبدة بالدخان.
الهواء مشبع بالرماد.
وسط الدمار... بين الحطام والدخان المتصاعد من القلعة المنهارة...
وقف كورغامي، صامتًا، لا يحرك ساكناً، بينما تتراقص حوله ظلال سوداء كثيفة تتنفس كالكائنات الحية.
"حتى لو سقطت القلاع... فالملوك لا يركعون."
ببطء، رفع يده اليمنى، ووووووووممم!
الظلام تمدد كبحرٍ حيّ، وابتلع أنقاض القلعة، ثم غاص في الأعماق... ليخرج منها أربعة أجساد بشرية، مزّقة، متهالكة، لكنها لا تزال على قيد الحياة.
الزعماء الأربعة...
كورغامي، بصوت منخفض يتردد في الهواء:
"استيقظوا... فانا اربد ان اخبركم بشيء ما ... فاستعيدوا طاقتكم."
سوووووووش!
اندفع الظلام إلى صدورهم، كأنه يسقي أرواحهم بقوة لا توصف.
الضغط ارتفع فجأة.
الأرض تهتز، الأشجار تئن، والهواء يُسحق من شدة الكثافة.
"أغغغغ... ما هذه القوة..."
"لا أستطيع التنفس..."
"كيف لشخص غير معروف أن يهزمنا في كل شيء... القوة... السرعة..."
"وهو لا يزال... في نظرنا... لا يتعدى التاسعة عشر من عمره..."
كورغامي بدأ يتقدم نحوهم.
خطواته بطيئة، لكنها ثقيلة، كأن كل خطوة تهوي على أرواحهم.
الهالة المظلمة من حوله تتسع، ترتفع، تعصف بكل شيء.
عيناه اشتعلتا باللون البنفسجي.
نظراته كالسكاكين.
"هل أنتم من دمر تلك المدينة حقاً؟"
صمت... ثم تابع:
"عندما سمعت الأخبار من ذلك العجوز في زنزانة الجحيم... بالصدفة أخبرت راجنار أن يخرجني منها فوراً."
"كنت متحمساً... أردت لقائكم... أردت أن أرى بعض الأشخاص الذين يكرهون العدالة كما كنت أظن... لكنكم خيبتم ظني كثيراً."
أحد الزعماء وهو يسعل دماً بصعوبة:
"ماذا؟ لقد خيبنا ظنك؟! نحن من دمرنا المدينة فعلاً... أبدنا شعبها، قتلنا النبلاء والأبطال... حتى أن أحدهم كان يتوسل ألا نقتل تلميذته..."
"ولماذا لم تقتلوها " تكلم كورغامي ببرود
"كنا سنقتلها... لولا ظهور شاب ذو شعر اشقر، اختفى فجأة."
"أتذكر أيضاً... تلك الفتاة الصغيرة، كانت في الخامسة عشر من عمرها... شعرها أسود طويل... وعيناها... لا أذكرهما."
"كانت برتبة S رغم صغر سنها..."
تجمّد كورغامي.
اذا كان احد سيحقق تلك المرتبة ،في هذا العمر الصغير سيكون بلا شك أخته فقط...
عقله صرخ، قلبه ارتجف.
الضغط ازداد!!
الهالة انفجرت وغطة كل انحاء المنطقة.."
الجبال تشققت... الأرض تفككت... السماء اسودّت.
لكن فجأة... تنفس ببطء.
هدّأ نفسه.
ثم، وبهالة وقار مهيبة، نزع ذلك القناع عن وجهه.
رفرف شعره الطويل معا حركة الرياح ،وعيناه اشتعلا بالون البنفسجي .."
انصدم الزعماء الأربعة.
"أنت... أنت ذلك الفتى... الذي أُحدثت بسببه ضجة في الأكاديمية... ثم طُرد... ثم اختفى!"
"اهذا مانشؤه الابطال ،عندما سجنوني حقاً ،ماذا كنت اتوقع غير ذلك!.."
صرخ احد الزعماء .."ماذا؟!
نظرات كورغامي اشتعلت غضباً.
لكنه لم ينفجر... بل ابتسم بسخرية.
أخرج ورقة قديمة، مغطاة بالختم الأسود، وعليها صورهم الأربعة، وتحت كل صورة:
100 مليار حجر كريستالي.
الزعماء لم يتفاجأوا.
"كانو يعلمون ان الاتحاد سيفعل أكثر من هذا، بعد ما فعلوه بتلك المدينة... كانت من أعمدة كوكب فاريون."
لكن ما لم يتوقعوه... كلمات كورغامي التالية.
"أنا لا أعاقبكم من أجل العدالة... ولا من أجل هذه المكافأة."
"أنا أريدكم... أن تصبحوا أتباعي."
صمت.
أحد الزعماء، وهو ينهض بتثاقل:
"تريدنا أن نكون أتباعك؟ الاتحاد سيلحق بك فوراً إن علم أننا نحتمي بك."
"هل ستحمينا منهم؟"
ضحكة عميقة، ساخرة، خرجت من فم كورغامي.
"أحميكم؟ ولماذا؟"
"سأصنع نسخًا منكم... تطابقكم بالشكل والعمر والقوة... وسأسلمهم للاتحاد."
"سيسجنونهم... وسأقبض المكافأة."
"وأعطيها لكم... فأنا لا أريدها."
"ما أريده... هو أن تنضموا إلي، وتختفوا عن الأنظار."
"لأنني ذاهب إلى القارة الأخرى... ولن أعود قبل أن أجعل العالم يركع."
الزعماء الأربعة انحنوا...
"أمرك يا مولاي..."
ثم اختفو من اماكنهم كانه لم يكن هناك شيء..."
وفي تلك اللحظة...
سمع كورغامي بكاء طفل وسط الركام.
توقف.
التفت ببطء... وسار نحو الصوت.
بينما تتناثر سُحب الرماد من حوله... كأن الهدوء ذاته يخشى العودة.