دخل كوراغامي إلى مقر الاتحاد وهو يجرّ خلفه نسخ الزعماء الأربعة، أجسادهم تئن بثقل الهزيمة، وأرواحهم ممزقة تحت ظلاله.

كان في القاعة رجل عجوز، ذو لحية كثيفة بيضاء وشعر ناصع البياض، تحيط جبينه وشمة سماوية تشع بهدوء. جلس بهدوء على طاولة مستديرة، ومن حوله تجمع الأبطال.

امرأة ترتدي عباءة منسوجة من الرياح وقفت بهدوء، وعيناها تحدقان بكوراغامي كأنها ترى ملامحه الحقيقية خلف القناع. رفعت يدها بصمت نحو "جيف"، الذي فهم الإشارة فورًا وأخرج "أميشيا" من قاعة الاجتماع.

"انزع قناعك"، قالها ببرود رجل كفيف ذو شعر بني، جسده منحوت كأنه من صخر، وكان يرتدي بدلة صفراء فاخرة صُممت خصيصًا له.

لكن كوراغامي لم يرد. استمر في التقدّم بخطواته البطيئة، حتى لامست عباءته السوداء حافة الطاولة.

"كيف تجرؤ على المجيء إلى هنا، أيها..."

نظر كوراغامي إلى الطاولة بثبات، ثم بصوت هادئ كأنما يتحدث عن أمر عابر، قال:

"أريد المكافأة... هنا."

ساد الصمت للحظة قبل أن ينفجر أحدهم غاضبًا. كان شابًا طويلًا، ذو شعر أحمر مشتعل، ودرع مذهب يحيط بجسده.

تقدم خطوة للأمام وقال باحتقار:

"من تظن نفسك؟ تدخل إلى مقر الاتحاد، وتطلب منا تسليم المكافأة؟"

ثم أطلق ضغطًا روحيًا كاسحًا حول القاعة، جدرانها ارتجّت، والهواء أصبح ثقيلاً، حتى بعض الأبطال الجالسين اضطرب تنفسهم.

ومع ذلك... كوراغامي ظل واقفًا بثبات، كأن شيئًا لم يحدث. عباءته السوداء ترفرف بهدوء، وصمته كان أكثر زئيرًا من أي قوة.

وفجأة...

لمعت عيناه البنفسجيتان خلف القناع.

في لحظة، انفجر ضغط مظلم من حوله، كأن العدم نفسه تنفس داخله. القاعة ارتجّت، والنوافذ تقطّعت، والأبطال الجالسون حول الطاولة ارتدوا للخلف، بعضهم سقط أرضًا، وآخرون شهقوا وقد تجمدت تعابيرهم في الصدمة.

الوحيدة التي بقيت متماسكة كانت المرأة ذات عباءة الرياح، لكنها شبكت يديها بصمت، تتأمل قوته المظلمة المتدفقة.

أما زعيم الاتحاد الحالي...

فقد ظل جالسًا بصمت، لم يحرّك ساكنًا، لم يتكلم، ولم يُبدِ أي ردة فعل. عيناه كانتا معلّقتين بكوراغامي كأنه يقرأ في الظلال شيئًا لا يراه الآخرون.

قال زعيم الاتحاد بصوتٍ هادئ وهو ينهض من مقعده:

"أحضِروا له أربعة مليارات من الحجارة الكريستالية... لكل واحد من الزعماء، مائة مليار. لقد اعددنا ملصق مطلوبين ..بغض النظر من يجلبهم لنا ..سنكون اوفياء ونعطية المكافئة.."

تقدم كورغامي ..وسلم النسخ المزيفه من الزعماء وهم مقيدين."

تحرك الجنود في الحال، وبدأت الطاقات تتجمع في صناديق مخصصة، بينما ظل كوراغامي يراقب بلا اهتمام. تقدم نحو الطاولة، وعيناه تحطّان على تلك المرأة ذات عباءة الرياح.

صوته اخترق الصمت:

"أنتِ... كنتِ تلك المرأة التي جعلتني أفقد الوعي على الجبل، في ذلك اليوم، أليس كذلك؟"

لم ترد.

لم تتحرك حتى.

لكن كوراغامي تحرّك.

في رمشة عين، انطلقت يده مغلفة بهالة من الظلام، سرعتها لا تُرى بالعين المجردة، اتجهت مباشرة نحوها كأنها ستخترق قلبها...

لكن الرياح التفت فجأة حولها، واندمجت في عاصفة لولبية صادة، دافعة لهجومه بعيدًا.

كانت هي... الملقبة بالاعصار المُدمّر.

التي تشتهر بقدرتها على التحكم برياح تدور في دائرة قطرها مئات الأمتار، تُمزّق كل ما يقترب منها.

لكنها لم تدرك... أن الظلام لا يُوقف بالرياح.

ظهر كوراغامي خلفها في لحظة، كأنما شقّ المسافة بتمزيق البُعد ذاته، ووجه ضربة خاطفة إلى رقبتها من الخلف...

دوّى انفجار مظلم كتم صوته، وسقطت على ركبتها، تتنفس بصعوبة.

قال كوراغامي بصوتٍ بارد:

"أنتِ ضعيفة... جدًا، بالنسبة لشخص من الفئة SS."

سكن المكان، حتى الجنود الذين كانوا يحضرون المكافأة تجمّدوا في أماكنهم.

في اللحظة ذاتها التي كانت يد كوراغامي ستصل إلى رقبة تلك المرأة، تحرك زعيم الاتحاد...

بسرعة خارقة، أمسك بمعصمه، ليوقف الهجوم.

رغم ذلك، وقع الانفجار.

اهتزت قاعة الاجتماعات، تشققت جدرانها، وتهاوت أجزاء من السقف، بينما تساقطت بعض المصابيح من الأعلى.

أما المرأة التي تلقب بـ "زوبعة" أو "الإعصار"، فوقفت متصلبة في مكانها، تنظر إلى كوراغامي... لكنها لم تنظر إلى يده، بل إلى عينيه.

وهناك، خلف القناع، لم تر إنسانًا... بل هوّة لا قرار لها.

نظراته لم تضع اعتبارًا لزعيم الاتحاد... لم تخف حتى من رئيسي الاتحاد في كوكب فاريون...

بل كانت تلك النظرات كأنها صادرة عن كيان يقف فوق التصنيفات، كأنها تقول:

"أنتم جميعًا مجرد عوائق."

شعرت بقشعريرة تتسلل لعظامها، لا لأن حياتها كانت على وشك الانتهاء، بل لأنها أدركت أنه كان سينهيها دون تردد، دون أن يراها حتى كخصم يستحق القتال.

وفجأة، تحركت قدم كوراغامي.

غلفها بالظلام، وركل بها نحوها مجددًا، كأن تدخّل الزعيم لم يكن ذا معنى لديه.

لكن...

اصطدمت قدمه بقدم أخرى.

طاقة بيضاء نقية غلفت قدم زعيم الاتحاد، لتصد الظلام.

الاصطدام لم يكن بين أجساد، بل بين هيبتين.

القاعة كلها اهتزت، الهواء انضغط، والأبطال خلف الطاولة انكمشوا من الصدمة.

قال الزعيم أخيرًا بصوت هادئ، لكنه يحمل وزن عالم بأكمله:

"كفى... كوراغامي."

ابتسم ابتسامة باهتة خلف القناع وقال:

"أوه... أخيرًا تذكّرتني، أيها الرئيس."

سادت لحظة صمت مشحونة.

"كنت أظنك... نسيتني، بعدما أصدرت بنفسك قرار حبسي في زنزانة الجحيم الأبدي،"

قالها بنبرة مشبعة بالسخرية الباردة، كأنها طعنات بطيئة تخترق الكرامة.

نظرات الأبطال تحولت فورًا إلى الرئيس.

العديد منهم لم يكونوا يعرفون هذه الحقيقة. بعضهم ظن أنه مجرّد سجين خطر.

لكن الآن... تبين أنه كان قراراً شخصياً من رئيس الاتحاد.

كوراغامي أكمل، وهو يدير ظهره:

"لكن لا بأس... لم آتِ اليوم للحديث عن الماضي."

توقف لوهلة، ثم قال بنبرة حادة تقطع الهواء:

"أعطوني مكافأتي، وسأرحل."

تقدم الرجل ذو البدلة الصفراء المخصصة له، بنيّ الشعر وذو البنية القوية، وخاطب كوراغامي بنبرة ممتزجة بالاستنكار:

" كيف تجرؤ على طلب المكافئة بعد مافعلت بأحد أفراد الاتحاد، ثم تقاتل زعيمه بنفسك؟!"

لكن كوراغامي لم يرد، بل أطلق فجأةً ضغطًا هائلًا من الظلام اجتاح القاعة بأكملها، كأن دوامة لا قاع لها انفجرت في لحظة.

ولم يتأخر الرد. أطلق الأبطال المحيطون بالقاعة هالاتهم دفعة واحدة، واشتعل الجو بطاقة صاخبة، كل هالة تحمل توقيعًا فريدًا من القوة والتاريخ.

اهتز مقر الاتحاد كما لو أن زلزالًا ضربه… رجلٌ واحد، في مواجهة سربٍ من القوى الطاغية.

تقدّم كوراغامي خطوة للأمام، صوته بارد كالموت:

"أتظنونني أحمق؟ هذا مجرد رئيس مؤقت للاتحاد. أنتم تخفون ثلاثة من صنف الكارثة، بينما توهمون العالم أن أعلى تصنيف هو SSS…"

صُدم الحاضرون، وصرخ أحدهم:

"كيف عرفت ذلك؟!"

ابتسم كوراغامي ابتسامة ساخرة، لم تكن تعبر عن الفخر بل عن ازدراء:

"كيف لا أعلم؟"

وفي وسط هذه الفوضى… تنهد العجوز ذو اللحية البيضاء، الهادئ مشى ببطء نحو الطاوله.. وهمّ بالعودة إلى كرسيه بعدما كان قد نهض قليلاً.

رفع يده في الهواء بإشارة خفيفة.

وفجأة، سُحبت كل الهالات. ليس بأمر قسري، بل كأن الجميع فهم أن حضوره يريد الهدوء… حتى كوراغامي، وكأن جسده استجاب لتلك الإشارة، خف ضغطه تدريجيًا حتى تلاشى.

لم تكن سلطة… بل هيبة.

هيبة من عاش طويلاً بما يكفي ليفهم أن أقوى صرخة… هي التي لا تُقال.

جلس العجوز مجددًا بهدوء، وقال بصوت منخفض:

"لا تُفسدوا هذا المكان، لقد شُيّد من دماء كثيرة…"

2025/05/26 · 10 مشاهدة · 1027 كلمة
نادي الروايات - 2025