السلام عليكم .."

عيد اضحى مبارك عينا وعليكم وعيد علينا بالخير والعافية.."

بمناسبة عيد الاضحاء قررت ان انشر ثلاثيه اليوم.."

هذا الفصل الاول والثاني والثالث ..ساراجعهم اذا كانو يحتون. على اي اخطاء.."

وبس 🙃🙃🙃."

كانت المدينة من الفئة S تتلألأ بأضواءٍ لا تُعدّ ولا تُحصى، أضواء ساطعة تتناثر على الأرض كما لو أن السماء انحنت لتسكب نجومها على الإسفلت. كانت المدينة مشرقه بشكل يكاد يعمي الأبصار، وكأنها شُيّدت لتعلن عن نفسها كتحفةٍ من التقدم والترف.

ناطحات السحاب ارتفعت كأعمدة من الفولاذ والزجاج، تخترق السحاب وكأنها تحاول منافسة الجبال. انعكاس الأضواء من نوافذها الزجاجية كان حادًا ومبهرًا، يكفي لأن يُفقد أحدهم الرؤية للحظات. وبين تلك البنايات الشاهقة، انتصبت أبراج غريبة التصميم، بعضها يتخذ شكل حروف عملاقة، وبعضها الآخر ينحت أشكالًا تجريدية في السماء، كأنها فن معماري موجه للآلهة.

أما الشركات العملاقة، فقد بلغت عنان السماء، أبنية شاهقة تتجاوز الـ 900 متر، مزوّدة بأجهزة متطورة وطائرات خاصة تهبط على أسطحها. هذه الشركات لم تكن فقط رموزًا للثراء، بل كانت كيانات تسيطر على القرار، على العلم، وعلى الأرواح.

وعلى أطراف تلك المدينة المترفة، كانت القصور الضخمة تستقر بهدوء فوق أراضٍ خضراء. قصور خيالية كأنها انتُزعت من صفحات الأساطير، محاطة بأسوار بيضاء أنيقة تفصلها عن منازل عامة البشر. بلغ عدد هذه القصور ما بين 110 إلى 120 قصرًا، مصطفة بجانب بعضها البعض في تنسيق متقن، ومع ذلك كانت الفواصل بين كل قصر وآخر عميقة، تذكيرٌ صامت بأن حتى بين النخبة، هناك درجات. أمام كل قصر بوابة حديدية ضخمة يعلوها شعار العائلة المالكة، يحرسها رجلان تنبعث منهما هالات قوية تنتمي للفئة B، وكأنهما لا يحرسان القصر فقط، بل الطبقة ذاتها.

الشوارع المزدحمة التي تمتد بين ناطحات السحاب والقصور كانت مزخرفة بأنماط هندسية تنتمي لعصرٍ قادم، تجوبها سيارات تطير بهدوء فوق الأرض، تنساب كأنها طيور بلا أجنحة، تعكس أضواء المدينة على هياكلها المعدنية اللامعة.

لكن خلف هذه الواجهة البراقة، وخلف تلك القصور التي تُشعّ كما النجوم، ارتفع جدار عملاق. لم يكن جدارًا لحجب الأضواء ولا لحماية المصانع، رغم أن رائحة كريهة كانت تنبعث من خلفه... بل كان يفصل بين عالمين.

خلف ذلك الجدار، وُجدت الأحياء الفقيرة، التي تغطي 40% من مساحة هذا العالم الباذخ.

امتد الخراب هناك كما لو أن الأرض نفسها قد أعلنت استسلامها. منازل من قش وعيدان خشبية متهالكة، وبعضها من إسمنت قديم تشقّق كوجهٍ نُسي لأعوام. لا شرفات، لا أبواب حقيقية، فقط فتحات تفضح الفقر القاسي.

ثم، في هذا الخراب، حدث مشهد غريب ومؤلم في آنٍ واحد.

قوارض صغيرة – الجرذان – ركضت بأقصى سرعتها، تنسلّ بين الركام وكأنها تهرب من شبح. لكنها لم تهرب من قط، ولم تكن في طريقها إلى المجاري... بل كانت مطاردة.

خلفها، مجموعة من الفقراء يركضون بأجساد هزيلة، يصرخون ويلاحقون الجرذان كما لو أنها كنز. كانوا جياعًا لدرجة أن الفأر أصبح وجبةً ثمينة. التقط بعضهم العصي، وآخرون جثوا على الأرض محاولين القبض على أي شيء يتحرك.

اتّحدوا في جوعهم، في مأساتهم، صاروا كتلةً من اليأس تركض خلف أملٍ صغير بحجم فأر. ومع مرور الدقائق، بدأ البعض يسقط أرضًا من التعب. وجوههم شاحبة كالأموات، وتحت أعينهم ظهرت هالات سوداء عميقة، عيونهم كانت زجاجية، تكاد لا ترى سوى شيء واحد: الطعام.

لكن في هذا العالم... لا أحد يرحم.."

....

وفي أحد الأزقة الضيقة، تلك التي لا تدخلها الشمس إلا كزائر خجول، كان الفأر المنهك يرتجف عند زاوية جدار متهالك، خلف حاوية صدئة ينبعث منها عفن الزمن. عيناه تدوران بجنون، يلهث كأن صدره سيتهشم من الخوف، فيما خطوات الجياع تقترب.

خمسة أشخاص أحاطوا به، لا كلمات، لا صراخ، فقط أنفاسٌ متقطعة، وعيونٌ متوحشة. فتاة صغيرة لم تتجاوز العاشرة، بثياب ممزقة وركبتين داميتين، كانت أول من اندفع. لكنها لم تمسكه... بل تعثرت وسقطت على وجهها. لم ينتبه لها الآخرون، بل قفز شاب بعصاً مكسورة وهجم على الفأر.

ضربة واحدة. ثم أخرى. وصرخة خافتة من الفأر قبل أن يسكن جسده للأبد.

الشاب حمل الجثة الصغيرة بيدين مرتعشتين، ورفعها عاليًا كأنها غنيمة حرب، ثم قال بصوت أجش:

"هذا لي... وجدته أنا."

لكن لم يرد عليه أحد. لأنهم كلهم يعرفون أن القانون هنا بسيط: من يظفر، يأكل... ومن يتأخر، ينتظر الموت.

ومع ذلك، تقدّمت امرأة عجوز كانت قد تبعته بصمت. وقفت أمامه، ثم همست بصوت مخنوق:

"أرجوك... أعطني جزءًا... طفلي لم يأكل منذ يومين."

لم يرد. فقط نظر إلى الفأر، ثم إلى عيون المرأة المتوسّلة. لحظة صمت مرّت كسكين، قبل أن يقطّب جبينه ويصرخ:

"اذهبي! هذا ما بقي لي من اليوم... لا وقت للعاطفة!"

ثم ركض مبتعدًا، يحتضن جثّة الفأر كما لو أنها كنزه الوحيد.

أما المرأة، فوقفت في مكانها، لا تبكي، لا تتوسّل مجددًا. فقط سقطت على ركبتيها ببطء، كأن الأرض سحبت منها الحياة. همست لنفسها:

"حتى الجرذان... أصبحت أحلامًا."

لكن ذلك الشاب ادرك انه فقد عقله .. قام بارجاع يده للخلف ورمى الفأر الميت .."

وهكذا، تحت أضواء مدينة تتلألأ كالسحر، وفي ظلال ناطحات تسكنها النخبة، كانت المأساة على بعد جدار واحد فقط... مأساة لا تملك صوتًا، ولا أحد ينظر إليها.

لكنها كانت موجودة، تنبض جوعًا... وتنتظر أن ينكسر جدارٌ ما، حتى لو كان ذلك الجدار، هو الإنسان نفسه.

فوق الجدار العملاق، كان ، كورغامي يجلس باريحيه ..."

قدماه متدليتان في فراغٍ يفصل عالمين، وعباءته السوداء تتراقص مع الرياح، تتمايل بعنف كأنها تحاكي اضطراب ما بداخله. شعره الطويل الأسود يغطي جزءًا من وجهه، لكن عينيه بقيتا مركّزتين نحو الأسفل، نحو الحي الذي وُلد فيه... والذي دُفن فيه كل شيء.

نظره حادّة، هادئة، لا تحمل غضبًا ولا حنينًا... فقط صمتًا ثقيلاً كجدارٍ داخلي لم يُهدم بعد.

نظر إلى المشهد تحته، حيث ما زال البعض يتقاتل على جرذٍ ميت، وبينما كان الحزن يوشك أن يجد ثغرة في قلبه، سمع هديرًا مألوفًا يخترق السماء.

شاحنة طائرة ضخمة، بيضاء كالغيوم النقية، اقتربت من فوق الأحياء الفقيرة. لم تكن تنتمي لهذا المكان، كانت قطعة من عالم آخر… لكنها هبطت هنا، بين الركام.

همس كورغامي لنفسه: «هي مجددًا…»

فتَح باب الشاحنة الطائرة، وظهرت قدم بيضاء ناصعة، هادئة في نزولها، لا تليق بهذا الحي لكنها لم تتردّد.

ثم انسدل شعر أسود طويل يتمايل مع الرياح التي أحدثها المحرك، كأنها تحية لهذا العالم المنسي. كانت ترتدي فستانًا أبيض بخطوط خضراء، وقبعة بسيطة كبيرة تُخفي عينيها عن الأنظار… وعن أخيها أيضًا.

جميلة… ببساطة خادعة.

كورغامي لم يتحرك. ظل يراقب من فوق الجدار، يحدّق بها بصمت.

"منذ أن تركت هذا المكان وانتقلت للعيش في الأحياء النبيلة، وهي لا تتوقف عن العودة محمّلة بالطعام. كيف لا… وهنا يسكن جيرانها، أهلها… القدماء."

سنة واحدة فقط مرّت على انتقالها، لكنها لم تنسَ. بل صارت تزورهم باستمرار، بشاحنة غذائية عملاقة، محمّلة بأملٍ مؤقت.

كورغامي ابتلع غصةً. أراد أن يبتسم… لكنه لم يستطع.

عينيه ما تزالان لا تلتقيان بعينيها، القبعة تُخفي كل شيء… لكن ذكرياته كانت واضحة.

تذكّر كيف كانت تقفز عليه كل صباح، تصرخ وتدفعه ليستيقظ:

"انهض! سنـتأخر على الأكاديمية!"

كانت تؤمن به. حتى في الأيام التي تخلّى عنه الجميع، حتى عندما كان ضعيفًا حدّ الشفقة، حتى عندما كان يُضرب في الخفاء محاولًا أن يحصل على شيء من القوة... كانت تبتسم وتقول:

"أنت ستنجح، أنا أعلم."

لكن الحقيقة كانت أقسى من الطموح.

حين طُرد من الأكاديمية وسُجن في زنزانة الجحيم المظلم، لم يكن يأمل بشيء لنفسه… فقط أن تظل عائلته بخير، أن لا تسقط معهم لعنته.

والآن، يراها... صلبة، مشرقة، تحمل الطعام للفقراء، كأنها تمسح عنهم عار العالم.

نظر إليها مجددًا، وهي توزع بنفسها صناديق الطعام. لا خدم، لا تكبر… فقط قلبٌ لا يزال متعلقًا بجذوره.

وعلى الجدار، ظل كورغامي جالسًا، شعره وعباءته في صراع مع الرياح.

لم يكن كورغامي القديم. ذلك الفتى الذي كان يحلم، قد مات منذ زمن… منذ أن أدرك أنه ليس حتى لعنة، بل مجرد خطيئة عابرة كُتب لها أن تخسر كل شيء.

ومع ذلك… ها هي، أخته الصغيرة، لا تزال هنا.

تبلغ الخامسة عشر فقط، لكنها من الفئة S. موهبة مخيفة، قوة كامنة لو كانت تحت نظام آخر، ربما أصبحت واحدة من الأقوياء الخالدين.

لكن الفقر... الفقر حبسهم. لم يستطيعوا سوى إدخالها، معه، إلى أكاديمية من الفئة C.

كورغامي أغمض عينيه للحظة، تمتم بصوت خافت لم يسمعه أحد:

"حتى وأنتِ تتلألئين... ما زلتِ هناك، في الأسفل... تنقذين ما لم أستطع إنقاذه."

2025/06/05 · 9 مشاهدة · 1259 كلمة
نادي الروايات - 2025