عندما سمع كورغامي كلمات الوحش الاخيرة، لم يظهر عليه التأثر، لكن في داخل ذهنه كانت العاصفة قد بدأت.
"زوجته... وابنته.."
همس لنفسه، وعيناه البنفسجيتان تتوهجان بوميض خافت.
هل يمتلك باربروس نقاط ضعف؟ يبدو أن قلبه لم يتحرر بعد من ظلال الماضي..."
ظهر ظل ابتسامة باردة على وجهه، وكأن الظلام نفسه تآمر معه على هذا الاكتشاف.
"إن كان حقاً ما زال متعلقًا بهما... فسأصنع منهما سيفًا أطعنه به..."
ثم تمتم، وعقله يعمل بسرعة:
"لكن... لا أعرف شكلهما. لا أستطيع نسخ من لم أره..."
"أحتاج أحدًا يعرفهما... أحد من نفس العرق... نعم، هناك من هو أمامي الآن."
نقل بصره نحو الأسفل، حيث يدور القتال العنيف بين القائد البشري وذلك الوحش الذي كشف كل الأسرار.
"أنت يا من تفوّهت بالحقيقة... أنت ستُستخدم الآن."
شهق راجنار بصوت منخفض وهو يشعر أن كورغامي يفكر بشيء مظلم مجددًا، لكنه لم يتدخل.
كورغامي، بصوت خافت لم يسمعه أحد سوى راجنار :
"لمَ لا أتركهم يتقاتلون قليلاً؟ أُنهك القطع، ثم أُحرك اللوحة..."
في تلك اللحظة، أخرج كورغامي من عباءته قطعة حجر مظلمة، نقشت عليها دوامة من رموزٍ قديمة. همس فيها بكلمات بلغة منسية، وبدأ الظلام يتكثف حوله، وكأن شيئًا ما يُجهّز.
بعد اكمل ماكان يقوله.."
كان كورغامي ما يزال يحدّق في القتال بين القائد الذهبي والوحش، بينما يداه خلف ظهره، وحجر الظلام يطفو أمامه ببطء، يُحيط به هالة من الظلام المتوهج بلون البنفسج .
"هذا الحجر... أكثر من مجرد أداة، إنه امتدادٌ لإرادتي..."
همس لنفسه بينما يتلاعب بأفكار الخضوع والسيطرة والرؤية عبر عيون الآخرين.
وفجأة، تصادما مجددًا في السماء...
الوحش أطلق دفعة من الكرات المظلمة المشتعلة بالطاقة، كل واحدة بحجم منزل صغير، تقطع السماء مثل الشهب.
القائد الذهبي رفع درعه الخالص المشبع بالطاقة الذهبية ، تصدى للكرات بمهارة مذهلة. عند كل تصادم، كان يصدر دويٌ مرعب ووميضٌ يُعمى الأبصار.
لكن الضربات كانت عشوائية في ارتدادها…
بعضها ارتطم بالحاجز مسبّبًا شرارات متفجرة، وبعضها سقط فوق الحراس، مما جعلهم يتراجعون في فوضى.
إحدى تلك الكرات انعكست بسرعة رهيبة، وانطلقت كنيزكٍ أسود نحو كورغامي مباشرة.
صرخ راجنار وانطلق لصدها، لكن كورغامي رفع يده ببطء، ومنعه بصوت هادئ:
"تراجع."
لم يتردد راجنار، فقد رأى ذلك البريق في عيني سيده من قبل، البريق الذي يعني: "لا تتدخل، أنا أسيطر."
وفي لحظة خاطفة، رفع كورغامي إصبعه، والذي كان مغطى بهالة داكنة ملتفة كدوامة.
بوووووم!
بمجرد أن لامس إصبعه الكرة، انفجرت في الهواء، متلاشيةً كدخان رمادي داكن، دون أن تلمسه حتى.
هبّت ريح خفيفة بعنف، وتناثرت أوراق الأشجار التي تحته ، بينما وقف كورغامي ثابتًا في الهواء ، عباءته تتمايل، وعيناه تراقبان المعركة وكأن شيئًا لم يحدث.
قال راجنار، مندهشًا:
"هل كنت ستدعها تصيبك؟!"
فرد كورغامي بابتسامة باهتة:
"أردت فقط قياس مقدار الفوضى التي يستطيع هذا القائد خلقها... مثير للاهتمام..لكن لقد اخطأ بشيء..لقد قام بمحاربتي في داخل ملعبي .."
ثم نظر مجددًا نحو الوحش، وتمتم وهو يُمسك بحجر الظلام:
"سأجعل هذا الوحش عينيّ التي تراقب المستقبل من بعيد... وسلاحي الذي يمزق قلب سيده..."
..........
في مكان قريب من القتال… وقفت وحدة حماية الحاجز،فوق الجدار العملاق، التي تتكوَّن من نخبة الحراس ،التي مهمتهم الوحيدة هي ابقاء الحاجز قوياً..
لكن عندما تراهم من بعيد ترى ضعف وتقول..هل هذه قوة التربة SS...
كانو يغانون من صدّ تلك الكرات من الطاقة التي ترتد من درع قائدهم المشع.
كانت الضربات قوية جدًا…
"سحقًا، ما هذه الطاقة بالضبط؟!" صرخ أحد الحراس وهو يصد كرة كانت تقترب منه.
"لا أدري أيضًا… حتى لو استطعنا إيقافها، فإنها تنفجر في اللحظة نفسها!" صرخ حارس آخر، واقفًا خلف زميله.
لكن ما شدّ انتباههم هو شخصان في الهواء… أو لنقل بشكل أدق، شخص واحد وشيء طويل يقف خلفه.
"ما هذا؟ لا أذكر أنني رأيته من قبل…"
نظر الحراس بدهشة نحوه.
"هل تراه يقف في صفّ ذلك الوحش؟ أم أنه معنا؟" تساءلوا في أنفسهم، غير مدركين أن ذلك الشخص يخطط لشيء فظيع…
وبعد لحظة واحدة فقط من التفكير: ماذا يجب اتخاذه ضده؟!
ثم، دون سابق إنذار…
ارتدّت كرة عملاقة سوداء من على درع قائدهم.
انطلقت بسرعة كبيرة جدًا، طاقتها مختلفة تمامًا عن باقي الكرات السابقة.
تحرك ذلك الظل الذي خلفه، كأنه يحاول إيقافها… لكن…
ذلك الشخص رفع يده… كأنه يقول: "توقّف".
وعندما كانت الكرة على وشك الاصطدام به…
رفع إصبعه فقط، وتشكلت عليه هالة داكنة تشبه الدوامة…
ما تلا ذلك كان انفجارًا مدوّيًا:
بووووم!
وقف الحراس مذهولين ينظرون إليه… ارتسمت الصدمة على وجوههم مما رأوه.
"كيف يكون هذا ممكنًا؟!" تساءل أحدهم وهو يراقب عباءة ذلك الرجل، التي كانت تتحرك بعنف في الهواء.
"هذا الرجل… أهو ذلك الشخص الذي وقف أمام أبطال اتحاد عالم فاريون بمفرده؟! على ما أذكر… إذاً، من غير المرجح أن يكون في صفّ ذلك الوحش، ولكنه ليس في صفنا أيضًا…" تكلّم حارس ضخم الجثة، ذو بشرة بيضاء، بينما كان يحدق في كورغامي.
"ماذا؟! أهو نفس الشخص؟ لكن لماذا هو هنا؟ لا تقل لي إنه يريد دخول قارة الوحوش… هذا انتحار!"
"لا أعلم لماذا، لكن مجرد وقوفه هناك يهدد الحاجز… ويجعلنا نعتبره عدوًا."
"هيه، يا صاحب العباءة… أنا أتحدث إليك، هل تسمعني؟!"
كان الحراس يحاولون مناداة كورغامي، لكنه التفت إليهم… ومضت شرارة بنفسجية في عينيه.
"هممم… يبدو أن حشرات الأبطال قد اكتشفونا… رغم أن هذا سخيف. كيف يمكن لأبطال من الفئة SS ألّا يلاحظوا شخصين دخلا منطقة محظورة؟!"
"هذا مثير للشفقة…" بصق كورغامي وهو ينظر إليهم بازدراء.
"سيدي، يبدو أنك تقلّل من شأن قوتك… قوتك مرعبة لدرجة أنك لم تفتح حتى 1% منها، ومع ذلك، فإن الظلام يخفي حضورك تلقائيًا…" قال راجنار، بصوت هادئ كعادته.
"أنصح سيدي ألّا يستخف بالرتب العالية مثل SS… أنت لا تستطيع مجاراتهم حاليًا، إلا إذا فجّرت طاقة الظلام في داخلك لرفع قوتك مؤقتًا… وهذا قد يضر بجسدك الفاني."
"لكن، قد يكون هناك احتمال… إذا استطعت الوصول إلى النيزك قبل أن يسقط على القارة التي تحكمها الوحوش… وامتصصت الطاقة السلبية، الكراهية، الحقد، وكل المشاعر المظلمة التي جمعها منذ انفجاره… ربما يمكنك فتح 1% من قوتك."
"أيضًا، لو ذهبت إلى باربوس الآن… قد يقتلك بمجرد النظر، وذلك الوحش الذي يقاتله القائد البشري خير مثال… لقد رأيت قوته."
"رغم أنها لم تكن شيئًا مقارنة بالملك قديمًا… لكنه يستطيع قتلك الآن بكلمة فقط… أنت لم تعد ذلك الملك الذي تخشاه العوالم، بل مجرد شخص عادي الآن…"
كان كلام راجنار كالسهم في قلب كورغامي.
لم يتوقع من راجنار، الذي كان مخلصًا ومطيعًا، أن يتجرأ على قول شيء كهذا لملكه… لكن كورغامي رفع رأسه، واستطاع رؤية الغيوم على بعد أمتار فقط.
"كلامك صحيح يا راجنار… لذلك، الأربع سنوات التي سيستغرقها النيزك للوصول إلى هنا… سأقضيها في التدريب داخل قارة الوحوش. وفي اليوم الذي ينزل فيه النيزك… سيكون قتالي المصيري ضد زعيم الوحوش من الرتبة الكارثية… باربوس."
ارتفع ضغط كورغامي فجأة… شعر الوحش والقائد بتقلبات طاقته، لكنهم لم يعتبروه تهديدًا.
تغيرت نظرات كورغامي… إلى نظرات لا ترى في أحد سوى الاحتقار، كأنّه يكره كل من في هذا المكان.
"لكن، يا راجنار… ما رأيك أن تقتل جميع الحراس؟"
"الآن… اهتم بهم جميعًا، لا تُبقِ أحدًا منهم حيًا… فهم بلا فائدة بالنسبة لخُطتي."
كان ذلك الحجر الكريستالي يلمع بقوة أكبر من قبل… مما يعني أن طاقة كورغامي قد اكتملت.
تمتم كورغامي:
"هيه… أيها الوحش القبيح… استنزف طاقتك كما تشاء… سأريك كيف أن البشر أحيانًا أسوأ من الوحوش…"
"لا أعلم إن كنت ما زلت بشريًا أم لا…"
"لكن، أنا كورغامي… سأمحو الأبطال، وسأمحوا قارة الوحوش من التاريخ… وسأخرج إلى كوكب آخر… وسأفعل المستحيل… كي أقضي عليهم من هناك."
كان راجنار يراقب تعبيرات سيده… وفجأة، ظهرت في ذهنه ذكرى قديمة لملك الظلام… وهو يصنع نفس التعابير تلك.
كان راجنار يطير في الهواء ..وامامه كان ذلك الجدار العملاق
،وايضاً ذلك الحاجز الذي يطلق تذبذبات طاقة قويه..لذلك وصل راجنار بسرعة الى مكان احد الحراس .."
سحب سيفه من خلف ظهره… ولوّح به.
تشكلت موجة من الظلام نحو الحراس…
"انظروا! إن ذلك الظل يهاجم!"
"صدّوا الهجمة!!!"