انطلقت فوق الجدار العملاق موجة من الظلام، متجهة صوب أحد الحراس.

"صدوا الهجمة!!" صرخ منذرا بصوت عال لينبه بقية الحراس، لكن الأوان كان قد فات.

"بووووم!

دوى انفجار هائل فوق الجدار حين اصطدمت موجة الظلام بالحارس... فتطايرت أشلاؤه كقطع اللحم المفروم.

تحرك "راجنار" نحو الحراس الآخرين... لكن...

ظهرت مطرقة عملاقة ذات نقوش غريبة نحو "راجنار" من جهة اليمين... فانثنى بخطرة بزاوية خمسين درجة للخلف ليتجنبها. عبرت المطرقة العملاقة أمام عينيه اللتين تخزنان نقوشا بنفسجية... واصطدمت بالحاجز.

بووووم!

دوى انفجار بالحاجز، لكنه أصلح نفسه تلقائيا.

عادت المطرقة إلى يد شخص عملاق ظهر أمام "راجنار"، حاملا تلك المطرقة بعد أن رجعت إليه مرة أخرى.

"آه! إذن أنت تستطيع تجنب هجومي المفاجأ... لعلك تمتلك بعض الذكاء... لمجرد ظل!" تحدث باستكبار واضح.

أطلق "راجنار" ضغطا اكتسح هالة من السواد الدامس سطح الجدار العملاق حتى اصطدم بالحاجز... وأطلق العملاق ضغطه متجها نحو الحاجز أيضا...

كان الحاجز يئن تحت وطأة الضغط، ومعه ارتجت الجدران العملاقة حين تقدم "راجنار" بخطاه الثقيلة. أمامه وقف الحارس ذو الجسم العملاق، متراص العضلات كقلعة بشرية، لكنه لم يكن أكثر من عائق مؤقت أمام سيف "راجنار".**

بضربةٍ واحدةٍ... انفجرت أرضية الجدار تحت أقدامه، وفجأه جسد الحار العملاق،انقطع الى نصفين من عند راسة. لم تمر ثانيتان حتى سقط آخر الحراس صرعى، دون حتى أن يتمكنوا من الصراخ. أنهى "راجنار" الأمر... قبل أن يتمكنوا حتى من رد فعل!

في السماء ، كان كورغامي يراقب بصمت. في قلب الحفرة العميقة، وقف القائد ذو الدرع الذهبي يواجه الوحش الكاسر، ذي الجلد المكوّن من عظام سوداء تلمع كالفولاذ الليلي.

رفع القائد قبضته، مجمّعًا طاقته النقية إلى أقصى الحدود، يستعد لنسف خصمه بضربة ختامية. وفي المقابل، صرخ الوحش بصوت مخيف:

"أرني، أيها البشري... ماذا ستفعل؟"

ابتسم كورغامي، وعيناه البنفسجيتان تشتعلان أكثر.

"هاهي الفرصة..." همس، ناظرًا إلى الحجر الكرستالي الذي طفا أمامه.

ثم فجّر طاقته...

طاقة الظلام.

كان جسده لا يزال بشريًا، هشًّا أمام هذا النوع من القوة. لقد حذّره راجنار سابقًا من الوصول إلى هذه المرحلة... لكن لم يكن هناك مفر.

انفجرت طاقة من الرتبة SSS داخله، تفوق بها على الاثنين اللذين وصلا فقط إلى SS+.

"آغغغ!" صرخ، والدم يتدفق من أنفه، من أذنه، من عينيه حتى. لكن الشرارات البنفسجية كانت قد بدأت ترسم طريقًا من الرعب حوله.

اهتزّ الحاجز المجاور. تشقّق الجدار الحجري خلفه.

انتبه راجنار أخيرًا بعد أن أنهى الحراس، وحدّق في مصدر هذه القوة الهائلة.

فيما القائد والوحش... لم ينتبها بعد. كانوا في خضم تجميع هجمتهما الأخيرة، ظنّين أن كورغامي لا يستحق نظرة.

"كيكيكي... حان وقت موتك، أيها البشري!"

"سنرى من سيموت... يا كومة العظام."

اندفع الاثنان نحو بعضهما، تقنياتهما تغلي في الهواء، على وشك الانفجار.

لكنه كان ينتظر هذه اللحظة...

كورغامي تحرّك.

الزمن تلعثم. الأرض تنفّست فجأة. لم ترَ الأعين سوى شرارات أرجوانية قبل أن يظهر كورغامي... في المنتصف تمامًا.

"هاه؟!" صرخ الاثنان معًا.

لكن لم يكن هناك وقت لدهشة.

ابتسم كورغامي ابتسامة مختلّة... مجنونة... مرعبة.

"سأريكما ماذا يحدث عندما تستهزئان بمن هو أقوى منكما..."

ومع آخر نفس، أمسك بالحجر الكريستالي، ودفعه نحو جبهة الوحش.

"مـــااااذااااااااا؟!" صرخ الوحش، محاولًا التحرك... لكن يده كانت ممتلئة بالطاقة، لا وقت للتراجع!

ثم... أمسك كورغامي بيديهما معًا.

وانفجر كل شيء.

دوّى الانفجار في الأفق، وتردد صداه على بعد 1888 كيلومترًا.

السماء تحطّمت. الغيوم تلاشت. الأرض انقسمت.

كان الانفجار... أقوى من قنبلة نووية بألف مرة.

.....

سبب الانفجار في تشوّش الطقس... فقد كادت الشمس أن تغرب، لكن الغيوم انهمرت فجأةً، ومطرٌ باردٌ غسل آثار الدمار. كأنما الكون نفسه يسخر من ضعف البشر، حتى حين يكون الضحية أهون من أن يُستَهزَأ به.

وصلت قوة الصدمة إلى أطراف مدن الفئة B في عالم فاريون ...

وراء الانفجار... دخانٌ كثيف... ومن خلفه برزت ثلاثة ظلال...

الظل الأول... كان لرجلٍ طويلٍ يحمل درعاً ثقيلاً... يشعّ بضوءٍ ذهبيّ... وشاحه ممزقٌ من وطأة الانفجار...

الظل الثاني... كان لوحشٍ هائلٍ، جلده من عظامٍ سوداء صلبة... يبدو منهكاً، كأنّ قوةً ما استنزفته من الداخل...

أما الظل الثالث... فكان لرجلٍ يرتدي عباءةً سوداء ممزقة... شعره الطويل يتمايل مع الرياح العاتية الناجمة عن الاصطدام... وجهه شاحبٌ كالقمر الميت، وعيناه وأذناه تنزفان دماً أسود... دليلٌ على أنه استخدم قوةً تفوق طاقة جسده الهش...

وقف كورغامي ممسكاً بيد القائد ويد الوحش في آنٍ واحد... مشهدٌ مهيبٌ يقطر قسوةً. وفي نفس اللحظة، كان يستنزف طاقتهما الحيوية...

"كيف... كيف تجرؤ على صدّ طاقتي... أيها البشر الحقير؟!" همس الوحش بصوتٍ مبحوحٍ، لم يعد لديه القوة حتى للصراخ.

قبل أن يتمكن من استكمال كلامه... قبض كورغامي على حجرٍ كريستاليّ أسود مره اخرى وضربه بعنفٍ في جبين الوحش! انطلق عواءٌ مفزعٌ من فم المسخ، ألمٌ لا يُحتمل يشقّ جسده.

ترك كورغامي يده عن الوحش ،وتوقف عن استنزاف طاقتة ..واستمر باستنزاف قوة ذلك القائد.."

نظر القائد إلى المشهد المروّع، ورجفت شفتاه: "كيف... كيف لإنسانٍ أن يفعل هذا؟! هذا ليس بشراً... بل شيطانٌ يتخفى في صورة إنسان!"

سمعه كورغامي، فالتفت إليه بابتسامةٍ باردة: "شيطان؟! بل أنتم أيها الأبطال جعلتموني أضحوكة الكون! كلمة 'شيطان' مجرد مدحٍ لتفاهة أخلاقكم..."

"ما الذي تعنيه؟!"

"أتعرف الحقيقة... عندما سجنتموني في زنزانة الجحيم؟! ذلك العجوز... كان يعذبني كل يوم... لماذا؟! فقط لأنني دافعت عن نفسي ضد 'بطل' من الفئة B! أرادني أن أركع لتلاميذٍ نبلاءٍ أغبياء لينال رضاهم... لكن قوتي اندفعت كالسيل، وأصابت ذلك البطل في مقتل..."

فقدت الوعي... وعندما استيقظت، كنت ملقىً خلف أبواب الأكاديمية... المطر يغسل جسدي المكسور، والألم ينهشني... ولم يمدّ لي أحدٌ يد العون. ثم سُجنت مرة أخرى... وحين تحررت بعد عامٍ كامل، وجدتهم قد دمّروا كل ما تبقى مني..." هل تسمي هذا عدالة؟!"

"لا أعلم عمّ تتحدث! أنا هنا منذ عشر سنوات، لم أغادر هذا المكان لحظة! حتى عندما... حتى عندما ماتت زوجتي وابني قبل أسبوع... أثناء تدمير زعماء التنظيم الأربعة لمدينتهم من الفئة S... لم أستطع حتى حضور جنازتهم!" انحنى القائد تحت ثقل الذكرى، صوته يختنق: "كنت هنا... أحمي الحاجز من وحوش القارة الاخرى كي لا تجتاح قارتكم البشرية... لم أكن أعلم..."

"فاغتنم الفرصة الآن!" اندفع القائد فجأةً، متجاهلاً الألم: "بينما الوحش يتألم، اهجم! أقتله قبل فوات الأوان!"

انفجر كورغامي بضحكٍ مجنونٍ، الطاقة المسلوبة من الرجلين تتدفق إليه فتعيد بناء جسده المحطم: "تريدني أن ألعب دور البطل؟! بعد أن حطمتم حياتي؟!"

"لا أريدك أن تكون بطلاً! فقط... كن إنساناً ينقذ البشرية من الفناء! بسرعة، قبل أن يفيق الوحش ويستدعي المزيد من الوحوش الاخرى..عبر الثغر في الحاجز!" توسّل القائد، دماؤه تختلط بماء المطر: "لا تقلق، سأخبر الحراس أنك لست تهديداً... بل سيساعدونك على العبور إلى قارة الوحوش إن أردت! فقط... ساعدنا الآن!"

"آسفٌ أيها البطل العزيز..." هزّ كورغامي رأسه ببطء، عيناه تتوهجان بنارٍ كامنة: "لكن هذا الوحش... أصبح خادمي الآن. ذلك الحجر الذي غرسته في رأسه... أكثر تعقيداً مما تتصور."

"ماذا؟!"

فجأة، توقف الوحش عن العواء... وبدأ يسير بخطواتٍ ثقيلةٍ نحو كورغامي. القائد، الذي بالكاد تقله رجلاه، حاول المقاومة، لكنّ يد كورغامي كانت كالكلبَتين، تستنزف آخر قوته. وصل الوحش إلى كورغامي... ثم انحنى كالكلب المطيع!

صُدم القائد حتى الثمالة. لكنّ دهشته لم تدم.

"وأيضاً..." همس كورغامي بصوتٍ خبيثٍ كالأفعى: "...أيها الحراس؟ لم يعد أيٌ منهم حياً ليسمعك."

رفع القائد رأسه نحو السماء، حيث الحاجز الواقي فوق السور العملاق...

ورأى ظلاً طويلاً قاتماً يقف هناك، سيفٌ من ظلامٍ صافٍ في يده... ملطخاً بالدماء التي لا تزال تقطر. وخلفه... جثث حراس الحاجز مبعثرة، كانو الذين حموا البشرية لسنين، مُمزقين بفظاعة. حتى الحارس الضخم، جسده المتكور بالعضلات... كان مشطوراً إلى نصفين، من قمة جمجمته حتى أخمص قدميه!

اتسعت عينا القائد كصحون... صدره انكمش، ثم انفجر صرخةً تمزق صمت المطر:

"لااااااا! ماذا فـعـلـت؟!!!"

2025/06/08 · 7 مشاهدة · 1160 كلمة
نادي الروايات - 2025