استمر جسد كورغامي في السقوط، كان ارتفاع الحاجز 3000، لذلك سيتغرق وقتًا حتى يصل إلى الأرض. كان كل جسده يؤلمه جدًا، ولكن الجرح الذي في صدره كان أكثر إيلامًا.
لكنه لم يشتكِ، لأن هذا الألم ليس شيئًا مما مرّ به.
فقد كانت كل تلك مسرحية حتى يستطيع كسر الحاجز والانتقال إلى قارة الوحوش.
وبينما هو ما زال يسقط في الأسفل، فتح عينه البنفسجية المتعبة، وأيضًا فتح فمه وقال:
"راجنار، أخرج."
"أمرك سيدي." ردّ ردًا خالٍ من المشاعر.
فجأة، خرج من جسده كومة من الظلال وبدأت تتشكل حتى صارت بطول متر ونصف، وتكوّن جسد من الظلال.
كان لديه سيفٌ في ظهره في غمدٍ أسود، وعيناه كانتا تتكوّنان من نقوش بنفسجية، وحولهما ظلام دامس، لا أثر للحياة فيه.
أمسك راجنار بعباءة كورغامي من الخلف بينما كان يطير في الهواء.
لاحظ راجنار أن عباءة كورغامي ممزقة من القتالات التي خاضها قبل دقائق، ولكن راجنار لم يهتم بالملابس، بل اهتم بملكه فقط.
نظر راجنار نحو وجه سيده، الذي كان مصابًا بالخدوش، ولاحظ أنه يتنفس بصعوبة.
وبدأت عيناه البنفسجيتان، ذات الحلقات السوداء الصغيرة، في فقدان أثر الحياة بينهما.
وفي تلك اللحظة، انطلق راجنار للأسفل بسرعة كبيرة، بينما كان يمسك بكورغامي.
أما كورغامي، فقد ومضت ذكريات بسرعة من خلال رأسه، كانت الذكريات لما حدث له قبل سنة من الآن.
نعم… ذكريات عندما كان يتعذّب في تلك الزنزانة من قِبَل ذلك الحارس العجوز.
كان ذلك العجوز دائمًا، عندما يمشي في ممر الزنزانات أسفل الجبل، يقوم بركل باب الزنزانة بقوة، وإذا لم يجب كورغامي، كان يدخل ويعذّبه أشد أنواع التعذيب الذي قد تتخيله يومًا، تحت اسم: "أنت من أطلقت تلك الطاقة المظلمة."
كان اسمه سايكلوب المجنون.
كان يُجري التجارب على كورغامي يوميًا، حيث كان يجلب حراشف بطول 30 سنتيمتر، ويدخلها في أذن كورغامي كي يعرف ذكرياته… وكان يفشل.
كان كورغامي يشعر بشعورٍ مريع، ويصرخ من الألم.
لم يخبر كورغامي بعد أي أحد مما حصل له هناك، فمن سيُصغي له؟ والكل قد نبذه. في هذه الحياة أو هذا العالم، معروف أن القوي يأكل الضعيف.
ولكن راجنار كان موجوداً معه في تلك الأيام في زنزانة الجحيم، لكنه لم يتدخل لأن سيده رفض.
ولكن كورغامي، في ذلك اليوم، أقسم أنه سيقتل كل الأبطال الذين ألقوه في زنزانة الجحيم، وجعلوه يتعذب من قبل ذلك العجوز. لم يكن يستطيع استخدام قوته، وأيضاً كان مكبلاً بسلاسل حديدية، وكان فقط يُلقى له قطعة خبز متعفنة، لذلك كان جسده ضعيفاً لكي يقاوم، ولم يكن يريد أن يطلب من راجنار شيئاً.
نظر راجنار للأسفل، ورأى ضباباً كثيفاً، ولكن في داخله عشرات الآلاف، أو حتى الملايين من الهالات المختلفة.
"غرررررراة..."
عندما اقترب راجنار من الضباب، سمع صرخة قوية تأتي من الجانب الأيمن.
ضاقت عيناه قليلاً قبل أن يهبط على الأرض بسرعة مذهلة وهو يحمل سيده. التفت إلى يمينه ويساره.
وقد أدرك أنهم في خطر، لأنهم داخل قارة الوحوش، لذلك يحتاج للعثور على مكان آمن ليعالج سيده.
ولكن في تلك اللحظة، تحرك فك هائل من بين الضباب، محاولاً أن يعض راجنار.
ولكن راجنار، بحركة مذهلة، التفت للجانب ورمى بجسد سيده إلى الأعلى، بينما أخرج سيفه من غمده وتصدى لذلك الهجوم الغادر.
"صليل..."
اصطدم سيفه بأنياب ذلك الوحش العملاق بين الضباب، حتى أرجعه عشرة أمتار للخلف.
ولكن ذلك الوحش لم ينتظر، بل حرّك ذيله العملاق من الجهة اليسرى، محاولاً أن يشتّته بهجوم آخر من الجهة اليمنى.
أدرك راجنار أن هذا فخ، لذلك تسلّق ذيل الوحش بسرعة وقفز عالياً، أمسك بجسد كورغامي، بينما شحن طاقته في سيفه ووجّه ضربته نحو رأس الوحش .
ولكن الوحش غلّف رأسه بطاقة حمراء قوية، وتصدّى لهجوم راجنار.
وبسبب ذلك، قُذف كورغامي وراجنار في الهواء.
ولكن راجنار لم يستسلم، بل أمسك بسيفه مرة أخرى، ولكن هذه المرة أطلق ضغطاً قاتلاً.
"المستوى الأول، من قانون الحاكم المظلم، قاطع الأبعاد..." صرخ راجنار، بينما خرجت من تلويحة سيفه طاقة قوية جداً.
تحركت الرياح بعنف من تلك الطاقة القوية، مما تسبب في انقشاع الضباب مؤقتاً، وظهور جسد ذلك الوحش العملاق.
كان وحشاً ذا جمجمة رأس ضخمة، ولديه أسنان حادة وطويلة، وكانت عيناه حمراوين بالكامل.
كان الباقي من جسده ذيلاً طويلاً مثل الأفعى، ولكن كان يوجد عليه أشواك حديدية مدببة.
وكان جلده أقسى من الفولاذ كذلك.
فجأة، فتح فمه العملاق، وبدأت طاقة في التجمع، وأطلقها نحو هجوم راجنار.
اكتسح السماء هجومٌ، أحدهما يتكون من الطاقة المظلمة التي تبتلع كل شيء أمامها، والآخر كان هجوماً بطاقة وحشية ودموية، حيث كل شيء وقف في طريقه تدمر.
بوووووووم!
دوّى اصطدام عنيف في المنطقة بسبب الهجومين.
هبط راجنار وهو يحمل كورغامي بيد، واليد الأخرى كان يمسك بها سيفاً يشع بالظلام، وخلفه كان الوحش ينظر إليه بنظرات قاتلة.
ولكن راجنار تجاهله وبدأ في المشي بهدوء بين الضباب.
كان الوحش سوف يهجم عليه، ولكن تكلّم راجنار بينما أدخل سيفه في غمده:
"فلتَمُت أيها المسخ... هل تظن أن مجرد هجوم ضعيف مثل هجومك سيوقف القانون الأول من الحاكم المظلم؟"
فجأة، انشق جسد الوحش العملاق إلى نصفين، وتدفقت دماؤه الزرقاء على الأرض، قبل أن تتناثر أحشاؤه بطريقة وحشية.
وبسبب ذلك الانفجار، شعرت الوحوش بأن هناك شيئًا ما، لذلك تحركت نحو ذلك الموقع.
ولكن لم يكن راجنار غبيًا، بل بدلًا من أن يستمر في المشي، ركض بأقصى سرعته للخروج من هذا الضباب.
وبينما كان يركض، رأى وحشًا بحجم إنسان يطير نحوه، ولكن راجنار لكمه وقذف به إلى الجانب بسرعة.
استمرت أعداد الوحوش بالتزايد خلفه ومن أمامه.
فكر راجنار: لماذا تتبعه هذه الوحوش، مع أنه ليس إنسانًا؟
ولكن عندما نظر إلى جسد سيده، ورأى أن جسده يقطر بالدماء، حرّك يده، وبدأت طاقة من الظلام تتشكل فيها، ثم غرزها في جسد كورغامي، لا من أجل أن يوقف النزيف أو يعالج جروحه.
بل لأنه تذكر أن سيده امتص بعض الطاقة من وحش العظام سابقًا، وبقيت تلك الطاقة في صراع بينها وبين طاقة الظلام وطاقة ذلك القائد.
ولذلك، كل ما يحتاجه هو تحفيزها، لكي تثور في جسد كورغامي وتسيطر على الطاقات الأخرى.
ومن شأن هذا أن يجعل الوحوش تتوقف عن ملاحقتهم إذا علمت أنه مجرد وحش.
وفعلاً، بدأت الطاقة الخاصة بالوحش في الخروج من جسد كورغامي، وبدأت تغلّف جسده.
وعندما شعرت الوحوش أن ذلك مجرد وحش جريح، توقّفوا عن مطاردته أخيرًا.
ولكن راجنار لم يتوقف، بل استمر في الركض.
هو لا يعلم إلى متى يمكن لتلك القوة أن تستمر في تغليف جسد كورغامي... ومن ثم تنفذ ."
وبعد بضع دقائق الركض ، استطاع رؤية نهاية الضباب الكثيف.
كان هناك شيء غريب في هذا الضباب، فقد كان مختلفًا؛ حيث إنه كان يُضعف الحواس، ولولا أن راجنار كان يستخدم طاقة ليست من هذا العالم، لما استطاع الخروج منه.
لكن حدسه أخبره أن هناك شيئًا في نهاية الضباب أسوأ من تلك الوحوش التي قاتلها حتى الآن، بمجرد أن وضع قدميه في قارة الوحوش.
لذلك، نظر إلى الأعلى، ورأى جبلًا عملاقًا تحيطه كروم متناثرة، وكان في أسفله كهف ضخم.
وكانت جوانب الكهف اليمنى واليسرى مغطاة بالضباب، وبسبب ذلك زادت شكوكه.
وشعر أن هناك شيئًا مريبًا حقًا.
"غراه..ه"
عندما نظر إلى اليمين، رأى وحشًا بحجم منزل يهرب من أمام الكهف وهو يلهث، وكأنه رأى شيئًا أقبح منه، أو أقوى وأبشع.
دقّق بعينيه ذات النقوش البنفسجية في حالة ذلك الوحش الذي كان يركض، وركض وراءه بسرعة.
كان بحاجة لشيء... كفأر تجارب، ليرى ماذا هناك.
وبسرعة خاطفة، لحق بالوحش من الخلف، وأمسك بذيله القصير بيدٍ واحدة، وضخ قوته قبل أن يستدير ويرميه بقوة نحو ذلك الكهف المريب.
وفي تلك اللحظة التي وصل بها ذلك الوحش إلى داخل الكهف، انقشع الضباب وظهرت أنياب بطول ثلاثة أمتار بسرعة من الأرض، وقامت باختراق جسد ذلك الوحش بطريقة وحشية.
"غاغغه..."
أطلق الوحش صرخة ألم يائسة، ولكن كان الأوان قد فات، حيث ظهرت أنياب أكبر في سقف ذلك الكهف، قبل أن يُغلق وفي داخله ذلك الوحش.
تسرّبت الدماء الزرقاء من داخل ذلك الكهف، وخرجت إحدى أقدام ذلك الوحش، وتدحرجت إلى أمام راجنار، وتوقّفت على بُعد مسافة قريبة منه، حوالي خمسة أمتار.
ولكن في تلك اللحظة، فُتحت فتحة صغيرة من الكهف المغلق، وخرج منها لسان لزج ومقرف، كانت على سطحه بقع من الدماء الزرقاء الخاصة بذلك الوحش.
كان ذلك اللسان سريعًا جدًا؛ أمسك بالقدم المبتورة وسحبها إلى الداخل، قبل أن تُغلق تلك الفتحة مرة أخرى.