اشتدت الأمطار في المدينة C، حتى أن التوقعات بدأت تشير إلى احتمال وقوع فيضان...
كان بعض الناس يسيرون بهدوء تحت مظلاتهم، بينما انشغل بعض التجار في تغطية بضائعهم، يحاولون جاهدين حمايتها من المطر المتساقط بلا رحمة. الجميع كان مشغولًا بشيء ما... لكن في زاوية منسية من هذا المشهد الرمادي...
خارج سور الأكاديمية، عند الدرج الحجري، كان هناك شخص... أو لنقل، طفل لا يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ملقى على الرصيف دون حراك. مرّ الناس بجانبه، نظروا نحوه للحظة، ثم سرعان ما صرفوا أبصارهم عنه وأكملوا طريقهم.
لم يقترب أحد، لم يحاول أحد أن يمد له يد العون. تجاهلوه كما لو كان حجرًا مهملًا على الطريق، قابلاً للإزالة في أي وقت.
وازداد المطر شدة، وكأن السماء ذاتها حزينة عليه.
خرجت كلمات من فمه.."
"أوغغغ... جسدي يؤلمني بشدة... ذلك البطل من الرتبة B سحقني بضغطه لدرجة شعرت فيها أنني أحمل فيلًا على ظهري..." همس بذلك لنفسه بصوت مرتجف.
لكن... "من كان ذلك الجندي؟ الذي ظهر فجأة وأطلق ضغطًا ساحقًا عليهم جميعًا؟"
والاكثر من ذلك قال ان اسمه .."راجنار"، لماذا كيان بهاذه القوه يدعوني باسيد؟!..."
لا يهم..."
رفع جسده المتعب بصعوبة، ثم استدار ببطء، موجهًا عينيه نحو السماء الماطرة. في عقله... ظهرت ابتسامة أخته "أميشيا". "أتمنى أن تكوني بخير... لا يهمني أحد سواك، أنتِ وعائلتي فقط."
ثم التفت نحو بوابة الأكاديمية المغلقة بإحكام. زفر تنهيدة ثقيلة من صدره... "هاه... يبدو أنني طُردت... هاهاها."
لم يكن في صوته حزن... بل شيء آخر... برودة قاتلة... وهدوء غريب.
"لست حزينًا... في الحقيقة، أصبحت ضحكتي أكثر جليدًا."
نهض على قدميه، متماسكًا رغم الألم، وسار بصمت نحو التل القريب... ذلك الجبل الذي شهد أول همسة من الظلام... حيث بدأت رحلته، وحيث سيولد شيء جديد...
وصل ...إلى قمة الجبل أخيرًا.
الريح هناك كانت أشرس، كأنها تحاول دفعه إلى السقوط، والمطر انهمر كمسامير باردة تضرب جلده. لكنه لم يهتم. جلس على صخرةٍ يعرفها جيدًا، تلك التي كان يتدرب بجوارها حين كان ضعيفًا، وحين كان يؤمن بأنه قادر على التغير.
لكن اليوم... لم يكن مثل أي يوم.
أغمض عينيه... وكل شيء من حوله صمت.
وفجأة...
"خمس سنوات فقط..."
انفتح قلبه على صوتٍ غريب... همسة مبحوحة، لا تشبه أي صوت بشري.
فتح عينيه بسرعة، وحدق حوله... لم يكن هناك أحد. لكن الصوت عاد.
"خمس سنوات فقط... على سقوط النيزك."
تسارعت أنفاسه.
"من... من هناك؟!" صرخ وسط الريح.
لكن الجواب لم يأتِ بكلماتٍ واضحة... بل بنبضٍ في الأرض، كأن الجبل نفسه يتنفس تحته.
"عند سقوطه... سيُكسر الختم... وعند انفتاح البوابة... سيولد اول ملك الظلام في العوالم ..."
شعر بالقشعريرة تزحف على عموده الفقري. وضع يده على صدره، حيث دق قلبه بقوة غير طبيعية.
"من تتحدث عنه؟ من هو ملك الظلام؟!"
ثم جاءه الرد، أكثر رقة، وأقرب إلى أذنه من أي صوت سمعه من قبل:
"أنت..."
انكمش جسده للحظة، ثم ساد الصمت مرة أخرى.
لم يعرف إن كان يحلم... أم أن الجبل أخيرًا قرر أن يهمس له بما خفي عن البشر.
لكن شيئًا واحدًا كان مؤكدًا: لم يكن وحده في هذا الجبل. والعالم الذي يعرفه... لن يبقى كما هو بعد سنوات قليله"
ثم سمع همسات أخرى... أعمق هذه المرة... كأنها تخرج من تحت طبقات الصخور، من قلب الأرض ذاته.
"سيدي... عليك أن تستيقظ..."
"لقد سئمنا من حكم الملوك الاثني عشر..."
ارتجف جسده... لم تكن تلك مجرد كلمات، بل أحاسيس تُغرز في روحه كالإبر.
"ماذا؟... من... من سيدي؟ ومن هم هؤلاء الملوك الذين تتحدث عنهم؟!" سأل بصوت مرتجف، وكأن قلبه يحاول أن يسبق شفتيه في الفهم.
لكن الرد لم يكن مباشرًا.
بل جاء صوت ثالث، أكثر هيبة... لا همسة ولا صراخ... بل كأنه وُلد من عمق الظلام نفسه:
"لقد نام الظلام في سماء العوالم ، وعمى النور عيون العوالم كذلك. اثنا عشر ملكًا أقاموا عرشهم فوق قوانين الاكوان..،برفقة الحكام الذين يتحكون بالملوك ..,
لكن... دماء الخطيئة تجري في عروقك... أنت لست مثلهم..."
توقف المطر للحظة...
الهدوء صار أثقل من أي صخب.
"أنت... ملك الخطيئة العظمى... الختم لم يصمد كثيرًا... وحين يسقط النيزك ... سيحين وقت العودة."
أراد أن يصرخ... أن ينكر...
لكنه لم يستطع.
شعر بشيء يتحرك داخله... طاقة سوداء، قديمة، تتقلب بهدوء كما لو أنها تستعد للاستيقاظ.
"أنا...؟ لست سوى فتى طُرد من الأكاديمية... ما علاقتي بهذا؟!"
لكن الصخور من حوله تلامست فجأة، مكونة نقشًا غريبًا يتوهج بلون أحمر قاتم. وظهر رمز دائري أمامه، نقش قديم يحمل وجوهًا مشوهة لملوك، تتقاطع بخط واحد يشقها.
"ستتذكر كل شيء... حين تسقط أول شظية من النيزك. لكن حتى ذلك الحين... راقب... تعلّم... ولا تثق بأحد."
سقط المطر من جديد، لكن شيئًا ما تغير...
لقد بدأت روحه تصحو. وبداخله... راوده شيء غريب ثم قال.."
"هل تقصد أن هناك عوالم أخرى...؟"
صمت الجبل كان أثقل من أي كلمة نطق بها.
فجأة، تردد صوت عميق من الظلال خلفه:
"نعم... وهناك أكثر من ذلك بكثير."
التفت ببطء، ليجد أمامه راجنار، جندي الظلام، يقف بهدوء كأنه جزء من العاصفة نفسها، كان يحمل سيف يشع بطاقة سوداء مظلمه بشكل لايصدق.."
سيدي يمكن انك تحتاج الى انعاش ،في ذاكرتك"
تقدم بضع خطوات .. نحو كورغامي ببطء، مد راجنار يده نحو جبينه، ولمسها ببرودة لا تصدق.
في لحظة، تبددت كل المشاهد حوله...
وجد نفسه يقف في فراغ مظلم لا نهاية له.
وببطء بدأ يرى صورًا تتكشف أمامه.
ظهر هو نفسه... لكن ليس ذلك الفتى المتعب.
كان يرتدي عباءة سوداء فخمة، محاطة بهالة مظلمة قوية تتأرجح كأنها نار ظلامية لا تنطفئ.
تلك الهالة كانت تهب الرياح من حوله، تحطم الصخور، وتطرد حتى الضوء من الفضاء المحيط.
وقف أمامه راجنار، لكن هذه المرة لم يكن مجرد جندي عادي.
كان راجنار راكعًا بلا حراك، يحيط به الصمت الكامل، وكأن الزمن قد توقف في حضوره.
لم يتحرك، لم ينبس ببنت شفة، فقط ركبته على الأرض وعينيه مسمرتان على سيده.
نظر إلى يده، حيث كانت قوة الظلام تنبثق منه كتيار لا يُقاوم.
"هذا هو أنت... في زمنٍ مضى."
همس راجنار في أذنه بصوتٍ خافت:
"لم تكن مجرد فتى طردوه، بل كنت سيد الظلام، مدمر العوالم، قائد الجيوش المظلمه التي لا تعرف الرحمة."
تسارعت دقات قلبه، وبدأت المشاهد تتوالى...
مدن تسقط تحت قدميه، أبطال عظام يسقطون خاشعين أمام قوته، عوالم بأكملها تُبتلع في الظلام الذي يتحكم به
ازدادت الظلام حوله حتى ،فقد السيطره عليها وغلف الظلام كل ذلك العالم..."
توقف المشهد فجأة، وعاد المطر، وعاد الجبل، لكنه لم يكن نفس الفتى المتعب.
ظل كورغامي مشوشاً،بينما هو مازل يجلس على تلك الصخره"
همس راجنار بقوة في أذنه:
"لقد كنت مدمر العوالم الخطيئة... ملك الظلام أركان..."
ابتسم ابتسامة مريرة وقال بصوت خافت:
"ألكن... أليس اسمي كورغامي...؟"
ضحك راجنار بسخرية باردة:
"هاهاها... كورغامي؟ مجرد اسم عابر في كل عالم. كانوا يسموك أسماء كثيرة... لكن اللقب كان مشتركًا في كل العوالم: ملك الظلام."
سيدي انصحك بالابتعاد من هنا حالاً!، لانك ستواجه اشخاص من منظمة الابطال قوتهم تفوق الرتبة (SS)..."
هاه" تنهد كورغامي وحدق غي راجنار بهدوء واكمل.."
"منظمة الأبطال... قوى تفوق الرتبة SS؟" تمتم بصوت منخفض، "لماذا هم هنا؟ ولماذا أجد نفسي محاصرًا بين ذكرياتي وواقعٍ أكثر ظلمة؟"
رفع رأسه، وأخذ نفسًا عميقًا من الهواء الممزوج بالرطوبة الباردة، ثم قال بهدوء مهيب:
"رجنار، أخبرني... ما الذي أريده حقًا؟ ما الذي سيحدث إذا لم أستيقظ بالكامل؟"
نظر إليه راجنار بثبات، وهو يرد بصوت خافت لكنه واضح:
"سيدي، إن لم تستيقظ، ستسقط العوالم كما سقطت من قبل تحت قدميك... ولكن هذه المرة، لن تكون وحدك. هناك من ينتظر الفرصة لاقتلاع جذور الظلام الذي تحمل، ليس لهدف العدالة، بل لفرض إرادته الخاصة. أما أنت، فلديك فرصة واحدة فقط... أن تتحكم في قواك، أو أن تُدمر."
جلس كورغامي بهدوء، متأملاً تلك الكلمات الثقيلة. ثم أغمض عينيه وبدأ يغوص في أعماق روحه، يستعيد ذكرياته، قوة كان يجهلها، ومصير مكتوب منذ زمن بعيد.
المطر استمر يتساقط بلا هوادة، كأنه يشارك الأرض في بكاءٍ خفي على ما هو آت.
فجأة، انفجرت البرق في السماء، وأضاء الجبل بضوءٍ أبيض نقي، كأنه يعلن عن بداية عهد جديد.
لا لن اهرب .." قال تلك الكلمات ببرود شديد.."
تابع كورغامي في التحديق في راجنار، عينيه تلمعان بالغموض والبرود.
قال راجنار بصوت منخفض وحزين: "سيدي... لا أستطيع إنقاذك. ليس لأنني لست قويًا... بل لأن القوة التي تحتاجها... ليست بيدي."
فقوتي لم تعد الى الان"
اقترب راجنار أكثر، ووضع يده على صدر كورغامي، حيث ينبض قلبه.
فجأة، شعر كورغامي بشيء غريب يتسلل إلى داخله، كأن روحًا أو قوة غامضة تندمج في كيانه، تملأه بطاقة مظلمة لا تُوصف.
تلاشى راجنار أمام عينيه تدريجيًا، حتى اختفى تمامًا داخل جسده.
لكن كورغامي ظل جالسًا هناك، على الصخرة المبللة بالمطر، بلا حركة، بلا كلمة.
المطر استمر ينهمر بقوة، والريح تعصف حوله، لكنه لم يتحرك.
كان كمن غارق في نفسه، محتجزًا بين الماضي والحاضر، بين الظلام والضوء.
سالعب مع ابطال هذا العالم قليلاً.."