الفصل 6: الخندق المغلق (2).


"العالم لقد تغير أكثر مما توقعت."


ووجين تنهد قليلا وهو ينظر إلى المنظر خارج نافذة الحافلة التي قد ركبها. في ثمن تذكرة واحدة للحافلة قد ازداد بدولار واحد وعدد السيارات المتواجد على الطرق قد أصبح قليلًا للغاية.


وفي نفس الوقت فإن التلفاز الموجود في داخل الحافلة كان يبث الأخبار من حول العالم، مركزا بشدة على الخنادق التي تمت هزيمتها.


'لو نجح الهجوم على الخندق فإننا سنكون في أمان لبضعة أيام على الأقل أو لبضعة أشهر كأقصى تقدير، ولكن ولو فشل الهجوم ولم يستطع المقاتلين هزيمته، فإننا لن ندري متى ستنفجر الوحوش خارجة من الخندق'


مذيع الأخبار بدأ بالتكلم عن عدة مواضيع مشابهة لهذه، وأثناء استماعه لهذه الأخبار فإن ووجين بدأ باكتساب عدة معلومات مهمة حول التغير الذي طرأ على الأرض في الفترة التي لم يكن فيها هنا.


'المناطق المحيطة بمحطة قطار قد انتهى أمرها تماما الأن.'


كما قال مذيع الأخبار، فإنه لو فشل الهجوم على خندق ما فإنه وبعد فترة محددة من الوقت، الوحوش التي تبقى عادة في داخل الخندق تنفجر إلى الخارج محطمة جميع الأشياء المحيطة بها قاتلة بذلك ألاف الأشخاص في كل مرة يحدث هذا، ومن شدة خطورة هذه الانفجارات فإن الناس قد بدأوا بالمزاح أنه من الأمن العيش بجانب قنبلة نووية على العيش بالقرب من خندق قد فشل الهجوم عليه.


وبسبب هذه الانفجارات، فإن عدد سكان سييول قد انخفض للغاية مما أدى إلى انخفاض حاد في عدد السيارات المتواجدة على الطريق، وبسبب هذا فإن الحافلة قد استطاعت الوصول إلى وجهة ووجين بسرعة فائقة.


ووجين نزل من الحافلة، وفور رؤيته للمنظر أمامه فإنه كان على وشك أن يفقد وعيه من شدة الصدمة.


"الم......المنزل........"


منزل ووجين السابق قد اختفى كليا وفي مكانه الأن يوجد مبنى ذو حجم عملاق.


وبعد عدة دقائق من التحديق إلى هذا المبنى العملاق، فإن ووجين قد أدرك بأن هذا ليس مبنى عادي بل مبنى خاص بشركة من نوع ما.


وبينما ووجين كان يواجه صدمة رؤيته لمنزله وهو قد اختفى تماما، فإن حارس المبنى قد لاحظ ووجين، وبعد النظر إلى ملابسه وتعابيره، فإنه قد بدأ بالاتجاه إلى ووجين بنية إبعاده عن هنا.


"هي، أنت ما الذي تفعله بوقوفك هناك؟ ألا تعلم بأن هذا المبنى هو المبنى الخاص بنقابة المطرقة؟"


بعد سماع النبرة التي استخدمها الحارس لمخاطبته، فإن ووجين كان على وشك الانفجار في وجه هذا الحارس، وفقط وباستعمال قوة إرادته الهائلة استطاع ووجين منع نفسه من تحطيم روح هذه الحشرة أمامه.


'هذا ليس عالم ألفرين، هذه هي الأرض، أنا لا يمكنني التصرف هنا كما كنت أتصرف هناك.'



ووجين بدأ بحك رأسه مجددا محاولا إخماد نيران غضبه كليا، وبعد مدة من الوقت فإن ووجين قد نجح في تحقيق هذا ليلتفت إلى الحارس ويسأله:


"ما الذي حدث للناس الذين كانوا يسكنون هنا؟"


"هاه؟"


"الناس الذين كانوا يسكنون هنا قبل أن يتم بناء هذا المبنى."


"وكيف يمكن لي أن أعرف شيئا مثل ذلك............."


الحارس كان على وشك الانفجار غاضبا على ووجين، ولكن وبعد رؤية أعين ووجين فإن أرجله قد بدأت بالارتعاش والخوف قد بدأ يملئ قلبه، وكأنه قد رأى الموت نفسه وهو ينظر إلى أعين ووجين.


"أنا أسف ولكنني لا أستطيع الإجابة على سؤالك، فإن هذا المكان كان مجرد خرابة قبل أن يتم بناء هذا المبنى هنا."


"مجرد خراب؟"


هالة ووجين بدأت تصبح أكثر ظلاما لدرجة أن الحارس قد بدأ بالتراجع مبتعدا عن ووجين من شدة خوفه.


عدد لا يحصى من الأشخاص قد ماتوا قبل خمس سنوات في الحدث الذي يلقبه الجميع انفجار الخنادق حيث ظهرت الخنادق في الأرض لأول مرة. والأكثر من هذا هو أن كل من كان راكبا في قطارا ما في تلك اللحظة أو كان متواجدا تحت الأرض فإن جميعهم قد انتهى بهم الأمر موتى.


بالإضافة إلى أنه لو لم يتم هزيمة خندق ما في غضون شهر من تكونه فإن الوحوش الموجودة في داخله ستخرج إلى الخارج وبسبب هذا فإن عدد الضحايا قد واصل الارتفاع، لدرجة أن الحكومة قد اضطرت إلى اللجوء إلى استخدام عدة صواريخ حربية للقضاء على العديد من الوحوش التي قد سبق وخرجت إلى العالم الخارجي.


"لما أنت متوتر لهذه الدرجة؟ الجميع يعلم بأن هذه المنطقة قد تحولت إلى خراب عندما لم يستطع المقاتلون هزيمة الخندق في غضون الوقت المحدد."


ووجين قد بدأ بمحاولة تهدئة نفسه وتجاهل كلمات الحارس في نفس الوقت.


'اهدأ، اهدأ، هذا ليس بالوقت المناسب لقتل غبي مثله، اهدأ فقط الان. عائلتي مازالت على قيد الحياة، أنا متأكد من هذا.'


بعد عدة دقائق من التنفس بعمق فإن ووجين قد استطاع وأخيرا العودة إلى حالته الهادئة.


"*تنهد* لم تمر سوى خمس سنين هنا، لذلك فإنه مازالت هنالك مختلف الطرق التي يمكنني استخدامها لإيجادهم."


ووجين قام بتهدئة نفسه وبالتفكير في الطرق الممكن له استخدامها لإيجاد عائلته، فمثلا لو اتجه إلى مجلس المدينة فإنه سيستطيع إيجاد أخر عنوان معروف لهم وسيستطيع اكتشاف حقيقة وضعهم الحالي.



'بالإضافة إلى أنني سأحتاج إلى استعادة رقم ضماني الوطني.'


ووجين قد حصل على رقم ضمانه الوطني عندما كان في عامه الثاني من المدرسة الثانوية، ولكن الأن وبعد مرور عشرين سنة بالنسبة له، فانه قد سبق ونسي الرقم تماما. لذلك فإن هدفه الأول حاليا هو العودة إلى مدرسته ليبحث في سجل التلاميذ، ولو كان محظوظا فربما فإنه سيستطيع حتى الحصول على عنوان عائلته الحالي.


بعد إعادة ترتيب أفكاره، فإن ووجين قد أحس بالهدوء وهو يعود إلى مشاعره، فمنذ عدة سنين لم يسبق أن ثارت مشاعره إلى هذه الدرجة.


ووجين قد اكتشف بان الساعة قد تجاوزت السادسة مساءا من الحارس، لذلك فإنه لن يستطيع الذهاب إلى المدرسة وقضاء غرضه اليوم، لذلك فإنه قد بدأ بإعادة ترتيب أولوياته.


'أولا يجب على إيجاد مكان لأنام فيه الليلة و..............'


*زمجرة.*


معدة ووجين بدأت بالزمجرة بشدة من شدة الجوع، وفي نفس الوقت فإن ووجين قام بمد يده إلى جيبه ليمسك بال 20 دولار التي مازال يملك.


وبعد بحثه في الأرجاء قليلا فإن ووجين قد استطاع إيجاد مطعم صغير وقد بدأ بالاتجاه إليه.


************


"تبا ما نوع حساء الأرز هذا الذي قد وصل ثمنه إلى 22 دولارا؟"


ووجين بدأ بالتذمر وهو يملأ معدته بالشعيرية سريعة التحضير وقطعة صغيرة من الأرز، فبعد دخوله إلى المطعم السابق فإنه قد تم طرده بسرعة لعدم امتلاكه المال الكافي لشراء ولو حتى أرخص وجبة لديهم، حساء الأرز.


"تبا لتلك الجدة، فبالرغم من جوعي إلا أنها لم تظهر لي أي درجة من المشاعر."


ووجين واصل التذمر وهو يأكل ما استطاع شراءه بالعشرين دولارا التي كان يملك، وبالرغم من تذمره إلا أن ووجين لم يجد الوجبة التي يأكلها الأن سيئة على الإطلاق، فبالمقارنة بما اضطر إلى أكله في عالم ألفرين فإن هذا شيء لا يقارن بذلك على الإطلاق.


"أه، كل ما تبقى الأن هو مكان أنام فيه الليلة. هممهم، هل حقا على الذهاب إلى مركز الشرطة؟"


ووجين لم يرد الذهاب إلى مركز الشرطة على الإطلاق، وهذا ناتج عن جميع الأشياء التي اقترفها، من قتل عدد لا يحصى من الأبرياء في عالم ألفرين من أجل النجاة إلى استعباد عدد أخر لا يحصى، وبالرغم من أنه كان مدرك تماما أنه حاليا على الأرض وأنه لا يوجد أحد هنا في الأرض يعرف بما قام به في عالم ألفرين إلا أنه لم يستطع إرغام نفسه على الذهاب إليهم،


بالإضافة إلى أنه كان متأكدا أن الشرطة ستسأله مختلف الأسئلة حول اختفائه ومكان تواجده خلال الخمس سنوات الماضية، مما جعل رغبة ووجين في الذهاب إلى مقر الشرطة تصبح أقل فأقل.


وفي النهاية فإن ووجين قد قرر أنه لن يذهب إلى محطة الشرطة على الإطلاق إلا لو لم يكن يملك أي خيار أخر.


*تنهد*


بالرغم من انخفاض سعر الأرض والمنازل في سييول بسبب انتشار الخنادق هنا، إلا أن ووجين واحد من الفقراء لدرجة أنه لا يملك منزلا للنوم فيه الليلة.



ووجين قرر تجاهل هذا الأمر حاليا والدخول إلى متجر عادي، لشراء بعض المشروبات وقطعة واحدة من الحلوى، تاركا إياه لا يملك سوى دولار واحد في جيبه، مبلغ لا يكفي لأي شيء.


ووجين بدأ بمغادرة المتجر وهو محبط بعض الشيء، فمحطات القطار التي كان يستخدمها المتسولون سابقا قد أصبحت محظورة الأن مما قد ترك ووجين بدون أي خيار أخر سوى قضاء الليلة في الخارج. ولكن في اللحظة التي كان ووجين على وشك مغادرة المتجر فيها فإنه قد سمع صوت فتح باب المتجر، وبعد التفاته إلى الباب فإن بسمة هائلة قد ظهرت على وجه ووجين لأن الشخص الذي دخل إلى المتجر هو دو جاي مين.


دو جاي مين، الفتى الذي قام ووجين بإنقاذه من أولئك المتنمرين سابقا.


ووجين قام بالركض مسرعا في اتجاه جاي مين.


"هي، أيها التلميذ."


"نعم؟"


جاي مين التفت إلى مصدر الصوت، وفور رؤيته للشخص القادم في اتجاهه فإن الدم قد هرب من وجهه، بينما بسمة ووجين قد ازدادت كبرا.


"هاها، لقد كنت على وشك الاتصال بك، لكن القدر قد قدر لنا أن نلتقي هنا."


"أه......ولماذا..... تريد فعل ذلك......"


جاي مين بدأ بالتراجع ببطء، بينما ووجين بدأ بإتباعه:


"هل والدك متواجدان حاليا في المنزل؟"



"ولما تسأل بشأن ذلك؟"


جاي مين رد على سؤال ووجين بحذر والخوف يملأ وجهه، بينما ووجين قام بالابتسام قليلا ومواصلة كلامه:


"أنا لدي عدة أشياء لأناقشها معهم، وخصوصا ما حدث لك في المدرسة سابقا."


"والداي قد سبق وفارقا الحياة."


"هاه؟ أه ذلك جيد....... أه لا لا ذلك سيء للغاية، أنا متأسف لسماع ذلك. إذا هل تعيش لوحدك؟"


جاي مين قام بإيماء رأسه والحذر يملأ وجهه.


"إذا أرني الطريق إلى منزلك؟"


"لماذا؟"


"أنا بحاجة لمكان أنام فيه الليلة وأنا أتمنى منك أن تسمح لي بالنوم في منزلك."


جاي مين كان على وشك أن يغمى عليه من شدة الصدمة، فهذا العم أمامه الذي قد سبق وسرق ماله، الأن يحاول الدخول إلى منزله والنوم هناك.


"أه بالطبع أنا لن أطلب منك أن تفعل ذلك مجانا."


ووجين قام بفتح يد جاي مين ووضع الدولار الذي تبقى لديه في يده.


'دولار واحد، وأليس هذا الدولار من المال الذي سرق مني؟'


جاي مين كان على وشك أن يحصل له انهيار عصبي من شدة الصدمة، بينما ووجين واصل الابتسام.


"هاها، لا تقلق فإنني سأحرص على تسديد هذا الدين لك. أه لما هنالك ذبابة هنا؟"


ووجين قام بتلويح يده في الهواء وكأنه يحاول إمساك ذبابة ما، ولكن الصوت الذي صدر من يده وهي تقوم بتحطيم الهواء لصوت لا يمكن لأي بشري عادي إصداره.


لذلك فإن جاي مين لم يملك أي خيار سوى الاتجاه إلى منزله رفقة ووجين والدموع على وشك أن تنفجر من عينيه.


**********


الفصل السادس وترقبوا الفصل السابع بعد أربعين دقيقة تقريبا.


ترجمة: Jaouad AZzouzi


تدقيق: Smoke Mask.


2017/05/24 · 7,761 مشاهدة · 1613 كلمة
JaouadAzzouzi
نادي الروايات - 2024