الفصل 8: إلى المنزل (2).


"أنت ما زلت على قيد الحياة يا ووجين؟!"


معلم ووجين السابق كان مصدوما للغاية بعد ظهور ووجين أمامه، فبعدما حدث أثناء حادثة انفجار الخنادق منذ خمس سنوات فإن العديد من الناس قد فقدوا حياتهم، والجميع كان قد اعتقد بان ووجين واحد منهم.


وبالرغم من صدمة المعلم، إلا أن ووجين لم يشعر بأي تغير في مشاعره، فبالنسبة له فإنه قد سبق ومر عشرون عام منذ أن رأى معلمه.


معلم ووجين بدأ بالبحث في سجل التلاميذ وبعد مدة فإنه قام بالحصول على ملف ووجين الخاص.


"أه لقد وجدت الرقم الخاص بعائلتك."


*رنين، رنين*


المعلم قام بالاتصال مباشرة، ليواصل الهاتف الرنين لمدة طويلة.


بينما ووجين قد بدأ بالتفكير في مختلف الاشياء.


هل سأسمع صوت أمي؟ هل تغير رقم هاتفهم؟ بينما كانت هذه الأفكار تدور في عقل ووجين فإن الرنين قد انتهى وامرأة قد ردت على الهاتف.


[نعم؟]


معلم ووجين قد سمع صوت امرأة في منتصف عمرها، وقام بتغيير نبرة صوته إلى نبرة صوت أكثر احتراما.


"أه مرحبا، أنا اسمي هو سونغ وو، أنا معلم في مدرسة ميدو الثانوية."


[ماذا؟ مدرسة ميدو الثانوية؟]


الصوت من الجهة الأخرى للهاتف قد بدأ بالارتجاف وفي نفس الوقت فإن ووجين بدأ بالإحساس بأن هذا الصوت لمشابه للغاية لما يذكره من صوت أمه، بينما قلبه قد بدأ بالخفقان بشدة.



"نعم، هل أنتي السيدة ليي سونغ هيونغ؟"


[نعم، أنا هي ليي سونغ هيونغ. لقد قلت بأنك معلم في مدرسة ميدو الثانوية؟ تلك هي المدرسة التي ارتادها ابني الأكبر..........]


قلب ووجين كان على وشك التوقف من شدة المشاعر بعد سماع صوت أمه لأول مرة وبعد مرور عشرين سنة كاملة، فالألم الذي يحس به الأن أكبر من أي ألم قد سبق وذاقه في عالم ألفرين، حتى ألم تحطم كل عظمة في جسده لا يقارن بالألم الذي يحس به الأن.


ووجين اتجه إلى معلمه وقام بأخذ الهاتف من يده بسرعة قبل أن يبدأ بالتكلم.


"أمي.............."


[.........]


بالرغم من أنه لم يسمع أي كلمة أخرى من الهاتف، إلا أن ووجين قد استطاع تفهم ما هي درجة انصدام أمه بعد سماع صوته.


"أمي، أنا ووجين."


بالنسبة لووجين فإن قول كلمة أمي لأصعب من أي شيء قام به في عالم ألفرين، وفقط باستخدام قوة إرادته الهائلة إستطاع ووجين أن يكتم الدموع من الانهمار من عينيه. وفي نفس الوقت فإنه قد بدأ بسماع صوت بكاء حاد من الجهة الأخرى للهاتف.


[ووجين؟ هل أنت حقا حبيبي ووجين؟ هل أنت حقا ووجين؟]


صوت بكاء أمه كان على وشك أن يدفع ووجين إلى البكاء، لكنه لم يقدر على السماح لنفسه بالقيام بشيء مثل ذلك أمام معلمه، لذلك فإنه قد تحمل مشاعره وأجاب ببضع كلمات فقط.


"لقد عدت......."


[.................]


صوت البكاء من الجهة الأخرى للهاتف قد ازداد بشدة.


"أين أنت حاليا؟ سوف أتي إليك حالا."


[لا، أنا سوف أتي إليك فورا، لذلك لا تتحرك ولا حتى إنش واحدا من مكانك.]


بعد سماع تلك الكلمات فإن ووجين قام بإيماء رأسه وأعاد الهاتف إلى معلمه.


*تنهد. *


ووجين قام بالتنهد بشدة ليعود إلى الجلوس على كرسيه وفي نفس الوقت فإن مشاعره قد عادت إلى هدوءها التام مثل السابق، بينما معلمه قد واصل التحدث مع والدته لبعض الوقت لينهي الاتصال بعد عدة دقائق من التكلم.



"والدتك ستصل إلى هنا في غضون ساعة أو ساعتين."


"أه، شكرا لك."


"لا داعي للشكر فأنا لم أقم بأي شيء، والأكثر من هذا أنا سعيد على نجاتك."


"أه، شكرا لك من جديد. أه هل تمانع لو أخذت جولة حول المدرسة؟"


"أه لا بأس، افعل ما تريد.."


ووجين لم يرد الانتظار في غرفة الأساتذة لساعتين كاملتين لذلك فإنه اتجه إلى الخارج ليتجول في المدرسة قليلا.


"يجب على أن أذهب وأرى جاي مين."


ووجين بدأ بالاتجاه إلى فصل جاي مين، وفي نفس الوقت فإن جميع التلاميذ كانوا عائدين إلى فصولهم كون فترة الاستراحة قد انتهت، وفي كل مرة يمر ووجين بشخص ما فإنهم يبدأوا بالتهامس حوله، وخصوصا بشأن ملابسه التي تشبه ملابس النوم.


"أه، إنه وسيم نوعا ما ألا تظنين ذلك؟"


"نعم نعم، بالإضافة إلى أنني قد سمعت من معلمنا بأنه خريج سابق من مدرستنا"


الفتيات بدأن التهامس بشأن جسد ووجين الذي يشبه وكأنه قد تم نحته من الحديد، بينما الذكور قد بدأوا بإهانته سرا:


"أه ما نوع تلك الملابس؟ ألا يملك حتى المال الكافي لشراء ملابس جيدة."


"أه، أظن أنه فقير لدرجة أنه لا يملك المال حتى لشراء ملابس عادية......"


بينما ووجين قام بتجاهل جميع كلماتهم وكأنه لم يسمعها على الإطلاق، ليصل بسرعة إلى فصل جاي مين.


"هي، جاي مين."


ووجين قام بالاقتراب من جاي مين الذي كان محاطا من قبل مجموعة أخرى من المتنمرين، لتلتفت إليه تلك المجموعة الجديدة من المتنمرين ويبدوا بالتحديق فيه.


"هي من أنت أيها الغبي؟"


"هي جاي مين، هل كنت خائفا من عقابك لدرجة أنك اضطررت إلى طلب المساعدة من أخيك الأكبر؟"


المتنمرون السبعة قاموا بإحاطة ووجين والتكلم إليه بتعالي، بينما الغضب قد بدأ يشتعل في داخل ووجين من جديد.


"حسنا إذا، جميع من يحب التنمر ليتبعني إلى سطح المدرسة."


ووجين ابتسم قليلا ثم قام بالالتفات والاتجاه إلى سطح المدرسة رفقة جاي مين بعد ترك تلك الكلمات ورائه.


بينما المتنمرين قد بدأوا بملاحقتهما بعد مرور بعض الوقت بسرعة.


"هي، اليوم سوف نقوم بتهذيب ذلك الغبي جاي مين، هي أنت اذهب ونادي التلاميذ الأخرين من الفصول الأخرى."


سوون هيوك بدأ بملاحقة المتنمرين الأخرين بسرعة بعد رؤية أن عددهم قد فاق العشرين، وفي نفس الوقت فإنه قد بدأ يحاول نسيان ما حدث البارحة.


'البارحة قد كنت متهورا وسمحت لذلك المتسول الغبي بإصابتي في مناطقي الحساسة. اليوم سنعلمه درسا بهذه المجموعة.'


المتنمرون الذين قارب عددهم العشرون قد وصلوا إلى سطح المدرسة في أن واحد.



*****************


"واحد."


صوت قاسي للغاية صدر من فم ووجين


"نحن."


المتنمرين كانوا متجمعين في صف واحد على الارض وهم يقومون بتمارين الضغط.


"اثنان."


"أتباع جاي مين."


المتنمرون الخمسة وعشرون كانوا مجتمعين في صف واحد وهم يقومون بممارسة تمارين الضغط على الأرض تحت أمرة ووجين. وحتى جاي مين الذي رأى كل شيء من البداية لم يستطع استيعاب ما حدث تماما.


'ما الذي علمه ذلك الراهب بحق السماء.'


جاي مين قد بدأ باستعادة رباطة جأشه قليلا، ولكن هذا لم يقلل من الصدمة التي مازالت تملأ قلبه، ففي أقل من دقيقة، جميع المتنمرين قد تمت هزيمتهم من قبل ووجين.


وقبل أن يستطيع جاي مين استيعاب ذلك فإن ووجين قد بدأ بإرغامهم على ممارسة تمارين الضغط وتكرير عبارة


نحن أتباع جاي مين مرارا وتكرارا.


"حسنا، ذلك يكفي، جميعكم تجمعوا أمامي هنا."


ووجين بدأ بالابتسام وهو يرى المتنمرين يقتربون منه بخوف شديد، فبسبب كونه حاليا على الأرض فإنه قد قرر العفو عنهم، فلو كان هذا عالم ألفرين فلكان ووجين قد سبق وقتلهم وانتهى منهم.


"ما الذي يوجد في يدي الأن؟"


ووجين بدأ بمخاطبة المتنمرين بنبرة صوت حادة.


"إنه ......... أنبوب حديدي."


"نعم، هذا أنبوب حديدي. ومن أحضر هذا إلى هنا حقا غبي للغاية."


واحد من المتنمرين قد قام بإحضار أنبوب حديدي معه نية أن يقوم باستعماله في تأديب ووجين وجاي مين.


لذلك فإن ووجين قام بالإمساك بالأنبوب الحديدي بكلتا يديه ليبدأ بلويه في جميع الجهات وكأنه قطعة العجينة.


وكأن ذلك لم يكن كافيا، فإن ووجين قام بالإمساك بالأنبوب من كلا الطرفين وبدأ بالشد.


*بوووووووووووووووووم.*


تحت قوة ووجين الهائلة، فإن الأنبوب الحديدي لم يستطع تحمل الضغط وقد انقطع إلى قطعتين، بينما المتنمرون قد أصابهم خوف شديد لدرجة أنه كان على وشك أن يغمى عليهم بعد رؤية هذا.


ووجين قام بتجاهل نظرات الرعب التي كان يتلقاها من قبل المتنمرين حوله، ليضع يده حول كتف جاي مين وبدأ بالتكلم من جديد.


"أنتم لن تزعجوا جاي مين من جديد؟"


"لن نزعجه.... نحن لن نزعجه على الإطلاق، بل إننا لن نقترب منه حتى."



ووجين بدأ بإيماء رأسه:


"ولا تقوموا بعزله عنكم، أنتم مازلتم يافعي السن، لذلك فإنه من الأفضل لكم أن تصنعوا أكبر عدد ممكن من الأصدقاء."


"نعم، نعم أنت محقا تماما."


"إذا اغربوا عن وجهي وعودوا إلى فصولكم."


بعد سماع كلمات ووجين فإن المتنمرين قد تنهدوا وبدأوا بمغادرة السطح بسرعة فائقة، بينما جاي مين قد أصبح وجهه أسود تماما.


"وكيف يمكنني الأن الحضور إلى المدرسة بعد هذا......"


الإشاعات بشأن ما حدث هنا ستنشر بلا ريب، وهذا سيجعل جاي مين معزولا أكثر من قبل. ولكن ووجين قد ابتسم وكأنه لا يبالي:


"ألم تقل بأنك تريد الدراسة فقط؟ إذا بهذه الطريقة فإنه لن يتجرأ أي شخص أخر على إزعاجك."


جاي مين بدأ بالضحك على سخافته، فكما قال ووجين، فإن هدفه الحالي هو الدراسة فقط، لذلك فإنه لا يهتم إن كان يستطيع الحصول على أصدقاء أو لا.


ووجين قام بالابتسام مجددا قبل أن يواصل كلامه:


"لقد استطعت الاتصال بوالدتي، لذلك فإنني سأقدر على رد مالك قريبا."


"أه لا داعي لفعل ذلك....."


"لا أنا لن أقبل برفضك، فأنا أدفع جميع ديوني."


ووجين قد توقف عن التكلم وهو يجهز نفسه للقاء والدته بعد عشرين سنة من الفراق بالنسبة له، بينما جاي مين قد أنتظر رنين جرس بداية الدرس ليستطيع العودة إلى فصله.


"أه، ولا تقلق فإنني سأرد معروفك لي البارحة بالسماح لي بالنوم في منزلك، فأنا متأكد أنه ليس من السهل السماح لشخص غريب بالنوم معك في منزلك."


"هاها، لا داعي للشكر، فأنت أيضا يا هيونغ قد ساعدتني سابقا، وحتى أنك قد ساعدتني اليوم أيضا."



جاي مين ابتسم قليلا، فبالرغم من كل شيء فإن ووجين قد ساعده حقا اليوم، فعلى الٍأرجح من اليوم فصاعدا فإنه لن يتجرأ أي متنمر على الاقتراب منه.


"لا داعي للشكر، فمن الطبيعي لي أن أساعدك كوني الهيونغ الخاص بك أليس كذلك؟ أه بالمناسبة، فور حصولي على هاتف نقال فإنني سأتصل بك، ولو تجرأ أولئك الأغبياء على الاقتراب منك مجددا فاتصل بي أنت."


ووجين قام بسحب قطعة ورقية صغيرة من جيبه وإظهارها لجاي مين.


'أه، إنه مازال يملكها.'


جاي مين بدأ بالابتسام بغرابة بعض الشيء، لأن الرقم الموجود على تلك القطعة الورقية رقم مزيف وليس رقمه الحقيقي.


"أه حسنا إذا، أه بالمناسبة، مبارك على لقائك بوالدتك مجددا يا هيونغ."


"هاها، شكرا لك، وأنت احرص على الدراسة بجد لتحقيق هدفك."


بعد مبادلة الحديث لبضعة دقائق فإن جرس المدرسة بدأ الرنين معلنًا نهاية حديثهما.


جاي مين قام بالانحناء لووجين ليشكره مرة أخرى على مساعدته ويقوم بالمغادرة عائدا إلى فصله.


بينما ووجين بقي على السطح وبسمة هادئة على وجهه وهو ينظر إلى السماء، وربما قد حدث هذا بسبب انخفاض عدد السيارات في سييول إلا أن السماء الأن قد أصبحت أكثر صفاء مما كانت في ذاكرة ووجين.


ووجين بقي واقفا على سطح المدرسة لعدة دقائق أخرى قبل أن يرى سيارة مأجورة تقف أمام المدرسة لتنزل منها امرأة في منتصف أربعينياتها وتبدأ بالاتجاه إلى المدرسة بعجلة هائلة.


"أمي........."


ووجين التفت مغادرا السطح وبدأ بالاتجاه إلى غرفة الأساتذة.


********


الفصل الثامن وترقبوا الفصل التاسع بعد نصف ساعة.


ترجمة:Jaouad Azzouzi.


تدقيق: Smoke Face.


2017/05/24 · 8,298 مشاهدة · 1657 كلمة
JaouadAzzouzi
نادي الروايات - 2024