وبدأوا بالمشي ووصلوا إلى الحلبة، وعند وصولهم جلسوا بانتظار دورهم. وفجأة، شعر ريوما بالخطر من رجل دخل إلى الحلبة، فانصدم المالك من تواجده، وقال:
– سيدي! لماذا أتيت إلى هنا؟
فيرد الرجل القوي: – وما شأنك؟
ثم قال المالك في نفسه: “ليس هذا وقته ليأتي هنا… لكنني لا أستطيع طرده”.
ثم قال: – تفضل سيدي، من هنا.
ومن ثم، جاء العبد الضخم والقوي، وأعلن الحكم بداية المسابقة.
بدأت المسابقة من إنو، حيث هاجمه أحد العبيد، لكن العبد الضخم رفعه وضربه بالأرض، وهزمه.
هزم العبد العملاق الجميع، ومن ثم جاء دور ريوما.
بدأ العملاق بالهجوم مستخدمًا مطرقته الضخمة، وضرب ريوما على وجهه، ثم أمسك بقدم ريوما، ورفعه اندفع العملاق نحو ريوما مثل وحش هائج، ورفع مطرقته العملاقة محاولاً تحطيمه بضربة واحدة. لكن ريوما انحرف بسرعة، مستعينًا بردة فعله السريعة وتدريبه الطويل. ومع ذلك، لم يكن الأمر سهلاً، فالعملاق كان سريعًا رغم حجمه، وباغته بركلة قوية في صدره جعلته يُقذف إلى الخلف، ويتدحرج على الأرض.
جلس ريوما وهو يتنفس بصعوبة، ثم تمتم في نفسه:
“لو استخدمت الريو الآن… راح يلاحظون! لازم أنهيه بدون ما أكشف قوتي.”
نهض بسرعة ومسح الدم عن زاوية فمه، بينما العملاق كان يقترب مجددًا وهو يزمجر غاضبًا.
صرخ الجمهور، والتوتر كان يعم المكان، أما ريوما فقد ركّز نظره على الخصم، وتحرك بسرعة مفاجئة، راوغ ضربة المطرقة العملاقة، ثم قفز وأطلق ركلة خاطفة نحو ساق العملاق.
ضربة مباشرة!
تأرجح العملاق، فقد توازنه، وبدأ يسقط للخلف.
في لحظة سقوطه، اندفع ريوما بكل سرعته، استدار خلف العملاق، أمسك رأسه بكلتا يديه، وصرخ:
“انتهت!”
ثم قفز عاليًا، وهو لا يزال ممسكًا برأس العملاق، وهبط بكل ثقله، ضاغطًا رقبة العملاق على الأرض بقوة هائلة!
“بوووم!”
اهتزت الحلبة من شدة الاصطدام، وانتشر الغبار في الجو، وساد الصمت فجأة.
كان العملاق مُلقى على الأرض، لا يتحرك، أما ريوما فوقف فوقه وهو يتنفس بثقل، متجاهلاً الألم في جسده، ونظر نحو الجمهور بنظرة حادة.
“انتهى القتال.
وعندما همَّ ريوما بالعودة إلى مكانه بين الجموع بعد انتصاره الساحق، إذا بصوتٍ عميق ينفذ في أذنه كالسهم، صوتٌ مألوفٌ له رغم قلّة المرات التي سمعه فيها، صوت الرجل الذي دخل الحلبة سابقًا وجعل المالك يتلعثم من التوتر.
قال الصوت بهدوء قاتل:
– “لماذا تخفي عنّا أنك مقيّد، وأنك لا تستطيع استخدام الريو؟”
تجمّد ريوما في مكانه، كأن الزمن توقف للحظة. تسرّب الخوف إلى عينيه، وتردّد في الإجابة، لكنّه تمالك نفسه وقال بصوتٍ مضطرب:
– “لا يا سيدي… أنا بالفعل لا أستطيع استخدام الريو…”
تنهّد الرجل، وكأنّه سمع كذبة مكرّرة، وقال:
– “ربما… ربما بدأت أتوهم من شدة عجزي… لا بأس.”
وبينما همّ ريوما بالالتفات ليغادر، وإذا بهذا الرجل يهجم عليه فجأة بركلة مغلفة بريو كثيف مخزون في قدمه. لم يكن أمام ريوما سوى لحظة واحدة ليختار: إمّا أن يُخفي قوته ويتفجّر جسده من الداخل، أو أن يستخدم الريو لامتصاص الهجمة.
فعلها.
انطلق الريو من داخله، دافعًا عنه موجة الطاقة. تفاجأ الحاضرون، وعمّ الذهول أرجاء الحلبة، إذ كيف لرجلٍ عليه قيود مانعة للريو أن يستخدمه بهذه السهولة؟!
لم يكن لهم وقت ليتساءلوا، فقد طار جسد ريوما في الهواء بقوة الركلة، وسقط بعيدًا، فيما وقف الرجل بثبات، عينيه مصوّبتان على ريوما، ونظرة غريبة ترتسم على وجهه، لا تُعرف إن كانت إعجابًا… أم تهديدًا
لكن كان عليّ أن أحتوي هذا الشخص، فمهاراته القتالية عجيبة لا تُصدّق. رمى سيفه أرضًا، ثم قال بصوت هادئ لكنه يحمل هيبة:
– “لا أعرف من أنت، ولا ما هويتك… لكنني أدعى سنيكس .”
تفاجأ الجميع من الاسم الذي نطق به، حتى كايجن رفع حاجبه بدهشة، ثم التفت إلى أحد العبيد وقال:
– “لِمَ أنتم مذهولون؟ هل تعرفونه؟”
أجابه أحد العبيد وهو يحدّق في سنيكس بنظرات لا تصدّق:
– “إنه سنيكس ، الحامي الأول لإمبراطورية لارسا ، أقوى رجلٍ فيها… لم يعترف بقوة أي أحد، سوى ثلاثة فقط: الحامي الأول لإمبراطورية لور ، والحامي الأول لإمبراطورية اليشم الأبيض … وأخوه، يان ، الحامي الثاني لإمبراطورية لارسا.”
شهق كايجن وقال بدهشة:
– “ما هذه الإمبراطوريات؟ لم أسمع بها من قبل.”
فردّ عليه العبد وكأن كايجن قال شيئًا لا يُصدّق:
– “ألا تعرف في أي إمبراطورية نعيش؟! نحن في إمبراطورية لارسا !
قال كايجن وهو يحاول أن يستوعب الموقف:
– “لا علينا من كل هذا الآن… لكن كيف يعترف الحامي الأول بقوة محارب؟ ما الطريقة؟”
ردّ عليه العبد وقد ازدادت نبرة صوته وقارًا:
– “عن طريق أن يُخبِرهُ باسمه … لا أحد يسمع اسم سنيكس من فمه مباشرة، إلا وكان ذلك إقرارًا صريحًا منه بقوة من أمامه. سنيكس لا يتحدث كثيرًا، ولا يحترم الكثير، لكنه الآن قال اسمه لريوما… وهذا يعني شيئًا واحدًا فقط.”
سكت العبد لوهلة، ثم أكمل بصوتٍ خافت كأنّه يُلقي سرًّا من أسرار العالم:
– “ أن ريوما… محاربٌ يستحق أن يُحسب له ألف حساب.
قال سنيكس وهو يرمي سيفه أرضًا:
– “أنا لا أستخدم السيف ضد من لا يحمله… تعال، لنتصارع.”
اندفع ريوما نحوه مستخدمًا ريو النار، لكن سنيكس صدّ الهجمة بمهارة، ثم أطلق ريوًا غريبًا، كان أشبه بالغاز الكثيف، يتصاعد من جسده. ابتعد ريوما عنه بسرعة، ثم هاجمه بسلسلة من الضربات، لكن سنيكس تصدّى لها ببراعة، وردّ بلكمات عنيفة وقوية، راوغها ريوما بصعوبة.
شعر ريوما أنه إن استمر بهذه الطريقة، فلن يتمكن من الفوز. فقرر استخدام تقنية شقيقه الراحل، وانتقل خلف سنيكس بسرعة خاطفة. لكن الأخير استدار بسرعة وكأنه كان يتوقّع الهجوم، فاختفى ريوما في لحظة، وظهر أمامه مباشرة، وانهال عليه بعدة ضربات قوية.
لكن المفاجأة كانت قاسية…
فالجسد الذي ضربه لم يكن إلا نسخة من الغاز السام، وفجأة انفجرت تلك النسخة، وملأ الغاز القاتل أرجاء الحلبة.
قال ريوما في نفسه وهو يلهث:
– “لا يمكنني حبس أنفاسي أكثر من سبع دقائق… عليّ أن أهزمه أو أهرب.”
وفي غمرة تفكيره، كان كايجن قد اقترب من الخلف، ووجه لسنيكس عدة ضربات سريعة. لم تكن عشوائية، بل كانت دقيقة للغاية، استهدفت بها مسارات الريو في جسده. شعر ريوما بضغطٍ شديد في جسده… لم يستطع التحمل أكثر، فسقط أرضًا.
لقد هُزم ريوما.
تقدمت فرقة من العبيد المدججين بالسلاسل، استعدادًا لأخذه وحرقه خارج الساحة، كما هي العادة. لكن صوتًا قويًا أوقفهم:
– “تراجعوا… لا يزال في جسده روح تقاوم.”
كان سنيكس هو من تكلّم. ثم أضاف:
– “أنا سأتولى أمره.”
وانحنى سنيكس، وحمل جسد ريوما بيد واحدة، ثم انطلق محلّقًا في السماء بسرعة مذهلة، تاركًا الحلبة خلفه تشتعل بالتساؤلات والذهول.
يتبع