المجلد الثاني - شيطان التغيير [Shadow Slave]
الفصل 110: تَذْكِرَة
المترجم: محمد
____
حدّق ساني في قديسة الظل مذهولًا.
كانت العاصفة العاطفية التي أثارها تدمير درع البرج لا تزال تعزف على أوتار قلبه، غير أن شعورًا آخر لا يقل قوة بدأ يزحف ببطء إلى صدره. لم يكن يعلم كيف يتعامل مع كل ذلك، فاكتفى بالرمش بضع مرات وهمهم بنبرة مذهولة:
"هاه؟"
"... دعوني أفهم الأمر جيدًا..."
لقد أعطى الدرع لوحشه المرافق، آملاً أن تتمكن من استخدامه. وقد فعلت... نوعًا ما. لكنها بدلًا من استخدام الذكرى، قامت... بأكلها.
تردد ساني لحظات، متسائلًا إن كان قد فقد صوابه أخيرًا. لكن لا، كان صدى التعويذة لا يزال يتردد فوق صفحة المياه السوداء، يهمس بنفس العبارة مرارًا وتكرارًا:
[تزداد القديسة الحجرية قوة.]
تنهد ساني تنهيدة ثقيلة، واستدعى الأحرف الرونية ليقرأ وصف ظله. هناك، في الأسفل، تغيرت السطور قليلًا:
شظايا الظل: [2/200]
انبثق بريق متوحش في عينيه. شظيتان... لقد حصل على ذكرى درع البرج بعد قتله لروح شديدة التحمل، والتي، رغم مظهرها المرعب، تبيّن أنها مجرد وحش مستيقظ. لقاء قتلها، تلقى ساني أربع شظايا ظل.
لكن ذلك يعود إلى أن جوهر ظله كان في حالة نائمة، وبالتالي كان يتلقى ضعف المكافأة في قتاله ضد مخلوقات من رتبة أعلى — اثنتان لكل نواة روح يحملها المخلوق المستيقظ.
أما القديسة الحجرية، فبما أنها كانت نفسها مخلوقًا مستيقظًا، فمن المنطقي ألا تُمنح نفس المعاملة. بما أن الدرع أتى من وحش ذي نواتين، فقد حصلت على شظيتين لاستهلاكها الذكرى.
مما يعني أن...
وعيناه تتوهجان بحماسة مشتعلة، استدعى ساني ذكرى أخرى على عجل. ظهرت أمامه عين مقززة ذات حدقة عمودية مهدِّدة من السطوع المتلاشي لضوء كروي هابط.
تلك العين كانت تعود لمخلوق شبيه بالبازيليسق قتله ساني قبل أسابيع. للبقاء على قيد الحياة حينها، اضطر إلى خوض المعركة وعيناه مغمضتان، معتمدًا فقط على إحساس الظل للتنقل عبر الأنقاض وتفادي هجمات الوحش القاتل.
وفي النهاية، قطع رأس ذلك الشيء البغيض بضربة من نصله اللزوردي، قبل ثوانٍ فقط من أن تمزقه مخالبه. كانت معركة قاسية، لكنها شكلت اختبارًا جيدًا لمهاراته القتالية الوليدة.
للأسف، لم تمنحه الذكرى أيًا من قوى الوحش الأصلية. كانت قادرة فقط على إطلاق شعاع أحمر غير مؤذٍ، يصلح بالكاد لإضاءة الأجواء… على الأقل بالنسبة لساني، الذي كان يرى في الظلام بطبيعته.
أمسك بالعين وقدمها إلى القديسة الحجرية.
تناولت الظل الشيء المقزز، ورفعته إلى صدرها، ثم سحقته في قبضتها المدرعة. ومرة أخرى، تفتّتت الذكرى إلى شرارات أثيرية لا تُحصى، امتصها الظلام الكامن داخل جسد المخلوق الأنيق.
[يزداد القديس الحجري قوة.]
ابتسم ساني ابتسامة عريضة، ثم ألقى رأسه إلى الوراء وانفجر ضاحكًا.
هكذا إذًا… الظلال تتغذى على الذكريات! إنها تستهلكها لتكتسب القوة، تمامًا كما يفعل هو حين يقتل مخلوقات الكابوس لالتهام بقايا ظلالها.
وللتأكد، نظر مجددًا إلى الأحرف الرونية، ليجد ما توقعه تمامًا:
شظايا الظل: [3/200]
ذكرى لمخلوق مستيقظ من الدرجة الأولى... شظية واحدة. منطقي تمامًا.
استدعى ساني ذكرى أخرى، وهو يكاد يترنح من الترقب. ظهرت أمامه بدلة ضخمة من الدروع الصدئة، تسبح في حقل من الضوء، معلقة في الهواء.
كان قد حصل على هذه بعد أن أباد مستعمرة من النمل الأبيض الوحشي آكل اللحم على الأرض. إشعال النيران في ظلمة الليل الدامس على الشاطئ المنسي كان مجازفة خطيرة، لكنه كان يأمل في جمع مئات من شظايا الظل من خلال إبادة سرب تلك الكائنات الشرهة. وحسب كمية العظام المتناثرة حول العش، فلا شك أنهم كانوا وباءً حقيقيًا.
لكن للأسف، تحوّلت المستعمرة بأكملها إلى كائن شيطاني واحد، ولم يحصل منها سوى على ست شظايا فقط. بل اضطر إلى الفرار دون أن يتمكن من جمع شظايا الروح من بقايا الخلية المتفحمة، خشية أن تستدرج النيران الساطعة المزيد من الأهوال الساقطة. أما الذكرى التي نالها، فلم تكن عزاء يُذكر، لأن كفن محرك العرائس كان يتفوق عليها من جميع النواحي.
أما الآن… فقد باتت الذكرى أخيرًا مفيدة!
التهَمت القديسة الحجرية الدرع كما التهمت الذكريين السابقتين. ومرة أخرى، أعلنت التعويذة أن وحش الظل ازداد قوة. تغيّرت الأحرف الرونية مجددًا:
شظايا الظل: [6/200]
وفي كل مرة يتغيّر فيها الرقم، كان ساني يشعر برضًا عميق يتغلغل في صدره. كان فارسه الحجري يزداد رهبة مع كل ثانية تمر، وراوده شعور بأن مدمني القمار ربما يشعرون بشيء مماثل أثناء سلسلة انتصارات نادرة.
وتشبثًا باللحظة، أمسك بالذكرى التالية، لكنه توقف فجأة وحدّق في الجرس الفضي الصغير الذي كان بيده بصمت.
هذه... كانت أول ذكرى حصل عليها في حياته. بالكاد تشبث بها وهو يكافح للبقاء حيًا وسط برودة الرعب الأولى في كابوسه. كانت أضعف ذكرى يمتلكها، لكنها أيضًا الأثمن. لقد قتل إنسانًا للحصول عليها، ثم استخدمها لقتل آخر.
لقد كان الجرس الفضي تذكارًا.
وبعينين قاتمتين، قرأ ساني الكلمات المتوهجة في خواء روحه الخالية من النور:
[… تذكار صغير من منزل فُقِد منذ زمن بعيد، كان يمنح صاحبه ذات يوم الراحة والفرح.]
فجأة، بعدما خمدت الإثارة التي كانت تشتعل في قلبه منذ لحظات، زفر ساني بعمق وصرف الذكرى. كان التعبير على وجهه قاتمًا.
نظر إلى قديسة الظل الساكنة، ثم استدار بعيدًا عنها.
"يكفي لهذا اليوم... آه، يا له من يوم طويل. أعتقد أنني سأنام الآن."
غادر بحر الروح، وظل واقفًا بصمت لبضع دقائق، ثم سار ببطء إلى فراشه وانهار عليه. وبعد أن صرف كفن محرك العرائس، لفّ نفسه بالبطانية وأغمض عينيه.
لقد كان مرهقًا للغاية.