المجلد الثاني-شيطان التغيير [shadow slave]
الفصل 129 : العزاء
المترجم : [محمد]
___
بعد كشفهم الصادم للحقيقة المروعة أن رحلتهم الطويلة والشاقة إلى المدينة المظلمة كانت بلا جدوى، تضاءل شغف الثلاثة ببلوغ القلعة الموعودة كثيرًا. ومع ذلك، لا يزالون يرغبون في الوصول إليها في أقرب وقت ممكن. كان هناك بصيص أمل ضئيل في قلب صني. ربما... كانت إيفي تكذب عليهم، أو كانت مخطئة في كل شيء.
بطريقة ما.
لكنه لم يكن يصدق ذلك حقًا. بدت الصيادة الجميلة صادقة وكفؤةً، حتى وإن كانت غريبة الأطوار بعض الشيء. والأهم من ذلك، كانت كلماتها منطقية للغاية.
لكن يبدو أن إيفي لم تكن في عجلة من أمرها لمغادرة برج الجرانيت.
"لن يتبقى ما يكفي من ضوء الشمس لاجتياز هذا القدر من المسافة. التحرك عبر الأنقاض الآن لكارثة حتمية. ارتاحوا واستريحوا. سنغادر غدًا عند بزوغ الفجر."
بعد ذلك، انشغلت بتقطيع جثث الوحوش بسكين طويل ظهر في يدها. حتى أنها استدعت ذاكرة على هيئة مريلة لتجنب تلطخ سترتها بالدم. كانت تُصفر لحنًا مبهجًا، بدت الشابة القوية كطاهية متحمسة لإعداد وليمة.
لم يكن لدى نيفيس، صني، وكاسي المزاج للحديث. جلس كل منهم بمفرده وعلى وجوههم نظرة اكتئاب، في محاولة لاستيعاب واقعهم الجديد المريع.
كان صني محبطًا تمامًا.
شعر كأن أحدهم قد سحب بطارياته من جسده، تاركًا إياه دون أي قوة أو رغبة في فعل أي شيء. أصبح العالم خافتًا ومُتعبًا.
''أهذا هو الأمل؟''
لم يكن لديه دافع كافٍ حتى للغضب. كان الأمر كما لو أنه قد ركض ماراثونًا مُرهقًا وعبر خط النهاية، فقط ليكتشف أن هناك سباقًا آخر كان ينتظره على الجانب الآخر.
كلا، في الواقع، سيتعين عليه الاستمرار في الجري إلى الأبد.
لن يلتقي أبدًا بالسيدة جيت والمعلم يوليوس مرة أخرى ليشكرهما على النصائح والتعاليم التي ساعدته في البقاء على قيد الحياة، وربما حتى ليسد دينه لهما. لن يصبح مستيقظًا أبدًا ويعرف المزيد من الأسرار عن جانبه الغريب. الأهم من ذلك، أحلامه في أن يصبح غنيًا ويقضي بقية حياته في ترف لن تتحقق أيضًا.
كان هذا أكثر ما أوجعه حقًا.
''المعتاد.''
منهارًا، بذل جهدًا ليجد ما يشبه العزاء في هذه المهزلة.
''حسنًا... إن نظرت للأمر... فأنا ما زلت على قيد الحياة. ينبغي أن يكون ذلك جيدًا، صحيح؟''
نظر إليه ظله، غير مقتنع تمامًا.
''بالإضافة إلى ذلك، يمكنني بسهولة البقاء على قيد الحياة في المستقبل. نعم، الهدف الأساسي قد تحول إلى الأسوأ، ولكن وضعنا الحالي قد تحسن كثيرًا. أصبحنا في مأمن من التهديد المستمر بالغرق أو الالتهام من قبل مخلوقات البحر المظلم. ووجدنا أيضًا مجتمعًا قويًا من البشر.''
بغض النظر عن كيفية إدارة الأمور في القلعة، كان هناك المئات من البشر يعيشون هناك. الأعداد والخبرة تعني كل شيء في عالم الأحلام. بانضمامهم إلى مجموعة من البشر، سيتمكنون من التخلص من معظم الأعباء التي كانت تثقل كاهلهم بصمت طوال هذا الوقت. مقارنة بالمتاهة الدموية، كانت الحياة في القلعة أشبه بالحلم.
هذا بالطبع إن كانوا على استعداد للخضوع لسيد القلعة المتسلط. لو كان صني وحده، لربما فعل ذلك. لكن الآن...
ولكن حتى لو رفضوا، فلا تزال هناك مستوطنة خارجية. ويبدو أن إيفي كانت تُبلي حسنًا بمفردها كصيادة مستقلة، لم تبدُ حالتها بائسة حتى.
في الواقع، قد تكون هي أكثر شخص راضٍ رآه على الإطلاق، لا، بجدية، كيف لها أن تكون بهذا الاسترخاء والبهجة؟ هل هي مجنونة؟
ألقى نظرة جانبية على الصيادة الطويلة بشكل غير معقول وعبس وجهه.
حسنًا، دعنا نفكر في الأمر. لديها سقف فوق رأسها وإمدادات لا محدودة من الطعام اللذيذ، بالطبع هي من كانت تصطاده بنفسها. مجرد هذا كان أفضل بالفعل من حياتي في الضواحي.
بالتفكير في الأمر، لم يكن البقاء في المدينة المظلمة لبقية حياته هو ما تخيله بالضبط لمستقبله، لكنه لم يكن بذلك الاختلاف الكبير عن الصراع من أجل البقاء في الأحياء الفقيرة في العالم الحقيقي. لا، في الواقع، كان هذا أفضل بكثير. لذلك، ربما بدا الموقف بهذا السوء ليس لأنه سيئًا بالفعل، بل لأنه قد خالف توقعاته العالية فحسب.
أظن أن إيفي لم تتوقع أي شيء من الحياة على الإطلاق، ولهذا السبب كانت سعيدة وحيوية للغاية حتى في وسط هذا الجحيم.
''نعم... لا بد أن هذا ما كان يحدث. تم حل اللغز، بسهولة.''
هز الظل رأسه وابتعد، تنهد صني. على الرغم من محاولته العقلانية إلى حد ما للعثور على الجانب المشرق في هذه الكارثة، إلا أنه لم يشعر بأي تحسن على الإطلاق. في الواقع، التفكير في مدى كآبة مستقبلهم المحتوم جعله منهكًا أكثر.
فجأة، ارتعش جلده. غمر الإحساس المألوف بالرهبة والقلق عقله، إلا أن هذه المرة كان أكثر عمقًا وتغلغلًا.
سقط ظل البرج القرمزي على المدينة المظلمة.
...بعد وهلة، أبلغهم صوت تصادم الأمواج بالجدار بحلول الليل. لم يكن صني في مزاج للنهوض، لذا أرسل ظله بصمت ليلقي نظرة في الخارج.
بينما كانت أشعة الشمس الأخيرة المتساقطة تلون العالم باللون الأحمر، كان البحر الملعون يتدفق من الفوهة العظيمة. شاهد صني التمثال البعيد للمرأة الجميلة الممسوح وجهها وهي تغرق ببطء في الظلام، حتى بقيت يدها المفتوحة فقط فوق الأمواج. بعد ذلك، وجه نظره للأسفل.
توقف السطح الأسود المتموج للبحر الملعون على بعد أمتار قليلة فقط من حافة جدار الجرانيت. بدا وكأنه يستطيع لمسه بيده تقريبًا. وعلى الجانب الآخر من الحاجز الحجري، كانت المدينة المدمرة مغمورة في الظلال، على بعد عشرات الأمتار تحت مستوى المياه.
محاصرًا بين امتداد لا نهائي من البحر المظلم، والفراغ الشاسع للأنقاض في الناحية الأخرى، بدا الجدار العظيم رقيقًا كالورقة. ومع ذلك، صمد بصمت أمام الضغط الساحق للأمواج السوداء، كسد يحمي المدينة أدناه من التدمير بفعل الفيضان الرهيب... كما ظل يفعل ذلك لآلاف السنين.
ومع ذلك، لم يستطع صني سوى تخيل كل هذا الوزن الساحق وهو ينفجر عبر الجدران في سيل من الظلام الغامر. شعر بقشعريرة باردة تسري في جسده.
أمر صني ظله بالعودة، وأجبر نفسه أخيرًا على الوقوف، ثم سار نحو نيفيس.
كانت نجمة التغيير تجلس وظهرها إلى الحائط، وعلى وجهها تعبير مظلم. عند سماع خطواته، رفعت عينيها نحوه.
جلس صني بجانبها، وظل صامتًا لبرهة، ثم قال:
"ما رأيك؟"
كانت صامتة لفترة طويلة، تنظر إليه فقط بتعبير متصلب. عندما اعتقد أنها لن تجيب، ردت نيف أخيرًا.
وعندما فعلت ذلك، اشتعلت شرارة بيضاء في أعماق عينيها الرماديتين الباردتين.
"سنجد طريقة للعودة، لا يهم ما يجب علينا القيام به، سنفعل ذلك."
ترددت كلماتها داخل برج الجرانيت، مما جعل الظلال على الجدران تتراقص في فرحة شريرة.