المجلد الثاني-شيطان التغيير [shadow slave]
الفصل 315 : حصار البرج القرمزي (1)
المترجم : محمد
___
عبد الظل 315. حصار البرج القرمزي (1)
في ضوء الفجر البارد، كان برجًا قرمزيًا عملاقًا يرتفع من المتاهة. من هذه المسافة، بدا وكأنه سيف ملطخ بالدماء دفعه أحد العمالقة البدائيين إلى السماء.
تدفق المرجان القرمزي من جدرانه مثل دم الحكام، وانتشر من قاعدة البرج ليلتهم الشاطئ المنسي كله. بدا وكأن البرج نفسه كان يقف على جزيرة محاطة من جميع الجوانب بالمياه السوداء. على الرغم من أن الشمس كانت تشرق بالفعل، إلا أن هذا الجزء من البحر الملعون لم يختفِ.
وبدلاً من ذلك، ظل يتنقل ويتحرك إلى ما لا نهاية، ويشكل دوامة عملاقة. يمكن رؤية أشكال غير واضحة تتحرك تحت سطح الماء الأسود، مما غمر قلوب البشر الذين تجرّأوا على الاقتراب من البرج بالفزع.
نظر صني لأعلى، إلى الامتداد اللامتناهي للبرج القرمزي، وشحب وجهه. عن قرب، بدا أكثر شؤمًا، وأشد قمعًا، وأكثر رعبًا. لقد كافح ليصدق أن هذا الهيكل العملاق قد تم بناؤه بأيدي بشرية، ناهيك عن أنه كان يعتبر خلاصهم ذات مرة، منذ زمن طويل.
الآن، بدا البرج القرمزي فقط مشوهًا ومخيفًا وشريرًا تمامًا. لقد بعث شعورًا بالقوة المروعة التي لا يمكن لأي إنسان أن يأمل في تحديها.
ومع ذلك، كان هذا بالضبط ما كانوا سيفعلونه.
وبابتعاده، ألقى نظرة على معسكر جيش الحالمين.
خلال الأسبوع الماضي، اجتاز الخمسمائة منهم المتاهة للوصول إلى هذا المكان. لقي بعضهم حتفهم على طول الطريق، ولكن ليس بالعدد الذي توقعه. في تلك الرحلة القصيرة، كان الحظ إلى جانبهم.
خلال هذه الأيام، قاموا بذبح عدد لا يحصى من مخلوقات الكابوس وتمكنوا بطريقة ما من تجنب جذب غضب سكان الأعماق.
لقد رأوا تمثال اللورد مقطوع الرأس الذي يقف في منتصف الطريق بين المدينة المظلمة والبرج القرمزي والعديد من الأشياء العجيبة والرهيبة الأخرى.
والآن، كادوا أن يصلوا إلى هدفهم.
كان الناس مشغولين بالتحضير للمعركة. تحولت الرهبة التي شعروا بها عند الفجر بعد النظر إلى البرج القرمزي، الذي كان قريبًا جدًا الآن، إلى تصميم وعزيمة قاتمة. كان الجميع يتخذون الاستعدادات النهائية. كان بعضهم يفحصون دروعهم وأسلحتهم للمرة الأخيرة. والبعض يقيمون تحصينات مؤقتة على عجل.
كان بعضهم يصلّون، يتوسلون إلى الآلهة الميتة لتنقذ حياتهم.
في الحقيقة، كان صني الشخص الوحيد الذي بدا كسولاً.
حسنًا، ماذا توقعوا غير ذلك؟ ما زالت نيفيس لم تخبره عن دوره بالضبط في المعركة. ليس وكأنه ملزم للاستماع، بالطبع…
بتنهدٍ، التفت إلى الأعضاء الآخرين في المجموعة، الذين تجمعوا حول النار، ليناقشوا خطة المعركة للمرة المائة. بدا الجميع كئيبًا بشكل غير معهود اليوم.
واحداً تلو الآخر، غادروا للانضمام إلى الاستعدادات. سرعان ما كانت نجمة التغيير هي الوحيدة المتبقية.
ببعض التردد، اقترب منها صني وجلس محدقًا في النار. بعد فترة قال:
"هذا غريب جدًا، ألا تعتقدين؟"
نظرت إليه ورفعت حاجبها.
لقد تغيرت نيفيس كثيرًا منذ أول مرة التقيا فيها، لكنها ظلت أيضًا كما هي تمامًا. كانت لا تزال هادئة وواثقة، ببشرةٍ عاجيةٍ وشعرٍ فضيٍّ جميل. كانت لا تزال قوية ومليئة بالقناعة.
كل ما في الأمر أن عينيها بدتا جوفاوتين بعض الشيء هذه الأيام.
"ماذا؟"
هز صني كتفيه.
"فقط... كل ذلك. إذا وصف لي أحد هذا المشهد قبل عام، لكنتُ في حيرةٍ حقيقيةٍ. ومع ذلك، وها نحن هنا."
انتظر قليلًا، ثم أضاف:
"لقد قطعنا شوطًا طويلاً. نحن الثلاثة."
نظر كلاهما إلى كاسي، التي كانت مشغولةً في شرح شيء لممثلي الحرفيين. كانت يدها الرقيقة تستقر على مقبض الراقصة الهادئة.
بعد فترة، أومأت نيفيس رأسها.
"نعم. والآن، نحتاج فقط إلى اتخاذ خطوة أخيرة."
ظل كلاهما صامتين لبعض الوقت، مفكرين في مدى صعوبة هذه الخطوة الأخيرة حتى الآن. بلا مثيل…
بعد ذلك، تنهد صني:
"إذن، ماذا تريدين مني أن أفعل؟ من الطريقة التي واصلت بها تجنب الموضوع في الأيام الماضية، أعتقد أنه ليس شيئًا هيّنًا."
ابتسمت نجمة التغيير، ثم نظرت إليه بشراراتٍ بيضاءَ ترقصُ في عينيها.
"شيء صغير حقًا، حقًا."
ثم استدارت لمواجهة البرج القرمزي، مترددةً لبعض الوقت، ثم قالت فجأة:
"...أعطني يدك."
عندما فعل صني، انتقل شيءٌ ما عبر بشرتها الباردة إلى نواة الظل. استدعى الأحرف الرونية ونظر، وهو يعرف بالفعل ما سيراه. هناك، كان مدرجًا في ذكرياته:
مفتاح القسم: [7].
بطريقةٍ ما، لقد جمعت المفاتيح الستة من بقية المجموعة. والآن، عهدت بهم إلى صني.
قالت نيفيس وهي لا تزال تنظر إلى البرج العملاق:
"...أريدك أن تدمر البحر المظلم. أو تنفيه، على الأقل."
ابتسم صني.
"شيء صغير حقًا، بالفعل."
سرعان ما ارتفعت الشمس، وأصبحت الدوامة المظلمة المحيطة بالبرج القرمزي أصغر قليلًا. ارتفعت عدة جسور من المرجان الأحمر من أعماق الدوامة، وربطت الجزيرة ببقية الشاطئ المنسي.
وهناك في الجزيرة، بدأ عددٌ لا يُحصى من الظلال في التحرك فجأة، والزحف من التلال القرمزية. كانت مخلوقات الكابوس التي تحرس البرج الملعون.
وكان من بينهم كل أنواع الأهوال. كان هناك أعضاء من فيلق الدرع: الزبالون وقادة المئات والشياطين. كانت هناك مستعمرات من الديدان آكلةِ اللحوم، والزواحف العملاقة التي تفرز الزيتِ المذيبِ، والكرمة المخيفة التي تزحف على الأرض مثل الثعابين.
كان هناك مخلوقات تشبه كتلًا سوداء من العظام المتعفنة، ومخلوقات تشبه البشر مصنوعة من الصخور، مع أفواه فظيعة مليئة بأنيابٍ مسننةٍ.
كانت هناك أسراب من الحشرات الشفافة التي تلتهم كل شيء في طريقها والعناكب الضخمة المكسوة بالدروع الحديدية.
كان هناك وحوشٌ يمكن أن تطلق رماحًا عظمية مميتة من أجسادها ووحوش يمكن أن تحول فريستها إلى حجر بنظراتها.
كانت هناك جثث بها أزهارٌ حمراءُ تنمو من الثقوب في لحمها ورجاساتٌ عملاقةٌ تشبه فرس النبي، وكأنها مصنوعةٌ من الزجاج والطين الملطخ بالدماء.
وغيرها الكثير من المخلوقات التي لم يرها صني أو يقاتلها أو يستطيع وصفها.
تحرك كل منهم معًا في وئام غريب، متجردين من العدوان الإقليمي المعتاد الذي كان يدفع مخلوقات الكابوس من القبائل المختلفة على قتال بعضها البعض. لقد أُخضِعوا للرعب القرمزي، وكانوا الآن يحرسون البرج.
مثل موجة رهيبة، تدحرجَ حشد الوحوش فوق جسور المرجان القرمزي وتدفقوا نحو الجيش البشري.
من موقعه في الجزء الخلفي، يمكن لصني أن يرى بوضوح أجساد أولئك الذين وقفوا في الخط الأمامي ترتجفُ وتتخذُ خطوة لا إرادية إلى الوراء. حتى أن أحدهم أسقط سلاحهُ. بعد لحظة، تدحرج صوت إيفي العالي فوق صفوف النائمين:
"الزموا مواقعكم، أيها الحقراء! إذا هرب أحد، سأقتله بنفسي!"
الغريب أن صراخها الغاضب بدّد الخوف من قلوبهم.
لكن بعد لحظة، غرق صراخها في نشاز الحشد المقترب.
…لقد بدأت المعركة من أجل البرج القرمزي.