# رواية : Shadow Slave (عبد الظل)
# الفصل 56 : أثقل شيء في العالم
# المجلد 1 : طفل الظل
# المترجم : محمد
________________________
رمش ساني بعينيه، وحدّق في الفتاة العمياء بدهشة وشيء من القلق. لقد أذهلته كلماتها المفاجئة حقًا. لماذا تُخفي شيئًا كهذا؟ ولماذا اختارت إخباره الآن؟
سألها بحذر، مشوش الذهن:
"رؤى أخرى؟ لماذا لم تخبرينا من قبل؟"
ارتسمت على وجه كاسي ابتسامة خاطفة منهكة، ثم أطرقت برأسها لبرهة في صمت. وبعد أن أغمضت عينيها، قالت:
"ربما لا تعرف… وكيف لك أن تعرف؟ لكن المعرفة… المعرفة قد تكون عبئًا ثقيلًا. أثقل حتى من أثقل شيء في العالم."
ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة حزينة.
"أخشى أنه بمجرد أن أخبرك، سأتسبب في تحقق ما رأيته."
توتر ساني على الفور، وقد فزع مما تنطوي عليه كلماتها. إن كانت تخشى تحقق رؤاها، فلا بد أن ما رأته كان سيئًا… سيئًا جدًا.
وإن كان أمرًا فظيعًا ينتظرهم، فعليه أن يعرفه مسبقًا ليتمكن من الاستعداد والتعامل معه. فمع الاستعداد، تصبح الكثير من الأمور أقل خطرًا. لكن… ماذا لو أن استعداداته ذاتها ستكون السبب في وقوع الكارثة، محققةً بذلك نبوءة كاسي؟!
هذه هي خطورة معرفة المستقبل.
'تبًّا… رأسي بدأ يؤلمني. أكره هذا الهراء!'
عانى ساني طويلًا وهو يحاول أن يقرر إن كان عليه أن يضغط عليها لتكشف عن رؤاها. كلا الخيارين سيتركه في حيرة وقلق، فلم يكن واثقًا مما عليه فعله. وفي النهاية، عجز عن اتخاذ القرار، فاختار الصمت. وكذلك بقيت كاسي صامتة.
وبعد مضي وقت، تكلّمت أخيرًا:
"هل يمكنك… هل يمكنك فقط أن تعدني بشيء واحد؟"
بدت كأنها تحاول التوصل إلى تسوية بين قول كل شيء وبين الصمت التام. عبس ساني وقال:
"يعتمد ذلك على ما تطلبينه."
ترددت الفتاة العمياء قليلًا قبل أن تقول:
"هل تعدني بأن تعتني بنيف؟ مهما حصل؟"
تأخر ساني في الرد قدر ما سمح له الألم المتصاعد. وعندما بات الأمر لا يُحتمل، قال على مضض:
"لا أستطيع. بالكاد أستطيع الاعتناء بنفسي."
ولم يكن يثق في النجمة المتغيِّرة بما يكفي ليقطع وعدًا كهذا. لم يكن لديه شيء ضدها، بل إنه حتى كان يحبها نوعًا ما، لكن الحقيقة أنهم لا يعرفون بعضهم جيدًا. تحالفهم وُلد من الضرورة، لا من الاختيار. ومن يدري ما قد يحدث عندما تزول الحاجة المتبادلة؟ عبارة "مهما حصل" كانت أثقل من أن يفي بها.
وبالطبع، كان بوسعه أن يخدع كاسي بالإجابة بـ"نعم". فالسؤال كان عن إمكانية أن يَعِد، لا عن مدى التزامه بوعده. لكنه، في تلك اللحظة، وجد نفسه مترددًا بشكل غريب في خداعها.
ربما كان أثر صفة الصدق التي أُلزِم بها يتسلل إليه ببطء.
تنهدت كاسي واستدارت مبتعدة. وفجأة، شعر ساني بأن شيئًا غير مرئي قد تبدل فيها.
"أفهم… نعم. هذا عادل."
ثم استدعت عصاها ومضت مبتعدة، تاركةً ساني في حالة من الكآبة والقلق… تمامًا كما توقّع.
مهما حاول أن يهدأ بعدها، كانت أفكاره تتشعب وتضطرب. وفي نهاية المطاف، وجد نفسه يحاول ربط ما يعرفه عن الفراغ الخالي — أو "الشاطئ المنسي" كما جاء في وصف نصل اللازورد — ببعضه البعض.
إن لم يكن لشيء آخر، فعلى الأقل ليُبعد ذهنه عن التفكير في ما دار بينه وبين كاسي مؤخرًا.
ولسبب ما، بدا له أن فهم هذا العالم قد غدا أمرًا ملحًّا.
سيفه، درع فيلق النجوم، وحوش الدرع، والتمثال العملاق مقطوع الرأس… كل هذه الأمور بدت وكأن بينها رابطًا، لكنه لم يستطع تحديده. هل كان التمثال نصبًا لأحد مؤسسي فيلق النجوم السبعة؟
جملة النقوش التي وصفت الدرع قالت إن أسماءهم ووجوههم ضاعت في طيّ النسيان. والرأس المفقود للتمثال يتماشى تمامًا مع هذا الوصف.
أما صدى الكائن الزبال فألمح إلى أن وحوش الدرع هم "جنود ملعونون من الفيلق الساقط". فهل كان هذا الفيلق الساقط هو نفسه فيلق النجوم؟ حصوله على الدرع بعد قتل قائد الدروع يؤكد هذه الفرضية تقريبًا. لكن إن كان الأمر كذلك، فلماذا لُعنوا؟
الفراغ الخالي… فيلق النجوم… ما معنى كل هذا؟ قيل إن الأبطال السبعة وُلدوا في "ظلمة مستهلكة لكل شيء". وكان عهدهم أن يعيدوا النور إلى الأرض الملعونة. فأي نور هذا؟ نور النجوم؟ وما طبيعة تلك الظلمة المستهلكة؟
هل كانت تجسيدًا للعنة التي أصابت أرضهم؟ وإن صح ذلك، فهل هي نفس اللعنة التي حوّلت جنود الفيلق إلى وحوش كاراباس؟
وإن كانت اللعنة لا تزال قائمة… فهل سيستيقظ ساني يومًا ليجد قشورًا صلبة تنمو فوق جلده؟
'يا له من فكر مقزز.'
نُسي الأبطال السبعة، لكن ذكرى عهدهم، على ما يبدو، ما زالت قائمة. "على هذا الشاطئ المنسي، لا يتذكر سوى النجوم"… هكذا وُصف نصل اللازورد. هل هناك مغزى خفي في هذه الكلمات؟ هل كانت الذكريات التي يُمنحونها على هذا الشاطئ تحمل سرًا دفينًا؟
تنهد ساني في داخله.
'أسئلة كثيرة… ولا إجابة واحدة!'
ثم تذكّر اللغز الأكبر — رؤية كاسي… الرؤية الوحيدة التي اختارت أن تُفصح عنها. حلمت بظلام بلا حدود مُقيَّد خلف سبعة أختام. وحين فُكّت الأختام، تحرر الظلام. كما رأت برجًا قرمزيًّا تحرسه سبعة رؤوس مقطوعة، كل منها يحرس قفلًا من الأقفال السبعة. فهل هذه الأقفال مرتبطة بتلك الأختام؟
وهل كان الرأس المفقود للفارس العملاق واحدًا من الرؤوس التي تحرس تلك الأقفال؟
أم أن كل ما يظنه مجرد أوهام، واستنتاجات واهية يربطها بعشوائية حيث لا وجود لرابط؟
زفر ساني، مدركًا أن فضوله لن يُروى قريبًا. فمعلوماته شحيحة جدًا ليصوغ نظرية متماسكة. وإن كان الأمر كذلك، فما الفائدة من تعذيب نفسه الآن؟…
ربما، مع مرور الوقت، ستتضح الأمور.
غير أن كلمة "المستقبل" وحدها كانت كفيلة بجعله يعبس.