المجلد الأول - طفل الظل [Shadow Slave]

الفصل 93: المياه السوداء

المترجم: [محمد]

__________

على ما يبدو، حين يتعلّق الأمر بتحقيق المستحيل، فقد تفوقت النجمة المتغيِّرة حتى على ساني. كان انتصارها على طاغية مستيقظ أمرًا مذهلًا بحد ذاته... لكن أن تتمكن من قتل رعب مستيقظ؟ لقد منحت كلمة "مذهل" معنى جديدًا بالكامل.

"لا عجب أن قدراتها على الجانب متعددة الاستخدامات..."

الآن، بات ساني واثقًا من أن جانب النجمة المتغيِّرة ينتمي إلى رتبة إلهية، تمامًا كجانبه هو. وهذا يفسّر قدرتها المذهلة على الجمع بين الشفاء والتدمير، مزيج نادر يماثل تحكمه في الظلال.

"ما احتمالية أن يقترب نائمان بجوانب إلهية من بعضهما في عالم الأحلام؟"

بالكاد تساوي صفرًا. وكأن السمة الغامضة [المقدَّرة] قد تدخلت مجددًا، ونسجت خيوط القدر بطريقة لا يمكن التنبؤ بها.

شعر ساني بقشعريرة تسري في عموده الفقري.

لطالما كانت صفته الفطرية تجلب البركات المعجزة واللعنات الكارثية. وعلى السطح، بدا لقاؤهم بـ نيفيس من النوع الأول... لكن، إن كان هذا اللقاء وليد تلاعب بالمصير، فقد يتحوّل إلى أفظع المصائب في نهاية المطاف.

فأحد المعاني المحتملة لاسمها الحقيقي هو نجمة الخراب .

الخوف الذي اجتاحه في اللحظة التي تَصادمت فيها سيوفهما لا يزال عالقًا في ذهنه.

وكان هناك أيضًا أمور أخرى قد كُشف عنها...

من الواضح أن النجمة المتغيِّرة كانت تعرف شيئًا عن [قطرة من دم الحاكم]، فقد سمّتها "ذكرى النسب" بكل أريحية، وكأنها معتادة على وجودها. ما يدل على أنها تمتلك معرفة أعمق بكثير من ساني وبقية المستيقظين. وكأن هناك أسرارًا في الطبقات العليا لا يُراد لها أن تُفشى.

ربما كانت تلك الأسماء الثلاثة التي ذكرتها له... جزءًا من تلك الأسرار. أو تلك الكلمة الأخيرة التي نطقت بها، متسائلة عن "المجال" الذي ينتمي إليه. ما هي هذه المجالات؟ ما طبيعتها؟

أسئلة كثيرة... بلا إجابة.

قضى ساني ساعات طويلة يتأمل، يُفكك كل معلومة جمعها عن الشاطئ المنسي.

انطلق قارب الدرع محلّقًا فوق المياه السوداء، مقتربًا شيئًا فشيئًا من الأفق الغربي.

وسرعان ما شعر بأن الليل يلفظ أنفاسه الأخيرة. فأضاء بصيص أمل في قلبه.

لكن عندها... نفد حظهم أخيرًا.

جاءت الكارثة دون سابق إنذار، وابتلعتهم بعنف في دوامة من الفوضى. هذه المرة، لم يشعر ساني بوجود الخطر قبل ظهوره. لم يكن هناك تحذير... الخطر ببساطة ظهر من العدم، ولم يُتح له حتى لحظة واحدة للرد.

لحظة واحدة كانت المياه السوداء فيها ساكنة، وفي اللحظة التالية بدأت تغلي بالحركة، بينما تصاعدت منها مجسّات بشعة، تلتف حول بدن القارب.

حاول ساني أن ينهض على قدميه، لكن السفينة انقلبت فجأة بعنف إلى جانبها. سقط أرضًا، ودوّى في أذنه صوت المعدن وهو يئن وينفجر تحت الضغط. ثم ملأ فمه ماء البحر المالح.

انتفض واقفًا، فرأى نيفيس واقفة على مقدّمة القارب، وسيفها الفضي يضرب المجسّات التي اقتربت. لكنها، وقد أعماها الظلام، لم تلحظ تهديدًا آخر... مجسّات مختلفة تسلّلت ولفّت جسدها…

ثم، ودون حتى صرخة واحدة، اختفت... جُرّت إلى الأعماق المظلمة، بلا رجعة.

ما تبقّى منها كان نصلًا فضيًا، عالقًا في الجسد اللزج المنتفخ لتلك المجسّات الغريبة.

اتسعت عينا ساني، غير مصدّق.

"لا... لا، لا، لا... هذا لا يمكن أن يحدث..."

ثم سُحق بدن قارب الدرع، وتمزّق إلى شظايا، وأُسقط ساني في المياه السوداء الباردة.

تجمّد للحظة من شدة البرودة. ثم لفّ الظل جسده، وبدأ يسبح، يحاول الوصول إلى السطح. وحين نجح أخيرًا، دار بعينيه في محيطه، باحثًا عن أي بصيص... أي أمل.

لكن لم يكن هناك شيء. لا شيء سوى أمواج مضطربة ومجسّات متلوية.

سوى...

في البعيد، لمح ساني شكلًا غامضًا يطفو فوق سطح الماء. أجهد عينيه لتمييزه... ثم قفز قلبه في صدره.

على بعد بضع مئات من الأمتار، ارتفعت يد حجرية عملاقة من البحر، وفتحت كفها نحو السماء، كما لو كانت تتوسّل للنجاة. كانت يدًا رفيعة، منحوتة بدقة فائقة، وكأن نحاتًا فذًا من جنسٍ آخر قد نحتها.

لولا أنه يعلم أنها من حجر، لكان صدق أنها يد كائن حي.

لكن لا أهمية لذلك الآن. ما يهم هو أنها تمثّل فرصة للنجاة.

شدّ ساني كل عضلة في جسده، وبدأ يسبح نحو اليد، متفاديًا المجسّات، مندفعًا بكل ما أوتي من قوة.

لكنّه توقف فجأة. ونظر خلفه.

كانت حطام القارب—قطعًا معدنية وعظامًا مشوّهة—تطفو على سطح البحر المظلم. لقد رأى نيفيس تُسحب إلى الأعماق، لكن كاسي... كاسي التي كانت ترتدي سترتها الساحرة التي تلفت الأنظار، كان من الممكن أن تهرب.

لم يستطع المغادرة قبل أن يحاول، على الأقل، العثور عليها.

'... أم يمكنني؟'

راودته فكرة مظلمة. فبقاءه كان الشيء الوحيد المهم حقًا، أليس كذلك؟ كل ما عدا ذلك كان مجرّد عائق...

'لماذا لا تفكّر في نفسك للحظة؟ هل ستخاطر بحياتك من أجل فتاة عاجزة قد تكون ميتة أصلًا؟'

تردّد.

'اعترف بذلك، إنها عبء. لطالما علمت أنها ستجرك نحو الهلاك يومًا ما...'

نعم، علم ذلك. لكن...

'لكن ماذا؟ ستموت، أيها الأحمق! اهرب الآن، هذه فرصتك! ربما هي فرصتك الوحيدة!'

شعر ساني بإحساس ثقيل من الندم يعتصر صدره، تنفّس ببطء.

ثم، صرّ على أسنانه، وغاص مجددًا عائدًا إلى بقايا القارب المحطم.

'ما الذي تفعله؟! هل جننت؟!'

لم يكن يستطيع الرؤية في المياه السوداء، لكن حاسّة الظل كانت لا تزال تعمل بدرجة مقبولة. ما زال هناك أمل في أن يشعر بوجود كاسي، إذا لم تكن قد ماتت أو جُرّت إلى قاع هذا الجحيم.

'أحمق! لا تستحق هذا! لماذا... لماذا تفعل ذلك؟!'

قطّب جبينه، وأسكت الصوت الداخلي الذي يصرخ بداخله. الإجابة كانت واضحة في ذهنه:

'لأني أريد ذلك!'

____

صورة من أحد القراء الأعزاء للوحش:

2025/06/04 · 52 مشاهدة · 831 كلمة
Mohamed zhg
نادي الروايات - 2025