المجلد الثاني - شيطان التغيير
[Shadow Slave] الفصل 96: المنفى
المترجم: محمد
______
"استيقظ، يا عديم الشمس! كابوسك..."
"اصمت بحق الجحيم!"
هسهس ساني من بين أسنانه محاولًا التشبث بلحاف النوم الدافئ، مغلقًا عينيه بعناد. كان مستلقيًا في سريره، دافئًا ومسترخيًا، حيث بدت كل مشكلات العالم أقل وطأة وأقل جدية.
ساد صمت لحظة قصيرة.
'هكذا أفضل...'
"استيقظ، يا عديم الشمس! كابوسك..."
'تبا لهذا الشيء!'
دفع ذراعه من تحت البطانية، واستدعى إحدى ذكرياته. على الفور، ظهر في يده خنجر رمي ثلاثي الحواف، فَرماه بلا تفكير نحو مصدر الصوت المزعج. لم يُصب الهدف، بل ارتطم الكوناي بالحائط الحجري وسقط على الأرض.
لكن الصوت صمت.
تنهد ساني بعمق. لقد فات الأوان. كان مستيقظًا الآن.
في البعيد، بدأت الأمواج تتلاطم بسور المدينة. كان الليل يقترب، وحان وقت الاستيقاظ.
فتح عينيه، وجلس يتأمل المكان من حوله.
كانت غرفته فسيحة وجميلة، جدرانها الحجرية منقوشة بأنماط معقدة تضفي هالة من القداسة والرقي. أما الأثاث، فكان مصنوعًا من خشب باهت مصقول، مع قطع متفرقة غير متناسقة، جمعها ساني بنفسه من أماكن متفرقة.
لم تكن للغرفة نوافذ، لكن مَناورًا مخفية نُقشت بمهارة هنا وهناك. للأسف، تضرر النظام المعقد من المرايا الذي كان من المفترض أن يغمر الغرفة بضوء الشمس، ولم يبقَ سوى الظلمة في الداخل.
ولم يكن ساني يمانع. بل في الواقع، كان هذا أحد الأمور التي أحبها في عرينه السري.
فالظلام كان صديقه الأقرب.
تثاءب ونهض، يفرك وجهه ليطرد آخر بقايا النوم. شعره الطويل المتسخ انسدل على وجهه، فدفعه إلى الخلف بحركة ضجر.
– لنحضّر الفطور...
لكن، أولًا الأمور الأهم...
لوّح بيده، وسحب الخيط غير المرئي الذي كان يربط معصمه بحلقة الكوناي المثبتة في شكل خاتم. قفز الخنجر في الهواء وهبط في كفه بمرونة. كانت تلك خدعة تطلّبت من ساني وقتًا طويلاً لإتقانها، وكاد أن يفقد إصبعين في محاولاته الأولى لتعلّم التحكم في الخنجر الطائر.
اقترب من جدار خالٍ من النقوش، وخدش فيه خطًا صغيرًا باستخدام الكوناي. على الجدار، كانت هناك عشرات الخطوط المماثلة، مرتبة بعناية في مجموعات من خمسة.
لقد مرّ عليه أربعة أشهر منذ أن وطأت قدماه هذه المدينة المهجورة البغيضة.
وقد شهد خلالها كثيرًا...
تحققت رؤية كاسي في النهاية. في أقصى الغرب، عثروا على مدينة شاسعة مدمرة، محاطة بأسوار عالية، تجوبها المسوخ في أزقتها الضيقة. وفي مركزها، ارتفع تل تعلوه قلعة شامخة.
ولدهشتهم، كانت القلعة مأهولة بالبشر. لكنهم لم يكونوا من المستيقظين كما تمنّى ثلاثتهم... بل كانوا جميعًا نائمين.
إذ لم تكن هناك بوابة في القلعة.
مئات من البشر — أولئك الذين نجوا من الجحيم المميت للشاطئ المنسي بقوة أو بحظ — ظلوا محاصرين هناك بلا أمل في العودة إلى العالم الحقيقي. كانت القلعة، في حقيقتها، مقبرة للأمل.
حين استرجع ساني أيامه الأولى في القلعة، لم يستطع إلا أن ينفجر ضاحكًا. يا له من أحمق كان آنذاك... مليئًا بالأمل، بإيمان متجدد في الإنسانية. وأين ذهب ذلك الإيمان الآن، يا ترى؟
ضحك بهستيريا، وانحنى يصفق على ركبتيه.
"أوه، نكتة عظيمة! واحدة ممتازة يا ساني! ما رأيك بها، يا صاح؟"
لم يرد الظل، مكتفيًا بالتحديق فيه بنظرة توبيخ. ذلك الصمت جعله يضحك أكثر... لم يستطع التوقف.
ولكي نكون صادقين، فقد بدأ يفقد صوابه منذ وقت ليس ببعيد. ربما في أسبوعه الثالث من العيش بمفرده في المدينة. بعد مغادرته القلعة نتيجة خلاف مؤسف مع... حسنًا، لا داعي لذكره الآن.
المهم، في أسبوعه الثالث، أوشك ذلك الفارس اللعين على تمزيقه إربًا، مما اضطر ساني للزحف مبتعدًا، ممسكًا بأمعائه كي لا تتدلى منه. وبعد أن وجد ملاذًا في حفرة نائية، قضى أيامًا راقدًا هناك، عاجزًا عن الحركة، ينتظر الموت بصمت... لم يعد ساني بعدها كما كان.
'أيام رائعة حقًا...'
ومع ذلك... نجا.
صرف الكوناي، وتوجه نحو طاولة انتشلها من أنقاض مكتبة، ونظر إلى صخرة رمادية كانت موضوعة في منتصفها.
كانت، من كل الزوايا، مجرد صخرة عادية. لكن ما إن وقعت عيناه عليها، حتى قالت:
"استيقظ، يا عديم الشمس! كابوسك انتهى!"
كانت تلك الصخرة، في الحقيقة، من أكثر ذكرياته قيمة. فهي، باستثناء ميزة واحدة، لم تكن سوى صخرة... وهذا بحد ذاته مفيد جدًا. هناك كثير من الأمور التي يمكن لمحتال مثل ساني إنجازها بمساعدة صخرة.
لكن هذه الصخرة تحديدًا، كانت قادرة على ترديد أصوات مختلفة، وهو ما جعلها لا تُقدّر بثمن.
في الوقت الحالي، كانت تردد صوته هو.
"استيقظ..."
"تبًا لك!"
يكافح رغبته الجامحة في تفتيتها إلى غبار، صرف ساني الذكرى، ثم نزع قطعة قماش عن الطاولة، كاشفًا عن شرائح من لحم المسخ موضوعة على طبق فضي.
لقد اصطاد هذا المسخ بنفسه، وكانت مهمة كهذه صعبة للغاية في هذه المنطقة. في الواقع، على حد علمه، كان من القلائل القادرين على الصيد داخل المدينة بمفردهم. السبب؟ معظم مخلوقات الكابوس التي تجوبها كانت من رتبة الساقط، بينما لا يُرى غير القليل من المخلوقات الأضعف مختبئين هنا وهناك.
لم يكن أحد مجنونًا بما يكفي ليطارد المسوخ الساقطة. عوضًا عن ذلك، اعتمدت فرق الصيد الكبيرة على مرشدين مهرة لتفادي تلك الكائنات أثناء مطاردتهم لفريسة أضعف.
أما ساني، فكان يميز المسوخ المستيقظة التائهة بسهولة نسبية. كان يصطاد ليلًا، مستخدمًا الظلال العميقة لإخفاء وجوده. وإن لم يرغب في قتال رجس ساقط، فلا حاجة لذلك.
في معظم الأحيان...
على كل حال، لم يشعر بالجوع أبدًا.
ابتسم وقال بنبرة راضية:
"آه... الحياة جميلة."