شعرت ليو تشينغ روي بألم خفيف في رأسها فور أن فتحت عيناها .

لكن هذا الألم كان مقبولًا حيث عبست قليلا و نهضت لتلتفت حولها ، و بعد أن ذهب النوم من جفونها أدركت أين هي .

قالت في نفسها ' لا أصدق أنني نمت هنا '

فقد أوضحت ذكرياتها أنه حتى ليو تشينغ روي الأصلية التي بقيت مع شياو تيانياو لثلاث سنوات لم يكن لها شرف المبيت في غرفة شياو تيانياو .

لكن سرعان ما رمت ليو تشينغ روي هذا الفكر إلى مؤخرة رأسها حيث أصبحت عيونها الزرقاء فاترة ، تمتمت في نفسها : مازال سيذهب إذن .

و مع ذلك لم يكن معرفتها عن موت شياو تيانياو هو ما أزعج ليو تشينغ روي و جعلها حزينة و إنما كان أن أحداث الرواية لا تزال كما هي .

فعلى الرغم من محاولة ليو تشينغ روي لتغيير الأحداث إلا أن كل هذا كان من دون فائدة .

فتحت ليو تشينغ روي باب الغرفة و ما إستقبلها كان سماء الفجر الساحرة ، و من حين لآخر كانت هنالك نسمات هواء باردة لكن منعشة .

كان المكان هادئا ، فكل ما سمع كان أصوات تغريد العصافير .

لكن فجأة سمعت ليو تشينغ روي أصوات جدال قادمة من مكان قريب لذا إتبعت الصوت .

مع كل خطوة خطتها ليو تشينغ روي ، كان الصوت يرتفع حتى إتضحت الصورة .

تفاجأت ليو تشينغ روي عندما رأت الشكل الراكع على الأرض ، قالت في نفسها ' ماذا تفعل هنا ؟ '

فمن كان الشخص الراكع غير شين يانشياو .

كان جسمها هزيلا و بشرتها شاحبة مع ملابس مهترئة عكس ما رأتها ليو تشينغ روي آخر مرة حيث كانت أميرة فخورة .

لكن الشيء الذي كان بارزا أكثر هو الهالة الحادة التي كانت حولها ، فمنها سيستطيع المرء معرفة أنها ليست شخصا ليلعب معه .

وقف شياو تيانياو و هو ينظر ببرود إلى شين يانشياو التي كانت راكعة أمامه ، قال : إبتعدي .

صرخت شين يانشياو بعناد : لن أبتعد ، لن أدعك تذهب .

فجأة بدأ لين مينغ فينغ في التلويح بمروحته و قال : لما هذا يا أميرة .

أجابت شين يانشياو مع نبرة تخللها الحقد : لقد نصب ذلك الوغد لك كمين ، لقد تآمر ضدك ليقتلك .

لهذا لا تذهب .

واصلت شين يانشياو الكلام لكن هذه المرة كان صوتها عاليا حيث قالت ببعض الجنون : بدلًا من الذهاب إلى فخ ، لماذا لا تذهب و تغتصب العرش .

ألا تريد أن ترى وجه ذلك الوغد و هو فاقدٌ للأمل ؟

خاصة بعد أن بدأ يتخذ إجراءاتٍ ضدك شخصيًا .

تقوست شفتا لين مينغ فينغ في إبتسامة لكن ليست إبتسامة وراء مروحته البيضاء ، و بعد أن إنحنى رفع شين يانشياو من الأرض .

قال : لماذا تقولين ذلك يا أميرة ؟

يخشى المرء أنه إذا سمعك شخص آخر لكان سيتم إدانتك بشدة بسبب طموحاتك حول العرش !

قالت شين يانشياو مع إبتسامة : أعرف أنه شيء غير قابل لتصديق ، لكنه كذلك .

لقد نصب شين وانغ كاي لكم فخ ، و لن تعود...

قاطع لين مينغ فينغ كلام شين يانشياو بعيون باردة ، قال : الدليل .

صمتت شين يانشياو ، ثم قالت مع إبتسامة تعلوا وجهها : لقد سمعته .

أليس ذلك كافيا ؟

قال لين مينغ فينغ مع نفس الإبتسامة : نعم هذا ليس كافيا .

عبست شين يانشياو قليلا ، ثم قالت : لقد سمعته أمي ، هل هذا كافي ؟

أجاب لين مينغ فينغ : نعم ، ليس كافي .

كيف يكون و القرينة شو قد ماتت البارحة في حريق ؟

قالت شين يانشياو بصوت رتيب : لا ، لم تمت .

هي معنا الأن ، ألا تستطيعون رؤيتها ؟

هذه المرة ، لم يقل لين مينغ فينغ أي شيء فقد كان من الواضح أن شين يانشياو قد جنت و سيكون الكلام معها عقيما .

لذا لم يضعها أي من شياو تيانياو أو لين مينغ فينغ في أعينهما و واصلا السير .

عند رؤية أن محاولاتها قد فشلت ، تنهدت شين يانشياو بتعب ، قالت : لماذا لا تستمعون إلي .

ثم بدأت بالصراخ : لقد قلت لا تذهبوا أي لا تذهبوا .

أين ذهبت عقولكم ؟

من يذهب إلى الفخ بإرادته الخاصة ؟

هل أنتم أغبياء ؟

أثناء قولها لهذا كانت شين يانشياو تتقدم بخطوات واسعة نحو شياو تيانياو و لين مينغ فينغ و في يدها أمسكت بقماش الحرير الذي لم يعد أبيضًا .

كانت هنالك طاقة متقلبة حول شين يانشياو ، قالت : بما أنكم لا تريدون البقاء بإرادتكم ، سأبقي...

لكن و قبل حتى أن تكمل كلامها كان لين مينغ فينغ يقف أمام شين يانشياو من دون أن تأثر عليه الهالة من حولها .

لكم لين مينغ فينغ بطن شين يانشياو بقوة حيث تراجعت لثلاثة أمتار .

كانت هذه الضربة كافية لجعل شين يانشياو تفقد وعيها .

و مع إبتسامة خفيفة و عيون مقوسة ، قال لين مينغ فينغ : أنت لا تستطيعين إجبارنا ، لأن من يستطيع لم يولد حتى الأن !

عند رؤية ما حدث أمامها ، لم تستطع ليو تشينغ روي إلا التنهد على حالة شين يانشياو ، قالت في نفسها ' هل جنت بالفعل ؟ '

فحسب الرواية ، جنت شين يانشياو بعد موت والدتها .

حولت ليو تشينغ روي نظرها إلى شياو تيانياو و لين مينغ فينغ و قالت بصوت هادىء : أنا أصدقها .

لا تذهبا !

كانت كلمتا " لا تذهبا " هي آخر محاولة لليو تشينغ روي لإيقاف شياو تيانياو من الذهاب .

و مع ذلك قوبلت محاولتها و نيتها الصالحة بجدار بارد ، فقد إختفت بسمت لين مينغ فينغ و قال بصوت بارد : لا يهم ما إن كنت تصدقينها أم لا ، فالفتاة جنت .

هل جننت أنت أيضا يا أميرة ؟

صمتت ليو تشينغ روي و خفضت عينيها لتخفي نظرة الشفقة فيهما ، قالت في نفسها ' إذن أتمنى لكم رحلة سريعة إلى العالم السفلي '

فقد كانت ليو تشينغ روي الأن تبدوا و كأنها كانت تدفع حمارا ميت .

فمهما حاولت لم تستطع ليو تشينغ روي إيقاف شياو تيانياو من قراره .

عند صمت ليو تشينغ روي إستدار لين مينغ فينغ ، و قال بصوت خافت لشياو تيانياو : أرجوا أنك إستمتعت بالعرض .

ففي العادة كان شياو تيانياو سيذهب مباشرة من دون سماع كلمة واحدة من شين يانشياو .

لكن و للأسف لم يعرف لين مينغ فينغ أن شياو تيانياو بقي لينظر أكثر إلى ليو تشينغ روي .

أثناء سير شياو تيانياو إلى الأمام إلتفت للوراء لتلتقي عيونه السوداء الصوفية بعيون ليو تشينغ روي الزرقاء الباردة .

دام هذا لبضع لحظات فقط ، لكن بالنسبة إلى الأثنين كان هذا أكثر من ذلك .

****

في الساحة الكبرى في العاصمة .

في العادة و في هذا الوقت من النهار كانت الساحة الكبرى ستكون مليئة بالناس و الأكشاك و المحلات المختلفة ، و مع ذلك كان اليوم يومًا مختلفا بالتأكيد .

بطبع هو كذلك ، فهو يوم إنطلاق البعثة و في الساحة الكبرى سيقوم الإمبراطور نفسه بالخروج و إرسال الجنود إلى الحرب .

بينما سيودع المواطنين ذويهم من الجنود .

كان هذا تقليدا للمملكة الشمالية حيث حرص الأباطرة في القديم على تقديم الدعم بجميع أشكاله للجنود الذاهبين إلى الحرب .

لكنه كان أيضا بمثابة ضغط كبير على الجنود ، خاصة و إن كانوا من الشباب من ذوات الدم الحار .

ففي الساحة الكبرى التي يبلغ حجمها ثلاث ملاعب كرة قدم وقف أكثر من مئة ألف رجل بشكل مستقيم و مع ذلك كان من الواضح عدم وجود الكثير من الإنضباط في صفوفهم .

و مع ذلك لم يهتم المواطنين بهؤلاء الأشخاص كثيرا حيث ركز جزء كبير منهم على الأشخاص الواقفين فوق المنصة .

جلس الإمبراطور مينغ بفخر على الكرسي المرصع بأجود الأحجار الكريمة التي شكلت نقش تنين .

و على الرغم من أنه إمتلك تعبيرا وديا و محببا في عيون الناس إلا أنه كان منزعجا للغاية داخليا .

قال في نفسه بغضب ' متى سيأتي ذلك اللقيط ؟ '

فكيف سيودع الجيش بدون قائده .

فالإمبراطور مينغ لا يستطيع الصبر كثيرا لإرسال شياو تيانياو إلى الحدود ، خاصة الأن .

و إذا لم يأتي ، سيذهب كل شيء في البالوعة !

على الرغم من أن الإمبراطور مينغ بقي هادئا ظاهريا إلا أن المواطنين لم يكونوا كذلك حيث تساؤلوا عن سبب تأخر شياو تيانياو .

حتى أن البعض قال أن هنالك مؤامرة وراء ذلك !

عند ملاحظة المعمعة التي كانت في صفوف المواطنين ، لم يستطيع الإمبراطور مينغ التحمل أكثر حيث شحذت أعينه و همس لقائد الحرس الإمبراطوري ، قال : أرسل الرجال للبحث عن شياو تيانياو .

و لكن بعد مرور دقائق أخرى بدت و كأنها كانت للأبد بالنسبة الإمبراطور مينغ ، سمع صوت حوافر الأحصنة من بعيد جعل الجميع يصمت لوهلة .

قال أحدهم مقاطعا الصمت : لقد جاء الأمير !

عند هذا التعليق إندلع المواطنين في ضجة بينما وصل قلب الإمبراطور مينغ إلى حلقه .

كان من الطبيعي أن يحدث هذا فعلى الرغم من أنه كان الإمبراطور إلا أن لا أحد يحترم وجوده ، بينما أحترم شياو تيانياو و هو غير موجود حتى .

ألم يكن هذا صفعًا للوجه ؟

فبالنسبة الإمبراطور مينغ كان هذا غير مقبول أبدا ، فهو الشخص الذي ولد في عائلة المالكة ، و هو الشخص الذي يمتلك دماءًا نبيلة .

فبمقارنة هذا مع شياو تيانياو الذي لم يعرف أصله من نسبه .

لم يكن الأخير في المستوى أبدا في عيون الإمبراطور مينغ .

و مع ذلك و بفضل سنوات من الخبرة ، أخفى الإمبراطور مينغ ما كان يفكر فيه و إرتسمت إبتسامة ودية على وجهه القديم .

نزل شياو تيانياو من الحصان الأسود العالي و تبعه لين مينغ فينغ على اليمين .

كانت حولهما أجواء و هالة قمعية فمع نظرة واحدة كان الحشد قد صمت بالفعل .

كان هذا بسبب الإحترام لكن جزء كبير منه كان بسبب الخوف .

فمع إنعكاس شمس الربيع على درع شياو تيانياو الأسود و نظرته الحادة و تعابيره الخطيرة ، أطلق هالة قمعية جعلت قلوب كل من رآه يتخطى نبضة .

عند رؤية هذا ، لم يستطع الإمبراطور مينغ إلا صرير أسنانه و الوقوف مع إبتسامة أخفت شعوره .

عند وقوف الإمبراطور مينغ ركع كل المواطنين و الجنود إحتراما له فهو ما يزال حاكمهم في النهاية .

و مع ذلك لم يركع أي من شياو تيانياو أو لين مينغ فينغ حتى أنهما نظرا مباشرة إلى عيون الإمبراطور مينغ .

عند رؤية هذه الوقاحة ، رغب الإمبراطور مينغ في أمر شخص ما بالقيام بقتل شياو تيانياو لكنه لم يفعل .

فإن إستطاع ، لكان قام بهذا منذ زمن طويل .

و بدلا من ذلك إستفسر مع نبرة قلقة : لماذا الأن ؟

سيظن أي شخص أنك هربت بسبب تأخرك ؟

عقد شياو تيانياو يده ، و قال بصوت بارد : لقد تأخرت ، لأن شخصا ما لم يقم بالتنظيف وراءه جيدا .

أصبحت عيون الإمبراطور مينغ حادة عندما سمع هذا ، خاصة أنه لم يفهم ماكان يقصده شياو تيانياو بكلامه .

و مع ذلك ، لم يفكر الإمبراطور مينغ في هذا الأمر كثيرا فقد أراد إرسال شياو تيانياو في طريقه في أسرع وقت ممكن .

و مع صوت رتيب ، قال الإمبراطور مينغ :

مثل كل عام ، سيكون علي توديعكم إلى الحدود و إرسالكم للقتال .

على الرغم من أنني أكره ذلك حقا ، إلا أنه يبقى واجبكم الذي عليكم القيام به .

واجبكم المتمثل في كونكم مواطنين صالحين من المملكة الشرقية !

واجبكم المتمثل في كونكم جنود هذه المملكة !

لذا عليكم القتال ، المثابرة و الفوز لجلب النصر .

لن يكون هذا النصر لي ، و لكنه لكم أنتم يا من ضحيتم بالدم و العرق لأجله .

هذا النصر ، سيكون للملكة الشرقية ، لعائلاتكم و أخيرا لأنفسكم .

قاتلوا يا جنودي !

فوزا يا جنودي !

عودا يا جنودي !

ليكن الحظ معكم .

فور أن توقف الإمبراطور مينغ عن إلقاء خطابه ، أمسك كأسا مليئة بالنبيذ حملها الخصي منذ وقت طويل و شربها في جرعة واحدة ليكسر الكأس بعد ذلك .

عند قيامه بهذا ، قام المواطنون و الجنود من ركوعهم في لحظة واحدة ، و صرخ الجنود بحماس .

فقد كانت هذه فرصة لا تعوض لهم لتغيير حياتهم و تحريرها من العبودية .

قام شياو تيانياو بإدارة عينيه و من تعبيره كان واضحا عدم اللامبالات التي كان عليها ، قال في نفسه ' منافق '

لكنه كان لا يزال يتبع حذو الإمبراطور مينغ على أي حال حيث شرب كأس النبيذ في جرعة واحدة و رمى الكأس ليتكسر بعد ذلك في جزيئات صغيرة .

صرخ كل من الجنود و المواطنين بحماس عند رؤية ذلك ، فقد كان إنكسار الكأس لجزيئات صغيرة فألا جيدا .

و قد بشر هذا بعودة الجنود من الحرب منتصرين .

لم يقل شياو تيانياو أي شيء إضافي بعد ذلك حيث أعطى بظهره إلى الإمبراطور مينغ و ركب على حصانه العالي متجها إلى بوابة العاصمة .

لكن هذه المرة لم يلتفت شياو تيانياو إلى الوراء !

...

إستمتعوا

2022/02/16 · 316 مشاهدة · 2045 كلمة
نادي الروايات - 2024