الفصل العشرون – قرار الرحيل نحو المجهول
مرّت عشر سنوات من الصيد، التدريب، والمعارك الدامية. تحوّل شيرو من مجرد تنين صغير وضعيف إلى تنين شاب، يتمتع بقوة هائلة وقدرات متطورة. لم يعد مجرد مخلوق يتخبّط في سبيل البقاء، بل أصبح مفترسًا حقيقيًا يسيطر على أجزاء واسعة من الغابة. لكن هذا العالم لم يكن يسمح له بالراحة أبدًا.
1. السنوات الأخيرة في الغابة
عاش شيرو في عزلة شبه تامة خلال السنوات الماضية، لم يكن لديه أي تواصل حقيقي مع التنانين الأخرى، ولم يرَ التنين الأزرق منذ اختفائه. لم يعرف إن كان حيًا أم ميتًا، لكنه تعلم أن الاعتماد على الآخرين ضعف، وأن عليه شق طريقه بنفسه.
خلال تلك السنوات، اختبر كل أنواع التحديات. واجه وحوشًا هائلة، قاتل مجموعات من الصيادين، بل إنه اكتشف أراضٍ لم يكن يعلم بوجودها في بداية حياته. كانت الغابة شاسعة، لكنها لم تعد مكانًا آمنًا له. كلما ازدادت قوته، ازدادت التهديدات التي تطارده.
بدأ يلاحظ أن البشر أصبحوا أكثر شراسة. في البداية، كانوا يرسلون صيادين من الرتبة البرونزية والفضية، لكن في السنوات الأخيرة، بدأ بمواجهة صيادي النخبة، بل حتى صيادين من الرتبة البلاتينية، وهم الأقوى بعد الصيادين السماويين.
أصبح هؤلاء الصيادون يستخدمون تقنيات وأسحارًا لم يكن قد رآها من قبل، مثل فخاخ تقييد التنين، أسهم سحرية تخترق القشور، وأدوات تمنع التنانين من الطيران.
لكن على الرغم من هذه المخاطر، لم يكن شيرو ضحية سهلة. لقد قاتل وتعلم، ونجا مراتٍ لا تُحصى. لم يكن يخرج من المعارك سالمًا، لكنه دائمًا كان يخرج أقوى.
2. مواجهة جديدة – الصياد الذي لا يرحم
في إحدى الليالي، بينما كان شيرو مستلقيًا على قمة جبل يراقب النجوم، شعر بشيء مريب. كان الجو ساكنًا أكثر من اللازم.
في لحظة خاطفة، انطلقت ثلاثة أسهم بسرعة مذهلة نحوه. تفادى واحدًا، لكن الآخر أصابه في جناحه الأيسر، والثالث اخترق الأرض بجواره، محدثًا انفجارًا صغيرًا.
وقف على قدميه بسرعة، ونظر حوله، ثم رأى خصمه – صيادًا مختلفًا عن أي شخص واجهه من قبل.
كان رجلاً طويل القامة، يرتدي درعًا أسود براقًا، مرصعًا بقطع من قشور التنانين. كان رمحه ينبعث منه وهج أزرق مخيف، بينما تراقبه عيناه الحادتان وكأنه ينظر إلى فريسة محاصرة.
"إذن، هذا هو التنين الذي نجا لعشر سنوات؟"
صوت الصياد كان هادئًا، لكنه يحمل ثقة قاتل محترف. لم يكن هذا مجرد صياد عادي، بل كان أحد الصيادين البلاتينيين، من النخبة الذين قتلوا العديد من التنانين.
لم ينتظر شيرو أي كلمة أخرى، بل أطلق زئيرًا ناريًا، ملأ السماء بلهب أسود قاتل، لكن الصياد لم يتحرك.
وفي اللحظة التالية، اختفى من مكانه.
شعر شيرو بشيء يقترب بسرعة، ثم… انفجار ألمٍ حاد في جانبه الأيمن.
أدرك متأخرًا أن الرجل كان سريعًا بشكل غير طبيعي، لدرجة أنه تحرك خلفه وضربه قبل أن يلاحظ ذلك.
"أسرع مما توقعت، لكنك لا تزال أضعف مما يجب، أيها التنين."
لم يكن هذا مثل الصيادين الآخرين، لم يكن يقاتل فقط من أجل المال أو الشهرة، بل بدا وكأنه يفعل ذلك بدافع شخصي.
اندلعت معركة شرسة بين الاثنين. حاول شيرو استخدام قوته الجديدة، لكن خصمه كان يراوغ كل ضربة بسهولة مدهشة. كلما حاول الطيران، كان الصياد يسحب قوسه ويطلق سهامًا تمنعه من الارتفاع.
تلقى شيرو عدة إصابات خطيرة. كان هذا أول مرة يشعر فيها بالخطر الحقيقي منذ سنوات.
لكن حتى في تلك اللحظة، لم يكن ينوي الموت.
3. الهروب نحو مصير جديد
أدرك شيرو أنه لا يستطيع الانتصار، على الأقل ليس في هذه اللحظة. كان هذا الصياد مختلفًا، أقوى وأكثر خبرة.
لذلك، استخدم آخر ما لديه من قوة، وضرب الأرض بمخالبه، محدثًا انفجارًا ناريًا ضخمًا، ثم قفز في الهواء بكل ما يملك، مستغلًا الدخان والحرارة لإخفاء تحركاته.
عندما تبدد الدخان، لم يكن هناك أي أثر له.
وقف الصياد في مكانه، يراقب الفضاء، ثم ابتسم بخفة.
"هرب؟ هذا جيد... سنلتقي مجددًا قريبًا، أيها التنين الأحمر."
أما شيرو، فقد كان يطير بأقصى سرعته، متجهًا نحو الأفق.
لقد فهم شيئًا واحدًا – لم يعد بإمكانه البقاء في الغابة بعد الآن.
لقد حان الوقت ليكتشف العالم خارجها.
كانت الجبال تلوح في الأفق، وكانت هناك شائعات قديمة عن أراضٍ حيث تعيش التنانين في الخفاء.
ربما كان هذا هو الوقت المناسب للبحث عنها.
وهكذا، بدأ فصل جديد في رحلته، حيث سيكتشف المزيد عن ماضيه، ومستقبله، والخطر الذي يحيط بعالم التنانين.
نهاية الفصل العشرين.