الفصل الثامن والعشرون – بداية رحلة الحقيقة

انطلقت المجموعة في الفجر الباكر، حيث بدأ نور الشمس يخترق أفق السماء كأنما يُعلن عن بداية فصل جديد في حياتهم. خرج شيرو ورين والتنين الغامض من الملجأ الكهفي، حاملين معهم خريطة العالم القديمة وآمالًا كبيرة نحو مستقبل مجهول. كان الهواء عليلًا يُنعش الروح بعد طول انتظار في ظلمات الكهف، فيما كانت الأرض تحتهم تهمس بقصص قديمة عن مجد ودماء.

تقدم شيرو بخطوات واثقة على الصخور المبللة بالندى، وعيناه الذهبيتان تلمعان بعزيمة لا تلين. قال رين وهو يشير إلى اتجاه بعيد على الخريطة:

"سنبدأ رحلتنا نحو القارة المركزية، أرض التنانين. هناك نجد إجابات عن ماضينا، وربما مفتاح قوتنا الحقيقية."

أما التنين الغامض، فكان يقودهم بصمت حكيم، وكأن كل خطوة منه تحمل معاني من أسرار قديمة لا يفهمها سوى من عاشوا عصورًا مضت. وبينما كانوا يشقون طريقهم عبر الغابات الكثيفة والتلال المتعرجة، بدأ العالم من حولهم ينبض بالحياة؛ زقزقة الطيور، وهسيس الرياح بين الأشجار، وعبير الزهور البرية التي تلوّن الأرض بأنغام ألوانها الخلابة.

لم يمر وقت طويل حتى واجهتهم أولى تحديات الطريق. ففي إحدى الوديان، حيث تتداخل أشعة الشمس مع طبقات الضباب الخفيف، ظهرت أمامهم قطيع من الكائنات الغريبة؛ مخلوقات شبيهة بالظلال، تتراءى في حركاتها وكأنها ترقص على إيقاع الطبيعة. توقفت المجموعة عن المشي، وحبسوا أنفاسهم بينما كانت عيونهم تراقب هذه المخلوقات بفضول وحذر.

قال شيرو وهو يهمس:

"إنها أشبه بروح الأرض نفسها، تحمل رسالة من أعماق الماضي."

نظر التنين الغامض إلى الكائنات ثم إلى شيرو، وأجاب بصوت عميق:

"كل شيء هنا له قصة. هذا هو عالمنا، مليء بالأسرار والرموز التي تنتظر من يكتشفها."

وبينما كانوا يتابعون طريقهم، صادفوا منطقة يختلط فيها الضوء والظل؛ حيث كان ضوء الشمس يتخلل أوراق الأشجار الضخمة بشكل يُشكل لوحات طبيعية ساحرة. هنا توقفوا ليستريحوا قليلاً، وجلسوا على الصخور الكبيرة المحيطة، فيما فتح رين قطعة من الخريطة وسحب منها معلومة جديدة.

قال رين وهو يُشير إلى منطقة مرمزة باللون الأزرق الداكن:

"هذه المنطقة تُعرف باسم 'وادي الظلال'. يُقال إن هناك معابد قديمة وبقايا لحضارات تنانين منسية، وقد تخبئ أسراراً لا تُقدَّر بثمن."

أضاءت عيون شيرو بوميض من الحماس، فهو لطالما شعر بأن الإجابات عن أسرار التنانين تكمن في هذه الأماكن النائية.

بعد استئنافهم للرحلة، زادت الأصوات والهمسات من حولهم؛ صوت خرير الماء في جدول صغير، وأصوات الكائنات الصغيرة التي تتحرك بين الأعشاب. كانت الطبيعة تنبض بكل تفاصيلها، وكأنها تهمس لهم بمفردات الحياة القديمة. ووسط هذا الجو المفعم بالحيوية، شعر شيرو بأن قلبه يخفق بنبض جديد، كأنه يستشعر أن كل خطوة تقربه من كشف الحقيقة عن ماضيه وعن سبب معانات التنانين على مر العصور.

وفي لحظة من الهدوء وسط هذا الجمال، توقف التنين الغامض فجأة، ونظر إلى السماء بعينين تملؤهما الحكمة. قال بصوت خافت لكنه يحمل قوة التاريخ:

"عليكم أن تعلموا أن الطريق إلى الحقيقة محفوف بالمخاطر. لا يمكننا توقع كل ما سيواجهنا، لكن علينا أن نثق بأن القوى القديمة التي تسري في دمائنا ستساعدنا على مواجهة الصعاب."

ابتسم شيرو بثقة رغم تعب الأيام الطويلة، ورد قائلاً:

"أنا مستعد للمخاطرة، لأن المعرفة هي السلاح الأقوى. سنكشف أسرار هذا العالم مهما كانت الثمن."

وبينما كانوا يستعدون لاستئناف رحلتهم، أدركوا أن كل خطوة كانوا يخطونها، وكل حجر كان يقابلونه في طريقهم، كان يحمل في طياته جزءًا من قصة هذا العالم المنسي. وفي تلك اللحظة، بدأت رحلة الحقيقة الحقيقية، حيث لن يكون مجرد بحث عن مكان جغرافي، بل رحلة لاكتشاف الذات والأسرار القديمة التي تربط بين الماضي والحاضر.

استمروا في السير، وتلاشت ظلال الليل تدريجيًا مع بزوغ فجر جديد، يحمل وعدًا ببدايات جديدة وتحديات قادمة، بينما ظلوا يخطون خطواتهم بحذر وإيمان، مستمتعين بكل تفاصيل الحياة التي منحهم إياها هذا العالم الساحر.

نهاية الفصل الثامن والعشرون.

2025/03/26 · 4 مشاهدة · 571 كلمة
GK TV
نادي الروايات - 2025