الفصل التاسع والعشرون – مطر السهام وغضب النار
انطلقت المجموعة في رحلة جديدة نحو قلب الأراضي المجهولة، في محاولة للوصول إلى القارة المركزية؛ حيث يُزعم أن سر قوة التنانين يكمن هناك. كان شيرو، ورين، والتنين الغامض قد غادروا الملاذ المؤقت بعد أن جمعوا بعض الإجابات حول أسرار العالم القديم، لكن الطريق لم يكن مفروشًا بالورود.
في إحدى الساعات التي بدا فيها النهار باكرًا، قررت المجموعة أن تحلق على ارتفاع منخفض فوق وديان كثيفة، مستغلة سرعة الطيران لتجاوز بعض العقبات الطبيعية. لكن بينما كانوا يتقدمون، بدأ الجو يتغير بشكل مفاجئ؛ فارتفعت الرياح بشكل غير معتاد، ومعها بدأت تظهر ظلال قاتمة فوق السهول.
لم يمض وقت طويل حتى اندلعت الفوضى.
كانت سهامٌ سحرية تتساقط من السماء كأنها مطر دموي، تخترق الهواء بسرعة، موجهة نحو المجموعة. اندهش الجميع، وحاولوا تغيير مسارهم لتفادي الهجوم، لكن السهام كانت كثيرة وسريعة جدًا.
رأى شيرو، أثناء تحليقه على ارتفاع منخفض، أن كل من حوله بدأ يتعرض للضرب، وأن الأصوات المدوية للمعارك تملأ الفضاء.
سقط رين من بين السحب وهو يحاول تفادي سهم قاتل، ولم يكن هناك ما ينقذه؛
حتى التنين الغامض الذي كان يقودهم، لم يستطع الفرار من مطر السهام، وسُقط ببطء على الأرض وسط ضجيج الدمار.
في تلك اللحظة، تحول السماء إلى ساحة معركة دموية، حيث تحولت رياح الطيران إلى رياح موت. انطلقت صرخات الألم والدمار مع سقوط التنانين واحدة تلو الأخرى، حتى أصبح المشهد كابوسًا لا يُحتمل.
شيرو كان يحاول بكل قوته السيطرة على وضعه، لكن عدد السهام كان يفوق قدراته. ضربته سهم بعد سهم، حتى بدأت جراحه تزداد معاناةً وألمه يتحول إلى شعور بالخيبة والغضب. كان يرى أمام عينيه معركة لا ترحم؛ فقد كان الصيادون – أولئك البشر الذين طالما كرههم – يقصفون السماء بأسلحتهم السحرية، وساد بينهم نظام لا يرحم.
وفي لحظة من الجنون، وبينما كانت دماً يسيل من جراحه العميقة، أدرك شيرو أن نجاته لم تكن صدفة؛ بل كانت معجزة قاتمة تركها القدر ليبقى، وهو وحيدًا بين دمار رفقائه. شعر بشعور مختلط بين الحزن والغضب، ورغم آلامه، نهض ببطء من بين الرماد والدموع.
بصوت مكسور، همس شيرو:
"لقد... لقد ماتوا جميعًا."
لم يجد في قلبه سوى مرارة عارمة تجاه هؤلاء البشر الذين قصفوا عالمه، وتجاه النظام الذي جعلهم لا يرحمون كائنات كانت تعيش بسلام في زمان مضى.
وفي تلك اللحظة، وعلى الرغم من الجروح العميقة التي خلّفتها السهام في جسده، اتخذ شيرو قرارًا قاسيًا. قراره كان بأن لا يغفر أبدًا للبشر، وأن يقضي على كل من يقف في طريق التنانين؛ لأن معركة البقاء لم تعد مجرد قتال من أجل الحياة، بل أصبحت حرب انتقامٍ على الفوضى والظلم.
انطلق شيرو ببطء فوق الدمار، يمضي بخطى عجيبة في وسط غيوم الدخان، وعيناه تتوهجان بغضب لا ينطفئ. كانت تلك اللحظة بداية فصل جديد في حياته، فصلٌ من الألم والانتقام، حيث ازدادت عزيمته وقوته – ليتحول الحزن إلى نار لا تنطفئ، وحطام رفاقه إلى وعد بأن ينهي فصلاً آخر من ظلم البشر.
نهاية الفصل التاسع والعشرون.