الفصل الثاني: أول صباح في العزلة

كانت الدفعة الأولى من أشعة الشمس تتسلل عبر فتحة الكهف، ترسم خيوطًا ذهبية متشابكة على الأرضية الحجرية الباردة. شيرو غمض عينيه قليلًا، محاولًا تجاهل الإحساس الغريب الذي ملأ جسده الصغير. لم يكن نومه عميقًا، كان مضطربًا، كأن جسده لم يعتد بعد على هذه الحياة الجديدة.

عندما استيقظ تمامًا، أدرك شيئًا مزعجًا... كان يشعر بالبرد.

لم يكن البرد قاسيًا، لكنه كان كافيًا ليجعله يشعر بعدم الارتياح. كانت قشوره النارية تساعده قليلاً، لكنها لم تكن كافية تمامًا لتدفئته في كهف كهذا، حيث الرياح تهب بخفة من المدخل الواسع.

رفع رأسه، نظر حوله بتثاقل، ثم زفر نفسًا طويلاً... لكنه لم يكن مجرد نفس. مع خروج الهواء من فمه، رافقته شرارة صغيرة، واهنة، بالكاد استطاع رؤيتها.

"النار...؟"

شعر بقشعريرة طفيفة. لم يكن معتادًا بعد على جسده الجديد، لكن هذه اللحظة أكدت له شيئًا: هو ليس مجرد مخلوق عادي.

لكن قبل أن يتعمق في التفكير، عاد إليه إحساس آخر أكثر إزعاجًا...

الجوع.

✦ ✦ ✦

كان الشعور بالجوع غريبًا. لم يكن مثل الجوع الذي شعر به عندما كان إنسانًا، بل كان شيئًا أكثر بدائية، أكثر إلحاحًا. كانت معدته تنقبض، تشعره بفراغ غريب وكأنها تطالب بشيء، بأي شيء لتملأه.

نظر حوله بحثًا عن طعام، لكن الكهف كان خاليًا من أي شيء صالح للأكل. لا لحوم، لا نباتات، لا حتى ماء. المكان كان يبدو مهجورًا تمامًا، كأن أحدًا لم يطأه منذ سنوات طويلة.

تحرك ببطء نحو بقعة صغيرة حيث كانت قشور بيضه مبعثرة. حدّق فيها لبعض الوقت، ثم زفر بضيق.

"هل سأضطر لأكل هذا؟"

بدت الفكرة مقززة في البداية، لكنه لم يجد خيارًا آخر. معدته استمرت في الاحتجاج، ولم يكن هناك أي شيء آخر قريب.

مد مخلبه، التقط قطعة صغيرة من القشرة، ونظر إليها بتمعن. كانت صلبة لكنها رقيقة، بلون أحمر داكن ممزوج ببقايا ذهبية باهتة.

"هذا غريب..."

تردد للحظة، ثم أغلق عينيه وأدخل القطعة في فمه. كان طعمها معدنيًا قليلًا، مع ملمس خشن، لكنه لم يكن سيئًا تمامًا. بل على العكس، بمجرد أن بدأ بمضغها، شعر بشيء غريب...

دفء انتشر في جسده.

لم يكن دفئًا عاديًا، بل كان أشبه بطاقة خفيفة تتسلل إلى داخله، وكأن هذا الشيء يحمل شيئًا أكثر من مجرد غذاء.

"هل يحتوي على طاقة؟"

لم يكن متأكدًا، لكنه لم يهتم كثيرًا. ما دام يسد جوعه، فهذا يكفي.

ببطء، بدأ يأكل المزيد من القشور، واحدة تلو الأخرى، حتى لم يتبقَ منها سوى قطع صغيرة متناثرة على الأرض.

عندما انتهى، شعر بتحسن طفيف. لم يكن مشبعًا تمامًا، لكنه لم يعد يشعر بذلك الفراغ المؤلم في معدته.

الآن، كان عليه أن يقرر خطوته التالية.

✦ ✦ ✦

نهض ببطء، ونفض الغبار عن قشوره الصغيرة، ثم نظر حوله. المكان لا يزال كما هو، نفس الجدران الحجرية القاتمة، نفس الأعشاب اليابسة، نفس الصمت المخيف.

"يجب أن أستكشف هذا المكان."

تحرك بخطوات حذرة، مخالبه الصغيرة تصدر أصواتًا خفيفة على الأرض الحجرية. بدأ أولاً بالنظر إلى زوايا الكهف، محاولًا فهم طبيعته. الجدران كانت مليئة بالشروخ، وبعضها بدا وكأنه تعرض للحرارة الشديدة في الماضي.

"ربما عاش هنا تنين آخر من قبل؟"

استمر في المشي، حتى وصل إلى إحدى الزوايا حيث وجد كومة صغيرة من العظام المتناثرة. لم تكن عظام تنين، بل على الأرجح بقايا حيوانات صغيرة.

"إذن، هذا المكان لم يكن مهجورًا دائمًا."

بعد تفحص الكهف من الداخل، توجه إلى المدخل، حيث امتد أمامه عالم جديد بالكامل.

✦ ✦ ✦

خرج إلى الخارج بحذر، وانتابه إحساس غريب عندما لامست مخالبه التربة الرطبة.

المشهد أمامه كان مذهلاً... ومرعبًا.

كان الكهف يقع على تل مرتفع، يطل على غابة ضخمة تمتد إلى ما لا نهاية. الأشجار كانت ضخمة، بأوراق داكنة كثيفة، وبعضها بدا وكأنه ينبض بطاقة سحرية خافتة. كان هناك جبل شامخ في وسط الغابة، تكلله قمم ضبابية، وكأنه مركز هذا المكان بأكمله.

السماء كانت صافية، والهواء منعش، لكنه كان يحمل معه أصواتًا غريبة، أصوات لم يكن معتادًا عليها. زئير بعيد، حفيف أوراق، أصوات طيور غير مألوفة... هذا العالم لم يكن يشبه أي شيء رآه من قبل.

وقف هناك للحظات، يراقب، يتنفس ببطء.

ثم همس لنفسه:

"هذا... عالمي الآن."

✦ ✦ ✦

انتهى الفصل الثاني.

2025/03/26 · 23 مشاهدة · 637 كلمة
GK TV
نادي الروايات - 2025