الفصل الثالث: أول لقاء مع الخطر
وقف شيرو عند مدخل الكهف، يستنشق الهواء البارد المنعش، فيما تأمل العالم الشاسع أمامه. الشمس ارتفعت قليلًا في السماء، وأشعتها الذهبية غمرت الغابة الممتدة على مد البصر. كانت الأشجار ضخمة، متشابكة الأغصان، وكأنها تحاول حجب الأرض عن أنظار من يعلوها. كانت هناك طيور غريبة تحلق بين الفروع، تصدر أصواتًا لم يسمعها من قبل.
لكن رغم الجمال الذي أحاط به، شعر بشيء آخر... إحساس خفي بالتهديد.
✦ ✦ ✦
بخطوات مترددة، بدأ في النزول من التل. الصخور كانت غير مستقرة في بعض الأماكن، مما اضطره للانزلاق بحذر، مستخدمًا مخالبه الصغيرة للحفاظ على توازنه. كانت التربة مبللة قليلاً، وترك مخلباه آثارًا خفيفة عليها.
كل شيء حوله كان ينبض بالحياة. الأشجار بدت وكأنها تتنفس، والأوراق تهمس مع نسمات الهواء، والحشرات الصغيرة تتحرك بنشاط بين الأغصان. ومع كل خطوة، شعر وكأنه يغوص في عالم مختلف تمامًا عن كهفه المظلم.
عندما وصل إلى أسفل التل، كانت الرائحة الأولى التي اصطدمت بأنفه مزيجًا من الطين الرطب والنباتات العطرة، لكنه التقط أيضًا رائحة غريبة... رائحة لم يكن يعرفها، لكنها جعلت جلده يقشعر.
كان هناك شيء قريب.
✦ ✦ ✦
تحرك ببطء بين الأشجار، مستعينًا بحجمه الصغير ليظل متخفيًا بين الشجيرات. فجأة، سمع صوت حركة في مكان قريب. توقف على الفور، وحبس أنفاسه.
من بين الظلال، ظهرت مخلوقات غريبة.
كانوا ثلاثة، بطول نصف متر تقريبًا، بأجساد مغطاة بفرو أسود شائك، وأعين حمراء تتوهج وسط الظلام. بدت أنيابهم الطويلة كأنها صنعت للتمزيق، وكانت أذنابهم تتلوى مع كل خطوة، تشبه ذيول الزواحف.
"ماذا... هؤلاء؟!"
لم يكن لديه الوقت للتفكير. أحدهم رفع أنفه واستنشق الهواء، ثم التفت بسرعة نحوه. عيونهم الحمراء تركزت عليه، وفجأة، أصدر أحدهم صوتًا حادًا وكأنه إنذار لبقية المجموعة.
لقد رأوه.
✦ ✦ ✦
لم يفكر شيرو، لم يحاول حتى المواجهة. لم يكن لديه أي فرصة ضدهم.
استدار فورًا وبدأ بالركض بأسرع ما يمكن.
الأغصان كانت تخدش قشوره، الأرض كانت زلقة، لكن الخوف دفعه إلى الاستمرار. سمع أصواتهم خلفه، خطواتهم كانت تقترب، أنفاسهم اللاهثة كانت تتردد في الهواء.
"أسرع... أسرع!"
لكنه كان صغيرًا جدًا، وأجنحته لم تكن قوية بما يكفي للطيران بعد.
فجأة، انزلقت قدمه، وسقط عن منحدر صغير، متدحرجًا بين الصخور حتى اصطدم بجذع شجرة. الألم انتشر في جسده، لكنه لم يتوقف. دفع نفسه للأمام، زاحفًا بين الشجيرات الكثيفة، محاولًا إخفاء نفسه.
المخلوقات توقفت عند الحافة، تراقب المكان الذي سقط فيه. بدت مترددة للحظات، ثم بدأت في البحث عنه بين الأشجار.
شيرو لم يجرؤ على التحرك. قلبه كان ينبض بعنف، وأنفاسه كانت سريعة ومتقطعة. كان يعلم أنه لو تم العثور عليه الآن، فسينتهي أمره.
ظل ساكنًا، محاولًا دمج نفسه مع البيئة المحيطة.
مرّت لحظات طويلة... ثم سمع صوتًا آخر. زئير منخفض، عميق، جعل الأرض تهتز قليلًا.
تجمدت المخلوقات السوداء في أماكنها، وتبادلت نظرات قلقة، قبل أن تستدير وتهرب بسرعة بين الأشجار، وكأنها أدركت وجود شيء أخطر بكثير قريبًا.
شيرو لم يتحرك، لكنه شعر بعرق بارد يسري في جسده. إذا كان هؤلاء الوحوش قد هربوا، فهذا يعني أن شيئًا آخر، أكثر رعبًا، كان في الجوار.
"ما الذي دخلتُ إليه؟"
كان هذا العالم خطيرًا، أكثر مما تخيله. وكان عليه أن يصبح أقوى... بسرعة.
✦ ✦ ✦
انتهى الفصل الثالث.