الفصل الثاني والأربعون – إرث السماء والظلال
1. صوت الماضي
ظلّ الصمت يخيّم بينهما للحظات، فقط صوت الرياح التي تصطدم بجروف الجبال القاسية كان يملأ الفراغ. شيرو لم يكن يعرف كيف يتصرف. أمامه كان التنين الملكي، كيان بعظمة لا توصف، بعينين تخترقان أعماقه كما لو أنهما تقرآن روحه نفسها.
"لقد كنتُ أراقبك منذ أن فتحت عينيك في هذا العالم."
كانت نبرة التنين الملكي هادئة، لكنها تحمل ثقل القرون. لم يكن هناك تهديد في صوته، لكنه كان مشبعًا بشيء آخر... شيء جعل جسد شيرو يرتجف دون إرادته.
"أنتَ لستَ مثل الآخرين، شيرو. النار السوداء التي تحملها ليست مجرد قوة، إنها لعنة وإرث في آنٍ واحد."
عقد شيرو مخالبه في الأرض الصخرية، أنفاسه غير منتظمة. لم يكن يتوقع أن يُسأل عن لهبه الأسود الآن. لم يكن يفهمه حتى، فكيف لهذا التنين أن يعرف؟
"ماذا تعني؟" قال بصوت منخفض، لكنه لم يخفِ ارتجافه.
حدق التنين الملكي فيه للحظات قبل أن يرفع رأسه نحو السماء.
"قبل آلاف السنين، لم يكن هناك فرق بين التنانين والبشر. كنا كيانًا واحدًا، قوة واحدة تحكم هذا العالم. لكن الطمع والخوف دمرا التوازن. التنانين العظيمة التي حكمت العالم قبلنا لم تكن مثلنا... كانت أقوى، أعظم، وكان لهبها لا يُطفأ."
توقف للحظة قبل أن يضيف:
"لكنّ تلك العظمة كانت أيضًا نهايتها."
شعر شيرو بشيء ثقيل يتشبث بصدره. هل ما يقوله التنين الملكي يعني أن قوة اللهب الأسود مرتبطة بتلك العصور القديمة؟
"النيران السوداء التي تمتلكها ليست قوة عادية، إنها من إرث التنانين القديمة. إرث من دُفن في الظلال خوفًا من أن يُستخدم مجددًا."
شيرو ابتلع ريقه بصعوبة.
"إذن... لماذا أمتلكها؟"
نظر إليه التنين الملكي بعينين حادتين.
"هذا ما يجب أن تكتشفه بنفسك، شيرو."
2. قرارٌ بلا عودة
ساد الصمت مجددًا، لكن هذه المرة كان ثقيلاً كأنه جبل جاثم على صدر شيرو. الحقيقة التي سمعها كانت تهزه من الداخل. هل كان مجرد أداة لقوة قديمة؟ هل كان مقدرًا له أن يسير في طريق مرسوم مسبقًا؟
لكن وسط دوامة أفكاره، كان هناك شيء واحد واضح... لم يعد بإمكانه البقاء كما هو.
رفع رأسه وحدّق مباشرة في التنين الملكي.
"إذن، ما الذي تريده مني؟"
ارتفع زئير منخفض من حلق التنين الملكي، أشبه بضحكة عميقة.
"أريد أن أرى إلى أين ستأخذك نيرانك. هل ستُصبح رمزًا لعهد جديد، أم لعنة أخرى على هذا العالم؟"
ثم، دون سابق إنذار، بدأ جسد التنين الملكي يتلاشى كما لو أنه كان مجرد وهم، ولم يبقَ سوى صوته يتردد في الهواء:
"اتجه إلى أرض الظلال، حيث الأسرار المدفونة منذ العصور. هناك ستجد الإجابات... أو ستُدفن معها."
وفجأة، اختفى كل شيء.
شيرو، الذي كان يحاول أن يستوعب كل ما حدث، لم يدرك أنه بدأ يترنح من الإرهاق. معركته السابقة، استخدامه للنيران السوداء، والآن هذه المعلومات... كل شيء كان أكثر من أن يتحمله دفعة واحدة.
لكنه لم يكن يملك رفاهية التردد.
مع آخر ما تبقى لديه من طاقة، فتح جناحيه، واندفع في الهواء، متجهًا نحو الأفق المجهول.
أرض الظلال كانت بانتظاره.
وكانت إجاباته هناك أيضًا... أو نهايته.
نهاية الفصل.