الفصل الثامن: صدى الزئير ولقاء المجهول
كان الضباب الكثيف يغلف الأرض بينما كانت الأشجار العملاقة تحيط بالمكان، تلقي بظلالها الداكنة على الأرض الرطبة. شيرو، الذي كان يتقدم بحذر بين الصخور والجذوع الضخمة، لم يستطع نسيان ذلك الزئير المدوي الذي هزّ كيانه. لم يكن مجرد زئير عادي، بل كان شيئًا عميقًا، مهيبًا، وكأنه صوت كائن لم يكن ينبغي له أن يوجد في هذا العالم.
شعر بقشعريرة تسري في جسده الناري، ومع ذلك لم يستطع التراجع. الفضول كان ينهشه، لكنه كان يدرك أنه ليس بعد في مستوى يسمح له بمواجهة مخلوق بهذا الحجم. حرك جناحيه قليلًا، شاعراً بتحسن طفيف في قدرته على الطيران، لكنه لا يزال غير متقن لهذه المهارة تمامًا.
اللقاء الأول مع الكائن الغامض
واصل شيرو تقدمه حتى وصل إلى حافة وادٍ ضبابي، حيث انتشرت رائحة غريبة في الهواء، خليط من الرماد والرطوبة. وبينما كان يتأمل في عمق الوادي، سمع صوت خفقان أجنحة ضخمة. رفع رأسه سريعًا، ورأى في السماء ظلًا عملاقًا يحلق بين الغيوم الملبدة. لم يستطع رؤية التفاصيل بوضوح، لكنه كان على يقين من شيء واحد: هذا الكائن كان أكبر منه بعشرات المرات، وكانت قوته تتسلل عبر الهواء وكأنها تخترق روحه.
تجمد في مكانه لوهلة، ثم شعر باندفاع أدرينالين يجتاح جسده. كان عليه أن يختبئ! قفز خلف صخرة كبيرة، محاولًا تهدئة أنفاسه بينما راقب الظل يتحرك بعيدًا. لم يكن يبدو أنه لاحظه، لكنه لم يستطع التأكد.
لقاء المخلوقات الذكية
بعد أن تلاشى الظل في الأفق، واصل شيرو استكشافه، لكنه هذه المرة كان أكثر حذرًا. أثناء سيره بين الأشجار، لاحظ حركة غير طبيعية بين الشجيرات القريبة. تجمد في مكانه، مراقبًا بصمت، ثم ظهرت أمامه مجموعة من المخلوقات الغريبة.
كانت أشكالهم تجمع بين البشر والحيوانات، يمتلكون فراءً داكنًا وأذانًا حادة تشبه تلك الخاصة بالذئاب، لكن أعينهم كانت ذكية ولامعة. لم يكونوا كوحوش البرية، بل بدوا وكأنهم يمتلكون حضارة خاصة بهم. كانوا يتحدثون بلغة غريبة، وأحدهم كان يحمل رمحًا حجريًا مزخرفًا، مما يعني أنهم ليسوا مجرد وحوش عادية.
شيرو لم يرد لفت انتباههم، لكنه أدرك أنه إن كان لهذا العالم مخلوقات ذكية غير البشر، فقد يكون هناك سر كبير حول طبيعة هذا المكان.
تحسين قدراته واكتشاف مهارات جديدة
بعد مغادرة المنطقة بسلام، عاد إلى منطقة مفتوحة حيث قرر التدرب أكثر على قدراته. بدأ بتجربة نَفَسه الناري مجددًا، محاولًا تعزيز قوته من خلال التركيز على طاقته الداخلية. لاحظ أنه عندما يتحكم في مشاعره، يمكنه التحكم في حرارة نَفَسه أيضًا، مما منحه فكرة جديدة: ماذا لو تمكن من استخدام النيران بطريقة أكثر دقة بدلاً من مجرد نفثها بعشوائية؟
بدأ أيضًا بتطوير قدرته على الطيران، حيث حاول التحليق لمسافات قصيرة، متعلمًا كيفية موازنة جناحيه أثناء الطيران. كان الأمر مرهقًا لكنه شعر بتحسن تدريجي.
الرحلة إلى منطقة جديدة
بينما كان يطير منخفضًا فوق الغابة، لاحظ وجود آثار قديمة منحوتة على الصخور. هبط ببطء، متفحصًا الرموز المنقوشة التي بدت وكأنها تحكي قصة قديمة. من بين الرموز، رأى شكل تنين كبير يواجه مجموعة من البشر، وكأنه كان في صراع معهم. هل كانت هذه إشارة إلى حرب قديمة بين التنانين والبشر؟
هذا الاكتشاف جعله يتساءل أكثر عن ماضي هذا العالم، وعن مكانه فيه. هل هو مجرد تنين صغير بلا أهمية، أم أن له دورًا أكبر مما يظن؟
اللقاء الأول بالبشر
في وقت لاحق من ذلك اليوم، وبينما كان يراقب أحد الأنهار المتدفقة، سمع أصواتًا بشرية قادمة من بعيد. اختبأ بين الأشجار، محدقًا في مجموعة من الصيادين الذين كانوا يحملون أقواسًا وسهامًا. كانوا يتحدثون بلغة غريبة، لكن ملامحهم بدت حذرة وكأنهم يبحثون عن شيء محدد.
فجأة، أحدهم رفع رأسه ونظر في اتجاه شيرو، فتجمد الأخير في مكانه. هل لاحظوه؟ قلبه بدأ يخفق بسرعة، لكنه ظل مختبئًا حتى ابتعدوا. تنفس الصعداء، لكنه أدرك الآن أن البشر موجودون في هذا العالم، وأنه ليس مجرد كائن يعيش في عزلة.
المفاجأة النهائية
بينما كان يستعد للعودة إلى الكهف، شعر بظل ضخم يمر فوقه مجددًا. رفع رأسه ليرى الشكل العملاق يحلق في السماء، لكن هذه المرة كان واضحًا أكثر. لقد كان تنينًا ضخمًا بلون أزرق داكن، بأجنحة هائلة وعيون تشع بطاقة سحرية لا تصدق.
لكن المفاجأة لم تكن في حجم التنين فحسب، بل في الطريقة التي كان ينظر بها إليه... وكأنه يعرفه.
انتهى الفصل على هذا المشهد، تاركًا أسئلة كثيرة دون إجابة: من يكون هذا التنين؟ ولماذا شعر شيرو وكأن عينيه تخترقان روحه؟
ترقبوا الفصل القادم لمعرفة ما سيحدث!