الفصل الاول : البدء من الصفر!
@نـــايــلٓـــر
__________________________________
كانت الساعة تشير إلى الثالثة فجراً، والهدوء يلف مدينة طوكيو، لكن داخل غرفة صغيرة في شقة متداعية، كانت العاصفة تشتعل في عقل شاب واحد.
"هاروتو"، طالب في السنة الثانية من الثانوية، أو كما يحب أن يطلق على نفسه "شخص مهتم بثقافة الاوتاكو"، كان يحدق في شاشة هاتفه بعيون محقونة بالدماء وهالات سوداء تحكي قصصاً عن ليالٍ بلا نوم. الغرفة من حوله كانت عبارة عن متحف للفوضى؛ علب "الرامين" سريعة التحضير التي تكدست كأبراج المراقبة، مجلدات المانجا المتناثرة كأنها ناجية من زلزال، وجوارب... حسناً، لن نتحدث عن الجوارب.
"أهذه هي النهاية؟ بجدية؟!" صرخ هاروتو بصوت مكتوم كي لا يوقظ الجيران، وهو يلقي بهاتفه على السرير بغضب.
لقد انتهى للتو من قراءة الفصل الأخير من مانجا قاتل الشياطين. كان يتوقع ملحمة، وداعاً يليق بالدموع التي ذرفها، لكنه شعر بالفراغ.
"لماذا؟ لماذا التسرع؟" تمتم وهو يمسك رأسه بين يديه. "لو كنت أنا المؤلف، لما تركت الأمور تنتهي بهذه البساطة. أين عمق الشخصيات في اللحظات الأخيرة؟ أين المنطق في توزيع المصائر؟ تباً، تانجيرو استحق أفضل من ذلك، والهاشيرا... آه يا قلبي."
لم يكن هذا التذمر جديداً عليه. هاروتو كان يمتلك موهبة فريدة في الشعور بالخذلان من نهايات الأعمال العظيمة. عقله بدأ يسترجع قائمة "العار" كما يسميها.
"الأمر لا يقتصر على قتلة الشياطين... انظروا إلى هجوم العمالقة!" وقف هاروتو وبدأ يخطب في الغرفة الفارغة وكأنه أمام جمهور. "تلك النهاية كانت كارثة فلسفية! هل يتعاطى المانجاكا اليابانيون نوعاً من المخدرات يجعلهم ينسون كيفية الكتابة في الربع الأخير من القصة؟ هل هو إرهاق العمل؟ أم أنهم يستمتعون بتعذيبنا؟".
تنهد بعمق، وسقط بجسده الهزيل مرة أخرى على السرير، محدقاً في السقف المتشقق.
"على الأقل هؤلاء أفضل حالاً من (أودا)... ذلك الرجل قد يجعلنا نموت من الشيخوخة قبل أن نرى كنز الون بيس. وربما يموت هو قبل النهاية كما حدث لأسطورة دراغون بول... تباً، مجرد التفكير في الأمر يصيبني باكتئاب حاد".
شعر هاروتو بجفونه تزداد ثقلاً. التذمر يستهلك الكثير من الطاقة، خاصة لشخص كسول مثله يعتبر المشي للمطبخ رحلة شاقة.
"سأنام..." تمتم بصوت ناعس، وهو يسحب الغطاء المليء بالفتات فوق رأسه. "ربما في أحلامي أجد نهاية ترضيني... ربما في عالم آخر، القصص لا تخيب الآمال...".
أغلق عينيه، مستسلماً للنوم، ولم يكن يعلم أن تلك كانت آخر مرة يغلق فيها عينيه كـ "هاروتو". وأن استيقاظه القادم لن يكون على صوت المنبه المزعج، ولن يكون في طوكيو.
...
لم يكن هناك صوت شاحنات، ولا ضجيج القطارات البعيدة. كان هناك فقط صوت... زقزقة عصافير؟ وحفيف أشجار؟
حاول هاروتو فتح عينيه، لكن الضوء كان ساطعاً بشكل مؤلم. والأغرب من ذلك، شعر بجسده... مختلفاً. لم يكن ثقيلاً ومرهقاً كعادته. كان خفيفاً، صغيراً، وكأن أطرافه قد انكمشت.
"هل نمت بوضعية خاطئة مرة أخرى؟ أشعر وكأنني انطويت على نفسي،" فكر وهو يحاول النهوض.
لكن عندما حاول رفع يده لفرك عينيه، تجمد.
اليد التي ارتفعت لم تكن يده الخشنة التي اعتادت الإمساك بأداة التحكم في الألعاب. كانت يداً صغيرة، ناعمة، ممتلئة قليلاً كأيدي الأطفال، وبشرتها بيضاء كالحليب.
"ما... هذا؟"
خرج الصوت من حنجرته رفيعاً، طفولياً، ومذعوراً.
انتفض هاروتو – أو ما أصبح عليه الآن – وبدأ يتحسس وجهه، شعره، جسده. كان يرتدي ثوباً يابانياً قديماً (كيمونو) بسيطاً. الغرفة التي هو فيها لم تكن غرفته. كانت غرفة واسعة بأرضية مفروشة بحصير التاتامي، ورائحة الخشب العتيق والبخور تملأ المكان.
زحف – نعم، زحف لأنه شعر بأن ساقيه أقصر من أن تحملانه بتوازن – نحو جسم عاكس كان موضوعاً في زاوية الغرفة. كانت مرآة برونزية مصقولة بعناية.
عندما نظر فيها، توقف الزمن.
لم يكن هناك طالب ثانوية بائس ذو شعر أشعث.
انعكس في المرآة طفل... لا، كلمة "طفل" لا توفيه حقه. كان ملاكاً صغيراً قد سقط سهواً من السماء.
شعر أسود كالليل ينساب بنعومة وحريرية حتى يصل إلى خصره الصغير، وعيون خضراء زمردية واسعة تلمع بذكاء وبراءة في آن واحد، رموش كثيفة، وملامح دقيقة لدرجة الكمال.
"أنا... أنا وسيم!" صرخ داخلياً، وعيناه تتفحصان الانعكاس بصدمة نرجسية مفاجئة. "أنا أوسم من أي بطل (شوجو) رأيته في حياتي! هل هذا أنا حقاً؟ مهلاً، هل مت؟ هل هذا هو النعيم؟ أم أنني أصبحت بطلاً في إحدى تلك الروايات التي كنت أقرؤها؟".
بدأ يقرص خديه بقوة. "آي! مؤلم! حسناً، ليس حلماً."
حاول الوقوف والقيام بحركات غريبة؛ قفز، دار حول نفسه، وحاول حتى غناء شارة بداية أنمي مفضلة لديه ليتحقق من صوته.
"ضوءً لمع وسط المدينة..." (المؤلف: الي فهم التلميح يحط 😂 )
"يا إلهي، حتى صوتي لطيف!"
في خضم فوضى اكتشافه لذاته، انفتح الباب الخشبي المنزلق (شوجي) بهدوء.
"رين؟ هل استيقظت يا عزيزي؟"
دخلت امرأة شابة، ترتدي كيمونو بسيطاً لكنه أنيق، وتحمل ملامح تشبه ملامحه بشكل مذهل، خاصة الشعر الأسود الطويل. لكن عينيها كانتا بنيتين دافئتين.
ابتسمت تلك المرأة بابتسامة أذابت الجليد الذي تراكم في قلب هاروتو طوال سنوات وحدته.
"عيد ميلاد سعيد، يا بطلي الصغير. اليوم أكملت عامك الخامس."
خمس سنوات؟
فجأة، وكأن كلمة "خمس سنوات" كانت المفتاح السري، شعُر "رين" بصداع عنيف يضرب رأسه. سقط على ركبتيه ممسكاً برأسه الصغير، وصرخ صرخة ألم أفزعت المرأة.
"رين! ما بك؟!" ركضت نحوه وضمته لصدرها.
في تلك اللحظة، انهارت السدود في عقله. ذكريات خمس سنوات عاشها في هذا العالم كطفل اندمجت بعنف مع ذكريات "هاروتو" طالب الثانوية.
عرف اسمه الآن. يوكيهارا رين.
عرف والدته، يومي، طبيبة القرية الماهرة والحنونة التي ربيته بمفردها بعد وفاة والده.
عرف منزله، تلك العيادة الصغيرة في قرية ريفية نائية تحيط بها الجبال.
وعرف أهم شخص في عالمه الجديد...
"اوني-تشان!"(اخي الأكبر تقريبا)
صوت صغير آخر قادم من الباب. فتاة صغيرة في الثالثة من عمرها، بشعر قصير وعينين واسعتين، تركض بتهور نحوهم.
ساكورا. أخته الصغيرة.
زال الصداع تدريجياً، تاركاً "رين" يلهث في حضن والدته، وعقله الآن صافٍ تماماً. لقد استعاد وعيه الكامل. لقد ولد من جديد في عالم آخر.
نظر إلى والدته التي كانت تمسح العرق عن جبينه بقلق، وإلى أخته التي تمسك بطرف ثوبه وعيناها دامعتان خوفاً عليه.
في حياته السابقة، كان يتيماً. نشأ في ميتم بارد، حيث كان الطعام قليلاً والحب معدوماً. لم يعرف معنى أن تخاف عليك أم، أو أن تنظر إليك أخت صغيرة كأنك بطلها الخارق.
شعر بدفء يد والدته على خده، ورائحة الأعشاب الطبية العالقة في ثيابها.
"أنا بخير يا أمي،" قالها رين، وتفاجأ بمدى صدق مشاعره. "أنا بخير حقاً."
...
مر أسبوع كامل منذ تلك الحادثة. أسبوع عاشه رين وكأنه في حلم وردي.
بفضل ذكريات البالغ، كان رين طفلاً مثالياً بشكل مريب. لم يعد يبكي، لم يعد يثير الفوضى، وكان يساعد والدته في ترتيب الأعشاب وتجفيفها.
"أنت ذكي جداً يا رين، ربما ستصبح طبيباً مثلي يوماً ما،" كانت يومي تقول وهي تداعب شعره الطويل بفخر.
كان يقضي ايامه في اللعب مع ساكورا. يركضان في الحقول الخضراء، يجمعان الأزهار، ويصطادان الحشرات (رغم أن رين كان يكره الحشرات في حياته السابقة، إلا أنه كان يمثل الشجاعة أمام أخته).
كانت القرية هادئة، بدائية، وجميلة. الناس طيبون، الهواء نقي، والطعام، رغم بساطته، كان لذيذاً لأنه معد بحب.
"هذه الحياة..." فكر رين وهو يجلس على شرفة المنزل عند الغروب، يراقب ساكورا وهي تحاول الإمساك بذيول اليراعات المضيئة. "هذه الحياة تعويض. تعويض عن كل البؤس الذي عشته سابقاً. أنا وسيم، لدي عائلة محبة، وأعيش في مكان يشبه خلفيات استديو جيبلي. ماذا يمكن أن أطلب أكثر؟".
نظر إلى انعكاسه في بركة ماء صغيرة بجانب المنزل. الجمال الذي يمتلكه كان سلاحاً فتاكاً. نساء القرية كن يعطينه الحلوى مجاناً فقط ليروا ابتسامته.
"هه، يبدو أن حياتي كبطل رواية (شريحة من الحياة) هادئة قد بدأت،" ابتسم رين بثقة. "سأكبر، أصبح طبيباً ثرياً ووسيماً، وأعيش حياة مريحة للنهاية. لا دراما، لا وحوش، لا نهايات سيئة."
لكن، يبدو أن القدر كان يخبئ له "حبكة" لم يتوقعها. وكما يعلم أي قارئ روايات ويب خبير، الهدوء هو دائماً نذير العاصفة.
بينما كان يهم بالدخول إلى المنزل للنوم، سمع صوتاً.
ليس صوتاً مسموعاً بالأذن، بل رنين غريب داخل جمجمته.
دينغ!
تجمد رين في مكانه، وقدمه معلقة في الهواء.
"ذلك الصوت..." همس، وعيناه تتسعان. "لا تخبروني..."
أمام عينيه، وفي الفراغ، بدأت خطوط نيون زرقاء تتشكل وتترابط، مشكلة مستطيلاً شفافاً يطفو في الهواء.
كانت واجهة مستخدم. واجهة يعرفها جيداً من آلاف الروايات التي قرأها.
[تم تفعيل النظام بنجاح.]
[جاري تهيئة بيانات المضيف...]
[مرحباً بك، أيها اللاعب.]
خفق قلب رين بشدة لدرجة أنه شعر به في حلقه.
"نظام؟ لدي نظام اللاعب؟!" كاد أن يرقص من الفرحة. "يا إلهي! هذا يعني أنني سأصبح قوياً! سأكون الأقوى! وداعاً لحياة الطبيب القروي، ومرحباً بحياة المغامر الأسطوري!".
بسرعة بديهة، وبحماس الأوتاكو الذي يجري في عروقه، نطق رين بالأمر الصوتي المعتاد:
"الحالة!"
تغيرت الكتابة على النافذة الزرقاء لتظهر تفاصيل شخصيته.
مسح رين عينيه بسرعة ليقرأ السطور، والابتسامة تشق وجهه من الأذن للأذن.
[الاسم: يوكيهارا رين]
[العمر: 5 سنوات و 7 أيام](السبعة الايام من الكيس.. احم)
[السلالة: بشري]
[المستوى: 1]
[العالم الحالي: ...........]
توقفت عينا رين عند السطر الأخير.
الكلمات التي كانت مكتوبة بجانب "العالم الحالي" لم تكن "عالم خيالي عام" أو "أرض السحر".
الكلمات ومضت باللون الأحمر القرمزي للحظة قبل أن تستقر.
[العالم الحالي: قاتل الشياطين (Kimetsu no Yaiba)]
اختفت الابتسامة.
سقطت قطعة الحلوى التي كانت في يده على الأرض.
اللون الوردي الذي كان يزين وجنتيه اختفى ليحل محله شحوب الموتى.
"قاتل... الشياطين؟"
همس بها بصوت مرتجف، وصوت دقات قلبه تحول من طبول الفرح إلى أجراس الجنازة.
نظر حوله بذعر. القرية الهادئة، الغابة المظلمة التي تحيط بها، الظلام الدامس الذي يلف المكان بلا أضواء كهربائية.
فجأة، لم يعد المكان يبدو مثل "استديو جيبلي". بل بدا مثل بوفيه مفتوحة والطعام هو نفسه وجميع القرويين.
التفت لينظر إلى داخل المنزل، حيث كانت والدته تضحك وهي تدغدغ ساكورا. الضحكات الصافية، الدفء، الحب...
في عالم قاتل الشياطين، هذه الأشياء ليست إلا "أعلام موت".
تذكر قصص الهاشيرا. تانجيرو وعائلته. توكيتو وعائلته. سانيمي وعائلته. شينوبو وأختها.
القاسم المشترك بينهم جميعاً؟
لقد كانوا سعداء يوماً ما. ثم جاءت الشياطين.
شعر رين ببرودة تسري في عموده الفقري. صورة مرعبة تشكلت في ذهنه. رجل بقبعة بيضاء، وبدلة غربية أنيقة، وعيون حمراء تشع شراً مطلقاً.
كيبوتسوجي موزان.
"لا..."
ضغط رين على قبضتيه الصغيرتين حتى ابيضت مفاصله، وعيناه الزمرديتان، اللتان كانتا تلمعان بالبراءة قبل لحظات، توهجتا الآن بنظرة غضب ورعب وعزيمة.
(الزمردي = اخضر لامع تقريبا)
"لن أسمح لهذا أن يحدث. تباً للسيناريو. تباً للمؤلف. هذه عائلتي الآن... ولن أدع أي (مايكل جاكسون) شيطاني يلمس شعرة منهم!".
وقف رين الصغير أمام ظلام الغابة الموحش، وبدلاً من الخوف الذي سيطر عليه للحظة، ملأ قلبه شعور جديد. شعور الجشع نحو القوة.
"النظام... أريد أن أصبح قوياً. الآن."
[تم قبول الرغبة. تم فتح مسار المهام اليومية.]
وهكذا، انتهت أيام الكسل والنوم. وبدأت رحلة البقاء.
---
انتهى الفصل الأول.
(المؤلف : احم... انا انهي كتابة الفصول بسرعة حقا ولكن اجد اخطاء كثيرة بها ليس اخطاء املائية بل اخطاء في منطق القصة)
(احتاج لمراجعة الفصول والتأكد من معلوماتي كي تكون القصة متناسقة مع قصة الانمي)
(ولذلك اذا رايت شيء غير منطقي في القصة اخبرني فورا، واتمنى دعمي بافكارك او بكلمة استمر في التعليقات لكي استمر في فعل ما احبة ومشاركتة معكم)