الفصل الثاني والعشرون : احرق روحك!

『RYON 』

استمتعوا~~~

---

كان الهواء يضج بصوت الانفجارات وتكسر الجليد.

وسط هذا الجحيم البارد، تحرك ظل برتقالي بسرعة اللهب. كان رينغوكو كيوجيرو يحمل جسد رين المنهك بحرص شديد، وكأنه يحمل جوهرة هشة تنكسر بسهولة.

قفز رينغوكو بعيداً عن مركز المعركة، حيث كانت شظايا الجليد تتطاير كالقذائف القاتلة، ووضع رين خلف عمود خشبي ضخم لم يطله الدمار بعد، في زاوية توفر رؤية شاملة للمعركة وتسمح للهاشيرا بالتدخل فوراً إذا اقترب الخطر.

"رين-شونين(فتى)!" صرخ رينغوكو بصوت عال رغم انه قريب، عيناه تتفحصان الحروق الغريبة التي تغطي جسد الفتى.

"أنت بأمان هنا! لا تتحرك مهما حدث! لقد قمت بما يكفي واكثر.. دع الكبار يتولون الأمر الآن!"

لم يستطع رين الرد. كان الألم يعصر كل خلية في جسده. رئتاه تحترقان، وعضلاته تصرخ من الإجهاد. كل ما استطاع فعله هو الإيماء بضعف، بينما عاد رينغوكو كالسهم المشتعل لينضم إلى سانيمي وغيومي وتينغن في مواجهة الكابوس الجليدي دوما.

في وسط القاعة، كان دوما يقف وسط عاصفة من الهجمات.

كانت ذراعه المقطوعة، التي تآكلت بفعل "تنفس الشمس"، قد بدأت تنمو من جديد. في البداية كان التجدد بطيئاً ومؤلماً، مما جعل دوما يعبس بانزعاج، لكن بمرور الثواني، وبفضل طاقته اللانهائية كقمر علوي، عادت الأنسجة للالتحام.

"يا إلهي، ذلك كان مؤلماً حقاً،" تنهد دوما وهو يهز ذراعه الجديدة لتجربتها، ناثراً قطرات من الدم المتجمد. "ذلك الفتى.. ترك في داخلي حريقاً لا ينطفئ بسهولة. لكن.."

ابتسم دوما، وانتشرت هالة من البرودة المطلقة جمدت الأرض تحت قدميه.

".. أنتم لستم مثله. هجماتكم عادية، ومملة."

"مملة؟ سأريك الملل أيها القذر!" زمجر شينازوغاوا سانيمي، وهو يندفع بجنون، سيفه الأخضر يرسم دوامات قاتلة في الهواء.

"تنفس الرياح، النمط الأول..!"

اندفع سانيمي كإعصار بشري، يقطع كل ما في طريقه. حاول دوما صد الهجوم بمروحته، لكن هيميجيما غيومي كان يتربص به.

"تنفس الصخر، النمط الثاني..."

هوت كرة غيومي الشائكة والعملاقة من السقف، مصحوبة بصوت تحطيم العظام. اضطر دوما للقفز عالياً لتجنب السحق، لكنه وجد تينغن أوزوي بانتظاره في الهواء، يرمي عشرات القنابل الصغيرة.

"كل هذا بفضل رين! خذ هذه الألعاب النارية!"

بوم! بوم! بوم!

سلسلة من الانفجارات هزت البرج، وغطى الدخان الأسود مكان دوما.

يخترق الدخان تينغن بمفرده، وفي لحظات ظهر وميض سيفيه اكثر من عشرون مرة.

صرخ دوما بألم ولكنه ركل دوما بقوة جعلته يطير بعيدا، ولكن هذا جعل تينغن يبتسم حيث بمجرد خروجه انفجر الدخان الاسود وفي مركز الانفجار دوما.

ولكن بعد انقشاع الضباب ظهر دوما غير متاثر محمياً بواسطة تمثال جليدي ضخم.

.

.

بعيداً قليلاً، كان رين يراقب المشهد بعيون نصف مفتوحة وضبابية.

كان جسده مخدراً، لكن عقله كان في حالة فوضى عارمة. الدموع بدأت تنهمر من عينيه، ليس فقط بسبب الألم الجسدي الذي لا يطاق، بل بسبب شعور ساحق بالضعف والندم.

تكوم رين على نفسه، وأفكاره السوداء تلتهمه.

"لماذا؟" سأل نفسه بصوت داخلي مرتجف.

"لماذا كان عليّ أن ألعب دور البطل؟ أنا لست تانجيرو كامادو.. قلبي ليس نقياً مثله. ولست يوريتشي تسوغيكوني.. أنا لا أملك تلك القوة التي لا تقهر. أنا مجرد طفل عادي من عالم آخر، حصلت على نظام 'غش' بالصدفة."

شعر بمرارة في حلقه.

"كان هدفي هو حماية عائلتي الجديدة فقط. أمي، ساكورا اختي الصغيرة.. العيش بسلام. فلماذا أنا هنا؟ لماذا أخاطر بحياتي لإنقاذ غرباء؟ لماذا أقف أمام وحش يمكنه قتلي في لحظة؟ أنا أحمق.. أنا مجرد طفل يدعي العظمة."

أغلق رين عينيه بقوة، محاولاً الهروب من واقع الألم ورائحة الدماء.

وفجأة، تغير المشهد.

لم يعد يشعر بأرضية البرج الخشبية تحته.

بدلاً من ذلك، شعر بنسيم دافئ.. ورائحة عشب طازج.

فتح رين "عينيه" في عقله.

كان يقف في حقل مفتوح، والشمس ساطعة بشكل لم يره من قبل. وأمامه، كان يقف رجل طويل القامة، يرتدي كيمونو أحمر، ويحمل سيفاً أسود على خصره.

لم يلتفت الرجل إليه، بل كان ينظر إلى طفل صغير يلعب ويضحك وهو يحاول الإمساك بفراشة.

عرفه رين فوراً.

يوريتشي تسوغيكوني.

ولكن ماذا عن ذلك الطفل ذو الشعر الاسود، من يكون. كان رين في حيرة من امره.

بالاضافة الم تكن ذكريات يوريتشي التي يعيشها ذكريات اثناء القتال او استخدام تقنية ما.

لكن هذه لم تكن ذكرى قتال. كانت ذكرى.. "شعور".

لقد كان النظر لظهر يوريتشي يجعله يشعر بمشاعره، وشعر بان يشبه يوريتشي حقا. على الاقل في ذلك الشعور المؤلم الذي يسحق قلبه.

سمع رين صوت يوريتشي، هادئاً وعميقاً، وكأنه يخاطب روحه مباشرة.

"نحن لا نولد أقوياء لكي نتحكم بالآخرين.."

كان يوريتشي يتحدث وكانه يتكلم مع نفسه، ولكن رين شعر ان الكلمات كانت موجهة له هو.

"لقد مُنحنا هذه القوة لسبب واحد فقط. وهو أن نحمل أحلام أولئك الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. القوة ليست امتيازاً.. إنها مسؤولية. في هذا العالم القاسي، حماية ضحكة طفل واحد.. قد تكون أعظم من هزيمة جيش كامل."

نظر يوريتشي نحو الشمس، وابتسم ابتسامة حزينة ولكن مليئة بالأمل. "لا تحزن لأنك لست كاملاً. البشر مخلوقات ضعيفة، وهذا ما يجعل كفاحهم جميلاً."

تلاشى المشهد ببطء، وعاد رين إلى واقعه، في ذلك البرج المظلم والبارد.

لكن شيئاً ما تغير في داخله.

فتح رين عينيه بالكامل. الدموع التي كانت تسقط بسبب الألم والشفقة على الذات توقفت.

تدفقت الذكريات في رأسه. ليس ذكريات يوريتشي هذه المرة، بل ذكرياته هو. ذكرياته كـ "هاروتو" و "اوتاكو".

تذكر رينغوكو كيوجيرو، وهو يبتسم والدماء تغطي وجهه، ويموت وحيداً في ذلك القطار اللعين، بينما يهرب أكازا. تذكر حرقة قلب تانجيرو وصراخه العاجز.

تذكر كيف كان غاضبا وقتها وحزينا لموت شخصيتة المفضلة بهذه البساطة، كيف شعر بالاحباط والحزن لذلك.

تذكر كوتشو شينوبو، وكيف ضحت بجسدها وسمحت لدوما بأكلها فقط لتتمكن من قتله بالسم. تذكر ابتسامتها المكسورة وهي تتحدث عن أختها كاناي.

تذكر غيومي وموته بعد معركة موزان.. تذكر سانيمي الذي فقد كل من أحبهم.

تذكر تانجيرو الذي فقد عائلتة وضحى بكل ما يملك من اجل هزيمة موزان، تذكر كيف اصبح في نهاية القصة.

تذكر عائلتة المحبة، اخته الصغيرة ساكورا ووالدته التي اخبرته بان يعدها بانه سيعود الى المنزل يوما ما.

ثم... هؤلاء الناس.. الذين يقاتلون أمامه الآن..

"إنهم ليسوا مجرد شخصيات حبر على ورق.. ليس بعد الآن،" همس رين، وهو يشد قبضته المرتجفة حتى ابيضت مفاصله. "إنهم أحياء. إنهم يتنفسون، يضحكون، ويحزنون. وهم الآن يخاطرون بحياتهم لحمايتي، وحماية الآخرين من شر الشياطين"

شعر بموجة من الخجل من أفكاره السابقة.

"أنا لست يوريتشي.. ولست بحاجة لأكون بطلاً مثالياً. أنا هنا لأنني أملك القدرة على تغيير هذا السيناريو اللعين. إذا كنت أملك القوة لإنقاذ رينغوكو من الموت.. وإنقاذ شينوبو من أن تلتهم.. فسأحرق روحي ألف مرة لأفعل ذلك!"

اشتعلت النيران في قلبه مجدداً. الألم لم يختفِ، لكنه أصبح "وقوداً".

تذكر كلمات رينغوكو، الكلمات التي جعلت عزيمتة تحترق بقوة اكبر في قلبه.

"احرق روحك! ثم احرق عدوك!" ردد رين هذه الكلمات في راسه بينما يجمع كل طاقة يمكنه اخراجها من جسده المدمر.

"عندما تعلم بان الموت اقترب... فقاتل حتى الموت... عندها اما ستنجو وتفوز بشرف... او تموت بشرف!"

يتمتم بهذا عض رين على اسنانه بقوة، ونهض مستخدما تقنية تنفس الماء لجعل جسمه يتماسك ولا ينهار مجددا.

.

.

في وسط الساحة، كان الوضع يزداد سوءاً.

رغم الهجمات المتواصلة والمنسقة من الهاشيرا الأربعة، كان دوما لا يزال يبتسم.

"أنتم مزعجون جداً،" قال دوما بملل، ولوح بمروحتيه. "تقنية الدم الشيطانية: سحب الصقيع المتجمد."

انتشر ضباب كثيف جمد الهواء في لحظة. شعر الهاشيرا بأن رئاتهم تتمزق من الداخل.

"لا تستنشقوا الهواء!" صرخ تينغن، وهو يغطي أنفه ويقفز للخلف.

لكن دوما كان أسرع. ظهر أمام رينغوكو مباشرة. "أنت.. لديك روح مشتعلة، لكن النار تحتاج للهواء، وهنا.. لا يوجد سوى الجليد."

وجه دوما ضربة قاتلة بمروحتيه نحو عنق رينغوكو.

"تنفس اللهب، النمط الرابع!"

صد رينغوكو الضربة بصعوبة بالغة، وتطاير الشرر. لكن قوة دوما الجسدية دفعت رينغوكو للخلف عدة أمتار، مخلفة جرحاً عميقاً في صدره.

"كيوجيرو!" صرخ سانيمي، واندفع لقطع دوما من الجانب. "تنفس الرياح، النمط السابع!"

قفز دوما برشاقة فوق نصل سانيمي، ووجه ركلة كسرت أضلاع هاشيرا الرياح، قاذفاً إياه نحو الجدار.

"نامو أميدا بوتسو.." بكى غيومي، ولوح بفأسه الضخم ومسبحته الحديدية، محطماً الأرضية حول دوما لمنعه من التحرك بحرية.

استغل تينغن الفرصة، وألقى وابلاً من الضربات القاطعة والمتتالية بسرعة مرعبة. "كل هذا.. ولا يموت؟!"

رغم الإصابات التي لحقت بدوما، ورغم قطع رأسه جزئياً من قبل سانيمي قبل لحظات، ورغم سحق عظامه من قبل غيومي.. كان يتجدد.

تلك الحروق التي سببها رين سابقاً كانت قد اختفت تقريباً.

وقف تينغن يلهث، والعرق يغطي وجهه المزين بالجواهر. "لقد قطعنا ذراعيه ثلاث مرات.. وحطمنا قفصه الصدري.. ونسفنا نصف وجهه.. ومع ذلك.."

نظر تينغن نحو دوما الذي خرج من الدخان، وجهه سليم تماماً، وملابسه فقط هي الممزقة. كان ينفض الغبار عن كتفه بلامبالاة مستفزة.

"هل انتهيتم؟" سأل دوما بابتسامة بريئة. "لأنني بدأت أشعر بالجوع حقاً."

شد تينغن على قبضتي سيفيه بقوة كادت تحطمهما. اليأس بدأ يتسلل إليهم. ما الفائدة من القتال إذا كان العدو يعود وكأن شيئاً لم يحدث؟

كانت قدرة دوما على التحكم بالجليد مزعجة بما يكفي، ولكنه ما زال يحول الهواء الى هواء متجمد وحتى رغم انهم هاشيرا فهم في النهاية سيضطرون لتنفس هذا الهواء.

سيضعفون، بينما يصبح دوما اقوى... اذا استمر هذا فلن يستطيعوا قتاله ومحاصرته حتى تشرق الشمس.

استعد تينغن، وكان يخطط للمخاطرة اكثر فقد كانوا لا يبذلون كامل قوتهم بما انهم 4 هاشيرا.

استعد وفعب تقنية التنفس وكاد ينطلق بنية تقطيع دوما لاجزاء، رغم ان هناك فرصة كبيرة ليصاب او يموت حتى اثناء ذلك.

لكن فجأة، توقفت حركة تينغن.

اتسعت عيناه تحت عصابة رأسه المرصعة بالجواهر.

نظر إلى دوما.. ثم نظر إلى شيء خلف دوما.. هناك عند العمود الخشبي حيث تركوا رين.

الهالة التي كانت تنبعث من تلك الزاوية لم تكن هالة طفل مصاب.

كانت هالة.. مرعبة.

"بحق الجحيم؟!" هتف تينغن بصدمة، وهو يرى المشهد الذي جعل الدماء تتجمد في عروقه أكثر من جليد دوما.

الفتى الذي كان من المفترض أن يكون عاجزاً عن الحركة.. كان يقف.

وليس فقط يقف.

كانت العلامة على جبهته تتوهج بضوء أحمر نابض، وعيناه.. عيناه لم تعودا بشريتين.

نهاية الفصل الثاني والعشرون.

---

فصل اليوم، لم اقم بمراجعتة كثيرا... سيكون هناك اخطاء كثيرة لذلك ابلغوني بها!

اتمنى الحصول على تعليقات اكثر للرواية.

[ملاحظة : اشكركم اولا على تفاعلكم مع الفصول ولا تعرفون كم اكون سعيدا بقراءة تعليقاتكم، ففعلياً هذا هدفي الوحيد من الكتابة.

حرفيا اكتب فقط لمشاركة خيالي معكم لذلك اتمنى تقدير جهدي في كتابة الفصول ومراجعتها وحذف اجزاء كبيرة منها كي تحصلون على فصل لائق.

اعرف ان ما زال لدي مشاكل ولكني احاول حلها لذلك اتمنى ان تساعدوني في ذلك.

وشكرا مجددا لمساعدتكم في وصولنا الى افضل ثلاث روايات مؤلفة... لا تعرفون كم انا سعيد بذلك.

وطالما يكون هناك تفاعل في هذا الموقع على ما ابذل فيه جهدا رغم ظروفي فساكون سعيدا ومجبرا على الاستمرار في النشر حتى النهاية.

ولكن اذا لم يكن هناك تفاعل فقد اتوقف عن النشر او انتقل لموقع اخر، لذلك اتمنى ان تستمرو في دعمي والتفاعل مع الفصول لان هذا الشيء الوحيد الذي نحصل عليه نحن المؤلفين بعد التعب على الفصول... فقط تعليقاتكم.

وشكرا مجددا على قراءة روايتي رغم اني ما عندي سالفة 😂 وشكرا لكل شخص تفاعل او قرأ الرواية...وهناك قروب واتساب بالمناسبة... الرابط في خانة الدعم 😊]

『RYON 』

『ريـــــــــ♡ــــوـنـ』

شيء اخر (. ❛ ᴗ ❛.) رواية بن تن ستعود قريبا، لدي مدرسة لذلك احاول اولا انشاء جدول مناسب لكي انظم بين كتابة الروايتين بالاضافة الى حياتي.

شكرا 🫶

2025/12/21 · 85 مشاهدة · 1748 كلمة
نادي الروايات - 2025