الفصل الثاني : بعد خمس سنوات!
@نـــايــلٓـــر
__________________________________
وقف رين في فناء منزله الخلفي، والليل يلفه بعباءته السوداء. كانت النجوم تتلألأ فوقه بجمال أخاذ، لكن بالنسبة له، بدت تلك السماء وكأنها فم وحش ضخم يوشك أن يطبق عليه.
النافذة الزرقاء للنظام ما زالت تطفو أمامه، والكلمات الحمراء [العالم الحالي: قاتل الشياطين] تنبض بإيقاع بطيء، كأنها عد تنازلي لقنبلة موقوتة.
"قاتل الشياطين..." كرر رين الكلمة، وصوته يخرج مبحوحاً كأن حلقه مليء بالرماد.
استدار ببطء نحو المنزل. النوافذ الورقية كانت تضيء بلون برتقالي دافئ. ظلال والدته وأخته وهما تتحركان في الداخل كانت تبدو كمسرحية خيال الظل الأكثر براءة في العالم.
لكن عقله، الملوث بذكريات المانجا والأنمي، رأى مشهداً آخر.
تخيل الباب يُحطم. تخيل رجلاً ببدلة غربية أنيقة، وقبعة بيضاء تغطي خصلات شعره المجعد، يدخل بخطوات راقصة تشبه خطوات مايكل جاكسون في أغنية Smooth Criminal.
"هل أنت بخير؟" قد يسأل الوحش بصوت ناعم ومخملي، قبل أن يحول هذا المنزل الدافئ إلى مسلخ.
كيبوتسوجي موزان. ملك الشياطين. الكابوس الذي يمشي على قدمين.
"تباً، تباً، تباً!" ضرب رين جبهته بكفه الصغير مراراً وتكراراً. "لماذا هذا العالم بالتحديد؟ لماذا لم يكن عالم بوكيمون؟ أو حتى عالم ناروتو؟ على الأقل في ناروتو يمكنني أن أعيش كمدني ولا أموت إلا إذا قرر باين تدمير القرية بالكامل! لكن هنا؟ البشر مجرد بوفيه مفتوح!".
"او ربما عالم انمي رومنسي ما مليء بالبطلات الجميلات... الن يكون هذا مثاليا مع مظهري الوسيم هذا؟!"
جلس القرفصاء على العشب الرطب، وبدأ يحلل وضعه بجدية "لاعب" محترف يواجه مستوى الزعيم بملابس المبتدئين.
"حسناً، لنهدأ. الذعر لن يفيد. أنا الآن في الخامسة من عمري. أختي في الثالثة. نحن نعيش في قرية جبلية نائية... انتظر لحظة."
تجمدت عيناه.
"قرية جبلية نائية؟ عائلة سعيدة بدون أب؟ رائحة دماء محتملة؟ نحن حرفياً نعيش في (إعدادات الخلفية الدرامية) لأي هاشيرا!".
"اللعنة عليك، لا اريد ان اصبح هاشيرا او قاتل شياطين اريد ان اعيش بسعادة مع الكثير من المال ومع امراءة بسيطة تحبني!"
كاد يوكيهارا رين يبكي، لقد كان يتخيل حياتة السعيدة مع زوجة جميلة وعائلة دافئة.
هبت ريح باردة حركت أغصان الأشجار، فقفز رين فزعاً واتخذ وضعية قتالية مضحكة لطفل في الخامسة.
"لا شيء... مجرد ريح."
زفر الهواء بارتياح، ثم نظر إلى النظام مرة أخرى.
"النظام هو أملي الوحيد. إذا كانت هذه اللعبة (Hardcore) حياة واحدة فقط، فأنا بحاجة لكسر القوانين."
ضغط بإصبعه الصغير على أيقونة [المهام].
[المهمة اليومية: الطريق إلى القوة]
* الوصف: لكي تنجو في هذا العالم، جسدك الحالي هو مجرد عائق. حول اللحم الطري إلى فولاذ.
* المطلوب:
* 50 تمرين ضغط. (0/50)
* 50 تمرين قرفصاء. (0/50)
* 50 تمرين معدة. (0/50)
* الجري لمسافة 5 كيلومترات. (0/5)
* المكافأة: +1 نقطة قوة، +1 نقطة قدرة تحمل، صندوق عشوائي (رتبة E).
* العقوبة عند الفشل: لا يوجد عشاء.
قرأ رين القائمة ورفع حاجبه. "هل هذا تدريب (سايتاما) من ون بنش مان لكن نسخة الأطفال؟ خمسون تمرين ضغط؟ أنا في الخامسة! ذراعي تشبه قطعة المارشميلو!".
لكنه لم يتردد. استلقى على العشب وبدأ.
"واحد..."
ذراعاه ارتجفتا بعنف.
"اثنان..."
شعر وكأن جاذبية الأرض قد تضاعفت عشر مرات.
"ثلاثة..."
سقط وجهه في الطين.
"تباً..." بصق التراب من فمه، والدموع تتجمع في عينيه الزمرديتين. "موزان لن ينتظرني حتى أكبر. الشياطين لن تشفق علي لأنني طفل جميل."
صورة ساكورا وهي تضحك لمعت في ذهنه.
ضغط على أسنانه ورفع جسده مرة أخرى.
"أربعة!"
في تلك الليلة، لم ينم رين إلا بعد أن انهار جسده تماماً. وعندما وجدته والدته نائماً في الفناء الخلفي ومغطى بالطين والعرق، حملته إلى سريره وهي تظن أنه كان يلعب بحماس زائد، غير مدركة أن ابنها قد بدأ حربه الخاصة.
مرت الأيام، وتحولت إلى أسابيع، ثم شهور.
تغير روتين القرية الهادئ بوجود طفل غريب الأطوار.
كان القرويون يشاهدون "رين الصغير"، الطفل الجميل الذي يبدو كدمية خزفية، وهو يركض حول القرية كل فجر وهو يحمل حقيبة مليئة بالحجارة على ظهره.
"صباح الخير يا رين-تشان! تتدرب بجدية اليوم أيضاً؟" كان الخباز يناديه.
"أحتاج لحماية أمي وساكورا!" كان رين يصرخ رداً عليه دون أن يتوقف، وعيناه مركزتان على الطريق أمامه.
كان القرويون يضحكون بلطف، معتبرين الأمر مجرد "مرحلة طفولة". لكن بالنسبة لرين، كان الأمر مسألة حياة أو موت.
مع مرور السنوات، بدأ جسده يتغير. الطراوة الطفولية بدأت تختفي، وحلت محلها عضلات مشدودة ومرنة تحت جلده الأبيض.
لكن القوة الجسدية وحدها لم تكن كافية. كان يعلم ذلك.
"الجودو. الكيندو. الكاراتيه. أحتاج لتعلم كل شيء،" قرر رين في عيد ميلاده السابع.
بدأ يذهب إلى الدوجو الوحيد في القرية المجاورة. المدرب، رجل عجوز كسول، لم يأخذ الطفل بجدية في البداية.
"يا بني، هذا المكان ليس للعب..."
لم يكمل العجوز جملته قبل أن يجد نفسه ملقى على ظهره بلمسة فنية من رين الذي استخدم وزن العجوز ضده (مهارة تعلمها من النظام).
[تم اكتساب مهارة: فنون قتالية يدوية (مبتدئ) - المستوى 1]
لم يتوقف رين عند التعلم فقط. كان بحاجة للمال.
المال في هذا العالم يعني الأمان. المال يعني القدرة على شراء منزل في مدينة كبيرة، بعيداً عن الجبال المظلمة، قريباً من أشجار الوستارية التي تكرهها الشياطين.
لذلك، بدأ "شيطان الفنون القتالية" بالظهور.
في بطولات الفنون القتالية للصغار في المناطق المجاورة، كان المشهد يتكرر دائماً:
خصم ضخم ومتنمر يضحك على رين وشعره الطويل وملامحه الأنثوية الجميلة.
"هل ضعتِ يا آنسة؟"
ثم تبدأ المباراة. وفي أقل من ثلاث ثوانٍ، يكون الخصم يحدق في السقف وهو يتساءل عن معنى الحياة.
جمع رين الجوائز المالية، وادخر كل "ين" حصل عليه.
وفي عيد ميلاده التاسع، فاجأ والدته.
"أمي، سننتقل."
"ماذا؟ إلى أين يا رين؟ ولماذا؟" سألت يومي بدهشة.
أخرج رين صرة(حقيبة) مليئة بالمال ووضعها على الطاولة. "إلى مدينة (أكاساكا). لقد وجدت منزلاً هناك. أكبر من هذا، وقريب من مستشفى كبير يحتاج لخبرتك."
لم يخبرها بالسبب الحقيقي. لم يخبرها أنه استيقظ الليلة الماضية على رائحة عفنة قادمة من الغابة، رائحة جعلته يرتجف ويتجمد في مكان يتقيأ عشاءه.
كان عليهم الرحيل. والآن.
بعد مرور خمس سنوات (العمر الحالي: 10 سنوات).
أصبحت مدينة أكاساكا موطنهم الجديد. كانت مدينة حيوية، شوارعها مضاءة بالفوانيس ليلاً، ودوريات الشرطة تتجول فيها (رغم أنهم عديمو الفائدة ضد الشياطين، إلا أن وجود البشر بكثافة يشعرك ببعض الأمان الزائف).
في فناء المنزل الجديد، الذي حرص رين على زراعة أشجار الوستارية حوله بكثافة لدرجة أن الجيران اشتكوا من الرائحة القوية، وقف رين – الذي أصبح الآن صبياً في العاشرة.
كان مظهره مذهلاً. شعره الأسود ازداد طولاً وكثافة، مربوطاً بذكيل حصان عالٍ. عيناه الخضراوان أصبحتا أكثر حدة وعمقاً. جسده كان منحوتاً بدقة، مزيج مثالي بين الرشاقة والقوة المتفجرة.
[الاسم: كوروجاني رين]
[المستوى: 15]
[القوة: 35 (متوسط البالغين: 10)]
[السرعة: 42]
[المهارات: جودو (خبير)، كيندو (خبير)، الطبخ (متوسط - بفضل إرضاء ساكورا)، التسلل (متقدم) ، اخرى...]
أرقام مبهرة لطفل في العاشرة. يمكنه هزيمة عشرة رجال بالغين بيد واحدة.
لكن رين لم يكن يبتسم.
في يده، كان يحمل سيفاً خشبياً مصنوعاً من خشب البلوط الصلب. وأمامه صخرة كبيرة جلبها من النهر.
"التركيز... التنفس..."
أغلق عينيه، محاولاً تقليد ما قرأه في المانجا.
"تنفس... الماء؟ لا، لا أعرف كيف أفعل ذلك. تنفس... الرعد؟ كيف أجعل الهواء يكهرب رئتي؟"
حاول تنظيم تنفسه بطريقة معينة، وضخ كل قوته الجسدية (35 نقطة) في ذراعية.
"هااااا!"
هوى بالسيف الخشبي بكل قوته على الصخرة.
طرااااخ!
تطايرت الشظايا في كل مكان.
نظر رين إلى النتيجة.
السيف الخشبي تحطم إلى نصفين.
الصخرة... لم تصب سوى بخدش بسيط.
سقط رين على ركبتيه، ممسكاً بمقبض السيف المكسور. اليأس بدأ يتسرب إلى قلبه.
"هذا لا يجدي نفعاً."
همس بصوت غاضب.
"قوتي الجسدية تزيد، نعم. لكن بدون (تقنية التنفس) وبدون (سيف النيشيرين)، أنا مجرد بشري قوي. إذا واجهت شيطاناً، سأتمكن ربما من ضربه، لكن لن أتمكن من قتله. سيشفى في ثوانٍ ويأكلني كتحلية."
تذكر قتال تانجيرو ضد روي (القمر السفلي). تذكر السرعة، القوة، الخيوط التي تقطع الحديد.
تذكر الأقمار العليا.
"ما فائدة أن أكون بطل الجودو إذا كان خصمي يستطيع تجديد رأسه؟"
وقف رين، ونفض الغبار عن ثيابه (الهاكاما) السوداء.
(اذا وجدت شيء وشعرت بالحيرة ولكن الفضول ايضا فابحث في قوقل)
نظر إلى السماء التي بدأت تغطيها الغيوم.
لقد وصل إلى الحائط المسدود. النظام يمنحه نقاطاً احصائيات، لكنه لا يمنحه تقنيات سحرية من العدم. عليه أن يتعلمها.
"أحتاج لمعلم."
قرر رين وهو يرمي السيف المكسور.
"أحتاج أن أجد فيلق قتلة الشياطين. أحتاج أن أجد هاشيرا، أو حتى مربياً متقاعداً. لا يمكنني البقاء هنا ألعب دور الحارس الشخصي لعائلتي للأبد. الدفاع الأفضل هو الهجوم."
في تلك الليلة، ولأول مرة منذ سنوات، ارتدى رين ملابس سوداء بالكامل، وغطى وجهه بوشاح، وتسلل خارجاً من غرفته. ليس للتدريب هذه المرة.
بل للصيد.
ليس صيد الشياطين، بل صيد المعلومات. كان يبحث عن الغربان. غربان الكاسوجاي.
"يا طيور الشؤم المتكلمة..." همس رين وهو يقفز بخفة فوق أسطح منازل المدينة بقفزات تتجاوز قدرات البشر العاديين. "أين تختبئون؟"
كانت هذه بداية رحلته الحقيقية. الرحلة التي ستأخذه من كونه "أوتاكو" إلى "قاتل شياطين".
...
انتهى الفصل الثاني.
لا تنسى التعليق باي شيء كي استمر في كتابة الرواية!