حكى أن ملك ايطاليا دعا رساما ً شهيرا ً و أمره برسم صورتين مختلفتين و متناقضتين عند باب اكبر كنيسة في روما.
الملك امر الرسام بأن يرسم صوره لملاك، ومقابلها صوره للشيطان، لرصد الاختلاف بين الفضيله و الرزيله.
فقام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور، وعثر على طفل بريء و جميل، تطل السكينه والبراءة والطيبه من وجهه الابيض الجميل المستدير، و تغرق عيناه في بحر من السعادة.
ذهب معه الى اهله و استأذنهم في استلهام صوره الملاك من وجه طفلهم، فرحبوا على الفور واستضافوا الفنان طوال فترة رسمه بكرم ضيافة لا مثيل له، فقضي الفنان أجمل أيام حياته في تلك القرية الجميلة مع أهل الطفل الكرام
و بعد بضعة أشهر اصبح الرسم جاهزا ًو مبهرا ً للناس.
و كان نسخه من وجه الطفل مع القليل من ابداع الفنان ..و لم ترسم لوحه اروع منها في ذلك الزمان.

و بدأ الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صوره الشيطان
و كان الرجل جادا ً في الموضوع، لذا بحث كثيرا ً
و طال بحثه لاكثر من ثلاثين عاما ً ..
و اصبح الملك يخشى ان يموت الرسام قبل ان يستكمل التحفه التاريخيه، فاعلن عن جائزه كبرى ستمنح لاكثر الوجوه اثاره للرعب و القبح و النفور .
و قد زار الفنان السجون، والمصحات النفسيه والحانات، وحتى أوكار المجرمين، لكنهم جميعا ً كانوا يحملون ملامح بشرية.
و ذات مره، طلب الملك من الفنان أن يحضر إليه على الفور، فحضر الفنان مسرعا ولم يظن أن الملك قد استطاع أخيرا أن يجد الشخص المنشود.
فما أن وصل الفنان حتى أخذه الحاكم إلي غرفة في قبو القصر ليكشف له عن {الشيطان} ...!
و كان قبيح المنظر .. كريه الرائحه .. اصلع .. وله شعرات تنبت في وسط رأسه كأنها رؤوس الشياطين !!
ووجهه وجسده مملوئين بالقرح والجروح و كان عديم الروح، كسير النفس ولا يأبه بشيء،يصدر اصواتا مزعجة، و فمه خالٍ من الاسنان
أخبر الحاكم الفنان أن رجاله طافوا المسكونة كلها كي يجدوه،
حتى وجده أحدهم في إحدى الحانات القذرة يتجرع زجاجه خمر في زاويه ضيقه مظلمة ..
ففرح به الحاكم لان العثور عليه سيتيح استكمال تحفته الفنيه الغاليه، كما فرح به الفنان لأنه سيستطيع أخيرا إكمال لوحته.

جلس الرسام امام الرجل و بدأ برسم ملامحه مضيفاً اليها ملامح (الشيطان)
...
و ذات يوم ..واثناء استكمال اللوحه الفنيه
التفت الفنان الى الشيطان الجالس امامه و اذا بدمعه تنزل على خده ..
فاستغرب الموضوع . .
و سأله اذا كان يريد ان يدخن او يحتسي الخمر ..!
فهز رأسه بالرفض وهو يصدر صوتا اقرب الى البكاء المختنق،
ثم حاول الفنان إكمال اللوحة، وكلما تعمق أكثر في ملامح الرجل استشعر شيئا غريبا، كأن أحدا يمسك بيده ويحاول أن يخط ملامح الوجه كأنه يعرفها، فتوقف الفنان واقترب من الرجل ثانية بحذر – فهو يظنه الشيطان – محاولا معرفة سر ارتباطه به، ثم سأله بحذر "من أنت" ؟
فلم يجبه الرجل، بل فتح فاه ليريه أن لسانه مبتور
ثم نظر إليه نظرة غريبة
نظرة أقرب إلي العتاب من الاستنكار
فنظر الفنان إلي عينيه بعمق وحذر
ليقرأ سؤالا عليهما
ألا تتذكرني أيها الفنان العظيم؟
عندما زرتني منذ اكثر من ثلاثين عاما ً ..
حين كنت طفلا ً صغيرا ً
و استلهمت من وجهي صوره الملائكه ..
وانت اليوم تستلهم مني صوره الشيطان !!
و انفجرت الدموع من عينيه .. و ارتمى على كتف الفنان ..
فصعق الفنان من هول المفاجأة وقرر ألا يكمل لوحته
و جلسا الاثنان معا ً يبكيان امام صوره الملاك
خلقنا جميعا كالملائكة لكن نحن من نجعل من انفسنا شياطين بواسطة افعالنا فلا تلوث روحك ونور وجهك وبصيرتك بالأفعال السيئة.

2019/12/01 · 482 مشاهدة · 563 كلمة
Black_King
نادي الروايات - 2024