:
---
بعد أن تفتحت الزهرة البيضاء، خرج سو مو من ضباب الضوء، واقفًا بحلته الجديدة. كان يبدو غريبًا، كأن جزءًا منه اندمج مع الروح، لكنه لم يندمج بالكامل، بل أصبح أكثر تكاملاً مع قوته. عينيه تغيرتا؛ إحدى العينين أصبحت رمادية، بينما ظلت الأخرى زرقاء لكن أكثر نقاءً وعمقًا، وكأنها تعكس الضوء بحدة أكبر. شعره تحوّل إلى رمادي اللون، إلا أن خصلاته السوداء الناصعة ظلت واضحة، تمنحه مزيجًا فريدًا من الجمال والهيبة.
وقف سو مو ينظر إلى يديه بدهشة، يشعر بأن كل شيء بداخله وخارجه قد تغير. في السابق، كان يحتاج إلى التركيز لاستدعاء روحه القتالية، أما الآن فبدأ يشعر أنها جزء من جسده. بمجرد أن فكر فيها، ظهرت أمامه زهرة بيضاء ناصعة، تزداد البرودة حولها قوة، وكأنها تنبض بالحياة.
توجه بعدها إلى مهارة روحه القتالية الأولى: منجل ملك الجليد.
سلاح حاد، يتفوق حدّه على معظم الأسلحة في العالم، يمكنه تكبيره أو تصغيره حسب الرغبة، يجمد الطاقة الروحية للأعداء، يبطئ الهجمات السريعة، ويمتلك قوة اختراق عالية ضد الدروع والحواجز.
شعر سو مو بقشعريرة من الحماس، لم يتخيل يومًا أن يصل إلى هذا المستوى من القوة. لكن فجأة، جاء زئير من الخلف؛ الوحش المصاب كان يحاول النهوض ليهاجمه.
استدار سو مو ببطء، ورأى الوحش يخطو ثلاث خطوات نحو مكانه. توقف، وأمعن النظر فيه. وفجأة نطق قائلاً بصوت هادئ:
"لقد أخذت ما أريد، ليس لدي نية للقتال. عد واشفِ نفسك، أنت الفائز بالفعل."
بعد ذلك، أدرك سو مو أن الوحش يبتعد، وأنه لن يواجه أي خطر مباشر في الوقت الحالي. قرر العودة إلى منزله، حيث كان ينوي التدرب استعدادًا للحصول على حلقة الروح التالية، والانضمام لاحقًا إلى أكاديمية قوية، كما نصحه الفلاح قبل موته.
على مدار اليومين التاليين، لم يواجه سو مو أي مشكلة في الطريق. وفي ليلة هادئة، جلس على طرف بحيرة، يتأمل زيادة قوة روحه، منغمسًا في التأمل طويلًا. عندما فتح عينيه، رحب به قمر جميل يشع على عينيه المختلفتين، والنسيم الرطب يعانق الغابة من حوله، مكوّنًا جوًا ساحرًا وخياليًا.
بدون أن يعيق نفسه، انغمس في مياه البحيرة، بلا ملابس لتغطية صدره، فقد تمزقت أثناء تحوله، لكنه لم يمانع، فقد حصل على قوة جيدة وكان راضيًا عن بدايته.
لكن، كما يحدث دائمًا، لم تمر اللحظة بسلام. جاءت رياح تحمل رائحة غريبة من بعيد. قبل أن يدرك سو مو ما يحدث، قفز شيء في البحيرة أمام عينيه مباشرة، مفاجئًا إياه.
فكر سو مو سريعًا، مستخدمًا ذكاءه: "لو كان هذا الشخص يريد إيذائي، لما قفز من أمامي مباشرة، كان ليتسلل من الخلف. إذن، هو مطارد."
لم يكن متأكدًا إن كان يمكنه هزيمة هذا الشخص، فما بالك إذا جاء مطاردون آخرون. قرر البقاء هادئًا؛ الهروب ليس خيارًا، فسرعته ليست كبيرة، وأي مواجهة قد تربطه بالمطارد الذي أمامه. لذا بقي ساكنًا، مراقبًا، دون أي حركة.
مع مرور الوقت، جلب الهواء البارد حركة هادئة لمياه البحيرة، وعند رؤيتها تتصرف بهذه الطريقة، عرف سو مو أن المطاردين ليسوا أعداء، فلو كانوا كذلك لما أرسلوا تحذيرًا قبل وصولهم. بعد لحظات، ظهرت ثلاث شخصيات في السماء: امرأة ورجلان.
تحرك الرجل وقال:
"يا صديقي الصغير، لدي طلب منك. إن أجبتني، سأعطيك هذا."
ثم أشار إلى شيء يشبه ذراع الوحش، وأضاف:
"هذا عظم روح لوحش عظيم، يساعدك على زيادة سرعتك ويقوي بنيتك."
بعد هذا التحول، بدا سو مو كشاب في الرابعة عشرة تقريبًا، رغم أنه لا يزال في سن السادسة، لم يعد الطفل الصغير الذي عرفناه.
ابتسم سو مو وقال: "تفضل يا سيدي." كان يعلم أن الرجل ربما يخادع، وأنه لن يعطيه شيئًا بسهولة.
ابتسم الرجل وقال:
"هل رأيت فتاة صغيرة تمر من هنا؟ إنها جميلة، لا أظن أنك نسيتها."
أجاب سو مو بهدوء: "عذرًا يا سيدي، لم أر أحدًا، لقد كنت هنا طوال اليوم."
عند سماع كلماته، عبس الرجل واستدار ليغادر مع من معه، لكن قبل أن يختفي، رمى عظم الروح نحو سو مو وقال:
"اتمنا هذا."
التقط سو مو العظم ودقق فيه، لاحظ أنه أصغر من الذي ظهر في العجلة، ولم يعرف كيف يمتصه، فقرر الخروج أولًا.
خرج من البحيرة، بلا قميص، وتوجه إلى شاطئ البحيرة وأعاد رمي العظم فيها، ثم فر مسرعًا، لا يريد أن يتورط في أمور لا علاقة له بها.
بعد قليل، ظهر الرجلان والمرأة مرة أخرى، فقال الرجل بمتعة:
"ابنتي العزيزة، هل تريدين الخروج لترحبي بوالدك؟"
قالت المرأة: "توقف.. إنها غاضبة منك."
قال الرجل: "لم أفعل شيئًا يغضبها."
بينما هم يتجادلون، تموجت مياه البحيرة بقوة، وانطلق تيار نحو السماء، خرجت منه فتاة، أو بالأحرى ملاك خالد، لا يمكن وصف جمالها. شعرها طويل ورمادي، أجمل بكثير من شعر سو مو، بشرتها مثل اليشم، وعيونها الزرقاء غامقة، جسدها رشيق، وكأنها جنية ساقطة.
قبل أن تتحرك، ظهر الرجل والمرأة أمامها. قالت المرأة: "يا طفلتي، لماذا تهربين من المنزل؟"
تابع الرجل: "نحن قلقون عليك، كان جدك سيغضب إذا عرف أنك هربت."
لكن فجأة، جاء صوت قديم من الفراغ:
"كيف تجرؤ على إغضابها!"
تجمدت ملامح الرجل من الخوف، ظهر خلفهم رجل عجوز، شعره طويل وملامحه جادة ومخيفة. ما كان غريبًا هو الإطار أو الهالة التي تحيط برأسه، شيء يمكن أن يجسده الشخص عندما يصل لقوة مرعبة، ليست روحًا قتالية أو حلقة روح.
عند رؤية الفتاة هذا الرجل، صاحت: "جدي!" رفع الجد يده، ظهرت الفتاة أمامه على ركبة واحدة، أمسك يدها المبللة وقال: "يا حفيدتي، الى تخافين من نزلة برد." ثم لوح بيده واختفى هو والفتاة.
بقي الرجل والمرأة، قالت المرأة: "يبدو أن يومك سيكون صعبًا."
أجاب الرجل: "نعم، هذا صحيح."
لكن لم يكد يكمل كلامه، حتى اختفى مرة أخرى، ثم ظهر الجد الغاضب:
"سيكون هذا يومك الأخير!"
كان الرجل ملقى داخل البحيرة، وعند خروجه، لوح الجد بيده وأعاده مرة أخرى، وكانت هذه العملية تتكرر.
---
؟