---

بعد اختفاء الرجل العجوز، تحرك سو مو داخل الغابة ببطء نسبي، متأملًا في كل ظل وكل صوت حوله. لم يعد مجرد هروب عشوائي، بل أصبح كل خطوة محسوبة، كل منعطف مدروس، وكأنه يتنقل بين أسوار غير مرئية. الأشجار الكثيفة من حوله كانت تتمايل بهدوء مع نسيم الغابة، وأوراقها تتساقط بين الحين والآخر، تصنع أصواتًا خافتة تشبه همسات. كلما تحرك، كان قلبه ينبض بسرعة، وعقله يحاول قراءة كل احتمالات: من قد يتبعه؟ هل هناك من يراقبه؟ لم يكن يعرف، لذا استمر في تغيير مساره، يسلك دوائر صغيرة ثم يتحول إلى مسار آخر، يختبر الصمت ويتأكد من عدم وجود أي حركة غريبة خلفه. بعد ساعات طويلة، وأثناء انخفاض ضوء الشمس، شعر أخيرًا بالطمأنينة، وأدرك أنه قد خرج من قلب الغابة، وأن الطريق إلى منزله أصبح آمنًا.

مع حلول المساء، وصل إلى منزله المتواضع على حدود الغابة. جلس على صخرة صغيرة يلتقط أنفاسه، يشعر بالجهد يسري في كل جزء من جسده، لكن عينيه لم تفارق منزله الذي بدا هادئًا على عكس قلبه المشتعل بالخوف. تساءل مرة أخرى عن سبب اختيار فلاح ضعيف لمثل هذا المكان المعزول للعيش فيه، ثم أخذ نفسه بعمق ودخل المنزل بسرعة، مستعدًا لأي مفاجأة. وما رآه هناك كان صادمًا: على الطاولة أمامه كان عضم روح، مختلف تمامًا عن ذلك الذي حصل عليه من الرجل الغريب سابقًا، لكنه كان متأكدًا أن الأمر مرتبط بالحدث الغامض في البحيرة. وما زاد شعوره بالذهول أن من وضع العضم عرفوا مكان منزله رغم كل مراوغاته ومهاراته في الاختباء.

اقترب من العضم ببطء، وأخذه بين يديه ليفحصه بدقة. كانت هيكله كالدرع المملوء بالأشواك، صلبًا كأنه مصنوع من معدن غريب. لكن ما جذب انتباهه لم يكن القوة الكامنة في العضم، بل كانت ورقة صغيرة، مخبأة بين الأشواك، كأنها رسالة خفية من أحد ما. جلس على الطاولة، وأخذ الورقة بين أصابعه، وعينيه تتمعن في الخط الرقيق والهادئ:

> شكرًا لك

سيليا

كان الخط أنيقًا وهادئًا، يبعث شعورًا بالنعومة والرقة، كما لو كتبته يد خفيفة لا تعرف العجلة. عند رؤيته ذلك، اتخذ سو مو قرارًا غير متوقع: أعاد العضم إلى مكانه وكتب على ظهر الورقة بخط ثابت وواضح:

> لم أفعل شيئًا يستحق

بعد فترة، خرج من منزله، حقيبة قديمة على ظهره، عازمًا على مغادرة الغابة والتوجه إلى أقرب قرية أو مدينة. كل خطوة كانت محسوبة، وكل حركة يعيد تقييمها في ذهنه.

في تلك اللحظة، كانت سيليا قد التقطت الورقة بيدها، نظرتها تتأمل حروفها الدقيقة، وقالت ببساطة وهدوء:

> إنها جميلة

ثم اختفت الورقة في الهواء كغبار متناثر، تاركة أثرًا من الفضول والخفة.

مر يومان على سو مو وهو يتنقل بين الأشجار الخضراء، يستمع إلى تغريد الطيور المتناثرة بين الغصون، ويراقب ضوء الشمس يتسلل بين أوراق الأشجار، يرسم أشكالًا على الأرض وكأنها مرشحات طبيعية لأشعة النهار. شعر بأن رحلته بدأت تؤتي ثمارها، إذ لاحظ تقدمه إلى المستوى الحادي عشر من قوة الروح. كان شعور التقدم السريع يملأ صدره بالفرح، لكنه لم يلبث أن عاد تفكيره إلى العجلة القادمة، متأملًا أن يحصل على جسد مميز ليتمكن من استخدام مهارة كف الحاكم، متخيلًا كيف ستتغير قوته بمجرد الحصول عليه.

مع غروب الشمس، لم يجد ما يستحق الاهتمام، فقرر البقاء والتخييم هناك. أشعل نارًا صغيرة، ودقق في تحريك السمك على الشواية، مستمتعًا بدفء النار وصوت الشرر الذي يتطاير بين الحطب. كان يتذكر أن كل ما أكله في حياته السابقة هو السمك والخضراوات التي زرعها بنفسه، حياة بسيطة لكنها كانت جزءًا من قوته الداخلية. بعد أن أنهى وجبته، عاد لتدريبه في صمت الغابة، مركزًا على زيادة قوته، مستعدًا للعجلة القادمة، متأملًا في مستقبله، كيف سينجو وكيف سيصبح أقوى، بينما الليل يغطي الأشجار بضوء خافت متخلل بالظلال الطويلة.

بعد ثلاثة أيام، وصل سو مو إلى أبواب قرية قديمة. كان شعوره بالفرح واضحًا، إذ بدا أن هذه القرية ستكون بداية جديدة له. دخل مباشرة وذهب لأقرب متجر، حيث كان صاحب المتجر رجلًا ضخم الجسد، يقطع اللحم بسكين حاد، كل حركة مدروسة وقوية. عند رؤية سو مو، لاحظ اهتمامه بالزائر الجديد، وتقدم سو مو بحذر وقال:

> عذرًا يا سيدي

التفت إليه الرجل وقال:

> تفضل

سأل سو مو بحذر:

> سيدي، أريد الإقامة داخل القرية. هل تعرف المتطلبات؟

رد الرجل ببطء:

> أوه، هكذا إذن. نادرًا ما يزور أشخاص من الخارج هذه القرية. إن أردت البقاء، فاذهب إلى الجهة الشرقية. هناك الكثير من الأراضي، اعثر على شيء يناسبك وعش به، لكن احذر ألا تقترب من الغابة كثيرًا.

شكره سو مو وتوجه إلى المنطقة الشرقية، حيث لاحظ المنازل المهجورة، أغلبها متضرر وذو جدران متهالكة، بعضها مغطى بالطحالب والأشجار المتسلقة. بعد جهد، وجد بيتًا مهجورًا ومعزولًا، بدأ بتنظيفه بعناية، يجمع الأتربة ويزيل الحطام، مستعدًا للعيش فيه مؤقتًا، مكتفيًا بما توفر له من مساحة وأمان.

في اليوم التالي، عند شروق الشمس، ظهرت أمامه عجلة جديدة، تتألق بألوان متوهجة ومزخرفة بأنماط تشبه اللهب. كانت تحتوي على خمسة خانات، واحدة كبيرة ومميزة. العناصر كانت:

1. روح قتالية عشوائية

2. عضم روح ملك

3. سيليا

4. مهارة تنفس الروح

5. جسد ين يانغ وروح نهائية مطابقة

بمجرد قراءته للعناصر، بدأت العجلة تدور ببطء، ثم تسرعت وتوقفت على جسد ين يانغ. ابتسم سو مو بحماس، أخيرًا جسد مميز، لكنه لم يعرف بعد ما الذي سيحدث له. جاء الوصف:

> جسد ين يانغ: جسد يدمج بين روحين مختلفتين ويمتلك جذورًا روحية مميزة وقوة جسدية عضيمة.

ثم وصلت رسالة النظام:

> تنبيه: بما أن المضيف يمتلك روح قتالية نهائية لعنصر الجليد، سيحصل على روح قتالية عشوائية نهائية للدمج.

ظهرت العجلة مرة أخرى، وتوقفت لتكشف عن الروح:

> روح قتالية لعنصر النار نهائية

اسمها: نار الفوضى

الوصف: نار تحرق كل شيء، الروح والجسد والقوة الروحية.

ثم جاءت رسالة أخرى:

> سيبدأ الدمج قريبًا. تحذير: الأرواح متضاربة، الدمج سيستهلك وقتًا طويلًا وسيتسبب بألم كبير.

بدون مقدمات، شعر سو مو بشيء يتحرك داخل جسده، كأن النمل يسير عبر عضلاته وعظامه. صرخ على أسنانه ورمى نفسه على الأرض، بينما تمتد وتتمزق عضلاته لتعود لتتشكل من جديد. الألم كان قاسيًا جدًا، لكنه بدأ يتلاشى تدريجيًا، حتى خفت العملية بعد ساعات، ووقف أمام القمر.

شعر أن قوة الروح بدأت تتخلخل جسده بقوة، ووصل إلى المستوى الثالث عشر من قوة الروح. قوته الجسدية ازدادت عدة مرات، لكنه لم يستمتع طويلاً، إذ جاء صوت النظام:

> لقد نجح اندماج جسد ين يانغ، وحان وقت دمج الأرواح القتالية. يرجى الحذر، هناك خطر.

ثم بدأت روح النار تتشكل أمامه، صافية ومتلوية، لأول مرة يراها، شعوره بالخوف يملؤه. وبعدها ظهرت روح الجليد على شكل زهرة بيضاء، شعور سيئ اجتاحه؛ أي مجنون سيجمع النار والجليد معًا؟

---

2025/10/25 · 0 مشاهدة · 1013 كلمة
رياد
نادي الروايات - 2025