يعود ماتياس وكارلا للقصر بعد توديع أصدقائهما الجدد ويصلان مع المغيب ليجدا العربة واقفة أمام القصر ويقول لهم هارولد: مرحبا بالسادة، أرجو أن تكونوا قضيتم وقتا ممتعا.

كارلا: بلى كذلك، تعرفنا ببعض الأشخاص اللطيفين أيضا.

هارولد: يسرني ذلك. لقد جهزت لكما العربة كما تريان.

كارلا: حسنا أعطنا بعض الوقت لنجهز فيه.

هارولد: خذا راحتكما.

يدخلان بعدها القصر ويرحب بهما الخدم ويتجهان للغرفة ويستحمان مجددا معا ويذهبان ليختارا الملابس واختارت كارلا هيراغي ريو مجددا لماتياس ولكن هذه المرة ذات لون أسود بتنين ذهبي وخاتم ذو ألماسة بيضاء وحذاء وقفازات سوداء.

ماتياس: هذه الهيراغي جميلة ومريحة جدا!

كارلا: أراك بدأت تحبها أكثر فأكثر.

ماتياس: لا يمكنني كره ما تحبه كارلا.

تنظر له كارلا بخجل ويرفع لها فستانا يشبه تقريبا الفستان الأول ولكن هذا أحمر اللون بألماسات زرقاء ومعه قفازات حريرية بيضاء ذات طول اعتيادي وحذاء ذو كعب عالي أحمر وقبعة دائرية كبيرة تحتوي ألماسة زرقاء في منتصف مقدمتها وبعض ريش الطاووس السماوي المميز بتناسق جميل بين الأزرق والأبيض والأسود ويقول لها ماتياس: هذا التصميم يبدو مثاليا عليك.

كارلا تنظر نحوه بدهشة وتقول: من بين كل ما تراه، أن تستطيع اختيار مثل هذا يثبت أنك لست متهاونا في مواضيع الأناقة.

ماتياس: كلا كلا، كل ما أريده هو أن أراك زاهية في جميع الأوقات.

كارلا تحتضن ماتياس وتقول له: شكرا لمراعاتك.

ماتياس بنظر لها بعاطفة ويقول: لا شكر على واجب.

يرتديان ملابسهما ويذهبان للعربة بعد أن يودعا الخدم ويتمنوا لهما رحلة سعيدة وعندما يحلقون فوف الغابة يجدان قلب الغابة مضاء بأنوار خلابة والعديد من الكائنات المختلفة الغريبة هناك، وعندا يصلان لمدخل البوابة يجدان مارس وجينا حاملة لماتي يستقبلان الضيوف ويرحبان بهما.

مارس: مساء الخير يا سادة، أراكما في أجمل صوركما اليوم.

ماتياس: إنها حفلة الصغير ماتي لذا ارتأينا أنه يجب أن نكون أنيقين قليلا اليوم.

جينا: عزيزتي كارلا! كيف كان يومك؟ أرجو أن تكوني استرحتي كفاية لأن الليلة ستطول.

كارلا تحمل ماتي وتقول: لا تخافي علي فأنا في أفضل حالاتي.

مارس: تفضلا لا نريد أن نطيل عليكما.

يأخذهما بعدها نحو قلب الغابة وهناك يلحظان أن الكائنات مختلفة الأجناس أكثر مما رأوها من الأعلى وأكبر حجما ولكن حول الموائد كان هناك أشخاص كالبشر ولكن لديهم آذان غريبة وذيول يتساءل ماتياس حول غرابة هذا الاحتفال ويقول له مارس قبل أن ينطق ماتياس بكلمة: حسنا كما تريان فالتنانين هي العشيرة الأقوى وأي مكان يستوطنونه يصبح سكانه أتباعا لهم ولكن يعاملون جيدا وما تريانه هم سكان الغابة الأصليين والجالسون حول الموائد هم تنانين بالأصل.

كارلا تنظر له بتعجب وتقول: هل يمكن لهم تغيير شكلهم؟

مارس: نعم، ولكن ليس بشكل كامل فتلاحظان الآذان والذيول لم تتغير.

كارلا: حقيقة لم أعرف أنكما تنينان إلا بعد أن نبهني ماتياس سابقا.

مارس: هذا بسبب عقد السيد والخادم، فنحن بصفتنا خدم ماتياس يمكننا اتخاذ شكل جنس سيدنا بحرية كاملة ونحمل جزءا من مهاراته وقوته أيضا.

كارلا: كل هذا حدث ولم تخبرني؟

ماتياس ينظر نحوها ببعض من القلق ويقول: لم أرد أن أتعمق في تفاصيل غير مهمة كثيرا.

تنظر له كارلا بطريقة حادة وتقول: هذه ليست تفاصيل غير مهمة، ولكني سأتناسى عن الأمر لأنه يوم احتفال مهم.

مارس يتخاطر مع ماتياس ويقول له: لقد نجوت بأعجوبة اليوم!

ماتياس يرد له متخاطرا: لولا ماتي الصغير لكنت هالكا لا محالة، آه سوف أكافئه على ذلك حقا.

مارس: حسنا آنستي تفضلا بالجلوس هنا وسنعود بعد لحظات.

يقدم لهما طاولة كبيرة جميلة المنظر ومعها شموع سحرية تضيء ويتغير لونها بشكل خافت كل بضع دقائق وأثناء انتظارهما لهم يأتي رجل ويجلس معهما ويسأل ماتياس: أيها الشاب، هل أنت المدعو ماتياس؟

ماتياس ينظر له بحذر ويقول: نعم، أنا هو.

يضع الرجل رأس ماتياس في ذراعه اليمنى ويقول له: انظر لمن اختار مارس خدمته أرجو أن تكون كما وصفك.

ماتياس يواجه بعضا من الصعوبة في الإفلات منه ولكن الرجل يرخي قبضته قليلا ويقول له ماتياس: لا أعلم ما وصفني به مارس ولكن هلا كففت عن التمسك بي هكذا رجاء يا سيدي؟

يفلته الرجل ويقول له: كنت أمازحك قليلا ولكنك فقت توقعاتي بحق!

ماتياس: وما هي هذه التوقعات؟

الرجل: حسنا، أغلبية البشر الذين أمسكهم هكذا ينتهي بهم الحال إما موتى بكسر في الرقبة أو مغمي عليهم بإعاقات دائمة، ولكنك أول بشري يجعلني أفلته أهنئك على ذلك.

ماتياس: أكنت تقيس تحملي فقط؟

الرجل: كلا كلا، أنا والد ذلك الأحمق مارس وأردت فقط أن أرى قوة البشري الذي يخدمه أهي كما قال فعلا أم لا، ولقد نجحت بجدارة.

" نعم لقد كان يقيس قوتي بدون شك، أتوقع مواجهة بعد قليل". يفكر ماتياس عندما تقول كارلا ببعض من الغضب: لا يمكنك القدوم فجأة هكذا بدون التعريف عن نفسك ومهاجمة الآخرين بطريقة قلت أنك تقتل بها البشر!

الرجل: أعتذر يا آنستي فلقد كنت فضوليا قليلا ولكنني آسف فعلا، على أي حال أدعى(مارك) وأنا والد مارس كما أسلفت الذكر.

ماتياس: تشرفنا بلقائك.

مارك: أتعلم شيئا يا ماتياس؟ أنت شخص قوي جدا ولكنني أنصحك بعدم استخدام قوتك هذه بطريقة خاطئة في سبيل الشر والدمار.

ماتياس: اعتمد علي في هذا.

مارك: حسنا لم لا أخبرك ببعض الأشياء المثيرة حول تنانين النار؟

ماتياس وكارلا يتحمسان ويقول ماتياس: لا مانع لدي.

مارك يسعد سعادة غامرة ويبدأ قصصه: بالأصل التنانين هم العشيرة الأقوى في كل الكرة الأرضية وهم يسمون بأبناء الآلهة ونحن خمسة فصائل بأسماء عناصر الطبيعة الخمسة(الضوء والنار والماء والأرض والرياح) تنانين الضوء والتي تعتبر الأقوى يحبون الوحدة ولا يخالطون بقية الكائنات لذا أظنه تبقت أربع فصائل وبينهم نحن فصيلة النار هم الأقوى في المعارك والأمور التي تتطلب القوة والمهارات.

" لقد استبعد الفصيلة الأقوى لتكون فصيلته الأقوى مكانها لابد أنه متعصب لعشيرته". يفكر ماتياس بينما يواصل مارك سرده للقصة ويعود مارس ليجده يحدثهم عن الفصائل ويقاطعه: أبي! لم لا تكف عن رواية العشائر هذه لكل شخص تقابله؟

مارك: أوووه مارس ابني العزيز، لقد بديا مهتمين بها فقط.

مارس: أنا متأكد من العكس، هما لم يريدا إحباطك فقط، مع علمي أنك ستحكيها لهما مهما كانت الظروف.

كارلا تقول له بنبرة حادة: كلا إن أرض التنانين لقصة مثيرة فعلا. من كان ليعتقد أن بقية العشائر سيعادون عشيرة النار فقط لأنهم الأقوى؟

" حسنا، لقد غسل دماغها بنجاح الآن". يفكر مارس بهزة رأس تأسفية ثم يقول لوالده: ما هذا الذي أخبرته لهما بالضبط؟

مارك: القصة الحقيقية عن عشائر التنانين.

مارس: كلا، واثق من أنك أخبرتهما عن تنانين النار فقط ورميت البقية جانبا.

مارك: هذا لأنهم الأقوى.

مارس يضع يده على وجهه ويقول: هذا مجرد تعصب منك يا أبي.

" نعم إنه متعصب فعلا". يفكر ماتياس بينما يتجادل مارس ووالده وتجرهما جينا من ذلك الحوار وتقول لهما: آسفة فعلا، ما كان يجب علينا ترككم لعمي مارك هكذا. لابد أنه كان يحدثكما عن تنانين النار والعشائر.

" لقد أصابت تماما". يفكر ماتياس ثم ترد كارلا: كلا بالعكس لقد كان قضاء بعض الوقت معه ممتعا.

جينا تأخذهم لطاولة أخرى وتقول لهما حسنا انتظرا هنا قليلا ريثما أحضر لكما العشاء والشراب.

ماتياس: خذي وقتك بدون عجلة.

تغادر جينا وبعد لحظات منها يأتي رجل آخر ويجلس معهما مجددا" سيد ماتياس، كيف هي الليلة معك؟ أرجو أنك تقضي وقتا ممتعا". يقول له الرجل بعفوية.

ماتياس يستغرب من الرجل ويقول له: نعم إنها ليلة جميلة فعلا.

الرجل: أوه أعتذر عن عدم تقديم نفسي، أنا والد جينا وأدعى (ديلمونت)، لقد أخبرتني عنكما مسبقا وأشارت لأنكما ستكونان هنا في وقت ما ولحسن الحظ قابلتكما قبل أن تنتهي الحفلة.

كارلا: تشرفنا بمعرفتك سيد ديلمونت.

ديلمونت: لا داعي لمناداتي سيد.

" يبدو أنه هادئ أكثر من مارك". يفكر ماتياس بينما يقول لديلمونت: سررت بمعرفتك ديلمونت.

ديلمونت يمد يده ليصافح ماتياس ويعصر على يده قليلا ويقول له: أنت قوي فعلا!

" اختبار قوة آخر! ما بال هؤلاء الآباء؟!". يفكر ماتياس ثم يقول لديلمونت: شكرا لك لكنني لست بتلك القوة.

كارلا تنظر له بنظرة حادة ويقول لها ديلمونت: آنسة كارلا، أنت جميلة كما قالت جينا بالضبط.

كارلا تتغير نظرتها تماما وتقول له: كلا لست كذلك.

ديلمونت: إذا هل تعرفتما ببعض الأشخاص هنا أم ليس بعد؟

كارلا: لقد كنا نتحدث مع مارك قبل قليل.

ديلمونت يتفاجأ ويقول: مارك؟! لابد أنه كان يحدثكما عن تنانين النار على الأرجح.

" يبدو أنه مشهور بذلك". يفكر ماتياس وكارلا بنفس الجملة.

ديلمونت: نعم، إنه متعصب لذلك ينسى الأجزاء المهمة التي تخص البقية، فمثلا نحن عشيرة الماء نعيش في قاع المحيط في مملكة تدعى (أتلانتس) ونسمى (أسياد البحر).

تركز كارلا مع بقية الحكاية بينما يظن ماتياس أنه متعصب آخر وتعود جينا ومعها بعض الخدم يحملون الطعام لطاولتهم وتجد والدها يحكي لهما عن العشائر.

جينا: أبي! ليس أنت أيضا.

ديلمونت: ماذا؟! ذلك المشتعل كان يخبرهما بأشياء خاطئة.

جينا: هذا ليس وقت العشائر لقد أحضرت عشاءهما للتو لذا دعهما يأكلان أولا.

ديلمونت: حاضر صغيرتي.

" إنه أكثر هدوءا من مارك فعلا ولابد أنه يحب جينا جدا". يفكر ماتياس بعد أن يضعوا لهم الطعام ويجلسون لتناوله وتنادي جينا على مارس ومارك ووالدتيهما فتبدأ بينهم حوارات صغيرة.

ديلمونت: أيها المشتعل، كيف حالك؟

مارك: من تدعوه بالمشتعل أيها المائي؟

ديلمونت: أعتذر كان ذلك خطأي، أقصد كيف حالك أيها الجد المشتعل؟

مارك: من الجد هنا؟! أنا لا أزال في عامي الثلاثمئة فقط.

ديلمونت: نعم تلك هي أعمار الأجداد بالضبط.

مارك: لا تفرح كثيرا لأنك أصغر مني بخمسين عاما فأنا لا أزال أقوى منك.

ديلمونت: أنت أقوى مني؟! هههاه.

يستمر جدالهما مطولا ولكن مارس يجذب ماتياس وكارلا نحو والدته ووالدة جينا بالجهة الأخرى.

مارس: ماتياس، هذه أمي وتدعى (فليم) وهذه والدة جينا اسمها (هينّا).

ماتياس: تشرفنا.

فليم: لنا الشرف، أرى أن مارس اختار شخصا مهذبا مثلك ليخدمه.

هينّا: وفتاة جميلة مثلك أيضا، لا يمكن العثور على نظيرة لك بسهولة.

كارلا تخجل من كلام هينّا قليلا وتقول: هذه مبالغة منك.

فليم: كيف هي حياتكما مع مارس وجينا أهي جيدة أم أنهما تسببا لكما بالمشاكل؟

كارلا: كلا كلا، لم يسببا مشاكل أبدا ثم إن البقاء مع جينا وماتي الصغير لشيء ممتع حقا.

فليم: أرى ذلك.

هينّا: أليس لديكما أبناء بعد؟

كارلا تخجل من كلامها وتعجز عن الحديث للحظة فيرد عنها ماتياس: حقيقة لقد تزوجنا قبل فترة ليست بطويلة و....

تقاطعه هينّا: ولم تحظيا بفرصة لفعلها بعد؟!

تخرج كارلا عن نطاق الخدمة بعد كلام هينّا وتقول جينا: أمي! لماذا تفعلين هذا؟!!

هينّا: آسفة عزيزتي أردت فقط محادثتهما قليلا.

جينا: ولكن ليس هكذا، أعتذر نيابة عن أمي.

ماتياس: ليس هنالك داع للاعتذار فهي لم تفعل شيئا خاطئا.

هينّا: هل أحكي لكما قصة كيف تزوج مارس وجينا؟

كارلا تعدل جلستها وتقول: ابدئي رجاء.

جينا تحمر وتقول: لا داعي لذلك يا أمي رجاء!

هينّا: سيدتك طلبت ذلك وهل سترفضين لها طلبا؟ على أي حال سأحكيها لها.

كارلا: لا أتوق الانتظار!

هينّا: حسنا، بداية لقد كنت أستاذة في جامعة (كلايدون للدراسات العليا) السحرية في مملكة أتلانتس.

كارلا: لم أسمع بها قبلا، هل هي جامعة قديمة أم شيء كهذا؟

هينّا: لا أظنك قد تسمعين بها ما دمت فوق الأرض، ماتياس.

ماتياس: نعم.

هينّا: هلا أحضرت كارلا يوما ما إلى أتلانتس.

ماتياس: سأحضرها إن كانت ترغب بذلك.

كارلا: حتما سأرغب.

هينّا: قضي الأمر إذاً، حسنا لأكمل. لقد كنت أستاذة في تلك الجامعة وكان من بين طلابي مارس الذي لم أكن أعرف أنه ابن صديقتي المقربة التي درست معي في نفس الجامعة قبل بضع مئة سنة وجينا التي هي ابنتي.

كارلا: هل درست أنت أيضا فيها سيدة فليم؟

فليم: هذه الجامعة تجمع مختلف الأجناس وأغلبيتها تنانين، صادف أنني وهينّا كنا أصدقاء مقربين ولكنها لم تعرف أن لدي ابن اسمه مارس حتى جاء يوم تعارفنا مع أهل فتاة قال أنها أعجبته، ولكنه لم يقل أنه تنين ماء وأيضا لم أظن أن أمها صديقتي المقربة.

هينّا: كما قالت تماما، لقد كان مارس طالبا جانحا غالبا ما ينام في المحاضرات أو يهرب منها ليتشاجر مع طلاب الجامعات الأخرى أو مع طلاب من جامعتنا يريدون قتالات أيضا.

كارلا تنظر نحو مارس بدهشة ويقول لها: لا داعي لذكر ذلك يا عمتي، ثم تلك كانت أيام الجامعة يعني أن الزمن ولى عليها.

كارلا: كلا، أنا مستغربة عن كيف أنك أصبحت هادئا جدا هكذا.

تلتفت منه بعد أن يصمت لمدة قصيرة وتقول لهينّا: وماذا عن جينا؟ لا تخبريني أنها كانت جانحة أيضا.

جينا تتعجب من كلامها وتقول: ماذا؟!! ماذا تظنيني يا كارلا؟

هينّا: لا ألومها، فمن تاريخ مارس أنت أيضا جانحة ولكن، كلا يا كارلا. لقد كانت جينا هي الأولى على المستوى العلمي في الجامعة ومارس على المستوى الرياضي والسحري.

ماتياس: إنه ليس ياقوتا من فراغ إذاً.

يتدخل مارك في الحديث فجأة ويقول: ابن من تظنونه؟!

يمسك بعدها رأس مارس ويفركه ويقول له مارس: توقف رجاء يا أبي هذا محرج.

فليم: هههه، لقد أصبحت خجولا جدا! أهذا بسبب ماتياس؟

مارس: كلا ولكن أظننا كبرنا على مثل هذه التصرفات.

هينّا: هههه، يقال أن التنانين تكبر بسرعة ولكنها تتوقف عند مرحلة الشباب إلى أربع مئة سنة.

ماتياس ينذهل من ذلك الرقم وتواصل هينّا الحكاية: ما هو غريب هو أنه في أحد الأيام كان مارس يبرح بعضا من التنانين ضربا وجاءت جينا مارة بهم وطلبت منه أن يتوقف، لا أعرف ما هي الخدعة التي استخدمتها لتوقفه فعلا، ولكن كما أذكر لقد أصبح مارس فجأة أقل عدوانية ويدرس أكثر لدرجة أنه أصبح يدخل ضمن تصنيف الخمسين الأوائل على مستوى الجامعة.

كارلا: إنه سحر الأنثى يا عزيزتي.

هينّا تضحك وتقول: شباب هذه الأيام يصعب فهمهم كثيرا. أتعلمين شيئا أظنه أعجب بجينا ذلك اليوم وأصبح يسمع ما تطلبه منه.

كارلا: حب من أول نظرة!

هينّا: بالضبط. أصبحت جينا تسألني عما إذا كان يمكنها إحضار صديق لها للبيت، لم يكن لدي مانع وقتها طالما هي من طلبت لأنها نادرا ما تسألني شيئا، كانا يدرسان في بيتنا أغلب الوقت وكانت علاقتهما تقوى مع كل يوم حتى جاء ذلك اليوم.

كارلا: اليوم الذي تقدم فيه مارس لجينا.

هينّا: لقد كان مميزا فعلا، أذكر أنه كان يوما مميزا للتنانين عموما يعرف ب(عيد الأجنحة)، من المفترض أنه كان للاحتفال والبهجة ولكن جينا كانت متجمدة كالجليد وعندما سألتها لم هي محبطة هكذا قالت لي أنها ليست محبطة ولكنها لم تستطع اتخاذ قرار لأن مارس ووالديه قادمون لخطبتها، تعجبت من ذلك كثيرا لمَ لم تخبرني عن ذلك مسبقا حتى أتصرف لها ولكنها صدمتني عندما قالت لي أن مارس أخبرها بالأمس أنهم قادمون اليوم لكن، تلك لم تكن مشكلة كبيرة فلقد كان اليوم عيدا والبيت مستعد لاستقبال الضيوف وكنا في أفضل طلتنا وجينا متجمدة في غرفتها ولكن عندما أخبرتها أنه لا بأس وأننا لن نحبطها أو مارس ابتهجت قليلا وعادت بعد حمام في صورة خطفت أنظارنا جميعا.

كارلا: أنا بنفسي لكنت قد أتفاجأ إذا تقدم لي شخص فجأة هكذا!

ماتياس ينظر لها بابتسامة ويقول في نفسه: وماذا أقول أنا؟ لقد تقدم لي العم جيفري بعد يوم واحد فقط من قدومي لقريتهم، أظنه كان مخططا من كلايدون.

هينّا: لكن ما فأجاني حقا ذلك اليوم هو أن والدة مارس كانت صديقتي العزيزة من أيام الجامعة، وعندما كنا نتحدث عن موضوع الخطبة والزواج وغيرها من أشياء، مارك وديلمونت كانا على وشك القتال عدة مرات ولكنهما أصبحا صديقين بسرعة.

مارك: هو من أراد مصادقتي أولا لأنه يعرف أنني الأقوى.

ديلمونت: ماذا؟ أنت من حاولت مصادقتي أيها المشتعل.

مارك: ماذا تقول أيها ال....

فليم: حسنا هذا يكفي.

مارك يهدأ فجأة ويقول: ح.. حاضر.

ديلمونت: هههههه، إن....

هينّا: وأنت أيضا يكفي عبثا.

ديلمونت: ح... حسنا.

كارلا: أنتما الأقوى هنا.

هينّا: إنهما يحبان المشاكل كثيرا.

فليم: لا يمر لقاء بينهما إلا بمحاولة شجار.

هينّا: ولكنهما يظلان صديقين حتى وإن تعاركا عاما كاملا.

فليم: أتعرفان شيئا؟ في أحد أفراح أسرة تنانين نبيلة هم من معارف والدي من أحد التقاليد لدى التنانين إقامة مسابقة جمال للنساء شاركت فيها.

كارلا: هل شاركت فيها؟

فليم: كنت الأولى على مستوى الحفل ومن تلك اللحظة أعجب بي مارك وظل يلاحقني طوال الحفل.

كارلا تنظر نحو مارك بابتسامة خبيثة وتقول: هل هذا حقيقي؟ هل كنت تلاحقها فعلا؟!

مارك: كلا كلا، لم تخبرينهم القصة من جانبك فقط؟!

فليم: لأنها من جانبي.

كارلا تضحك على ظرافة رد فليم وتواصل لها القصة: كان هنالك بركة سباحة كبيرة في القصر الذي تمت دعوتنا إليه وكنت مصابة بحمى ولكنها لم تكن خطيرة، أردت أن أسبح فيها لتبريد نفسي قليلا بعد حفلة صاخبة دامت مطولا لأتفاجأ بعد أن أدخل فيها بأن مارك يقف خلفي ودخل فيها هو أيضا، لم أعرف ما أفعله وقتها.

مارك: مهلا توقفي أنت تشوهين صورتي هنا كثيرا.

فليم: وماذا تريد أن تقول؟

مارك: القصة الحقيقية.

كارلا:وما هي القصة الحقيقية؟

مارك: بالأصل الحفل كان مثل الآن ميلاد أخي الأصغر يدعى (داني).

ديلمونت: داني؟! داني هيمزون؟؟!أيعقل أنك أخو داني هيمزون.

مارك:نعم،ولماذا؟

مارك: إنه صديقي المقرب لقد درس معي أيضا في جامعة كلايدون وكان قويا بصدق.

مارك: لا تقل لي أنك الشخص الذي جعله يصبح عطوفا مع تنانين الماء هكذا.

ديلمونت: وأين المشكلة؟!

مارك: لقد غسلت دماغ أخي يا هذا وتقول لي ما المشكلة! سأتغاضى عن ذلك لأننا بميلاد حفيدي الآن.

ديلمونت: إنه حفيدي أيضا أيها العجوز.

تفيض هالة مانا من مارك وديلمونت وتقول لهما كارلا: بحقكما أنتما الاثنان ألا تستطيعان العيش بسلام.

مارك: إنه خطؤه أولا.

ديلمونت: لا ترم علي أفعالك.

كارلا: هل تكمل القصة لنا؟

مارك: أوه نعم، كان هناك بطولة قوة في الحفل وكنت الأول فيها وهي من أعجبت بي بعد أن رأت قوتي هناك، وبعد مضي الوقت أردت الذهاب لأخذ حمام في المسبح رأيتها تتبعني لهناك.

فليم: هذا ليس صحيحا.

مارك: بل هذا صحيح، وأنت للآن معجبة بعضلاتي هذه.

يستعرض مارك قوته ويقول: ما رأيك أن تشارك في بطولة القوة يا ماتياس؟ أراهن أنك ستحصل على بعض المهارات من القتال مع التنانين، ولربما تحصل على بعض الإناث أيضا.

كارلا تنظر له بنظرات قاتل محترف وتقول: ماذا تعني بالإناث؟

مارك يتراجع وتخمد قوته ويقول: كلا لم أعني بها شيئا. عموما تلك هي حلبات القتال وافني هناك، وتعال معي أيها البحري أريدك في موضوع.

ديلمونت وأنا أيضا قلت ذلك. إلى اللقاء أنتما.

يغادران بعدها فجأة. ويقول ماتياس: يصعب فهم هذين جدا.

كارلا: هل تلحق بهما؟ أم أنك لا تريد المشاركة؟

ماتياس: قد أشارك إذا ما شاركت في مسابقة الجمال.

كارلا تحمر فجأة خجلا وتقول: م.. ماذا؟

ماتياس: ههههه، لا داعي للاحمرار هكذا، ثم كنت أمز..

كارلا: سوف أشارك.

فليم: سوف تفوزين بالتأكيد.

2024/07/03 · 29 مشاهدة · 2795 كلمة
نادي الروايات - 2025