(القصة من منظور مارس)

لقد مضت الليلة بسلام وأصبح علينا اليوم التالي وجهزنا أنفسنا أنا وماتياس للتدريب بعد أن تناولنا إفطارنا وكان تيم هو المرافق الشخصي لنا، أخذنا عبر ساحات المدينة الواسعة المليئة بالأشجار الكثيفة المتنوعة والحياة الطبيعية الزاهية إلى أن وصلنا لباحة كبيرة في مكان ما قرب قلب المدينة وهناك رأينا العديد من الأشخاص يتدربون مع بعضهم على فنون قتالية متعددة وعندما وصلنا إلى هناك توقف الجميع فجأة بعد رؤيتهم لنا وانحنوا أمامنا، لم أعرف ماذا يحدث بالضبط ولكنهم جميعا هتفوا بصوت واحد: صباح الخير مايستر تيم، نرجو أن تكون بخير اليوم.

هل لديه هذه المكانة بينهم فعلا ليحترموه هكذا؟ لم أركز مع ذلك كثيرا ولكن ماتياس كان هادئا زيادة عن اللزوم وحين تقدمنا نحو أحد الحلبات كان هناك رجل ما بانتظارنا، انحنى هو أيضا لتيم وقال له: صباح الخير يا سيدي، أرى أنك جلبت لنا متدربين جدد.

يرد له تيم بعدها: لقد جاؤوا لإنجاز مأمورياتهم، لديهما إمكانيات عالية لذا أرجو منك الاعتناء بهما جيدا.

الرجل تفاجأ من كلام تيم وقال له: مأموريات؟! متى وصلا بالضبط؟

تيم يضحك ويقول: البارحة قبل المغيب بقليل، قلت لك أن لديهما إمكانيات.

الرجل: لم أسمع بهذه مسبقا ولكن، لا تظنا أن التدريب سيكون سهلا ستتمنيان لو أنكما واصلتما تلك المغامرات التافهة.

تيم: إنهما مميزان لذا أعطهما جرعة مضاعفة رجاء.

الرجل: كما تريد أيها المايستر.

التفت تيم بعدها نحونا وقال لنا: حسنا من الآن هذا (دان) سيكون مدربكما، أرجو أن تبهراه بنتائجكما.

ماتياس يرد له: سنكون عند حسن الظن.

غادر بعدها تيم بدون زيادة كلمة واحدة وكان دان واقفا وراءنا وقال لنا: حسنا تدريكما يبدأ الآن، وأنت السيوف في ساحات السيوف ليس هنا، هنا نتدرب جسديا فقط.

يشير بعدها نحو سيف ماتياس ويرد له بكل هدوء: لا أمانع ذلك.

ينزع ماتياس سيفه عن جنبه ويقول له: هل هكذا أفضل؟

دان: نعم أفضل، ما اسم مستجدينا اليوم؟

ماتياس: أنا ماتياس وهذا مارس.

دان: ماتياس ومارس. حسنا إذاً أولا نحن لا نهتم بالطبقات الاجتماعية التي وضعها البشر أمثالكم، ثانيا نحن لا نهتم للرتب أو ذلك الشيء الذي تحددون به طبقاتكم الاجتماعية تلك، ثالثا نحن سنعطيكم تدريبات كثيفة ولكن اعلموا أنها ستكون بدون فائدة تماما في حالتكما هذه فأنا لم يسبق لي بسماع بشر شق تلك الصحراء التافهة في أقل من نصف يوم وإن كان هناك بشر كذلك فإنه أقرب ما يكون لمتوحش أو مخلوق غريب ما لذا، حاولا ألا تسببا المشاكل مع بقية التلاميذ هنا. هل كلامي مفهوم؟

إذاً ما نستخلصه من كلامه هو أن تدريباته هذه عديمة الفائدة تماما، لكن ما سبب قدومنا إلى هنا؟ لا بد أن يكون هنالك شيء ما، تليمح، إشارة، أي شيء قد ينفع.

ماتياس: مفهوم.

دان: جيد والآن ستبدآن تدريبكما كل على حدة من الصفر وستواجهان الطلاب هنا من الأضعف للأقوى الترتيب ليس بكمية السحر مثل التي لديكم بل هو من يستطيع هزيمة أكبر عدد متتال من الطلاب حتى الوصول للمعلمين مثلنا، لدينا هنا أول منافس (ريك) سيتواجه معكما بالتتالي.

ينظر نحوي دان لمدة ويقول: السيد الصامت، تقدم أنت الأول.

"خذ حذرك يا مارس". تخاطر معي ماتياس، رددت له بعدها: ماذا تظنني؟

صعدت للساحة وكان ريك واقفا وقفة استعداد لفنون قتال غريبة ما لأول مرة أراها وعندما أعلن دان عن بداية النزال شعرت بضربة فجائية على رقبتي أوشكت أن تفقدني الوعي ولكن بسبب رد فعل سريع مني استطعت امتصاص أغلبية ضرر تلك الهجمة ووقفت على قدمي بصعوبة وكانت الأرض تهتز تحتي وتوازني مختلا كثيرا. "أخبرتك أن تحترس". يتخاطر معي ماتياس مجددا بينما أحاول استعادة توازني في الجانب الآخر وبعد أن وقفت بصعوبة يقول ريك: إنه قوي جدا مقارنة بالذين أرسلوهم هنا العام الماضي.

دان: نعم فأغلبية مستجدي العام الماضي كانوا يخسرون من أول ضربة، أظنه حسب ترتيبهم ياقوتا أو شيئا كذلك.

ريك: ولكن يا سيد دان ألا يظهر الزمرد والياقوت معا؟ هذا يعني شيئا واحدا.

دان: أن الثاني حسب ترتيب البشر زمرد.

مهلا ألم تقولا أنكم لا تهتمون للرتب؟ ولكن ما أصل هذه القوة؟

دان: أوي واصلا قتالكما وإلا سأصعد لكما هناك.

وقفت أخيرا ولكن عندما استعددت للهجوم مجددا ركزت عقلي أكثر وأصبحت جديا أكثر والآن انتهى وقت المزاح بدأت بترتيل تعويذة تعزيزة بصوت خفيف ولكن قبل أن أنتهي من ذلك وصلتني ضربة أخرى منه ولكنني تجنبتها بالكاد وأكملت تعويذتي وأصبحت المعركة سهلة أكثر ولكن ريك هذا قوي جدا لا أدري كيف له أن يكون قويا هكذا؟ ولكن بعد تبادل عدة لكمات مع بعض في زمن كنت أراه طويلا بدأت أفقد المانا خاصتي بمعدل كبير ولكن، لم لا يبدو عليه التعب؟ واصلت الهجوم عليه بتركيز كل المانا خاصتي على قبضتاي وتجنب الدفاع وتقريبا أفلحت تلك الاستراتيجية أصبته بعدة ضربات مؤثرة وبعد مدة من الوقت وصلت لحدي ولكنه كان قد سقط على الأرض بالفعل.

دان: حسنا هذا يكفي، الفائز هو مارس.

ريك يضحك من مكانه ملقى على الأرض ويقول: ههههه إذاً هكذا تكون قوة الياقوت! لا يزال أمامي طريق طويل لأهزم أمثاله.

طريق طويل؟!! لقد كنت على وشك الخسارة قبل قليل إلا أن كمية المانا خاصتي الزائدة بقليل أفادتني! أظن أن العالم واسع بالفعل ولكن إذا كان أبي وصل إلى هنا فعلا هل يا ترى؟

"هل تعرف تنين نار ما يدعى مارك؟". قررت أن أسأل دان أخيرا وكان رده صادما: مارك؟! كيف تعرف ذلك الاسم؟

"حسنا إنه والدي". رددت له بكل ثقة وقال لي: أظنني كنت مدربه عندما كان هنا قبل ما لا يقل عن مئتي عام.

مئتي عام؟! لم أكن قد ولدت حتى! ثم ما الذي جاء به إلى هنا؟

يواصل دان حديثه: أرى بأنك ابنه إذاً، فأنت قوي مثله أيضا ولكنه لم يتحمل ضربة أول تدريب كما فعلت اليوم.

"هل تعلم لماذا جاء إلى هنا؟". سألته بدون تردد وكانت إجابته: أظنه كان يجوب العالم بحثا عن القوة، لن أنسى شخصا مثله إطلاقا فلقد غادر من هنا أقوى من حالك هذه بعدة أضعاف حتى أنه أصبح صديقا مقربا للملك.

هكذا إذاً، ولكن مهلا لحظة، إنه لم يذكر ذلك لي يوما! أظن أن له أسبابه.

دان: حسنا يا ماتياس إنه دورك ولكن ريك خارج الحلبة حاليا لذا ستواجه الذي يليه تقدم يا (أنتون).

يتقدم أمام ماتياس شخص ما يبدو أنه في ريعان شبابه ويقول له: أرجو أن نحظى بقتال جيد.

يتخذ ذلك الشاب نفس وضعية ريك ويعلن دان عن بداية القتال وفجأة يسقط أنتون على الأرض ويقول دان: الفائز هو ماتياس.

ماذا؟ متى حدث ذلك؟ ولكن إذا ركزت قليلا لقد استخدم نفس الحركة السابقة التي نفذها ريك علي ولكن متى أتقنها؟ لربما هذه ميزة لدى الزمرد فقط التعلم السريع.

يصفق لنا دان ويقول: حسنا لقد انتهى تدريب اليوم تعاليا غدا بعد أخذ قسط من الراحة.

ماتياس: ولكن أنا لم أفعل شيئا.

دان: حسب خطتكما التدريبية التي وضعت لكما، قتال رسمي واحد هنا والباقي إضافة منكما فقط.

ماتياس: هذا يعني أنه يمكننا التدريب أو مواجهة أشخاص آخرين؟

دان: كما تفهمان ما قيل لكما والآن يمكنكما الانصراف.

غادرنا بعدها تلك الساحة وأنا منهك تماما ولكن ماتياس كان يفكر أثناء الطريق.

"حسنا لم أظن أنهما سيهزمانكما من أول يوم لهما هنا". يقول دان لريك وأنتون.

ريك: لا يمكن لومنا فهما الأقوى على الأرجح.

دان: أنتما أفضل طالبين لدي الآن، ولكن لا تزال هزيمتهما مستحيلة لكما فالياقوت لا يخسر إلا من الزمرد والزمرد لا يخسر أساسا حسب كلام ذلك الرجل.

أنتون: أتقصد ذلك الملك البشري داريوس؟

دان: نعم لقد جاء إلى هنا قبل ثمانمئة عام، وكان أقوى بشري وقتها وأظنه الأقوى حتى الآن وهو البشري الوحيد الذي أتقن الحركة التي علمتكم إياها جميعا لافتتاح واختصار معارككم.

ريك: أتقصد ضربة الرقبة تلك؟

دان: نعم، قد تريانها سهلة لأننا من عشيرة الأسود الذهبية ولكنها تتطلب مانا قوية ونقية بحق وتحكما هائلا بها فوق ذلك، ولكن لم أظن أنه سيوجد من قد يتقنها من نظرة واحدة إنهما غريبان فعلا!

أنتون: وكانا يريدان المزيد؟

دان: نعم هكذا هم الزمرد والياقوت عموما، لا يمكن فهمهما بتاتا. عموما، استعدا فلديكما تدريب قاس اليوم.

ريك: ألا يكفينا ما عانيناه؟

دان: بدون أعذار، أراكما هنا بعد نصف ساعة بالضبط.

ريك وأنتون يجيبان في وقت واحد مع انحناءة رأس: حاضر سيدي.

بينما نحن متحركون في أرجاء الغابة قابلتنا العديد من ساحات المعارك غير الرسمية وكنا نتوقف عند كل واحد منهم نشاهد بتمعن كيف أنهم أقوياء بهذا الشكل وقتالاتهم كانت جنونية بالفعل، مع أنها لا تستمر لوقت طويل إلا وأنها تكون قوية بحق. كان ماتياس يتوقف ويراقب كل معركة بتعمن ويخبرني أن هنالك شيئا ما ليس في محله ولكنني لم أفهم قصده كالعادة، حتى قابلنا تيم في الطريق وسألنا ما الذي جعلنا نخرج في وقت مبكر هكذا وأخبرناه أننا أنجزنا تدريبات اليوم وأصبحنا نبحث عن شيء ما ولكننا لا نعرفه بعد نظر إلينا نظرة حادة للحظة وقال لنا أن نستمتع بوقتنا حتى إشعار آخر.

واصلنا المسير حتى قابلتنا مكتبة كبيرة اجتذب ماتياس الفضول وأخبرني أن نذهب إليها عسى ولعل نجد ضالتنا وعندما دخلنا كانت هناك العديد من الرفوف وكانت مليئة بالكتب ولكن لم يكن هناك قراء لها غير أمين المكتبة. ذهبنا لسؤاله عن نظام القوة في هذه المملكة ولكنه كان متكتما كما لو أنه لا يريدنا أن نعرف وأجابنا بجملة بسيطة(إذا أردتما شيئا ابحثا عنه) لم يظهر ماتياس تعابير على وجهه ولكنني كنت أفهم شعوره بالتحدي زكما يقال أن الزمرد لا يخسر ولكن ماذا عن التحديات خارج ساحات القتال؟ هل يعقل أنهم لا يرضون الخسارة مطلقا؟ هذا ما خطر على بالي عندما علمت رغبته الدفينة في اكتشاف ما يحدث.

بدأنا بقراءة بعض الكتب التي تحمل عناوين مختلفة ولكن لم نجد شيئا غير كتب طبية عن بعض الكائنات السحرية وبعض القصائد والأشعار القديمة التي لم نستفد منها ولو ذرة واحدة مر الزمن ونحن نقلب بين تلك الكتب حتى اقترب مغيب الشمس وأخبرنا الأمين أنه جاء زمن الإغلاق، عدنا أدراجنا للبيت وأثناء الطريق كان ماتياس غارقا في التفكير ولم ينطق بكلمة وعندما وصلنا للبيت.

2024/07/07 · 36 مشاهدة · 1517 كلمة
نادي الروايات - 2025