(القصة من منظور كارين)
وفي صباح اليوم التالي واصلنا الرحلة حتى وصلنا لما يشبه دغلا صغيرا وكانت فيه بعض الكائنات السحرية ولكنها كانت مسالمة وظريفة، افترقنا للبحث عن بعض الفواكه أو اصطياد حيوانات لطبخها وبينما كنت أبحث سمعت لي صوت خفيفا لكائن ما كما وأنه يطلب النجدة فعندما تحركت تجاه الصوت رأيت دماء على الأرض وفي بعض الأشجا، تبعتها حتى وصلت لأرانب ميتة وهناك أفعى كانت تقتلهم لتأكلهم وعندما قتلت تلك الأفعى وأردت دفن جثث الأرانب وجدت واحدا لم يمت بعد وكان ذلك صوته الذي سمعته سابقا فحملته برفق وهو مصاب بشدة وسألته: هل ترغب بأن تعيش أو أن تخلص من معاناتك؟
كانت ردة فعله أنه خائف جدا ويرتعش بشدة وعلا صراخه وتملكني بعض الحزن على إنهاءه وهو يكافح لأن يعيش، فبخبرتي السيئة في سحر العلاج شفيت بعض جروحه التي كانت تبدو حالتها صعبة وركضت به إلى لينا التي هي خبيرة في العلاج والدموع تسيل من عيني وقلت لها: لينااا! إنه مصاب بشدة أرجوك فلتنقذيه.
طلبت مني أن أهدأ وأضعه على سجادة صغيرة فرشتها على الأرض وبدأت بعلاجه وقالت لي: إنه صغير جدا ولكن إصاباته ليست خطيرة كما تقولين.
وبعد لحظات قليلة كانت كل جروحه قد أغلقت ونظرت إليه وأنا أبكي وقلت: لا بأس يا صغيري فأنا بقربك تماما.
كان ينظر إلي بحنية وكان يهمس ويهمس كما لو أنه يحاول أن يقول شيئا ما ولكنني اعتبرته مجرد همس أرانب، جلبت له بعض الفواكه التي عثرت عليها سابقا وبعض الماء وبعد أن أكل استعاد نشاطه فجأة وصار يقفز في الأرجاء وظهر على شكل غريب لقد كان بلون وردي ولكنه منفوش، أرنب وردي منفوش! ياله من لطيف! لن أتركه ورائي مهما كان. أخذته ووضعته على كتفي تشبث بها جيدا وواصلت بحثي عن الفواكه وكلما عثرت على فاكهة ما كنا نتقاسمها معا أصبح صديقي المقرب من وقتها وأنا أتحدث معه كما لو كان يفهمني وسألته: هل تريد اسما؟
نظر لي باستغراب وقلت له: اسمك من الآن هو (پوني).
بدأ يقفز فرحا كما لو أنه فهمني وقلت له: هل أعجبك؟ حسنا من الآن أنت پوني.
تواصلت احتفالاته وقلت له أن علينا مواصلة البحث وبعد أن جمعنا عدة أنواع من الفواكه عدنا لمخيمنا وكان سام وروني قد اصطادا غزال رنة كبيرا وسام قام بإعداد عشاء لذيذ لنا وعندما رأى روني پوني بدأ يربت عليه وسألني: من هذا الصديق اللطيف؟
أظن أن پوني أحس ببعض الخوف من روني ولكني قلت له: لا داعي للخوف يا پوني فهذا ليس شخصا سيئا.
هدأت أعصاب پوني بعدها وقال لي روني: هل يفهمك؟ إنه ظريف فعلا!
رددت عليه: أظنه يفهمني فطيلة اليوم كنت أحدثه بعفوية.
قال روني بعد أن رفع اصبعه عن شعر پوني: أسميته پوني إذاً؟
فرددت له بابتسامة: نعم، أليس اسما لطيفا؟
روني: إنه لطيف جدا.
قلت لروني بتردد: ه.. هل يمكنني تربيته وأخذه معي؟
فضحك علي وقال: لا داعي لاستشارتي فهو صديقك اللطيف بعد كل شيء.
أحسست ببعض الخجل فقفزت محتضنة إياه وقلت له: شكرا جزيلا.
ربت على رأسي قليلا وقال لي: ولم الشكر؟ ألا يحق لك أن تكوني أنانية من وقت لآخر؟
نار التخييم كانت دافئة وجميلة وكان ناثان يحدثنا عن بعض مغامراته وعن قصة لقائه بماتياس وكارلا وكانت له بعض القصص الطريفة أيضا استمتعنا كثيرا وكان ناثان نشيطا لأننا لم نسر طويلا اليوم كالأيام السابقة لأن الخريطة تشير لأننا وصلنا بالكاد وأخذنا قسطنا من الراحة هذه الليلة وباشرنا بالمسير مع الشروق ووصلنا مع منتصف النهار لغابة عملاقة وبها بوابة كبيرة وعليها حرس وعندما تقدمنا إليهم فتحوا لنا البوابة وقالوا لنا: مرحبا بكم في مملكة وايلد جانغل.
لم نصدق أننا وصلنا لها أخيرا رحلة دامت لمدة خمسة أيام متتالية وكان ناثان يشعر بالفرح كثيرا وبعد أن دخلنا المملكة رأينا بيوتا كبيرة وكائنات عجيبة مختلفة وكانت الأشجار والناس هناك كثيرين للغاية وقلت في نفسي: مملكة كبيرة كهذه ولا ندري بوجودها؟
أخذنا أحد الحرس إلى القصر الملكي وهناك أخبرنا أن الملك قادم للترحيب بنا وبعد أن وصل الملك قال لنا: مرحبا بحماة العالم، إنه إنجاز عظيم أن تصلوا إلى هنا في خمسة أيام فقط، ستتدربون هنا حتى تتقنوا مهارات قتالية تفيدكم في الحرب التي ستخوضونها لاحقا والآن اذهبوا لتأخذوا راحتكم حتى يصل عدد أكبر من المتقدمين ليتم تدريبكم سويا، سيأخذكم تيم لمساكنكم وتستجمعون طاقاتكم وتستمعوا بهذه البلاد حتى يأتيكم إعلان آخر.
أخذنا تيم إلى المسكن وقال لنا أن كل ما نحتاجه على مدار أربعة أشهر متوفر وأنه إذا احتجنا أي شيء علينا بقرع جرس ذهبي موجود في البيت ليأتي خادم وينفذ ما نريده، غادر بعدها وبدأنا نستطلع المسكن الذي كان عبارة عن غرف كثيرة أشبه ما يكون بالفندق وتم منحنا غرف متجاورة مرقمة من واحد إلى خمسة وكل منا له مفتاحه الخاص، الغرف كانت جميلة التصميم والبيت كان يبدو كما لو أنه من حضارة متقدمة منا بمئات السنين وخرجنا لنزهة في أرجاء المملكة ترويحا عن أنفسنا من أتعاب تلك الأيام السابقة وقابلنا أخيرا ماتياس ومارس.
ماتياس: لقد وصلتم أخيرا، أنجزتم يا رفاق بوصولكم بهذه السرعة.
ناثان كان منهكا من السفر ولكنه قال لماتياس ببعض من الصراخ: وصلنا أخيرا؟ أتعلم كم عانينا لنصل إلى هنا؟ انظر لحالي هذه كيف أنا، لقد أوشكت على الموت ثلاث مرات في خمسة أيام وتقول لي وصلت أخيرا.
كانت تلك أول مرة أرى ماتياس مرتبكا فيها بهذا الشكل وواصل ناثان كلامه وقال: لماذا انطلقتما بهذه السرعة؟ ألا تعلمان أننا رفاق ويجب أن نفعل كل شيء معا؟
تحير ماتياس فيما يجب أن يقوله له وقال سام لناثان: إنه زمرد ويحق له أن يفعل ما يريد ثم إنه تركنا بالخلف لأن الوحوش الخطيرة كانت لتتصيده على الأرجح أي أنه فعل ذلك لسلامتنا.
يهدأ ناثان بعد كلام سام ويقول لماتياس: آسف لأنني فهمتك خطأ.
رد ماتياس: أعتذر عن ترككم خلفي يا رفاق، أعد أنها لن تتكرر.
قال روني لناثان: لا بد أن لدى ماتياس خططا لينجزها يا رفاق لم لا نجعله يواصل مسيره.
ودعنا ماتياس ومارس وواصلنا رحلتنا في استكشاف الغابة الشاسعة تلك وتعرفنا ببعض الأشخاص اللطيفين الذين أرشدونا لأماكن الترفيه وغيرها من المحلات الجميلة المتنوعة وبعد قضاء ما يقارب أسبوعا على هذه الحال وصل أخيرا بعض المتقدمين أيضا وأصبحنا ثمانية قيل لنا أن العدد المطلوب لبدء التمرين هو عشرون، اكتمل العدد في الأسبوع الذي يليه وكان مدربنا يدعى دان ولديه أربعة طلاب أخبرنا أن علينا هزيمة كل طالب من طلبته من الأضعف للأقوى وكان طالبه الأضعف يدعى (سميث) بدأنا مواجهته بالترتيب الذي وصلنا به للملكة وكان أول الواصلين هو روني. دخل ساحة التدريب ومعه سميث وكان دان هو الحكم، عندما أطلق صفارة البداية كان روني ملقى على الأرض وانتهت المباراة لصالح سميث لم يفهم أحد شيئا مما حدث وظل هذا هو الحال لمدة أسبوع آخر لم يستطع أحد الصمود لمدة ثانية واحدة أمام سميث إلى أن فعلها روني، بدأت مواجهتهما وبعد أن أصيب بتلك الهجمة اختل توازنه قليلا ولكنه وقف في النهاية، ياله من رجل مهيب! ولكن بعد عدة هجمات أخرى تم إسقاطه بدون أن يرد الهجوم أساسا. مضى شهر كامل ولم نستطع هزيمة سميث ولكن روني كان يثبت جدارته في كل مرة يلتقيان فيها معا وهذه المرة انتصر روني على سميث انتصارا ساحقا، وتم إخباره بأنه سينتقل للتالي الذي هو (كيڤن) في المباراة القادمة وتتالت خسارات سميث بعدها لقد أصبحنا أقوى كثيرا ولكن ناثان لم يحظ بفرصة للثبات حتى الآن لقد خفت أن يرسب ويعود للملكة وحيدا فحلم حياته أن ينضم للأركان الحربية. كنت أشجعه دوما وأساعده على التدريب بعد نهاية حصصنا اليومية، وكان عددنا قد ازداد لنصبح خمسة وأربعين في غضون ذلك الشهر ولكن الجدد لا يستطيعون تحمل ذلك الهجوم، وفي أحد الأيام كنا أنا وناثان نتدرب في الغابة فجاء وحش غريب لم أره مسبقا يشبه طيرا عملاقا ولديه مخالب كبيرة وصرخته عالية جدا وهاجمنا نحن الاثنان أصيب ناثان بجروح بالغة حيث كان يحاول حمايتي وهرب ذلك الطائر بعد أن جاء ماتياس وهاجمه وذهب ماتياس بناثان للمشفى وهناك كانت حالته حرجة وأخبرنا الأطباء أنهم سيفعلون ما بوسعهم لإنقاذه وبعد عدة أيام من المداواة والزيارة المتكررة على ناثان كنت دوما ما أجد ماتياس جالسا بالقرب منه ويحفزه بقوله أنه سينهض أقوى وبعد أن مضى أسبوع استقامت حالة ناثان وعاد له صحته كنا قد أنجزنا أربعتنا مشروع سميث ولكن فرق القوة بين سميث وكيڤن كبير جدا لا أظننا سنهزمه قريبا. أخبرنا أنه يريد العودة للساحة ولكن ماتياس أخبره أن ينتظر حتى تستقر حالته الجسدية ولكن ناثان عارض ذلك وقال له أنه يشعر بقوة فائضة في جسمه وأنه يحس بأنه تغير، لم نفهم ما كان يقصده بأنه تغير ولكن الواضح أن ناثان معافى تماما، ذهبنا لساحة التمرين في اليوم التالي كان علينا أن نواجه كيڤن وأنجز سام المهمة هذه المرة وكان أول الناجحين وتلاه روني ونجحت أنا بصعوبة وكذلك لينا، بينما كان ناثان لا يزال محسوبا مع المستجدين وعندما حان دوره أعلن المدرب دان عن بداية المباراة، تعرض ناثان لتلك الضربة التي لم نفهم أصلها حتى الآن ولكن شيء غريب حدث. لم يسقط ناثان إثر ذلك الهجوم بل وإنه لم يتململ من مكانه أساسا! أحسست بالمانا خاصته تفيض بغزارة وهاجم سميث بكل قوة وسرعة لدرجة أنه لم يحصل على فرصة للرد وخسر سميث بعد عدة ضربات متتالية لم نفهم كيف تلقاها حتى الآن وتم إعلان نصر ناثان. وبعد أن واصل المستجدون مواجهاتهم مع سميث وعدنا لمساكننا أخبر المدرب دان ناثان أن يبقى وأن يعود البقية.