(القصة من منظور ناثان)

استمرت البلورة بالتوهج مطولا وتغيرت ألوانها كثيرا وفي النهاية أصبحت حمراء اللون، هل يعقل ذلك؟ هل تمت إعادة إيقاظي كياقوت فعلا؟ هذا يعني أنني ومارس واحد الآن؟

وبينما أنا أواصل في تخيلاتي هذه قال لي الملك: كلا، أنت ومارس لستما واحدا، فالياقوت للياقوت فرق خبرات ومهارات حتى أن فرق الأجناس له أثر.

هل يقرأ الأفكار أم ماذا؟ لا يهم المهم أنني ياقوت الآن، انتظر حتى يسمع ماتياس بهذا.

قال الملك لدان: اطلب استخراج بطاقة ياقوتية له من النقابة الملكية هنا.

أجاب دان: ولكنه مجرد بشري، وقد تم إعادة ترتيبه اليوم.

قال الملك: وهذا ما يجعله مميزا، اذهب واستخرجها له الآن.

رد دان بركوع: حاضر يا مولاي.

قال لي الملك: يمكنك الانصراف الآن وسوف تستلم بطاقتك عما قريب.

غادرت بعدها وأنا أقفز فرحا ووصلت إلى المسكن حيث كان الجميع يجلسون يتناولون غداءهم وسألوني عما حدث وأخبرتهم بكل شيء بالتفصيل، رأيت ملامحهم مندهشة جميعا وقال لي سام: هل أنجزت النأمورية فعلا؟

قلت له: هكذا قال دان والملك.

قال لي روني: يالحظك فنحن لا نعرف لماذا نقاتل حتى الآن. ولكن عما قريب سنتجزها أيضا.

قلت لهم: أشكركم جميعا يا رفاق لاعتناءكم بي أثناء رحلة وصولنا لهنا فلولاكم لكنت ميتا لا محالة.

قالت لينا: فعلنا ما نراه صائبا فقط.

قلت لهم: أعتذر يا رفاق ولكن هل يمكنني الذهاب لإخبار ماتياس بالمستجدات؟

قالت كارين: لا يمكننا حرمانك من صديقك المقرب.

شكرا لكم جميعا، غادرت بعدها لماتياس وناثان ووجدتهما يتدربان في ساحة بيتهما على الترنيم الصامت، لقد أتقناه فعلا وانتبها لقدومي وقال مارس: ناثان، حمدا للآلهة أنك بخير.

ذهبت نحوهما وأخبرتهما قصتي وما حدث اليوم وطلبت بعدها من ماتياس أن يدربني ووافق ببساطة.

جاءني دان بعد يوم ليعطيني بطاقة مغامر ياقوتية أريتها لماتياس ومارس مباشرة. لقد كانت مكتوبة بلغة غير مفهومة ولكن يبدو أن ماتياس يمكنه قراءتها، أصبحت أتدرب معهما كل يوم وكانت التدريبات سهلة للغاية هل هكذا تكون حياة الياقوت؟ لا أستطيع تصديق أنني ياقوت إلى هذه اللحظة! كان الرفاق في الجانب الآخر قد استطاعوا هزيمة كيڤن أخيرا ودخلوا بوابة عالم الترنيم الصامت واستغرق الأمر منهم شهرا ليتقنوه بينما لم يستطع بعضهم إنجازه حتى انتهت فترة مأموريتنا.

وفي آخر يوم لنا في المأمورية تم جمعنا كلنا عند القصر الملكي وقال لنا: اليوم هو يومكم الأخيرهنا، ومنكم من أنجز ما هو مطلوب منه ومنكم من لم يستطع، لا تعتبروها نهاية الطريق لكم فيمكنكم العودة هنا العام القادم والذي يليه وسوف تعودون أقوى بكل تأكيد، بينما الناجحون ما أنتم مقبلون عليه هو مصيركم ومصير أجناسكم جميعا، ولي تلميح لكم ستتعلمون تاليا الطيران بأشكاله وتتعلمون شكلا جديدا من الطاقة يسمى (الرِّين) وآخر ما يمكنني قوله هو تمنياتي لكم بالنجاح.

(القصة من منظور لينا)

عاد ناثان بقوة عجيبة وأبهرنا جميعا، من كان يعتقد أنه يمكن حدوث ذلك؟ أصبح ناثان لا يأتي إلى ساحة التدريب لأنه كما قال لنا قد أنجز ما عليه إنجازه، وأصبحنا نذهب نحن الأربعة وكان كيڤن عائقا في طريقنا جميعا، بعد مضي أسبوع وعدة أيام استطاع روني أخيرا المقاتلة بتكافؤ مع كيڤن ولكن كان يخسر في النهاية دائما إلى أن أكمل أسبوعا آخر وفي النهاية نجح بصعوبة وكان سام بعده ناجحا أيضا وكذلك كارين وكنت أنا آخر واحدة تنجح بينهم، هذه إحدى مساوئ المعالجين مستوانا الهجومي ضعيف للغاية ولكن مع المثابرة والاجتهاد يمكنني أن أضع بصمتي على إنجازاتي بعد أن نجح أغلبية المتقدمين من هزيمة كيڤن أخبرنا دان أننا على صدد تعلم تقنية جديدة تدعى الترنيم الصامت وأننا جاهزون الآن لبدء التدريب عليها، كانت الخطوات بسيطة كما شرحها ولكن تطبيقها يحتاج تركيزا هائلا، لقد كانت الخطوة الأولى هي الأسهل إذ أن ممارسة التأمل كانت مسألة بسيطة جدا، تشبه اليوجا كثيرا إذ كنت معلمة في مدرسة يوجا قبل أن أصبح مغامرة، قضاء عدة ساعات تأمل في أجواء هادئة مع الصباح وزقزقة العصافير وحفيف الأشجار لشيء جميل حقا، استمر تدريب الخطوة الأولى لبضعة أيام فقط ونجح أغلبيتنا في تحقيق ما نسميه في مصطلحات اليوجا (السلام الداخلي)، وانتقلنا للخطوة التالية والتي كان يشرف عليها المدرب دان بنفسه وهي (توزيع المانا) في الجسم بشكل متساوي لقد كان شرحه مبسطا وجيدا للغاية استطعنا جميعا فهمه وإنجاز تلك الخطوة في عدة أيام ولكن احترافها كان صعبا قليلا فهي تستهلك المانا بسرعة لأننا في الوضع الطبيعي نكون في وضعية (سكون المانا) أي أننا لا نستخدمها ولكن توزيع المانا على مدار الساعة متعب للغاية ولكن استطعنا اتقانه في الأسبوع التالي مباشرة وانتقلنا للأصعب، الترنيم بأشكاله كان الخطوة الصعبة حقيقة فنحن نعرف الترنيم العادي الذي يحتوي كلمات ولكن الأنواع الثلاثة التي طلب منا تعلمها صعبة للغاية ترنيم الهمس كان سهلا ولكن أثناء المعركة ضد هؤلاء المعلمين تفعيله شبه مستحيل لأنهم لا يمنحون فرصة للهجوم بتاتا.

استطاع روني وسام فعلها بصعوبة حقا وأنا وكارين تدربنا عليه لوحدنا وقتا طويلا ولكننا استطعنا فعلها في النهاية أيضا، وبدأ دان يعطينا محاضرات عن الترنيم بمختلف أشكاله وكان يعلمنا ترانيم مختلفة وجديدة سمعنا بها عنده هنا فقط، ولكن بعد تعلم ترنيم الهمس يصبح الترنيم الناقص سهلا واتقانه ليس بالصعب مثل الهمس، أخذ منا هذان النوعان أسبوعين آخرين بعد تعلم توزيع المانا وأخيرا جاء زمن الترنيم الصامت تخيل الترتيل كاملا في العقل بدون نطقه وجمع كل الخطوات السابقة معا لشيء شبه مستحيل لوحده احتاج أسبوعين لنتعلمه ولكن لا يزال أمامنا شهران آخران لنراجع ونحترف ما تعلمنا هنا.

انقضى الشهران واستطاع خمسة وأربعون منا اتقان الترنيم الصامت تماما وألقى الملك خطابه لنا وودعنا الأشخاص الذين التقينا بهم هنا وأخبرنا دان أن نواظب على استخدامه لأنه تقنية مهمة ومفيدة جدا، وهكذا بدأت رحلتنا نحو المملكة التالية مملكة (كازيلاند) ولكن ما هذا؟ الخريطة لا تشير إلى أي مكان بعد هذه النقطة! هل يعقل أنها أمامنا ولكنها مخفية بشكل ما؟ هكذا سألت ماتياس بكل تعجب ولكنه قال: هذه الخريطة ثلاثية الأبعاد، لم لا تغيرين لتري من المنظور الأرضي.

فعلا عدلت الخريطة لتريني الارتفاع وتبين أن موقع تلك المملكة في السماء! كيف لنا أن نصلها بحق آلهة هذا العالم؟

كانت أمامنا سلسلة جبال كل جبل يعلو الذي يسبقه ولا أظن أن لها نهاية أول ما فعله ماتياس ومارس مجددا هو القفز من حافة جبل إلى الذي تليه وناديا علينا: هل ستصعدون أم ماذا يا رفاق؟

قفز ناثان بعدهما بكل حماس وقال: من يصل أخيرا سيكون الخاسر.

بدأوا بتدها بالقفز بسرعة مهيبة وبدأنا اللحاق بهم وكذلك المغامرون خلفنا كانت المسافة بين كل جبل وجبل تزيد مع التقدم في القفز حتى وصل عدد الجبال التي صعدنا عليها ثلاثين جبلا. أحسست بالتعب بعدها وأخبرتهم أن يتوقفوا لنستريح بعدها هنا، وبقي الجميع جواري على قمة ذلك الجبل وجهز لنا سام الغداء جلسنا لتناوله مع بعض وكنا نتحدث عما أنجزه كل منا في وايلد جانغل وكان من العجيب أن نعرف أن ماتياس ومارس طلب منهما أن يتعلما الترنيم الصامت بأنفسهما ولكن، هذا ما يجب أن يحدث لأنهما زمرد وياقوت ولا يوجد من يعلوهما رتبة، وحكى كل منا قصة طريفة حدثت له في الشهر المنصرم وبعد أن استجمعنا طاقاتنا واصلنا الصعود حتى أكملنا الجبل الأربعين وأصبحنا فوق السحاب حرفيا وهناك رأينا خيالا بعيدا مع ظلمة الليل.

كانت هناك أنوار بعيدة المنال منا قليلا ولكنها لم تكن ضوء الشمس، قال لنا ماتياس: أهنئكم يا رفاق فلقد وصلتم للمملكة المنشودة في يوم واحد.

تعجبنا من كلامه كلنا، هل يمكن أن نقطع كل هذه المسافة في يوم واحد؟ ولكن، لقد فعلناها حقا. كانت المملكة مبنية على السحب وكانت بواباتها ضخمة مثل بوابة الوايلد جانغل وحرسها أيضا كان يبدو عليهم الوقار والقوة، تقدم ماتياس علينا وقاموا بالترحيب بنا جميعا وجاء حارس وأخبرنا أنه سيأخذنا لمقابلة الملك هناك.

2024/07/20 · 29 مشاهدة · 1165 كلمة
نادي الروايات - 2025