(القصة من منظور ماتياس)
جاءني والتر بعد التدريب وقال لي: سيد ماتياس، لدي شيء مهم لأخبرك إياه.
ذهبنا معا لساحة تدريب أخرى كانت واسعة ومميزة أكثر وبها العديد من المجنحين وأجناس طائرة أخرى وقال لي: ما هو المشترك بين جميع من هم هنا؟
أعدت النظر إليهم مجددا لعلي أرى شيئا ما ولمن لا شيء غريب حقا قلت له: جميعهم لديهم أجنحة.
قال لي: هذا ليس ما أقصده هلا تعيد المحاولة.
أمعنت النظر إليهم هذه المرة ورأيت أنهم جميعا لا تمشي خطواتهم على الأرض وإنما يضعون بينهم وبينها حاجزا هوائيا كنوع من البساط أو شيء كهذا القبيل وقال لي: نعم، كما ترى تماما لا أحد من بينهم يلامس الأرض ليس لأنهم مجنحون فكما رأيت سابقا هنالك مجنحون يمشون على الأرض بطريقة عادية ولكن من تراهم أمامك وصلوا لرتبة عالية في استخدام سحر الرياح وتسمى (الانصهار) حيث يتحكمون في مانا الرياح ليست الموجودة في جسدهم ولكن المحيطة بهم لتسخيرها لخدمتهم كما يريدون فإذا لاحظت، ذاك يستخدمها كتعزيز للجري وآخر يستخدمها كسلم للوصول لمناطق أعلى مما يتعذر للأجنحة بلوغه، وهناك يستخدمها كمحطة توصيل.
قلت له: وما الذي سأحصل عليه من هذا؟
قال لي: ما من لواء يمشي على الأرض، ويجب عليك أن تصل للانصهار حتى تتقدم للمأمورية التالية.
قلت له: هل هي أساسية لهذه الدرجة؟
قال لي: نعم، لأن الانصهار هو تسخير لمانا الطبيعة المحيطة حولك والمعروف أن مانا الرياح الطبيعية هي الأسهل في التحكم فما لم تنصهر مع الخمسة عناصر الأساسية فإنك ستكون ناقص القدرات ومعروف أن أضعف الشياطين التي ستدخل معها في حربك التالية ينصهرون مع عناصر الظلام ومشتقاته ذلك السحر المشؤوم وما لم تتعلم انصهار الرياح وبقية العناصر فإنني أرى حتى أنك ستجد مشكلة معهم لاحقا.
قلت له: هل لديهم نظام رتب مثلنا أيضا؟ وهل يوجد أشخاص بقوة الزمرد كذلك؟
قال لي: نعم، حتى وإن لم تكن بنفس الأسماء وهم حتى لديهم تنظيم عسكري قوي جدا وعائلتهم الملكية تعتبر أحد أقوى الأجناس.
سألته: من أقوى منهم إذاً.
قال لي: هل تعلم كم عدد أجناس هذا العالم؟
قلت له: كلا.
قال لي: هناك أكثر من مئة جنس مقسمة لفصائل وتلك مقسمة لعشائر وأقواها كما قيل لك سابقا هو جنس التنين فصيلة تنانين الجو عشيرة الضوء.
إذاً كان كلام مارك صحيحا فإن تنانين الضوء هم على القمة واصل كلامه وقال: التنانين عموما يمكن اعتبارهم الجنس الأقوى باعتبار العائلات الملكية والمكان الذي يقاتلون ويعيشون فيه، لكن هنالك بعض العائلات المميزة منها عائلة ال(هيمزون) النبيلة.
هيمزون أليس هذا اسم عائلة مارس؟! هو مميز إذاً كما قال ليوناردو، أكمل لي والتر كلامه: نعم مارس نبيل ولكن لا أظن والده أخبره بذلك وبالمناسبة لقد جاء والده هنا قبل مئة سنة تقريبا.
لم يكن شيئا جديدا علي فأنا أعلم أنهم يعيشون ثلاثمئة سنة كشباب وقال والتر: هنالك عديد من الأجناس ستقابلها في رحلتك لذا فعليك إبقاء عقلك متفتحا دوما وتأسيس مكانة لنفسك بينهم وكسب احترامهم، عموما دعنا لا ننسى تدريبك الآن. هل عرفت ما عليك فعله؟
قلت له: نعم، استخدام الانصهار.
قال لي: لن يتطلب منك أكثر من يوم لذا لا تعتبره أكثر من اكتساب خبرة جديدة كما وأن تعلم انصهار بقية العناصر مختلف أيضا لهذا السبب لا تتقاعس عن تطوير نفسك.
قلت له: حسنا.
وبعد تلك المحادثة الطويلة بدأ التدريب الذي كان عبارة عن تجاهل استخدام المانا خاصتي تماما والتركيز على الإحساس بمانا الطبيعة وتعلم تحريكها كما أريد، كما قال والتر فإن هذا التدريب ليس صعبا لأن هناك ما يسمون ب(المحبوبين) أولئك الذي تعشقهم مانا الطبيعة والذين هم المانا التي تعيش فيها أجناس معينة فمثلا الأسود يعيشون في الأدغال والطبيعة فتحبهم مانا الأرض والنبات وهنا المجنحون يعيشون في السماء والسحب فتحبهم مانا الرياح بينما من يصنف على أنه زمرد يسمى في قاموس هذه المملكة (المحبوبون من طرف المانا) فهم يمكنهم تسخير كل أنواع مانا الطبيعة، مانا الطبيعة هذه عند تدقيق النظر إليها أقرب ما تكون لكائنات صغيرة تتراقص في أرجاء المكان تخفي وجودها من الذين لا تحبهم ولكن من تتعامل معه تمنحه كل ما تستطيع منحه، أدهشني منظر هذه الكائنات اللطيفة وقررت أن أسمي مانا طبيعة الرياح ب(فري) لأنها ترمز للحرية والسلام.
تعلمت استخدامها في ذلك اليوم كما قال والتر وقال لي: إنها لا تتعب ولا تنقص ولا تنتهي ولا تيأس ومن تحبه تعطيه كل ما تملك لذا فلا تتردد في استخدامها، والآن ليس لدينا شيء لنعلمك إياه وأتمنى لك قضاء رحلة سعيدة في مملكتنا.
أصبحت أذهب للمكتبة لأقرأ لعلي أستفيد شيئا جديدا وهنالك عثرت على ما أثار اهتمامي (مذكرات الرحلة العظيمة للملك داريوس مملكة أرض الرياح) إنه ثاني كتاب يبدأ بنفس العنوان أجده حتى الآن ولكنه مكتوب هذه المرة بلغة هذه المملكة وكان فيه ما يلي.
(القصة من منظور داريوس)
اليوم الموافق 2/4/906 حسب التوقيت النجمي الكوني واصلت رحلتي عبر هذا العالم الواسع الذي لا نهاية له ووجدت سلسلة جبال على مد البصر يشق ارتفاعها السماء حتى أظنها قد تصل إلى اللامكان أو يمكن أن تقود إلى ما لم يستطع البشر الوصول له ولكن لن أعرف ما لم أجرب.
بدأت بصعود وقفز تلك الجبال واحدا تلو الآخر حتى وصلت إلى ما فوق الغيوم وهناك وجدت ما لم يجده بشر قبلي هنا، كان هناك العديد من الكائنات السحرية المنتشرة هنا وجاء أحدهم إلي في اللحظة التي وصلت بها إلى هنا وشعرت بضغط مانا هائل منه أظنه حرس هذه البلاد وبدأ يكلمني بلغة البشر: ما الذي جاء بك إلى هذه البلاد؟
جاوبته: بكل بساطة حب الاستطلاع.
قال لي: حب الاستطلاع إذاً؟ كيف ومتى وصلت إلى هنا؟
قلت له: رأيت جبالا تشق السماء لم أعرف ما نهايتها فساقني الفضول إلى هنا.
سألني بتعجب: أولم تقابل وحوشا في طريقك إلى هنا؟
قلت له: كلا، كنت أظن أنه لا يوجد شيء بعد الجبل الثلاثين ولكن عندما وصلت دهشت بحق.
قال لي: كم دامت مدة رحلتك هذه؟
قلت له: بدأت الصعود صباحا ووصلت الآن مع ظهر اليوم.
وقف يفكر للحظة ثم قال لي: لم أسمع ببشر وصل إلى هنا سابقا، ولكن تعجبني جرأتك.
قلت له: أشكرك على ذلك.
قال لي: هذه المملكة تسمى كازيلاند لا أظن بشرا غيرك الآن يعرفها ولكن قد يظهر أشخاص مثلك يوما ما وأنا أكون ملكها وأنا أدعى(بيزموث).
قلت له: تشرفت بمعرفتك صادف أنني ملك لمملكة غرين ڤايل واسمي داريوس.
قال لي: ملكي إذاً! لم أتوقع هذا من أقل من ذلك.
صمت للحظة وقال لي أنه يمكنني أن أقضي وقتي هنا بكل أريحية فمواطنوهم مسالمون ولكن علي تجنب المشاكل فهم أشداء كذلك وأصبحت رحلتي تزداد حماسا عندما بدأت أتعلم لغتهم وأتعايش معهم أكثر فقد كوّنت عدة صداقات مع مختلف الأجناس هنا فمثلا اكتشفت أن بيزموث من جنس يسمى(النسور السوداء) وهي ما يشبه الأسرة الحاكمة للسماء ويمكنهم اتخاذ أشكال البشر بشكل شبه كامل وفي بعض الحالات يصبحون بشكل بشري بالكامل،استخدامهم لسحر الرياح لا يستهان به وهم جنس محمي من قبل آلهة هذا العالم. وهناك ترى البشر الذين يطيرون ولديهم شعر بني داكن جميل وعيون صفراء فاقعة يسمون (ذوي الأجنحة) كما يوحي اسمهم فهم لديهم أجنحة تشبه أجنحة النسور ولكنهم ليسوا منهم، هم مجرد عشيرة من رتبة أقل من النسور ولكنهم أشداء أيضا. وأخيرا والذين هم الأكثر تميزا وهم جنس ال(فينيكس) أي ما يعني العنقاء وهذا الجنس من سلالة التنانين يقال أنهم ولدوا من البراكين والمناطق التي كانت تعيش فيها تنانين النار والرياح جنبا لجنب ويحملون خصائص الاثنين وهي الجنس الحاكم بالتساوي مع النسور السوداء.