(القصة من منظور ماتياس)

الملك داريوس شخص مميز فعلا! عاش كل هذه المغامرات في وقت قصير، ثم ما مشكلة هذا التاريخ؟ أولسنا في عام 833 حسب توقيت هذا العالم؟ أم أن نظام الوقت قد تغير مع الزمن هنا؟ لا مشكلة معي مع هذا لكن عدد العشائر المكتوبة في هذه المذكرة كبير جدا كما قال والتر سابقا، إن هذا العالم واسع حقا؟! ما أدهشني فعلا هو أنه استطاع التعايش وقضاء وقت ممتع معهم وتعلم منهم الكثير من الأشياء المفيدة ولكن موعد رحيلنا قد اقترب وأظن أن علي زيارة كارلا عما قريب.

في اليوم التالي ذهبت لأتابع تدريب الشباب وهم يبدعون باستمرار دائما وبعد عناء وجهد طويل أتقنوا الطيران في آخر أيامهم ولا بزال الخمسة وأربعين متقدما صامدين حتى الآن، طالما أن أمامنا مأمورية واحدة أظن أن هذه السنة ستمر بسلام فلم يمت من الستين المتقدمين واحد حتى الآن فقط فشلوا في تعلم الترنيم الصامت وسيعيدونها بكل بساطة السنة القادمة ولكن لا أظن ذلك سوف يكتفون فقط بالمغامرات.

في اليوم الأخير لنا هنا جمعنا لدى الملك ليلقي علينا خطاب توديع وتمنى لنا الحظ السعيد في مأموريتنا التالية وناداني والتر بعدها قبل انصرافنا بقليل وقال لي: سيد ماتياس.

قلت له: نعم.

قال: أتمنى أن ترافقكم السلامة في رحلتكم ولا تنسى أن تزورنا من وقت لآخر.

قلت له: سأضمن ذلك.

بعد أن ودعنا جميعا تذكرت أن أسأله شيئا: والتر، هلي بلحظة؟

قال لي باستغراب: ماذا هناك؟

قلت له: هناك شيء ما يدور في رأسي.

قال لي: سأرى إن كان باستطاعتي مساعدتك.

قلت له: هل اسم الملك الحقيقي هو بيزموث؟

صمت فجأة كما لو أنه قد ارتكب خطيئة عظمى وقال لي: من أين سمعت بهذا الاسم؟

قلت له: صادف أنني كنت أقرأ كتابا ما ووجدت أن اسم الملك لهذه المملكة في إحدى الأوقات هو بيزموث.

توقف للحظة أخرى ثم قال لي: بيزموث كما قرأت هو اسم هذه المملكة فعلا، ولكن لماذا لم تضع أنه مات وهذا أحد أسلافه؟

قلت له: لأن هذا غريب أنني وجدت أن ليوناردو كان حاكم وايلد جانغل منذ وقت سحيق وأن هذا الملك من الأجناس الحاكمة فمن الغريب أن يعيش مدة قليلة.

فقال لي: معك حق، لأن ملكنا وملك وايلد جانغل كائنات مختلفة عما قرأته ودرسته حتى الآن وستصادف غيرهم في رحلتك لذا لا تتعجل وستعرف كل شيء في وقته.

شكرته وغادرنا بعدها وبدأت مأموريتنا الثالثة والأخيرة وكانت الخريطة تشير إلى أن علينا قفز تلك الجبال سقوطا ولكن، من هذا الذي يقفز سقوطا كل هذه المسافة؟

تهور ناثان وقفز من الناحية البعيدة من الجبال وقال: الحقوني إذا ما استطعتم.

قفز الشباب بعدها واحدا تلو الآخر وهم يصرخون من الحماس بقينا أنا ومارس في الأعلى نراقبهم فقط وجاء الملك من خلفي وقال لي بلغتهم: إذاً أنت هو مختار كلايدون.

جاوبته بنفس اللغة: لم يكرر الجميع هذه الجملة علي؟

قال لي: لم يسبق لبشري أن يقرأ ما قرأته من قبل وكان كلايدون يضع لنا تلميحات مختاره الجديد في مختاره السابق.

هذا يعني أن داريوس ذو احتالية كبيرة أن يكون مثلي! ثم واصل كلامه: ستفهم كل شيء عندما تصل لمحطتك التالية، فلتحمك رياح الطبيعة يابني.

شكرته وقفزنا بعدها أنا مارس ثم سألني ونحن نهبط ونزيد من سرعتنا نزولا: ماذا حدث؟

قلت له: ليس بالشيء الكبير.

قال لي: هيا فلتوضح أكثر.

قلت له: بعض الأشياء الجيدة ستحصل عما قريب.

نظر إلي وقال لي: أنت وألغازك.

قلت له: احذر فقد وصلنا تقريبا.

قبل أن أصل للأرض بقليل ناديت على فري ووصلت وقدمي طافيتان ولكن مارس أخرج جناحيه فجأة وقال: منذ متى والأرض قريبة هكذا؟

قلت له: كلا، لقد كنت أدفعك بمانا رياح سخرتها سابقا.

قال لي: ماذا؟ هل تريد قتلنا أم ماذا؟

قلت له: لكنك لم تمت.

وصل بعدها ناثان والرفاق ووجدونا نتجادل تعجب ناثان وقال: هيييييه ألم نترككما في الأعلى؟

قلت له: نحن من تركناكم بالأعلى.

قال روني: هكذا يكون الزمرد إذاً، لا يمكن فهمهم أبدا.

أصبحنا نسير في صحراء ونتبادل أطراف الحديث ولكن في منتصف النهار وصلنا محيطا، نظرت لينا لخريطتها وقالت: تنتهي الخريطة في هذا المحيط؟

قالت لها كارين: لربما هناك مملكة تحت البحر.

ونظرت نحو ارتفاع الخريطة ووجدت الطريق يشق داخل البحر فعلا، قال ناثان: للسماء صعدنا الجبال ولكن، كيف يمكننا الدخول في مياه كل هذه المدة دون أن نموت اختناقا؟

فكرت معهم للحظة وقلت لهم: لم لا نستخدم سحر الرياح؟

قال روني: يمكن ذلك، عمل زوابع داخل الماء تحيط بنا وتحافظ على كمية هواء داخلها سيكون حلا لا بأس به.

وبينما هم يتجادلون في جانب آخر قفزنا أنا ومارس داخل المحيط.

قال سام: ولكن هل ستصمد طوال الوقت؟ ثم نحن لا نعرف نهاية الطريق هل تريد أن تقامر على ما تجهله.

قال روني: صحيح أنني لا أعلم نهاية الطريق ولكن هذه المأموريات موضوعة لمن يحمل رتبة ألماس فأعلى، لذا لا بد أنه يمكننا بلوغها بتدريبنا حتى الآن تذكر فقط تلك الأيام المريرة.

قال له: أظن أنه معك حق.

قال لينا: لم لا ننطلق فقط لأن ماتياس ومارس غطسا بالفعل.

قال ناثان: هييييه فعلاها مجددا لن أدعهما يسبقاني، هل ستأتون أم ماذا؟

قال روني: وراءك تماما.

فعلوا زوابعهم في آن واحد وقفزوا داخل الماء معا بينما أنا ومارس في الأسفل.

مارس: كيف تتنفس من دون زوبعة؟

قلت له: لأنها ليست زوبعة.

نظر لي باستغراب وقال لي: وما هذا إذاً؟

قلت له: فري.

قال لي بتعجب: وما هذا الفري؟

قلت له: لقد فاتك الكثير إذاً، الفري هي مانا الرياح الطبيعية فأنا أسخر التي في المياه لصنع حاجز بيني وبين الماء وفي الوقت نفسه أستنشقها للتنفس.

قال لي: لم أفهم شيئا ولكن هذا يبدو رائعا.

ضحكنا قليلا وتتبعنا الخريطة حتى وصلنا لمملكة تحيط بها دوامة مياه ضخمة ولديها مكان يدخل منه جزء من الماء أظنه البوابة الرئيسية انطلقنا نحوها وقابلنا الحرس ورحبوا بنا وأحدهم يعرف مارس وتحدثا لمدة ثم دخلنا لمملكتهم.

قال لي مارس: مضى وقت طويل لم أكن فيه هنا.

قلت له: كيف ذلك؟

قال: تعرف أن جينا تنينة من عشيرة الماء.

قلت: أهاا لقد تذكرت، ذكر والدك شيئا عن مملكة مياه ولكنني لم أظنها هذه.

قال: كلا إنها هي، ولا تزال كما عهدتها تماما.

أخذنا الحارس بعدها لملك المملكة الذي رحب بنا وقال: مارس، إنه لشيء مميز ظهورك علينا بعد كل وقت غيابك.

قال له: سيد (نبتون) حتى أنا أحس بالحنين لتواجدي هنا ولدينا هنا من أخدمه الآن ماتياس.

قال الملك: من تخدمه؟ لا عجب أنه زمرد إذاً.

قلت له: نعم فهو شخص مميز جدا.

قال لي الملك: أرجو أن تستمع بوقتك. سترافقكما (سكايلر) لبقية رحلتكما إذاً.

في أثناء الطريق كان مارس وسكايلر يتحدثان معا وعرفني عليها، وجدت أنها لطيفة وطيبة التعامل معنا ولكن بذكر ذلك علي زيارة كارلا اليوم، وصلنا لمسكننا الذي كان مصنوعا من زجاج عاكس من الخارج يبدو كما لو أنه مبني من الماء ومن الداخل زجاج شفاف يجعلك ترى ما يحدث خارجه إن تصميمه جميل للغاية كما وأنه واسع، سوف آخذ كارلا ذات يوم في رحلة إلى هنا وقالت لنا سكايلر أنه إذا احتجنا أي شيء فهي في خدمتنا وغادرت بعدها، وضعنا أمتعتنا وأخبرني مارس أنه سوف يأخذني في الأرجاء ليعرفني ببعض معالم وذكرياته هنا.

اسم هذه المملكة هو (أتلانتس) وهو كما الحال مع بقية الممالك لم أسمع بها مسبقا ولكن يبدو أن مارس يعرفها جيدا فبدأ يحكي لي عنها: في الأصل هذه المملكة خلقت تحت الماء ويعيشها من يعرفون باسم (الحوريات) منذ قديم الزمان وهم حكام هذه المنطقة كانوا يستطيعون التواصل مع الوحوش السحرية التي تعيش في المحيط وتكوين صداقات معهم وكانوا جنسا مسالما ولطيفا للغاية، وورد أن ملكا من البشر جاء إلى هنا وكان هو الأول وأنه تزوج من أميرة الحوريات وأنجبا سلالة مشتقة من البشر والحوريات تسمى(سكان البحر) حملوا صفات كل من جنس البشر والحوريات معا ولكنهم أضعف من كليهما.

قلت له: صفات مثل ماذا؟

قال لي: الحوريات مثلا لديهم تحكم قوي في سحر الماء ولكن لا يستطيع إلا المختارون منهم العيش فوق سطح البحر لمدة وحتى هم يظلون لمدة محدودة، والبشر يستحيل عليهم فهم الوحوش السحرية في الماء وعدة صفات أخرى فغطى تهجينهم على نقصان بعضهم ولكنه أنقص وأضعف المانا لديهم.

واصلنا في السير حتى بلغنا الجامعة التي كان مارس يدرس فيها يوما ما وهي (جامعة كلايدون للدراسات السحرية) إن حجمها كبير وأرى أنه يوجد الكثير من الطلاب فيها ولكن عندما قررنا أن نمر للمعلم التالي فإذا بمارس يجد أحد أصدقاءه القدامى وبعد سلام وأحضان وحديث عن الماضي عرفني لصديقه الذي تبين أنه أصبح أستاذا في هذه المدرسة كان صديقه يدعى (ثيودور) اندهش مارس من بلوغه لدرجة الأستاذية وهنأه وأخبره أنه علينا المغادرة لأن أمامنا مأمورية وزمن لنكسبه، وبعد أن انطلقنا خرجت هينّا من بوابة الجامعة ونادت علينا.

تحدثنا معها قليلا وأخبرناها عن وضعنا الحالي تمنت لنا التوفيق وأخبرتنا أنه يمكننا القدوم لتناول العشاء عندها لاحقا ولكننا اعتذرنا بسبب الرفاق فأخبرتنا أن نحضرهم معنا إذا أرادوا فهي لا تملك أنيسا في البيت أخبرناها أننا سنحدثهم عن ذلك وواصلنا في مشوارنا وبعدها وصلنا لتمثال كبير يشبه الملك نبتون وقال لي أن هذا نصب تذكاري له لأنه ملك قوي وحكيم وكريم ويحبه جميع مواطنو هذه البلاد واستمر يومنا بزيارة عدة مناطق أخرى ورجعنا قبل مغيب الشمس بقليل ولكننا لم نجد أحد أولئك الرفاق، هل وصلوا أم واجهتهم عقبات في الطريق؟

2024/08/01 · 17 مشاهدة · 1424 كلمة
نادي الروايات - 2025