جيفري: ماتياس. ماتياس: نعم يا سيد جيفري. جيفري: ما رأيك أن تتزوج كارلا؟ يحمر بعدها وجه كارلا مجددا. ماتياس: ماذا؟ آسف يا جدي، لا أستطيع. جيفري: ولم ذلك؟ هل كارلا لا تعجبك؟ ماتياس: كلا كلا، إن حفيدتك جميلة جدا ولهذا أرى أنها تستحق الأفضل، ولكن لا أدري، ربما لأنني قدمت البارحة وحسب والآن يأتيني عرض زواج مفاجئ. تخرج كارلا وهي محمرة الوجه ويصعب عليها التنفس لخارج غرفة الأكل وتجلس من الخارج قرب الباب لتسمع. جيفري: لا، لا بأس بذلك. ولكن أنا مصر على ذلك. ماتياس: هذا صعب علي يا جدي. جيفري: لم أنت مصر هكذا؟ ماتياس: أظن لأن كارلا لم تعرف شخصيتي جيدا، وأظن أنه يمكن أن تتعرض للخطر أثناء رحلتي. جيفري: لا، لا تخف؛ فأنا أثق بأنك شخص طيب جدا، وقوي أيضا ولن تسمح لكارلا بأن تصاب بأذى ما حييت. يزداد احمرار وجه كارلا وهي عاجزة عن الكلام تماما. يواصل جيفري كلامه بعدها: وأيضا أنا آخر من تبقى لها من عائلتها وبقي لي في هذه الحياة القليل من الوقت لا أريدها أن تعلق معي في باقي هذه السنين القليلة قلقة علي وترعاني، أريدها أن تعيش حياتها بسعادة فقط، وأنا أراك الشخص المناسب ليمنحها حب الزوج وشهامة الأب واحترام الأخ لها ستكون الشخص الذي يعوضها ما فقدته في حياتها. ومنذ أن وصلت وأنا لا أرى الابتسامة تفارق وجهها عندما تراك، أرجوك اعتبرها أمنية أخيرة لعجوز قارب على الرحيل من هذه الدنيا. ماتياس: لا أدري إن كنت أستحق ذلك الشرف أم لا؟ جيفري: لا تقل ذلك، فأنت هو الشخص الذي اختارته هي ووافقتُ عليه ليكون زوج حفيدتي الوحيدة. رجاء فلتوافق لئلا تحطم آمالي وتضيع عمرها في الحزن على مماتي. ماتياس: لا أدري ما أقول. جيفري: وافق فقط وسأكون ممتنا. أتوسل إليك. ماتياس: كلا لا تتوسل يا جدي فأنت العمدة في النهاية. جيفري: أعطني ردك يا بني. ماتياس يتردد للحظات وفي النهاية يوافق بعد التفكير لمدة طويلة عن مستقبله معها وكيف أنها ستكون مفيدة له في رحلته وعن كيف سيكون حاميا جيدا لها كزوج. جيفري يبتسم ويقول بدمعة تنزل من عينه: شكرا جزيلا لك لتلبيتك طلبا أنانيا كهذا. تبكي كارلا فرحا في خارج الغرفة وتذهب لسريرها وترمي وجهها في الوسادة وتقول بدموع منهمرة: لقد طلبت هذا منك فجأة ليلة البارحة يا جدي، ولكني لم أعتقد أنك سوف تنفذ هذا لي فعلا. في صباح اليوم التالي يخرج جيفري ليخبر الناس عن زواج ماتياس من كارلا اليوم، ويأتي الناس ليهنؤوهما وتجتمع الفتيات الصغيرات حول كارلا التي كانت في قمة بهائها وسعادتها ذلك اليوم ويباركن لها زواجها، ويأتي بعض الأولاد الصغار ويقولون: كارلااااااا، لقد وعدت أن تتزوجيني عندما أكبر، كارلا، لماذا ياكارلا فعلت هذا بنا؟ ويستمر بكاء الأطفال بعدها. كارلا: أعتذر عن ذلك ولكنني متأكدة من قدوم اليوم الذي تتزوجون فيه من فتيات أجمل مني. أحد الأطفال يبكي ويقول: كلا، لا أريد سواك. يمسح دموعه ويستجمع شجاعته ليقول: لا، هذه حياة كارلا، ولا يحق لنا الاعتراض أو التدخل في قرار اتخذته، كما وأنا متأكد من أن ماتياس أفضل خيار لها، بغض النظر عن وسامته فهو قوي جدا. ويجب علينا أن نقبل واقع أننا لا نزال أطفال. يمسح بقية الأطفال دموعهم ويقولون: بلى، كلامك صحيح. يقابلهما بعدها الرجال الذين كان معهم ماتياس بالأمس ويبدؤون بعدها بتهنئة كارلا وعن حظها بزواجها من شخص مميز كماتياس وعن كم أنهم أحبوها سابقا ولكنها الآن ستتركهم وكم سيشتاقون لها، وتبدأ الاحتفال في ذلك اليوم. في اليوم التالي استعد ماتياس للرحيل ومعه كارلا، جيفري وأهل القرية يودعونهما ويقول جيفري: سيأخذكما سائق عربة الحصين إلى المدينة التالية. وبعد وصولهما يرجع السائق للقرية متمنيا لهما حياة سعيدة. وأول ما يفعله ماتياس هو التعجب من حجم المدينة الكبير هناك ويسأل كارلا إذا كانت كل المدن كبيرة مثل هذه فتقول: هذه المدينة ليست كبيرة كما تتوقع ولكن هناك مدن أكبر منها بكثير وهذه المدينة يسكنها ما يسمى عندنا (عامة الناس) وهم ذوو حال متوسطة أفضل بقليل من (سكان القرى) مثلنا. ماتياس: هناك مدن أكبر من هذه إذاً، حقا إن هذا العالم كبير. ولكن من يسكن تلك المدن الكبيرة إذاً؟ كارلا: يسكنها أناس من درجات اجتماعية عالية يسمون ب(النبلاء) وسكان الطبقة الحاكمة للممالك المختلفة يدعون ب(الملكيين). ماتياس: سأدعك يوما، لا، بل بقية حياتك تعيشين كالملكيين يا كارلا. كارلا تحمر خجلا وتقول: حياتي معك وحدها أفضل من حياتهم بملايين المرات. يبتسم ماتياس ويقول: كذلك بالنسبة لي. ويواصلان مسيرهما حتى يمرا من عند حداد بالصدفة يرى سيف ماتياس ويعجب به فيناديهما: سيدي السياف، سيدي السياف، من هنا رجاء. فيذهبا له ليعرفا ما الحاصل، فيقول ماتياس: نعم، هل تقصدني أنا؟ الحداد: نعم. لقد رأيت سيفك من بعيد فأعجبني، وأريد أن أتاجرك فيه. ماتياس: هذا سيفي الخاص، ولن أبيعه أبدا. الحداد: ضع السعر الذي تريده عليه وسأعطيك ضعفه. ماتياس: سيفي ليس للبيع. الحداد: على الأقل دعني ألقي نظرة عليه ولنتساوم لاحقا. ماتياس: لا داعي لإتعاب نفسك فلن يخرج من غمده إلا لي أنا فقط. الحداد: لن نعرف حتى نجرب. يعطيه ماتياس السيف ويقول له: أعده سريعا؛ لأننا على عجل. فيأخذ الرجل السيف ويحاول بكل ما أوتي من قوة إخراجه ولكن بلا فائدة حتى يتعب ويقول له ماتياس: لقد أخبرتك. يأخذ من الرجل السيف ويخرجه من غمده ويرى الحداد لمعان وحدة السيف وينبهر منه ويقول له: من أين لك بسيف كهذا؟ ماتياس: لقد أحضرته معي من بلد بعيد. الحداد: لا بد أنك مغامر رحال قديم. على أي حال أدعى غريغور وأنا الأفضل في هذه المدينة وإذا ما أردت سيوفا أخرى مع سيفك هذا لا تتردد في القدوم إلي. وتذكر، عرضي لشراء ذاك السيف لا يزال قائما ما دام السيف بحوزتك. ماتياس: حسنا، إلى اللقاء. غريغور: نسيت أن أسألك عن اسمك. ماتياس: أدعى ماتياس. غريغور: إلى لقاء آخر سيد ماتياس. يغادر ماتياس وكارلا بعدها الورشة ويدور بينهما حوار صغير. كارلا: لا بد أن سيفك عزيز جدا عليك. ماتياس: بلى إنه كذلك؛ فهو آخر هدية من والدي الراحل عندما أصبحت (الدايميو) الخاص بقريتنا. كارلا: وما هو الدايميو؟ ماتياس: هو مثل عمدة القرية لديكم هنا. كارلا: إنه غال جدا عليك حقا إذاً. لن أسمح بضياعه مهما حدث. ماتياس: شكرا لك. وبينما يسيران في طرق المدينة الواسعة يرى ماتياس عن طريق الخطأ رجلا يشعل نارا بيديه العاريتين ويرميها في الموقد في أحد المطاعم، يتعجب ماتياس من ذلك ويقول: كيف يفعلها ذلك الرجل بدون معدات؟ كارلا تستغرب من سؤاله وتقول: أيعقل أنكم لم تستخدموا السحر في كروزڤيلد بالرغم من منظرك؟ ماتياس: لا، لا نستخدم السحر هناك، ثم ماذا هناك في منظري؟ هل ملابسي مثيرة للريبة لهذه الدرجة؟!! كارلا تضحك بعدها وتقول: كلا، كلا، المشكلة ليست في ملابسك، وإنما في هالة السحر المجنونة التي تدور حولك، لقد كنت أظنك أحد أساطير السحر أول مرة نظرت إليك من بعيد. ماتياس: لم ألحظ ذلك حتى، ولكني أتمنى أن أتعلم السحر حقا. كارلا: لا تخف؛ فأنا سأكون معلمتك من اليوم. ماتياس: ممتن لك حقا. كارلا: على الرغم من أنك لن تحتاج سوى قليل من الوقت لتتقن أغلبية الطبائع نظرا للمانا النقية العالية لديك. ماتياس: سيكون مشرفا لي أن أكون تحت عهدتك تلك المدة. يتجهان نحو الفندق ويدخلان لساحة التسجيل ليطلبا غرفة وتخبرهم الموظفة هناك أن سعرها خمس نحاسيات للليلة الواحدة فيأخذانها. يصعدان بعدها لينظرا شقتهما ويضعا أحمالهما هناك، يأخذان غفوة لبعض الوقت ويستيقظا لتعد كارلا الغداء ويقول ماتياس: متحرق شوقا لتناول طبخك اللذيذ. تبتسم كارلا وتقول: يسعدني تقديمه بحب لزوجي العزيز. تضع بعدها الأواني، يبدأ ماتياس بالأكل بعد دعاءه مجددا، بعد إنهاء الطعام يخرج ماتياس ليتعرف على المدينة الجديدة أكثر ويقابل بعض الناس ويعود في المساء لينام بعدها مباشرة ويستيقظ في الصباح الباكر ليجد الإفطار جاهزا، يتناولان الطعام وتقول له كارلا: اليوم سوف تأخذ درسك الأول.

2024/04/15 · 59 مشاهدة · 1176 كلمة
نادي الروايات - 2025