- مدينة المجد
وقف "ني لي" فوق قصر حاكم المدينة، ينظر إلى الفرق البعيدة التي تهاجر شيئًا فشيئًا حتى اختفت عن الأنظار، تاركة خلفها مدينة المجد الوحيدة تقف في وجه الرياح الباردة، تبدو موحشة وكأنها أطلال من الماضي.
كانت هذه آخر مجموعة تغادر مدينة المجد متجهة نحو طائفة الريش الإلهي .
خلال الأيام القليلة الماضية، نهب "ني لي" ورفاقه كامل العالم الصغير قبل أن يُغلق حاجزه، وحصلوا على عدد لا يُحصى من الكنوز النفيسة. وبفضل تلك الكنوز، ارتفعت قوتهم إلى مستوى آخر تمامًا.
ووووش!
في تلك اللحظة، هبط شخص بجانبه، لم يكن سوى "دو زي".
قال دو زي:
"ني لي، جميع سكان مدينة المجد قد هاجروا بالفعل إلى طائفة الريش الإلهي. لقد رتبت لحراس أقوياء من الطائفة لحمايتهم في الطريق. اللورد "يي مو"، واللورد الحاكم "يي زونغ"، والسلف "يي يان" جميعهم ذهبوا معهم. الطائفة أعدّت موارد وفيرة وكنوزًا عظيمة، وأؤمن أن قوتهم سترتفع سريعًا هناك."
أومأ "ني لي" برأسه.
كانت مدينة المجد آخر معقل للبشرية ضد وحوش الشياطين. ورغم أن ممارسي فنون الأرواح فيها لم يبلغوا مستويات عالية، إلا أنهم كانوا الأكثر صلابة وإصرارًا، وإلا لما تمكنوا من النجاة من موجات الوحوش الشيطانية التي لا تنتهي.
في العالم الصغير، كانت موارد الأرواح محدودة، وأقصى ما يمكنهم بلوغه هو رتبة الأسطورة . لكن في عالم أطلال التنانين ، ومع مواهبهم الفطرية، آمن "ني لي" أنهم سيظهرون إمكاناتهم الحقيقية بسرعة.
قال "ني لي" بابتسامة:
"دو زي، أشكرك على مجهودك في اليومين الماضيين. "لو بياو" والبقية يتدربون داخل كتاب الأرواح الزمنية. حاول أنت أيضًا أن تصل إلى رتبة السلف المقاتل في أسرع وقت."
ردّ دو زي بابتسامة ثابتة:
"من أجل مدينة المجد، هذا واجبي." ثم تابع بقلق خافت: "ني لي، كن حذرًا. أشعر أن تحركاتنا في العالم الصغير ربما لفتت الانتباه."
ابتسم "ني لي" بثقة وقال:
"لا تقلق، لقد استعددت لكل شيء."
وحين رأى دو زي ابتسامته المطمئنة، زال القلق من قلبه وقال ضاحكًا:
"طالما أنك مستعد، فقلبي مطمئن!"
لوّح "ني لي" بيده، فابتلع كتاب الأرواح الزمنية "دو زي" في لحظة.
نظر "ني لي" إلى مدينة المجد الفارغة أسفل قدميه، وشعر بوخزة حزنٍ في قلبه. كانت هذه آخر مدينة بشرية في العالم الصغير، المكان الذي وُلد فيه وترعرع. ورغم عزمه، إلا أنه لم يستطع إخفاء حنينه لها.
لكن… كل شيء يُحتمل في سبيل مقاومة إلامبراطور الحكيم .
وووش!
داخل كتاب الأرواح الزمنية
كان المكان أشبه بعوالم مستقلة، كل مساحة محاطة بحواجز زمانية خاصة، لا يتداخل أحدها مع الآخر.
حلّق "ني لي" في السماء ينظر إلى رفاقه من الأعلى. كان يراهم جميعًا، بينما لم يكن أحد قادرًا على رؤيته.
داخل هذا الكتاب، كان "ني لي" كالإله القادر على كل شيء.
كان "لو بياو" والآخرون جالسين يتأملون ويتدربون، وهالة رهيبة تحيط بهم.
وفجأة، صرخ "لو بياو" بحماس:
"هاهاها! انظروا إلى رمحي الإلهي، رمح تنين الفوضي الذي لا يُقهر!"
اندفعت قوة روحه الشيطانية نحو الرمح الذي في يده، فسطع ضوء ذهبي مهيب، وانطلق تنين عملاق من الطاقة الإلهية، اخترق السماء وتحطم على جبل بعيد.
ررررومممب!
تسمر "لو بياو" في مكانه مذهولًا، ثم حكّ رأسه وضحك بفخر:
"هاه، أنا عبقري فعلاً! أتقنت رمح التنين الفوضوي بهذه السرعة! أظن حتى أصحاب رتبة الأجداد المقاتلين لن يتجرؤوا على الوقوف أمامي الآن!"
تمتم وهو يلوّح برمحه:
"من المؤسف أن "ني لي" ليس هنا، وإلا لهزمته بموهبتي الفذة!"
"ني لي": "…."
في تلك اللحظة، ظهرت الإلهة "يو يان" بجانب "ني لي". قالت بإعجاب:
"يا ني لي، هذا الكتاب الزمني عجيب حقًا. أعتقد أنه لن يمضي وقت طويل حتى يدخل رفاقك رتبة السلف المقاتل."
أومأ "ني لي"، ثم نظر نحو زاوية أخرى حيث جلست "زي يون" متأملة في الهواء، يحيط بها ضوء متلألئ من عقد الرياح والثلوج الذي ترتديه، يفيض بقوة إلهية باردة تجعلها تبدو كإلهة نازلة من السماء.
ثم حوّل نظره إلى "شياو نينغ إر" — وما إن رآها حتى اتسعت عيناه وكاد الدم يفور في وجهه.
كانت "نينغ إر" ترتدي درعًا داخليًا لامعًا وهي تحاول دراسته. بدا كدرع جلدي ملاصق لجسدها، يُظهر رشاقتها وجمالها الفاتن.
كانت نقوش معقدة تكسو الدرع، لكن رغم محاولاتها المتكررة لتفعيله، لم يشتعل أي ضوء.
تمتمت بخجل:
"هذا الدرع غريب جدًا، لا يمكنني تنشيطه بقوة الروح الشيطانية… لو كان "ني لي" هنا لعرف بالتأكيد كيف يفعل ذلك."
وفجأة، دوّى صوت مألوف بجانبها:
"أنا هنا بالفعل."
تفاجأت "نينغ إر"، فظهر "ني لي" مبتسمًا وقال:
"هذا يُسمى درع الروح الإلهي ، من بقايا أحد الأقوياء القدماء. لا يمكن تفعيله بقوة الشيطان، بل يجب استخدام قوة الروح ."
حاولت "نينغ إر" ضخّ قوة روحها، لكن الدرع لم يتحرك.
قال "ني لي" مبتسمًا:
"له تعويذة روحية خاصة. اسمحي لي أن أعلّمك إياها."
ثم لمس جبهتها بإصبعه، فارتجف جسدها واحمرّ وجهها، لكن سيلًا من التعويذات المعقدة تدفق إلى وعيها.
أغمضت عينيها وركّزت، ثم جمعت طاقتها كما علمها.
فجأة، أضاءت نقوش الدرع وبدأت تتحرك كأنها حية، وانطلقت منها أضواء خضراء وزرقاء، شكلت جناحين روحيين ضخمين، تصاعدت منهما عاصفة روحية مرعبة.
وفي الأفق، دوّى صهيل طائر الفينيق!
هتف "ني لي" بدهشة:
"درع العنقاء الزرقاء! لم أتوقع أن يكون بهذه القوة!"
كانت أشعة الضوء السماوية تنعكس على بشرتها البيضاء، فبدت كجنية سماوية تهبط من الفردوس.
قالت "الإلهة يو يان" بإعجاب:
"حتى مَن في رتبة السلف المقاتل سيجدون صعوبة في مقاومة هجومها الروحي الآن!"
أدركت "نينغ إر" وجودهم، ووجنتاها تحمرّان خجلًا، فأخفت الدرع بسرعة وارتدت معطفها.
ابتسم "ني لي" بحرجٍ، بينما بدت "يو يان" وكأنها وصلت في أسوأ توقيت ممكن.
لتغيّر الموضوع، قالت "نينغ إر":
"ني لي، هل انتقل جميع سكان مدينة المجد؟"
أجاب مبتسمًا:
"نعم، جميعهم وصلوا إلى طائفة الريش الإلهي. ومعهم، ستزداد قوة الطائفة كثيرًا. لكننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الأقوياء لمواجهة طائفة إله الشياطين والامبراطور الحكيم"
قالت بقلق:
"وأين يمكننا العثور على هذا العدد من الأقوياء؟"
ابتسم "ني لي":
"في العالم الصغير مكان آخر مليء بالمحاربين. لو نقلناهم إلى عالم أطلال التنانين ودرّبناهم جيدًا، فسيصبح لدينا جيش من القوة الكافية."
تبادلت "يو يان" و"نينغ إر" النظرات، ثم قالتا معًا:
"العالم السفلي… عالم الظلال؟"
أومأ "ني لي":
"نعم، عالم الظلال. لكن علينا الإسراع، فحين يُغلق حاجز العالم الصغير مجددًا، لن نتمكن من نقلهم جميعًا."
ثم التفت نحو "يو يان":
"تعالي معي، أما أنتِ يا نينغ إر فواصلي تدريبك، وحاولي اختراق رتبة السلف المقاتل بأسرع وقت."
اختفى هو و"يو يان" في لحظة.
شدّت "نينغ إر" قبضتيها وقالت بإصرار:
"سأبلغ تلك المرتبة قريبًا، بالتأكيد!"
العالم السفلي – عند مدخل عالم الظلال
وووش!
وووش!
تحول "ني لي" و"يو يان" إلى خيطين من الضوء، ووصلا في لحظة.
لكن ما إن دخلا حتى اتسعت أعينهما دهشة.
كان عالم الظلال الذي كان يعجّ سابقًا بالمحاربين من مختلف الأعراق… خاليًا تمامًا. الصمت يلفّ المكان.
"ما الذي يحدث هنا؟"
طار "ني لي" بسرعة نحو أعماق العالم، حتى وصل إلى مدينة الصخرة السوداء ، إحدى أعظم المدن الخمس عشرة في ذلك العالم، والمكان الذي بدأ فيه رحلته هناك ذات يوم.
لكن الشوارع كانت خاوية، والحانات والمنازل مهجورة، وحتى معاقل العائلات الثلاث الكبرى –عشيرة دم الشيطان، وعائلة ووغوي، وعائلة الختم اليشمي– جميعها اختفت آثارها.
تمتم بقلق:
"هل حدث شيء لعالم الظلال؟"
أطلق وعيه الإلهي ليمسح أرجاء المكان، وتجمّد وجهه. تذكّر أنه في حياته السابقة، حين هاجمت وحوش الشياطين مدينة المجد، لم يتدخل معلمه قط… فهل حدث له مكروه؟
اشتدّ قلب "ني لي"، وانطلق مسرعًا نحو أراضي الموت التسع في قلب عالم الظلال، يبحث عن الحقيقة.
ترجمة سالم حسن
اتمني تكونو استمتعتم ممكن فصل تاني انهاردة
يرجي الدعم
لينك انستا باي https://ipn.eg/S/salemhassan2/instapay/6jvnn0
salemhassan2@instapay