هاهاها... نيي لي، لسانك لا يهدأ، وكلامك الجريء لا ينتهي. قال "يي هان" وهو يحدق في نيي لي بنظرة يملؤها الحقد، ثم تقدّم نحوه بخطوات بطيئة وثابتة.

على مرّ السنين، كان أكثر من كرهه "يي هان" في حياته هو نيي لي. كل يومٍ كان يتمنى أن يفتكّ به ويشرب دمه. ومن كان يظن أنّ نيي لي سيترك "العالم الصغير" ويذهب إلى "عالم اطلال التنين "؟

والآن بعدما ظهر أمامه من جديد، كيف لا يشعر "يي هان" بالحماس والجنون؟

نظر إليه نيي لي بنظرة باردة وصاح: ــ يي هان، لقد خنت "مدينة المجد" و"العالم السفلي ". ألا تشعر بالخزي؟

ضحك "يي هان" ضحكة مجنونة، ثم قال وهو يلعق شفتيه بسخرية: ــ خزي؟ وما هو الخزي أصلًا؟ نيي لي، أنت من دمّر حياتي، أنت السبب في كل ما حدث لي. لكن لا بأس، جئت في الوقت المناسب، واليوم سننهي حسابنا أخيرًا.

وما إن أنهى كلماته، حتى تحوّل جسده إلى شعاع من الضوء، وانقضّ على نيي لي بسرعة خاطفة.

بوووم!

انفجرت الطاقة في السماء، وتحرك يي هان كأنه صاعقة تشقّ الهواء، تاركًا أثرًا عميقًا في الفراغ كأن إعصارًا قد مرّ من هناك.

ــ متّ!

صرخ يي هان بغضب، ووجّه لكمة قوية نحو وجه نيي لي. كانت اللكمة كالرعد ، جعلت كل من في الأسفل يرتجف من شدّتها.

ــ نيي لي، احذر! صرخ "لوو جيان" والباقون في فزع، ــ يي هان وصل إلى مستوى القدر السماوي! ابتعد بسرعة!

لكن يي هان كان أسرع من أن يُوقفه أحد، فقد كان يملك قوة قانون اله روح الفوضي ومع اندفاعه الأول لم يتمكن "سيد العالم السفلي" من منعه في الوقت المناسب، فشاهدوا قبضته وهي تهوي نحو نيي لي.

وقف نيي لي وسط العاصفة ساكنًا، وكأنه لا يشعر بشيء.

ــ لااا! صرخت "لينغ يون" ومن معها، وقد اتسعت أعينهم رعبًا، فقد رأوا قوة يي هان من قبل، ولا أحد من نفس مستواه يستطيع تحمّل تلك الضربة.

دوّى انفجار رهيب، وارتفعت سحابة من الغبار والدخان، وامتدّت موجات الطاقة في كل اتجاه حتى اضطرّ الجميع لتغطية وجوههم.

هل مات نيي لي؟

ضحك "يي هان" وسط الدخان بصوتٍ مجنون وقال: ــ هاهاها! نيي لي، حتى لو ذهبت إلى عالم اطلال التنين ، في النهاية، تموت على يدي أنا!

لكن صوته انقطع فجأة، واتسعت عيناه في ذهولٍ تام، كأنه رأى شبحًا أمامه.

التفت الجميع بفضول، وتجمّدت وجوههم من الدهشة.

مع انقشاع الدخان، ظهر نيي لي واقفًا أمامهم، لم يُصب بأذى، ولا حتى شعرة من رأسه سقطت. كان يصدّ لكمة يي هان بإصبعٍ واحد، وباليد الأخرى يحكّ أذنه بملل.

قال ببرود: ــ يي هان، ماذا قلت قبل قليل؟ لم أسمعك جيدًا... كرّرها إن كنت تجرؤ.

تراجع يي هان إلى الخلف في ذعرٍ شديد، ثم صاح: ــ مستحيل! لقد التهمت شرارة إله الفوضي ، وقتلت عددًا لا يُحصى من خبراء العوالم السرّية! بلغتُ قمة القدر السماوي، فكيف تصدّ ضربي بإصبعٍ واحد؟!

واندفع مجددًا نحو نيي لي وهو يصيح: ــ قبضة الفوضى الإلهية!

انهالت قبضاته كالعاصفة، آلاف الضربات في لحظة، لكن نيي لي كان يتمايل بخفة كأوراق الشجر، يتحرك يسارًا ويمينًا دون أن تمسّه ضربة واحدة.

قال نيي لي بسخرية وهو يتنفس بهدوء: ــ أهذه هي قوتك بعد كل هذه السنين؟ ضعيف... ضعيف جدًا.

اشتعل غضب يي هان وواصل الضرب بجنون، لكن لم يلمس حتى طرف ثوب نيي لي.

حدّق الجميع في المشهد بذهولٍ كامل.

كم أصبح نيي لي قويًّا؟

صرخ يي هان فجأة: ــ انفجار روح الفوضى!

ظهرت كراتٌ من الضوء المظلم في يده، وأطلقها في كل اتجاه. لكن نيي لي رفع يده ببساطة، وكأنه يصدّ كرات تنس، فارتدت الكرات جميعها في لحظة، وانفجرت بعيدًا، تضيء السماء كسلسلة من الشموس الصغيرة.

غطّى الجميع وجوههم من شدة الانفجارات، في حين تقدّم نيي لي ببطء وقال بنبرةٍ صارمة: ــ هل قتلت كل هؤلاء الناس لتحصل فقط على هذه القوة الحقيرة؟

صرخ يي هان بغضبٍ هستيري: ــ ومن تكون لتحاكمني؟ ذلك الإله القديم احتكر قوانين الفوضى لقرون! أليس من حقي أن ألتهمه؟ أما هؤلاء الضعفاء، فليس لهم سوى أن يصبحوا غذاءً للأقوياء مثلي!

تجمّعت طاقات الفوضى حوله لتكوّن كرة نورٍ عملاقة، أكبر من كل ما أطلقه من قبل، ثم ألقاها نحو نيي لي وهو يصيح: ــ مت!

هزّ الانفجار السماء، وارتفعت موجة طاقة خانقة.

قال نيي لي ببرود: ــ لقد فقدت إنسانيتك تمامًا.

ثم نفخ بخفة من فمه، فاندفعت ريحٌ قوية صدّت كرة النور، وأعادتها نحو يي هان بسرعةٍ مذهلة.

ــ لااااا!

صرخ يي هان، لكن لم يُمهله الانفجار، فابتلعته النيران، وتحوّل إلى رمادٍ متطاير في الهواء.

وقبل أن يتلاشى، مدّ يده بعيداً وهو يصيح بيأس: ــ يا سيد تشو لونغ... أنقذني!

لكن "تشو لونغ" الذي كان يراقب من بعيد تجمّد في مكانه، وبدأ العرق يتصبب من جبينه . كان يرتجف من قوة نيي لي، ولم يجرؤ على التدخل.

ــ هذا مستحيل... هذه ليست قوة مصير سماوي! هل وصل إلى مستوى النجم السماوي؟! ماذا جرى له في عالم اطلال التنين؟!

دون تردد، استدار تشو لونغ وهرب بسرعةٍ مذهلة، بينما نيي لي يراقبه ببرود.

قال نيي لي بصوتٍ منخفض وهو يحدّق في رماد يي هان المتطاير: ــ الرحمة مع الأعداء قسوة على الأبرياء، ومن أجل أهل العالم الصغير، لن أتردد بعد الآن.

ثم التفت إلى الإلهة "يو يان" وقال بهدوء: ــ يو يان، سأترك هذا الرجل لك.

ابتسمت الإلهة بثقة وقالت: ــ لا تقلق.

وفي لحظة اختفت، وظهرت أمام تشو لونغ لتقطع طريقه.

قالت ببرود: ــ تشو لونغ، ألم تكن قبل قليل تريد ابتلاع شرارتي الإلهية؟ لماذا تهرب الآن؟ أليست هذه فرصة لتصفية حسابنا؟

ضحك تشو لونغ ضحكة شريرة وقال: ــ لم أتوقع أن تأتي إليّ بنفسك يا يو يان، حين أبتلع شرارتك الإلهية، سأصبح لا اقهر!

ثم تحوّل إلى تنينٍ ضخم، نصفه إنسان ونصفه أفعى، ونفث من فمه طاقة سوداء كثيفة غطّت السماء.

لكن يو يان لم تتحرك، بل اشتعلت النيران حولها فجأة، وأحرقت كل طاقة الظلام في لحظة واحدة.

مدّت يدها فأصابت شعلةٌ جسد تشو لونغ.

صرخ بألمٍ رهيب: ــ لااا! كيف أصبحتِ بهذه القوة؟! أنا في مستوى النجم السماوي، وفي هذا العالم لا أحد يفوقني!

قالت يو يان بهدوء وهي تقترب منه: ــ نجم سماوي؟ إذًا لا عجب أنك بهذا الضعف.

ثم رفعت يدها، وفي لحظةٍ واحدةٍ، ابتلعته النيران تمامًا حتى صار رمادًا يتطاير في الهواء.

وانتشرت من جسده طاقاتٌ لامعة ملأت السماء بالنور، وكأن العالم كله قد تنقّى بعد موته.

ترجمة :- سالم حسن

دعمكم عشان نكمل 🙏🏻

2025/10/31 · 14 مشاهدة · 994 كلمة
نادي الروايات - 2025