لم تجد لوسي شيئاً مثيراً للإهتمام عدى صورة كانت مخبئة جيداً بين الملابس، كانت تلك صورة لميشيل رفقة والديه في الماضي البعيد، حيث كان يبلغ عندها الأربع سنوات فقط...

أعادتها لوسي كما كانت وجلست على السرير تتنفس الصعداء وهي تقول" لاشيء مهم حقاً في غرفته، أنا متعبة...ربما يمكنني التغاطي عن المهمة والنوم قليلاً..أجل أجل فأنا إنسان بعد كل شيء"

هزت رأسها تقنع نفسها ثم أزالت حذائها الرجولي لتستلقي بكل إسترخاء على السرير وقد غطت بعد دقائق في نوم عميق...

________________________

دق ميشيل باب غرفة مارك ودخل، أغلقه ورمى نفسه على الأريكة يجلس بكل إسترخاء..ليردف بضجر" الملل قاتل هنا..متى سنصل لوجهتنا؟"

_" لا أدري حقاً، توقفنا لأن الرئيس يشك بأن أحدهم ينصب لنا كميناً في الطريق للإيقاع بنا قبل الوصول لوجهتنا..." أجاب مارك ولم يزح نظره عن الكتاب بتاتاً...

إبتسم ميشيل بسخرية وأتبع" بجدية؟ إنه مجرد حدس من عجوز خرف.." نظر له مارك بطرف عينه وقال" وهل أخطأ حدس والدك من قبل؟؟"

تنفس ميشيل الصعداء رافعاً رأسه ينظر للسقف، ثم عاد ينظر للطاولة ليبتسم إبتسامة خبيثه ويشرب من قهوة مارك مصدراً أصوات مزعجة (شلووووف)

عقد مارك حاجبيه متجاهلاً له وهو يجاهد للتركيز ومواصلة قرائته، وميشيل يشرب ببطئ وفي كل رشفة يرتشفها يصدر أصواتاً فظيعة وكأن الشخص الذي يشرب ليس إنساناً بل حصان!!

لم يصمد مارك وأغلق الكتاب بعنف وسط هالة مرعبة، حدق بميشيل وعيناه توشك على إطلاق الليزر مثل سوبرمان ليردف:

_" أولاً تقتحم غرفتي، تجلس على أريكتي الجلدية التراثية المفضلة، ترتشف من كوبي وأنت تعلم جيداً كم أكره أن يشاركني أحد أشيائي، تجاهلت كل هذا وأنت مازلت تحاول إستفزازي بأصوات فمك الكريه أيها الـ***** ******* *** أيها الـ**** ***!!"

إنطلق مارك يشتم جالساً في مكانه بكل هدوء ودون حراك مثل الروبوت تماماً، وميشيل يقهقه بأعلى صوت ممسكاً بطنه وقد إحمر وجهه من كثرة الضحك...

سهر ميشيل في غرفة مارك يتبادلان أطراف الحديث تارة ويمسكان هواتفهما تارة أخرى، ومن قوة الملل سحب ميشيل زجاجتي ويسكي وقاما بتحدي الشرب، من يثمل أولاً ويستسلم يكون الخاسر...إلى أن أتت الساعة الرابعة صباحاً، وكالعادة...فاز ميشيل ولم تكن هذه أول مرة له في الفوز...

مشى ميشيل بخمول عائداً لغرفته وهو يترنح يميناً وشمالاً حاملاً قارورة بيده، إتكئ على الحائظ أمام باب غرفته يستريح قليلاً، ليدفعه ببطئ مرخياً عينيه، ثم رفعهما بصعوبة ليقعا على لوسي النائمة تحت النافذة وكأنها في سبات...

حدق بها للحظات ثم دخل والشعور بالغثيان لم يفارقه...

جلس على السرير بجانب قدميها وهو يدقق في ملامح وجهها، ثم ضحك بثقل وقال" آاااه لو تعلم كم أحسدك على هذا..نائم بكل راحة، لاهموم لاثقل على صدرك، لا ألم لاحقد، لا تأنيب للضمير لاكرهاً لنفسك...

شرب آخر رشفة في القارورة ورماها وسط الغرفة بإرهاق ليستلقي بجانب لوسي وهو يتمتم" سأنام بجانبك الليلة ياصاح..لربما أعرتني القليل من السلام الذي يحيط بك هنا"

وضع ذراعه تحت رأسه كوسادة ونام بعد عدة دقائق، وقد كانت أرجله خارجة عن السرير لأنه لم يستلقِ بجانبها بالشكل الصحيح بل كان رأسه وسط السرير وليس بجانب وسادتها...

_غداً صباحاً...

فتحت لوسي عيناها بسعادة وكأنها قد إستعادت نشاطها بعد أسبوع من القلق والتوتر والتفكير اللامتناهي، تثائبت وهي تمد ذراعيها مستعدة للجلوس لتصطدم يدها بشيء بجانبها، عقدت حاجبيها وأدارت رأسها يميناً...وجميعنا نعلم مارأته...

إتسعت عيناها وهي تحدق بعدم إستيعاب وكأن عقلها يحاول أن يحلل المنظر الذي تراه..رجل مستدير بدون قميص، مليء بالأوشام على ظهره..شعره المصبوغ باللون القرمزي الغامق..ودعونا لاننسى شخيره العالي الذي لم يتوقف...

تسللت القشعريرة لجسد لوسي في لحظة لتركله بأقصى قوتها مرديتاً إياه على الأرض، إستيقظ بهلع وهو ينظر يميناً وشمالاً محاولاً تفسير مايجري، حك عينيه ووقف ينظر إلى لوسي بتعجب لتقف على السرير هي الأخرى وتصرخ في وجهه:

_" أخرق لعين مجنوووون مريض نفسي! مامشكلتك هل أنت منحرف أم ماذااااا هااااااااه!!!"صرخت محركة يداها عالياً بتعصب كالرجال دون أن تعي ذلك، نظر خلفه وعاد ينظر إليها رافعاً حاجبيه وأردف" هل كلامك هذا موجه إلي؟" إبتسمت بسخرية ممزوجة بالغضب وأتبعت:

_" لا عذرا فأنا أتكلم مع نفسي!"

هز ميشيل رأسه ببلاهة وتمتم مصدقاً لما قالته" أه لابأس هذا منطقي"

نظرت إليه بعدم تصديق وكادت عيناها أن تخرج من مقلتيهما غضباً، مسحت وجهها بيديها وأردفت بهدوء:

_" لما كنت نائماً بجانبي؟"

نظر إليها وقال" كنت ثملاً ليلة البارحة..لا أدري حقاً ما الذي دفعني للنوم على سريرك، هذه أول مرة أنام بجانب أحد..أتعلم لما؟ لأن الجميع مقرفون وقذرون سواءً كُنّ نسائاً أم رجالاً، لذا، فالتكن ممتناً لهذا"

صرخت لوسي ولم تتمالك أعصابها" ماخطبك بحق؟! هل فعلت شيئاً ما لي أيها اللعنة!! إسمع..إن كنت قد لمستني بإصبع واحد من يدك فأقسم أنني سـ-"

قاطعها ليصرخ" ماخطبي أم ماخطبك؟! ما الذي يدور في رأسك الصغير هذا؟!"

صمتت لوسي بتلك اللحظة..وهناك..عادت لرشدها لتتذكر بأنها متنكرة في هيئة فتى...

نزلت من على السرير بهدوء وإقتربت من ميشيل ببطئ وعيناها تنظران للأسفل محدقة في تفاصيل السجاد المنقوش من شدة التوتر...

أخذت نفساً وقالت" أمم...ميشيل أنا..أعتذر عما قلته في الواقع..حلمت بحلم سيء جداً ولم أكن في كامل وعيي.."

رفعت عينيها ببطئ وهي تلمع كعيون القطط تنظر إليه بخوف، لكنه ظل يستمع بوجه جامد وكأنه لم يصدقها، وبالفعل..قد إستوعب ميشيل في تلك اللحظة مدى سوء الكلام الذي قالته له والإهانة التي أهانتها له...وقد كان يفكر حينها بأبشع طريقة لتعذيبها وتلقينها درساً لن تنساه طيلة حياتها..هذا إن ظلت حية بالتأكيد...

إقتربت لوسي منه وهمست" سأخبرك سراً... في الحقيقة أنا مريضة بمرض الـ(بورفافور) وهو عبارة عن خلايا دماغية تتشابك مع بعضها أثناء النوم، وحين يستيقظ صاحب المرض لايكون في كامل وعيه كالسائر أثناء النوم..لذا كل مافعلته كان بسبب هذا المرض الملتصق بي...إنه لعنة،..فالتتفهم الأمر أرجوك"

نظر إليها ميشيل بشك، ثم أزاح نظره عنها وخرج متجاهلاً كل مايحدث ذاهباً ليملئ بطنه بشيء ما، وقد نادى لوسي قبل أن يخرج:

_" لوكا..فالتأتِ معي"

كان إسم المرض مختلقاً، تلك عبارة عن كلمة إسبانية تعني(أرجوك) وقد كانت جوري الراحلة تقولها للوسي كلما أرادت أن تطلب منها شيئاً بدافع المزاح...

ظلت لوسي واقفة لوهلة وهي تتذكر من أين أتت بهذه الكلمة العجيبة، لتمتلئ عيونها دموعاً وقد إنقبض قلبها...

_" حتى وأنتِ غير موجودة تحمينني في مثل هذه المواقف..جوري"

قالت لوسي وهي تمسح دموعها بغصة لتحمل الجاكيت وتخرج مسرعة خلف ميشيل...

_______________

_في مكان آخر...

وضع أرجله فوق الطاولة وأمسك سيجارة وبدأ يستنشقها بهدوء ليسمع طرقاً على الباب قد أفسد لحظته الرومنسية، عقد حاجبيه وقال بصوت عالِ" أدخل"

دخل آرثر ومايكل وهما يدفعان شاباً أبيضاً ذو ملامح صينية ليرمياه أرضاً وقد ربطوه بحبل قبل دخولهما...

_" خذ، لقد توسل ليتحدث إليك" قال آرثر بنبرة حادة ينظر لسام بينما يغلق الباب، جلس سام بإعتدال ينظر للشاب الصيني، ضيق عينيه وقال بهدوء" إعتقدت أننا عقدنا إتفاق بيننا وبين العصابات الصينية..ومجيئك إلى هنا يعتبر خرقاً للإتفاق...أتعلم ما الذي يمكن أن ينتج عن ذلك؟"

رفع الشاب رأسه والتوتر بادِ على وجهه:

_" لم آتِ إلى هنا لكسر أي قاعدة، صدقني لقد أتيت لوحدي خالي الوفاض فقط لأتكلم معك، أرجوك...نحتاج مساعدة منكم.."

يتبع...

شكراً على القراءة..أنرتم 🌹

سؤال البارت: ما الذي تريده العصابات الصينية ياترى؟ وهل ستتمكن لوسي من الإبتعاد عن ميشيل وتجنبه؟ تابعوا معنا...

بتمنى يكون البارت عجبكم❤️وفي خبرين حلوين الكم...

الأول أنووو الحمااس قرب تجهزوووا يااجمااااعة!!😆 والثاني أنو قد عاااد التنزيل اليومي بإذن الله دون إنقطاع❤️ وإزا كنت رح أنقطع عن التنزيل بخبركم أكيييد بإذن الله 😌 سلاااام

2019/09/23 · 434 مشاهدة · 1123 كلمة
47ImaneEdda
نادي الروايات - 2024