لوحت لهما بيدي وخرجت أركض..ليوقفني صوت من خلفي" لوسي..إنتظري.."

إستدرت أنظر إلى جودي التي نادتني، لتردف بعجل" فالتدعي سائقي يقلك.."

ترددت قليلاً لكنني وافقت في النهاية، ركبت السيارة وإنطلقت...

____________________
بقيت أنظر لساعة الهاتف دون أن أبعد عيناي..وقد أوصلني للعنوان في تمام الساعة الـ 8:57، ثلاث دقائق قبل حلول الساعة التاسعة بالظبط...

خرجت من السيارة مسرعة، لأجد المطعم مغلقاً وأغلب المتاجر بجانبه مغلقة..ماخطبهم اليوم؟

مشيت ناحية السيارة وحدثت السائق" شكراً لإيصالي..يمكنك الذهاب الآن"

حرك رأسه إيجاباً ثم مضى في طريقه..بقيت واقفة أمام المطعم المغلق أنتظر...

ثم إبتسمت لاشعورياً حين تذكرت ذلك اليوم...

(أخبرتني أمي أن لا أتجاوز الساعة الثانية عشر قبل أن أخرج لملاقاة...لا أدري ماكان إسمه..آه آه جايمس، يااه كم كان فتى راقياً..وكنت أخجل من النظر حتى لعينيه..لربما كان أول شاب أتحدث إليه في حياتي...)

وفجأة عدت إلى ذكريات إحتراق المنزل..شعرت بأنني عشت تلك اللحظة من جديد...

أغمضت عيناي بقوة، ثم تنفست بإرتياح قائلة" إنتهى الأمر لوسي..لم يعد هناك داعٍ للإنتقام.."

لأحس بذلك السائل اللعين ينزل على وجنتاي، شعرت بالإختناق وإنقبض صدري..جلست القرفصاء أضم وجهي لركبتاي ابكي وأكلم نفسي من بين شهقاتي...

_" لايمكنني مسامحته..مهما كان الدافع الذي جعله يقتل عائلتي فلن أسامحه..."

لكن وفي داخلي علمت..أن حياتي التي كرستها من أجل الإنتقام لم تكن سوى شرارات من الغضب والحقد لم تنطفئ منذ ذلك اليوم...

شرارات قد جعلتها مصدر حياتي والسبب الذي يدفعني للعيش..لكن والآن ها أنا أمتلك عائلة حقيقية..سام، دايمن، آرثر..وماري..آندريه وجايكوب...

كل هاؤلاء عوضوني عن مافقدته..لن يحتلوا مكان أحبائي الذين فارقتهم مطلقاً، لكنني مازلت أشعر بالسعادة ببقائي رفقتهم..لم أخسر كل شيء بعد...

____________

_في مكان آخر...

إتصلت جوليا بميشيل مِراراً وتِكراراً لكنه لم يجب، خرجت إلى الحديقة ووقفت أمام سياج قصرها تنتظره بقلق، ثم أمرت الحراس أن يفتحوا البوابة وصدقاً..تلك المجنونة خرجت ووقفت أمام الباب تنتظره دون كلل أو ملل بينما تفكر...

(هل يعقل أنه ذهب إلى تِلك الـ**** وتركني! لقد مر ربع ساعة على ميعادنا..كلا كلا ربما إنشغل بشيء ما أو ماشابه...)

أصيبت برعشة في جسدها من البرد القارص، تجمعت غيمة سوداء كبيرة في السماء..والجو بات يصبح أبرد أكثر وأكثر...

ضمت يديها لصدرها وفركتهما ببعض لتدفئ نفسها..وأبت الدخول إلى القصر إلا بعد أن يأتي إليها ميشيل...

____________

_في مكانٍ آخر...

وقف ميشيل أمام متجر الزهور، إبتاع باقة ورود حمراء ومشى وعلى وجهه إبتسامة...

لم يكن بعيداً عن قصر جوليا، قد كان الطريق خالياً بسبب برودة الجو..حتى سيارات الأجرة كانت نادراً ماتمر...

مشى لمسافة حاملاً باقة الورود..يمشي في الظلام، ولاشيء ينير طريقه سوى أعمدة الضوء التي تنير بضوء خافت مزعج...

فجأة إنقبض قلبه متذكراً لوسي..والميعاد الذي اخبرته به...

سحب ورقة من جيبه وأخذ يتمعن فيها..كان قد دون فيها العنوان الذي كتبته لوسي على يده...

سحب هاتفه ينظر إلى الساعة فوجدها التاسعة ونصف، عقد حاجبيه يفكر، ثم هز رأسه ينفي فكرة لوسي من رأسه ومزق الورقة...

رمى قصاصات الورق ومر فوقهم بحذائه يمشي ناحية قصر جوليا بخطى واسعة..يمشي بسرعة فائقة وهو قلق من أن تغادر جوليا المكان بسبب تأخره عليها...

___________________

_في مكان آخر_أمام المطعم...

هطل مطر غزير على لوسي فجأة، حاولت الإحتماء تحت لافتة متجر أو ماشابه لكن ودون جدوى...

بقيت على الرصيف واقفة حتى تبللت بالكامل، بينما تنظر بشرود..مر الوقت، ولوسي ماتزال واقفة تحت المطر تنتظر حب حياتها..لكنه لم يأتِ...

_____________

_أمام باب القصر...

سمعت جوليا خطوات أقدام خلفها، إتسعت إبتسامتها وبدأ قلبها بالخفقان، يرقص بداخلها فرحاً...

إستدارت بهدوء بينما تقول" تأخرت عزيـ-

لتختفي إبتسامتها وتتسع عيناها، بعد أن وجدت حارسها الشخصي توماس يقف حاملاً المظلة يحميها من المطر..بينما قد إبتل هو بالكامل...

عقدت حاجبيها وصرخت" ما الذي أتى بك إلى هنا!!"

لم يحرك ساكناً، لتدفعه بقوة مخرجة غضبها فيه" مامشكلتك! لما أنت ملتصق بي هااه؟ أنت تحت قدمي أتفهم؟؟ حياتك تعتمد على مزاجي! أنت قمامة المجتمع..أغرب عن وجهي!!"

مد لها المظلة ينتظر منها أن تمسكها ويغادر، لتنظر إلى يده بدهشة..وتغرغرت عيناها بالدموع، لتردف بغصة وبصوتها بحة" مامشكلتك..حتى وأنا أذلك أنت لازلت تريد حمايتي..ماخطبك.."

أزال نظارته الشمسية والتي لم تره قط وهو ينزعها، ثم نظر إليها بعيونة الزرقاء التي تضيء المكان بلونها..وأردف بلطف" لأنني أحبك..جوليا..."

ثم أنزل رأسه وأبعد نظره عنها وأردف" أرجوكِ إنسي ماقلت..كانت تلك مجرد زلة لسان..أعتذر، ليس من حق مسخ مثلي أن يحمل مشاعر إتجاه أميرة الدنيا.."

حين قال تلك الكلمات..إنطلقت جوليا تبكي واضعة كفيها على وجهها..تبكي على مافعلته كل تلك السنين بهذا الشاب الذي كان يوماً صديق طفولتها..قبل أن ينفصلا ويصبح كل منهما في طبقة مختلفة...

_" هو لن يأتي...أعلم أنه لن يأتي.." أخرجت جوليا تلك الكلمات بصعوبة من بين شهقاتها، بينما بقي توماس واقفاً ينظر إليها بأسى مرخياً عينيه ومايزال يحمل المظلة...

علمت جوليا من البداية أنه لا أمل لها مع ميشيل..مهما حصل سيستعيد ذاكرته بمرور الوقت وتحل النهاية...

مشت ناحية توماس ببطئ وإتكئت برأسها على صدره، واضعة يديها على عينيها بينما تبكي، شعر برعشة مرت بجسده ووقف متسع العينين مسقطاً المظلة أرضاً...

علمت أنه الوحيد الذي يحبها بصدق ويكترث لأمرها..يحميها دوماً، الشخص الوحيد الذي هي متيقنة تماماً من أنه سيسعدها...

لم يقدر على الحراك وهاهي روح قلبه جوليا تتبلل أمامه...

حرك جسده قليلاً واردف بتعلثم بصوته الرجولي الخشن" آنستي..ستتبللين، المظلة خلفـ-

قاطعته بصرختها" دعها فالتتعفن في أعماق الجحيم! أرجوك إبقى بقربي.."

لم يصدق أن تلك الكلمات تخرج من فم جوليا شخصياً..قفز قلبه وبدأ يخفق وهو واقف دون حراك غير مستوعب للموقف...

ثم رأى أنه لابأس بإحتضانها..طالما هي لن تمانع...

إحتضنها برفق، لتتشبث جوليا به بقوة وتجهش بالبكاء..فسقطت من جيب سترته صورة لهم وهما صغيران...

بعد ثوانٍ إبتعدت عنه، ثم أردفت بينما تمسح دموعها" تباً لقد تبللت بالكامل.."

إبتسم توماس وأردف لاشعورياً" وقد تبلل قميصي بدموعك.."

رمقته جوليا بنظرات حادة، لتتسع عيناه ويردف بدهشة" هل قلت ذلك بصوت مرتفع! أعتذر.."

ضحكت جوليا لجديته ولبرائته، لتردف وعلى وجهها إبتسامة ماكرة" أتعلم..غيرت رأيي، فالتأتِ أنت معي إلى المطار.."

نظر إليها بتعجب ولم يفهم ما الذي كانت تقصد بكلماتها تلك...

________________

_فلاش باك_قبل دقائق...

ركض ميشيل بإتجاه القصر وقد إقترب كثيراً...

ليلمع البرق منيراً السماء للحظة تقشعر لها الابدان..وإنفجر صوت الرعد بعدها داخل أذنيه ويتبعه المطر الذي ينزل فوقه بغزارة حتى بلله في دقائق...

تذكر اللحظة التي إعترف فيها للوسي بحبه قبل أن يغمى عليه..تذكر تلك اللحظة لأنه كان نفس الجو تماماً، صوت الرعد، لمعة البرق الساطعة..والمطر الغزير الذي إنهمر عليهما في ذلك الزقاق فجأة...

وقف ميشيل متسع العينين ينظر بصدمة..وقد مر شريط حياته بسرعة فائقة داخل رأسه مستعيداً ذكرياته كلها معه...

يتبع...

فوت لو البارت عجبكم، وأعطوني رايكم بالتعليقاااات😉

شكراً على القراءة.. ✥ بقلم إيمان إيدا

2019/11/20 · 416 مشاهدة · 1004 كلمة
47ImaneEdda
نادي الروايات - 2024