بينما كان سيذهب للخلود إلى النوم ، يُطرق باب مكتبه ليدخل صديقه المقرب ليخبره ..
_ فرانك بابالاردو ، في الخارج يريد مقابلتك .
_ حسناً يا يلماز ، أدخله .
أدخل يلماز ، فرانك إلى مكتب صديقه المقرب و سيده بيروناردو هدسون و جلس ثلاثتهم في المكتب .. بإبتسامة رفع فرانك الظرف الذي بيده و أخرج منه صورة ووضعها أمام صديقه في الدراسة ( بيروناردو ) لينظر إليها بيروناردو بدهشة و تعجب ليقول ..
_ ماثيو ! هل أنت متأكد من أنك ستجلب ماثيو ليكون أحد أعضاء المجلس الذي سنؤسسه ؟
_ بالطبع يا صديقي ، ماثيو الآن هو زعيم عائلة وسلي .. و صديقنا منذ الثانوية ، و لأقل لك شيئاً جميع من اخترتهم هم أصدقاءنا في نفس الفصل ، لن نجد أفضل منهم .
و بدأ فرانك بإخراج بقية الصور ليريها لصديقه ، كان هدسون في دهشة من أمره ، لم يتخيل يوماً بأن زملاءه في الدراسة سيكونون شركاؤه في العمل .. كان في حالة الدهشة التامة حتى أنه صفن لعدة دقائق ليتكلم عنه يده اليمنى يلماز تشارلي ..
_ سيد فرانك ، بقدر ما فهمت فإنك أنت من سيكون بارون هذا المجلس ، فهكذا قد اتفقت مع السيد هدسون و من الواضح أنك اخترت أصدقاءك لكي تستطيع أن تحكم أعضاء المجلس أم أنا مخطأ ؟
_ كلا ، لست مخطئاً يا عزيزي يلماز .. لن أجد أسهل من هؤلاء الرجال كي أحكمهم .
هزّ يلماز رأسه بالايجاب و هو يبتسم لفرانك بينما مسح هدسون وجهه بيده و فرك عيناه ثم قال ..
_ حسناً عزيزي فرانك ، أنت أدرى بهذا الأمر .. غداً مساءً سيكون الاجتماع و لكنك تركت كرسياً فارغاً آخر غير كرسيّ يلماز ، أليس كذلك ؟
_ بالطبع ، لن أكسر طلبك يا بيروناردو .
و انهوا حديثهم ثم انصرف فرانك إلى بيته و قام يلماز تشارلي بمرافقته حتى السيارة ثم عاد إلى جانب هدسون ، ليشير هدسون باصبعه على يلماز قائلاً : " دخلت برهان مئة مليون دولار ، هؤلاء الرجال سيقتلون بعضهم من أجل المال و السلطة حتى و إن كانوا أصدقاء منذ أيام الدراسة . "
__________________________________
الساعة الواحد و النصف في منتصف الليل و مازالت الأمطار تهطل بشدة و السماء تضيء كالنهار من شدة البرق و صوت الرصاص يعم سان فرانسيسكو ، و صوت الأقدام التي تركض و الرجال الذين يلهثون من الركض و الرعب ، و مازال صوت الرصاص مستمر لمدة ما يقارب العشر دقائق ... عم الصباح و أصبحت الساعة العاشرة و ندف الثلج يتساقط و قد غُطي سقف قصر السيد هدسون بالثلوج ، يُطرق الباب ليدخل تشارلي إلى مكتب صديقه ..
_ أهلاً بك يلماز .
_ الآن سأقول شيئاً .. سيُفسد مزاجك !
_ و لماذا يفسد مزاجي من أجل شيء كنت أنتظره يا يلماز .
نظر إلى صديقه بيروناردو مندهشاً و لا يصدق بأنه قد حصل على الخبر قبله ..
_ هل تعلم حقاً ما حدث ليلة أمس ؟ و كيف كنت تنتظر هذا الشيء ؟
_ حسناً .. قل لأرى إن كنت أعلم !
_ رجال عائلة تود ، نصبوا فخاً لخمسة من رجال عائلة بولوني ليلة أمس و قد نجحوا في قتل أربعة ...
يُقاطع هدسون يلماز و يقول بكل ثقة ..
_ و الخامس هرب إلى ديفيد بولوني و أخبره بأن بارتوميلو هو وراء هذا الأمر .. هذا ما كنت تريد أن تقوله أليس كذلك ؟
ينظر يلماز إلى هدسون رافعاً حاجباه و فاتحاً لفمه و ينظر بدهشة ..
_ هذا صحيح .. لم يقولوا عنك الرجل الذي لا يُرفض له طلباً عبثاً ، و لكن لماذا كنت تنتظر شيء كهذا سيد بيروناردو ؟
_ زعيم عائلة تود ، بارتوميلو .. كان زميل زعيم عائلة بولوني ، ديفيد في المدرسة .. و الآن يوجد بينهم خلاف ، يوجد حرب .. و الاثنان سينضمان للمجلس .. أريد أن أرى كيف سيحل فرانك هذا الخلاف .
مساء اليوم التالي الساعة الحادية عشر ليلاً ، الاجتماع الاول للمجلس الأقوى في سان فرانسيسكو .. 12 شخصاً يجلسون على تلك الطاولة المستديرة المليئة بالأطعمة الشهية في قصر السيد هدسون ، ينظرون جميعهم إلى بعضهم ثم يلتفت نظرهم إلى بارونهم الذي بدأ بالحديث ..
_ أشكركم جميعاً لأنكم لبيتم دعوتي ، معظمنا نعرف بعضنا .. و لكن هناك صديق لأول مرة ينضم لنا ، عزيزي هدسون .. هل عرفتنا على مرشحك رجاءً .
_ نعم ، لوثر جيبوتي .. زعيم عائلة جيبوتي شخصياً ، لابد أنكم سمعتم عنه .
يبدأ الأشقر لوثر بالنظر على جميع الأعضاء واحداً تلو الآخر بتمعن ، رفع يده ليصفف شعره الاشقر الناعم على الجهة اليسرى .. يبدو على الشاب الأبيض الأشقر لطيف جداً و لا يبدو عليه زعيم مافيا ، و لكن نبرة صوته الخشن قد وترت الجالسون ..
_ في البداية أشكر السيد هدسون لأنه قد دعاني لهذا المجلس ، إنه لشرفٌ كبيرٌ لي أن أكون مع أقوى مجلس في هذه المدينة .
يهز هدسون و فرانك رأسيهما بالإيجاب و السرور ، ثم يبدأ أحد الأعضاء بالحديث ..
_ الآن بما أن هناك شخصٌ جديد بيننا فيجب على كل شخص منا أن يُعرف عن نفسه ، أنا رودريك موروتي .. من أشهر تجار السلاح .
يبتسم لوثر و يُرحب ب رودريك ، و يبدأ الأعضاء بالتعريف عن أنفسهم واحداً تلو الآخر ، و بعد ذلك يقومون بتناول الطعام الذي على المائدة ، بعد عشر دقائق يبدأ فرانك ..
_ نعم يا سادة ، بالصحة و العافية .. دعونا ندخل في الموضوع الآن ، ليلة أمس حدث اشتباك في هذه المدينة .. و كما علمت قُتل أربعة من رجال عائلة بولوني .
يبتسم بارتوميلو زعيم عائلة تود ، و يقاطع فرانك قائلاً :
_ نعم ، لقد سمعنا بهذا .. ديفيد تعرض لخسارة في تلك العملية .. اعتقد .
يلتزم هدسون الصمت ، و يراقب شريكه فرانك كيف سيفعل و ماذا سيفعل و ما هو قوله و ردة فعله !
_ بارتوميلو ، احفظ اسمي جيداً .. أنا فرانك بابالاردو ، أباشرُ بالسلام قبل الحرب .. الرجال الذين قاموا بالإغتيال من عائلة تود ، هل أذكر لك أسماءهم ! ألم يفعلوا ذلك دون أمرك ؟ إن كان ذلك حدث دون أمرك فبرأيّ سلم منصبك لأحد آخر من عائلتك .
يميل وجه بارتوميلو إلى الاحمرار و قد اتضح عليه الخجل و قام بترخية ربط العنق و قال :
_ كلا سيد بابالاردو ، لقد حدث بأمر مني .. و ديفيد يعلم جيداً ما السبب ، أليس كذلك ؟
هدسون الصامت يكسر صمته بنحنحة و يحني ظهره باتجاه الطاولة قليلا ليقول ..
_ الآن نحن هنا ، بالمجلس لن يكون هناك عداوات .. لن يكون هناك مسائل شخصية ، هذه الأشياء ستتركونها جانباً ، فقط و فقط ستقومون بالتجارة و أرى أنه يوجد لديفيد حق و يحق له أن يطلبه .. أليس كذلك يا أصدقاء ؟
يهز جميع الأعضاء رؤوسهم بالايجاب و منهم من قال أن من حق ديفيد الاقتصاص لكي لا تحدث هذه المسألة و هم في المجلس و لكن الصديق الجديد لوثر تساءل ..
_ و لكن يا سادة ، هذا الاغتيال حدث قبل أن ينضم العضوان إلى المجلس ، فلماذا هذا الموضوع أصبح موضوع المجلس ؟
و اعذروني إن كنت جاهلاً في هذا الأمر و لكن يجب التوضيح !
ينظر فرانك إلى لوثر و يجيبه ..
_ نعم ، نحن نريد حل هذه المسألة لكي يبدأ الاثنان صفحةً جديدة .. إن تجاهلنا هذا الأمر الاثنان سيتصرفان بحقد تجاه بعضيهما و هم في المجلس و قد يُطلقان النيران على بعضهم و هم في المجلس و نكون قد تأخرنا في حل المشكلة .. أو لا يكون هناك حل سوى قتل الاثنان .
ينظر بارتوميلو و ديفيد إلى بعضيهما الحقد في أعينهم .. زعيم عائلة ديكسون.. فارتولو ، الذي يضع يداً فوق الآخرى يتساءل بفضول كيف ستُحل هذه المشكلة ..
_ ستُحل هذه المشكلة بهذا الشكل عزيزي فارتولو .. بارتوميلو سيُصدر أمر بتصفية رجاله الذين قاموا بالعملية و بهذا يكون الدم مقابل الدم ، هل أنت راضٍ بهذا يا ديفيد ؟
_ إنه حلٌ جميل يا فرانك ، و لكن من أين سأعلم بأن بارتوميلو قام بتصفية الذين قاموا بالاغتيال ؟ من أين سأعلم بأنه لم يقتل أناس عاديون و قال انهم هم المُغتالون ؟
_ قلتُ بأنني أعلم أسماءهم يا ديفيد ، هل سيضحك عليّ بارتوميلو ؟ و الآن متى ستقوم بتنفيذ الحكم بارتوميلو ؟
_ الساعة الثانية فجراً سيد فرانك ، و لكن أيضاً يجب على ديفيد تعويضي ، و سيعيد ما سرقه .
_ بالطبع ، ديفيد سيقوم بتعويض خسائرك و سيدفع لك مليون دولار تعويضاً ، أليس كذلك ديفيد ؟
_ بالطبع فرانك ، فور أن يقوم بتصفية رجاله سأرسل له تعويض شحنة الأسلحة التي صادرتُها منه .
يبتسم فرانك بشدة و يرخي جسده على مقعده و يُسر لإدارته الاجتماع بشكل جميل ..
_ الآن ، انتهى الاجتماع .. ليلة سعيدة يا سادة .
________________________
الساعة الواحدة ليلاً ، ينظر ممن نافذة مكتبه على الثلوج التي تتساقط و تصطدم بالنافذة ، يشرب فنجاناً من القهوة في يد و يدخن سيجارة في يده الأخرى ليُطرق الباب و يدخل عليه حارسه ..
_ هل حقاً سنعيد له المليون دولاراً ، سيد ديفيد ؟
ينظر ديفيد إلى حارسه و يبتسم له بخبث ثم يضع السيجارة في فمه و يستنشق بشدة لينفث دخاناً كالضباب ثم يجيب ..
_ بالطبع ، سنعيدها .. بالنتيجة بيروناردو هدسون يجلس معي في نفس الطاولة و إن لم أنفذ بوعدي قد يعلن الحرب علينا فهو البارون الآخر للمجلس .
_ و سنصمت على فعلة عائلة تود ؟
_ لا .. بارتوميلو سيقوم بإعدام منفذيّ العملية ثم سيأخذ الأموال ، هكذا صدر الحكم.
يجلس هدسون على الأريكة في قصره ممتداً و يجلس صديقه تشارلي على الأريكة الأخرى و ينظر إلى هدسون بتمعن و يراقبه كيف يمدد نفسه و هو مبتسم و يشعر بالراحة ..
_ ما رأيك بإدارة فرانك ؟ هل أعجبتك ؟
_ لا بأس بها ، لم أتوقع من فرانك هذا في الحقيقة .. بما أنه تم حل المشكلة تجهز للغد ، هناك شحنة كبيرة سنقوم ببيعها لذلك ستزور فرانك و تخبره لكي يجمع جميع الأسلحة التي يملكها أعضاء المجلس و لنقم بالبيع .
_ عن كم مقدار نتحدث من النقود ؟
_ 100 مليون .
تتوسع عينان يلماز من الدهشة و يحدق ب هدسون أكثر و لا يصدق ما يسمعه ..
_ دولار ؟
_ يورو ، يلماز ، يورو .. منذ متى كنتُ أتعامل بالدولار يا يلماز !
_ اعذرني عن وقاحتي سيد هدسون ، و لكن حقاً سأموت من الفضول .. لمن سنبيعها ؟
_ هذا ليس مهماً .
في صباح اليوم التالي يذهب يلماز إلى فرانك بابالاردو ، و بعد أن سلمه فرانك جميع الأسلحة التي يملكها توجهّ إلى بقية الأعضاء و جمع كل ما يملكون .. و من ثم توجهّ إلى سيده هدسون و تم وضع الأسلحة في سبع شاحنات لحين أن يحل المساء ليتم البيع .
_ أهلاً فرانك ، فوجئت من هذه الزيارة حقاً .. قبل نصف ساعة كان يلماز في مكانك !
هل قررت إعادة الزيارة ؟
_ هه هه ، ليس كذلك يا بيرو .. في الحقيقة أتيت لأقول أن نقيم حفلاً بعد بيع الشحنة و تقاسم الأموال .
_ فكرة جميلة و لكن .. أين سنقيمها ؟
يبتسم فرانك ثم يسترخي على المقعد ..
_ هل سنجد بار أفخم من بار سلفستر ماركانو؟
يرفع يلماز حاجباه و يقول :
_ سلفستر الذي يكون عضو في مجلسنا ! أم أنا مخطئ ؟
_ كلا ، هو بعينه عزيزي يلماز .
يسكب هدسون كأساً من الفودكا له و ينظر إلى فرانك و يقول :
_ فكرة جميلة ، يلماز .. أخبرهم بأن يتواجدوا في البار الساعة الثانية عشر ليلاً .
يجتمع أعضاء المجلس الساعة الثانية عشر ليلاً بعد أن تمت الصفقة بنجاح و يتم توزيع النقود على الاثنا عشر شخصاً بشكلٍ متساوٍ و يسهرون سوياً و هم يدقوون كؤوس النبيذ ، و بعد دقيقتنا يأتي أحد حراس فرانك و يهمس في أذنه مما جعله ينهض ذاهباً إلى الطابق العلوي و يستمرون بالسهر من دونه .
يفتح باب المكتب ليرى رجلاً وجهه على النافذة طولٌ متوسط ضخمٌ نوعاً ما و شعره متوسط يصففه إلى الخلف .. يستدير إلى فرانك ليظهر وجهه القمحي الإجرامي ، يصافح فرانك ثم يجلسان ..
_ كارل ! ما هذه الزيارة المفاجئة بهذا الوقت؟
_ هذا الوقت ، أراه وقت احتفالاتكم و تجمعاتكم ! بالطبع فقد ربحتم 100 مليون و لا أعلم إن كانت دولاراً أم يورو !
_ و ما شأنك بهذا ؟
_ انظر يا فرانك ، أنا كارل ، زعيم عائلة كلمنتي .. و تعلم جيداً من هي عائلة كلمنتي ، الآن سأكون صريحاً معك ، لم تدعونني إلى مجلسكم مع العلم أنا أقوى من أعضاء ذلك المجلس جميعهم حتى أنت بإستثناء بيروناردو هدسون .. ليس مهماً ، هذا يحصل .. يبدو أنه مجلس أصدقاء فحسب ، و لكن المال الذي ستربحونه من بعد اليوم ستعطوني نصفه ، و النصف الآخر تتقاسموه فيما بينكم .
تبدأ ملامح الغضب تظهر على وجه بابالاردو و تحمر عيناه من شدة الغضب و يقول :
_ و ما هو سبب مشاركتنا أموالنا لك ؟
_ بما أن عائلة كلمنتي هي أقوى منكم جميعاً ستدفعون لها ضريبة ، و أنا من سيحدد هذه الضريبة .. و بالطبع هذه الطريقة الوحيدة لتبقوا أحياء .
يتحول فرانك من الوجه الغاضب إلى الضاحك و تدمع عيناه من شدة الضحك ..
_ حقاً إنك مسكين كارل ، نحن من يقوم بالحماية و لسنا من نطلب الحماية .. سأعتبر نفسي لم أسمعك ، و الآن انصرف و لا تهدر وقتي أكثر .
ينهض كارل كلمنتي و هو غاضب و قد احمر وجهه من الكلام الذي قاله له فرانك ..
_ حسناً إذن ، سنرى كيف ستحمون أنفسكم مني .. فرانك بابالاردو !
و يخرج كارل كلمنتي من ذلك البار الضخم إلى الخارج بينما كان هناك ما يقارب العشر سيارات بإنتظاره و عدد كبير من الحراس ، و يتوجه نحو سيارته و يقوم حارسه فوراً بفتح الباب له ، و يعطيهم كارل أمره قبل أن يغادر .
_ فور خروج بيروناردو هدسون من البار .. قوموا بتصفية جميع الذين في الداخل .
يتبع ...