أسرعت عربات الرياح الثلاثة إلى أسفل الجبال .

أصبحت العربات كالرياح نفسها حيث واجهت الوحوش فى الطريق أحيانًا . العربات اصطدمت بالغيلان والكوبولدز بقوة تدميرية ضخمة وحولتهم إلى دماء على العجل .

حتى الوحوش الكبيرة كالترول والأوجري لم يستطيعوا الهروب من الموت .

كوانج !

بدا أن عدد القتلى قد ازداد واحد .

" واو , ألم يتمزق تمامًا ؟ " فرقع ثيودور لسانه مع رؤيته للدماء الزرقاء المتناثرة خارج النافذة . بما أن الدم كان أزرق وكان هناك بقايا حشرة , فلابد أن الذي تم سحقه هو فرس نبي عملاق .

وحش خطير حتى مرتزقة الدرجة الأولى كانوا خائفين منه , تم تحطيمه الان بواسطة العربة . بالعكس , لم تشعر العربة بالتصادم على الاطلاق .

" ربما يمكن استخدام هذا كسلاح ؟ " رفض ثيو الفكرة بمجرد أن فكر فيها . " لا .... مستحيل . "

العربة تملك قوة وسرعة عظيمتين , لكن القوة العاملة المطلوبة للحصول على معظم طاقة الرياح كانت متقدمة جدًا . بدلًا من توظيف بضعة سحرة دائرة خامسة للعربة , فالاكثر كفاءة هو أن يقاتلوا مباشرة .

أبعد الفكرة عن رأسه والتفت لميترا التي كانت تلعب بجانبه .

[هوي!]

بوروروررونج .

كانت تلعب مع السيلف الذي استدعته إليونا . العنصر الذي بدا كعصفور شفاف فرش أجنحته عند إشارة ميترا . مشهد لفتاة صغيرة وطائر يلعبون معًا كان مثل صورة من كتاب خيالي . هدأ قلب ثيو قليلًا مع رؤيته لذلك .


في تلك اللحظة شعر بملمس ناعم حيث اشتبكت أصابع مع أصابعه .

" ايه , إليونا ؟ "


نظر ثيو إلى يده وكان مصدوم عند إدراكه هوية الشخص الأخر . كان لأن إليونا الجالسة على الجانب الاخر أمسكت بيده . الاحساس السعيد ليدها الناعمة والرفيعة قد انتقل خلال راحة يده بحيوية . هذا رغم معرفته بأن إليونا كانت جنس متعادل .

مع ذلك صوتها كان هادىء كالعادة حيث قالت , " هل أنت قلق بشأن معلمك ؟ "

هاته الكلمات اخترقت ثيو مباشرة .

وجهه الأحمر تحول إلى شاحب فورًا . أفكاره أصبحت مظلمة بمجرد أن فكر بمعلمه فينس الذي تطوع للبقاء في بيرجين . لقد تحدثوا بضعة مرات عن هذا القرار , لكن مازال ثيو لم يستطع فهمه .

بالنسبة لثيودور ميلر , فينس كان معلم وحيد من نوعه وقيمته لا تقدر بثمن .

" نعم صحيح " أومأ ثيو بابتسامة مريرة .

كان مضحك أنه قلق على معلمه , لكن فينس كان مصاب وتبعا لشوجيل , إصابة فينس ستسوء اذا تحرك باستخدام سحر الفضاء . ثيو كان ممانع لرؤية شخص مثله يتصرف كطعم .

ثم أمسكت إليونا يده بقوة وهمست بصوت منخفض , " لا تقلق كثيرًا . مصيره لم يصل بعد للوقت التي ستربط فيه العقدة ."

" هاه ؟ " عيون ثيو توسعت لكلماتها .

كان سيتجاهلها لو كانت عرافة من الشوارع , لكن إليونا هي جنية سامية غامضة . والأكثر أن الجن فصائل مشهورة بعدم قولها للأكاذيب . تأمل ثيو أكثر في معنى كلمات إليونا قبل أن يسأل بصوت مرتعش , " .... إليونا , أيمكنك رؤية المستقبل ؟ "

رؤية المستقبل __ أو بكلمات أخرى , التبصر __ كان نوع من القوة يمنح للالهة , الشياطين , والتنانين القديمة منذ وقت طويل . نقطة ضعف غير الخالدين دائما هي الوقت , مع خوفهم من المستقبل . لذا كان يتم اعتبار الرسل الذين يمكنهم رؤية المستقبل كالهة .

إليونا كانت سليل لفصيلة قديمة , لكن هل بإمكان الجن السامي رؤية المستقبل حقًا ؟ ردًا عليه , هزت إليونا رأسها بملامح دقيقة . " ليس الشيء الهائل جدًا . يمكنني فقط إدراك وقت حلول " النهاية " . إنها نصف قوة تظهر عندما أكون في خطر . "

" لا , لكن .... ! " حاول ثيو قول المزيد لكن صمت فجأة .

إليونا لن تكذب لطمأنته فقط . طالما معلمه بخير فلا يوجد المزيد للسؤال عنه . بالاضافة , كان هناك شيء ينبغي قوله أولا قبل أن يسأل عن قدرات إليونا .

" شكرا لكي "

" إنه لا شيء "

كان تقديرًا لكشفها عن قدرتها من أجل تهدئته . عندما أشرق وجه ثيو قليلا ابتسمت إليونا وهزت رأسها . ثم اتكأت ميترا للخلف وسقطت على أرض العربة .

[ هييييينج ؟! ]

انكسر الجو الغريب في العربة .

" بفففف ! "

" هاهاها ! "

الأجواء داخل العربة أصبحت أكثر إشراقًا وضحك الناس على سلوك ميترا , والتي ضربت قدم ثيو بملامح عابسة . نظرتها كانت تخبرهم ألا يضحكوا عليها , لكن فقط جعلت الثنائي يضحك أكثر حتى .

مع خروج الصوت السعيد من النوافذ مرت العربات بمنتصف سلسلة الجبال بفضل قوة الرياح .

كم مر من الوقت منذ كانوا على طريق الجبال ؟ حوالي هذا الوقت كانت الشمس تغرب , لذا هدأ السحرة الوتيرة ونالوا ثيو طرد . ماهية الحقيبة الصغيرة سرعان ما تم الكشف عنها .

" هذه هي وجبتك مع إليونا "

" اه , شكرا لك "

التقط ثيو الحقيبة ووضعها على الطاولة في منتصف العربة . لم يكن يدرك ذلك لكنه كان جائع حقًا . فتح ثيو الحقيبة وأخرج بضعة فواكه , حلويات مخبوزة , قطع من اللحم , وزجاجتي مياة . الفواكه على الأرجح مجهزة لإليونا تبعا للحكمة التقليدية التي تقول أن الجن لا يستمتعوا بأكل اللحم .

مع ذلك , أنكرت إليونا تمامًا . " حسنا , الأمر ليس وأننا لا نستمتع باللحم . إنه فقط أن كل الكائنات الحية مثل بعضها , لذا هل يوجد سبب للتمييز بين النباتات والحيوانات ؟ بل ستضعف أجسادنا إن لم نأكل اللحم نهائيًا . "

" أوه , إذن لما جن إلفينهايم يأكلوا الفواكه فقط في مهماتهم ؟ "

" لست متأكدة . " أكلت تفاحة وفكرت في ذلك لفترة قبل أن ترد . " ربما هناك مشكلة فى طريقة طهو اللحم ؟ "

" طريقة طهو اللحم ؟ "

" براعم التذوق عند الجن أكثر حساسية من البشر ببضعة مرات , لذا من الصعب أكل الطعام الذي به الكثير من التوايل . " أثبتت إليونا كلامها بأكل اللحم . " نحن فى الأساس نأكل الطعام النيء لذا لا يوجد الكثير من الطعام المطهو بالنار . من الشائع أكل قطعة طازجة نظيفة رفيعة من اللحم ."

تخيل ثيودور بلا وعي الجن وهم يأكلون اللحم .

صياد جني يركض خلال الغابة , أطلق على خنزير , ثم قطع لحمه بسكينة والتهمه ....

تخيل فم الجني المغطى بالدماء وشعر أن كل خياله عن الجن يتم تحطيمه . لقد تخيل الجميع أن الجن كائنات مباركة يستمتعوا بالفواكه وأوراق الشاي , بالاضافة إلى اللعب مع الحيوانات البرية .

لكن , هذا كان خيال البشر فقط .


* * *


حدث حوالي وقت نهاية وجبة ثيو مع إليونا التي كانت تضع جزء التفاحة الداخلي الأخير .

" العربة الثانية , العربة الثالثة , توقفوا ! " توقفت طاقة الرياح بعد صياح أمكن سماعه من خارج النافذة .


خبط .

وفي نفس الوقت انفتح باب العربة ودخل ساحر . الرداء الأزرق أشار إلى كونه ساحر فى البرج الأزرق , وكان قوي كفاية لجعل إدراك ثيو الحسي يهتز . الساحر أتى من العربة الثالثة التي كانت دورها مرافقة الجنية السامية , وشرح سبب التوقف فجأة .

" العربة الأولى المتقدمة ب 250 متر بدأت تشتبك مع شيء ما . سوف ننطلق مجددًا بمجرد الحصول على إشارة " خالي " لذا لا ينبغي أن تقلق إليونا "

" انتظر لحظة . أنت لن تنضم للقتال ؟ " سأل ثيودور بملامح غريبة .

كان يستجوب ساحر أكبر منه لكن الساحر رد بهدوء , " هذا صحيح . تشكيلة البرج الأحمر فريدة جدًا ومختلفة عن الأبراج الاخرى مما لا يسمح للقتال معهم . الكبير هيرمان هناك , لذا لا داعي للانضمام "

" لكن ماذا لو ___ "

" اذا يمكنه تدمير العربة الأولى في فترة قصيرة , فلا توجد طريقة للفوز حتى لو انضممنا لهم . والشيء المهم ليس الانتصار "

لقد كانوا مرافقين لا مقاتلين . وواجب القافلة كان إيصال الجنية السامية إليونا بأمان إلى العاصمة مانا - فيل . حتى لو يمكنهم هزيمة العدو فعليهم أولًا القضاء على أي احتماليات لإصابة إليونا .

لكن , ثيو كان يفكر فقط فى الفوز . التجارب التي قد امتصها كانت كلها عن " القتال والفوز " ليس مرافقة شخص ما . ثيو كان مقتنع بالفارق وصمت . لا , تم إجباره على إغلاق فمه .

كوكوكوكونج .... !

كانت سلسلة من موجات الحرارة . بدأت الأرض تصرخ مع ارتفاع عمود أحمر على مسافة .

اهتزت كالزلزال . جزء من السماء الخافتة أصبح مشرق أكثر . تم تمزيق السحاب بالنيران القوية ورنت الانفجارات . رغم مسافة بضعة مئات الأمتار , كانت المانا فى الهواء تتملص بجنون .

كانت أثار لتصادم سحر دائرة سادسة على الأقل !

" كوك .... ! " حتى الهواء الملامس لوجه ثيو كان ساخن . وفتح درع من الرياح مباشرة .

بعد استخدام السحر البارد شعر أن درجة الحرارة المحيطة تقل قليلًا . اذا كان هذا القدر من الحرارة مجرد أثر فلابد أن المركز ساحن كالحمم البركانية . هذا دليل عن أن مجموعة هيرمان كانت تصب قوتها حرفيًا .

عدد الطاقات السحرية الكلي الذي كشفته حواسه كان ثمانية . " خمسة سحرة دائرة خامسة وثلاثة سحرة دائرة سادسة "

واحد من سحرة الدائرة السادسة كان بعيد نصف خطوة عن الحدود . وبلا شك كان هيرمان , الذي اعتاد أن يكون فى الدائرة السابعة . فقط هو لوحده كان تهديد ضخم . مهما كانت هوية الخصم فمستحيل أن يبقى بأمان . حتى لو كان الخصم في مستوى السيد , هذه القوة النارية الكبيرة ستكون كافية للتعامل معهم .

مع ذلك , تجهم ثيودور بدلا من الشعور بالارتياح . لماذا ؟ لم يكن بسبب القشعريرة داخله لكن الهواء البارد المتدفق من يده اليسرى والذي دغدغ عظامه . هل كان تحذير من الشراهة النائم ؟ أو ربما خاصية لا يعرف بشأنها تم تنشيطها ؟ في كل الأحوال لم تكن هناك طريقة لحل السؤال مباشرة .

كوكونج ....! كورورورنج ! كونج ! الأصوات الرعدية رنت باستمرار .

عمود النار مزق السحاب إربًا , والدخان الذي بدا كالفطر غطى السماء . كان سحر يمكنه سحق أي دفاعات لدى ثيودور . ورغم هذه الهجمات المخيفة مازالت المعركة لم تنتهي .

فترة قصيرة بعد ذلك , تلاشت كل الأصوات كما لو تم قطعها بواسطة سيف .

....................

غطى الصمت سماء الليل , وقمعت النيران المحترقة بواسطة ظلام الليل . بضعة أشجار مشتعلة كانت الأثار المتبقية للمعركة . الصمت كان واضح جدًا لدرجة أن صوت بلع اللعاب يمكن سماعه .

" ... هل انتهى ؟ " سأل شخص ما .

الاشارة التي تؤشر على نهاية المعركة لم ترتفع بعد . مع انتظار سحرة العربة الثالثة للتعليمات , " سقط " من سماء الليل .

توك , تودوك , توك ....

كان أحمر قاتم ودائري . الشكل الغليظ تدحرج للأمام بين العربتين . استخدم أحدهم سحر الضوء غريزيًا وأصبح الشكل أوضح تدريجيًا .

شعر أبيض محول إلى رماد , تجاعيد شوهتها الحروق , وعيون مملوءة بالخوف ...

هرب اسم شخص من فم ثيودور , " ... الكبير هيرمان . "

كان رأس هيرمان , الذي تم قتله بوحشية .



**********************************************************************************************************************************

2018/02/01 · 4,441 مشاهدة · 1753 كلمة
Ahmed Elgamal
نادي الروايات - 2024