الفصل 5 : أول قتل

توجهت عيناي القرمزيتان عندما نظرت للحساء ، فرأيت هالة خضراء تنبعث منه، تتراقص كضوء غريب فوق سطحه. رمشت عدة مرات لأتأكد. ما هذه الهالة؟ بدت وكأنها... سم. لم يكن الأمر مجرد خيال، بل شعور داخلي يخبرني أن شيئًا ما ليس على ما يرام.

قلت بصدمة، "سم؟"

نظرت نحوها، وارتسمت على فمي الصغير ابتسامة خافتة، تلك الابتسامة التي تخفي خلفها ألف سؤال. كما هو متوقع من كائن حقير مثلها. قلت لها ببراءة مصطنعة، وأنا أراقب تعابير وجهها:

"سيدتي، هل يمكنك أنتِ أن تأكليه؟ أشعر بالحزن لأنني وحدي من سيتذوق هذا الطعام اللذيذ."

تحول وجهها الواثق إلى وجه أزرق من الخوف، وكأنها لم تتوقع أن ألاحظ شيئًا. ارتبكت، ثم قالت بصوت متقطع:

"لا، لا، لا عليكِ... كلي أنتِ فقط."

أدركت أن هذا لا يجدي معها. نظرت إليها ببرود وسألت، وأنا أراقب عينيها المرتبكتين:

"من أعطاكِ السم الذي وضعتيه هنا؟"

في داخلي، شعرت وكأنني بطلة رواية، تلك التي تكتشف الحقيقة في اللحظة الأخيرة. لكنني سرعان ما وبّخت نفسي: لا، لا يا فتاة، ركزي. هذا موقف حياة أو موت. لا مجال للخيال الآن.

تجمعت الدماء في وجهها، ليس دمًا حقيقيًا، بل ذلك الاحمرار الذي يكشف عن ارتباكها. ارتبكت، ثم سألتني:

"كيف عرفتي؟"

فجأة، أمسكت فمي وفتحته بالقوة، حاولت ان تجبرني على أن أكل

و قالت بهوس غريب :"يجب أن تموتي …يجب ان تموتي , سأقتلك ، موتي "

قاومت بكل قوتي. دفعتها، ونجحت. انزلق الوعاء من يدها وانكسر، وتناثرت شظاياه على الأرض كأنها تصرخ معي. نظرت إليها بنظرة غريبة، ثم استدارت نحوي، وأمالت رأسها قليلاً، وضحكت ضحكة غريبة للغاية، ضحكة لا تنتمي للبشر.

كنت على وشك التقيؤ من سماعها فقط. لم أفكر إلا في الهرب. لم أعد أريد أن أكون بطلة، فقط أريد النجاة.

ركضت نحو الباب الذي كان مفتوحًا قليلاً، لكنه لم يكن مفتوحًا بما يكفي. سبقتني وأغلقته، ببطء، وكأنها تستمتع بإغلاق الأمل أمامي. انفردت بها في تلك الغرفة المظلمة، التي لم تكن مظلمة تمامًا، لأنني استطعت الرؤية. لم يكن لدي وقت للتفكير في ذلك، ربما كانت عينيّ القرمزيتان سببًا، أو ربما كان الخوف هو ما أنار لي الطريق.

حاولت تجنبها، لكن جسدي الصغير كان أضعف من أن ينجو. أمسكتني وخنقتني. شعرت بأن الهواء يتبخر من حولي، وأن العالم يضيق. حاولت الإفلات، لكن لم أستطع. أغمضت عيناي في استسلام، لكن داخلي كان يصرخ: لا تستسلمي.

في جزء من الثانية، لمحت شيئًا يبرق. قطعة صغيرة، لكنها كانت كأنها سيف في يد محارب. قلت بارتياح، رغم أنني كنت أختنق:

"لقد نجوت."

عضضت يدها بكل قوتي، وركضت بسرعة نحو ذلك الشيء. كانت قطعة من الوعاء المنكسر، حادة، باردة، لكنها كانت أملي الوحيد. أمسكتها بيدين مرتعشتين، ووجهتها نحوها.

قلت بصوت مرتجف، بالكاد خرج من حلقي:

"لا تقتربي."

قالت بسخرية، وكأنها لا ترى فيّ سوى طفلة ضعيفة:

"وكأنك ستفعلين ذلك."

تقدمت نحوي. ضربتني في بطني، ثم في قدمي. فقدت توازني وسقطت. بدأت تضربني بلا رحمة، كأنها تريد أن تمحو وجودي. انهمرت الدموع من عيني، ليس فقط من الألم، بل من الظلم. كنت أتألم. أردت فقط أن أعيش.

حاولت إخراج الكلمات من حلقي، لكن لم أستطع. بدلاً من ذلك، سعلت دما. كنت خائفة. لماذا يجب أن أعاني هكذا؟ لماذا أنا؟

ثم فكرت: إذا تخلصت منها، فسأعيش. سأعيش، وسأكون حرة

كان الجزء المنكسر ما زال في يدي. أمسكتها وطعنتها في أقرب جزء مني: يدها. تألمت، وصرخت:

"أيتها اللعينة!"

لم أتوقف. طعنتها مرة أخرى في بطنها، ثم في عنقها. كانت تصرخ، لكنني لم أسمع شيئًا. كنت غارقة في صمتي، في خوفي، في غضبي.

لم أشعر بنفسي إلا عندما وجدت نفسي غارقة في الدماء.

نظرت إليها، ثم همست بدهشة، وكأنني أكتشف نفسي لأول مرة:

"لقد قتلتها."

(مرحبا أعتذر على عدم النشر البارحة كانت لدي ظروف أعتذر سأخاول نشر فصلين غدا ان شاء الله 🤲 . أتمنى لكم قراءة ممتعة 😁)

2025/08/24 · 10 مشاهدة · 593 كلمة
نادي الروايات - 2025